الخط الساخن : 01118881009
مذكرة
مقدمه إلي محكمة جنوب القاهرة الكلية
الدائرة رقم (22)تعويضات
بدفاع
الأستاذ / جمال عبد العزيز عيد مدعي فرعيا والمدعي عليه اصليا
ضد
الشيخ / يوسف صديق محمد البدري مدعي اصليا ومدعي عليه فرعيا
في الدعوى رقم 13423لسنة 2007 تعويضات كلي جنوب القاهرة والمحدد لنظرها
جلسة 20/7/2011
الموضوع
أقام الطالب دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعي عليه وآخرين متضامنين بأن يؤديا له عملا بأحكام المواد 163 ، 170 ، 174 ، 220 ، 221 من القانون المدني مبلغ وقدره مليون جنيها تعويضا عما أصابه من أضرار أدبية نتيجة لكتابة وإصدار ونشر البيان موضوع الدعوى على موقعها على شبكة الانترنت وفي العديد من المواقع والكثير من الصحف والمجلات على التفصيل الوارد بالصحيفة مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
تداولت الدعوى بالجلسات على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 30/1/2008 وقبل الفصل في موضوع الدعوى قضت المحكمة بندب أحد السادة الخبراء المختصين بمكتب خبراء وزارة العدل تكون مهمته بعد الإطلاع على شبكة الانترنت وعلى موقع المدعي عليه الأول وذلك لبيان عما إذا كانت الشبكة
المدعي عليها الأولى أصدرت بيانات بشأن المدعي وألزمته بإرفاق صورة ضوئية منها بمستندات الدعوى وبفصل تلك البيانات وتاريخ صدورها وعما إذا كانت مثبتة في مواقع أخرى من عدمه وبيان عما إذا كانت العبارات الواردة بصحيفة الدعوى والموصوف فيها المدعي قد وردت ببيانات الشبكة المدعى عليها من عدمه. وكذا بيان صفة وعلاقة المدعي عليه الثاني بالمدعي عليه الأول.
وقد باشر الخبير المنتدب مأموريته وأودع تقريره ملف الدعوى والذي انتهى فيه إلى نتيجة مؤداها :-
أن العبارات الواردة بصحيفة الدعوى قد وردت ببيانات الشبكة المدعي عليها الأولى
أن ما ورد ببيانات الشبكة المدعي عليها الأولى تم بثه على أكثر من موقع آخر منها المواقع الآتية :-
أنه بالنسبة لصفة وعلاقة المدعي عليه الثاني بالمدعي عليه الأول فقد أورد المدعي بصحيفة دعواه أن المدعي عليه الثاني هو المدير التنفيذي للشبكة المدعى عليها الأولى وهذا ثابت مما تم نشره على موقع الشبكة الدولية لتبادل المعلومات.
سوف يتطرق الدفاع بسرد الدفوع الخاصة بالدعوي الأصلية والادعاء الفرعي من قبل المدعي علية .
الدفاع
الدفوع الخاصة برفض الدعوي الأصلية:-
أولا : مقدمة واجبة
عانت مصر من عقود طويلة ومازالت تعاني من وطأة الاستبداد السياسي الذي كمم الكثير من الأفواه واستعبد العقول حتى صار الإنسان في هذا الوطن عبدا للسلطة وأسيرا للمال وفقا لسياسة وضعها النظام البائد من أجل استمرار وجوده وسيطرته على الحكم وثروات هذا الشعب .
ثم جاءت ثورة مصر يناير لتعلن للعالم أجمع أننا في مصر لن نظل خانعون خاضعون وأنه مهما طالت سنوات الظلم فإن هذا الشعب العظيم قد هب من صبره على حاكم ظالم وحاشية أظلم ليقول كلمته فيبهر بها العالم من أدناه إلى أقصاه .وما زال نضال الشعب من أجل تحقيق كل طموح البسطاء في الحرية والعدالة ولو كره الكارهون.
ولعل من السوءات العظيمة للنظام السابق حرصه الشديد على وأد حرية الرأي والتعبير تلك الحرية التي تعد وبحق المدخل الرئيسي للكثير من الحريات ليس هذا فقط بل صارت الكلمة اتهاما والرأي جريمة تؤدي
بصاحبه إلى ساحات المحاكم ليقف متهما في جريمة رأي يواجه حكما بالحبس حينا وحكم بالغرامة في غير قليل من الأحيان وقد شهدت ساحات المحاكم الجنائية في العقود السابقة الكثير والكثير من القضايا كان المتهمون فيها تهمتهم الوحيدة أنهم عبروا بقلمهم الحر عن أرائهم في بلد كان يساق فيه صاحب الرأي إلى قفص الاتهام في الوقت الذي كان فيه سارق قوت الشعب من ذوي السلطان ينعمون بالحرية ويطيب لهم المقام وهم كانوا أصحاب المقام الرفيع في هذا البلد .
قد يكون ما تقدم بعيد الصلة عن دعوانا … لكننا آثرنا ذكره لبيان ما كانت تعيش مصر فيه قبل يناير وطموحنا المشروع أن تنعم مصر بالحرية المستحقة لشعبها العظيم بكافة طوائفه .. أما دعوانا فحديثنا فيها هو حديث القانون ..
ثانيا : حول أحقية المدعي في طلب التعويض :-
أسس المدعي دعواه على سند من القول أنه فوجئ بتاريخ 29/7/2007 ببيان تصدره الشبكة المعلن إليها الأولى على موقعها على شبكة الانترنت وبثته على أكثر من موقع آخر منها موقع جريدة الأنباء العالمية …………….. وجاء فيه :-
بيع أثاث منزل شاعر كبير تنفيذا لقرار المحكمة
في قضية أقامها أحد المتشددين ضده
الشبكة العربية تتضامن مع الشاعر عبد المعطي حجازي
ورأى المدعي أن العبارات الواردة ببيان الشبكة وعناوينه السافرة …. نسبت إلى الطالب وقائع لو صحت في حقه لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه وذويه كما تضمنت بعناوينها السافرة إلصاق عيوب وتعبيرات وأوصاف بالطالب تحط من قدره وتخدش سمعته وتؤدي إلى السخرية والاستهزاء بشخصه وتأليب الرأي العام والدولة عليه..وذلك بوصفه بالتشدد والتعصب والتطرف ومعاداة الفكر والتعبير والإبداع وأنه متربص بالفكر المستنير ويهدد الكتاب والمبدعين وبأنه يقيم دعاوى قضائية سعيا للشهرة ……واعتبر المدعي أن النشر بهذه الصورة يشكل جريمتي القذف والسب المنصوص عليهما في المواد 302، 303 ، 306 ، 307 من قانون العقوبات وأنها جاءت خارجة عن حق النشر والنقد وانطوت على الطعن الصريح في شرف الطالب وكرامته وسمعته ..
وانتهى المدعي إلى أنه قد أصابته أضرار أدبية ونفسية من جراء قيام الشبكة المعلن إليه بإصدر البيان التافه (حسب تعبيره في عريضة الدعوى) بعناوينه السافرة بما حواه من قذف وسب في حقه ومساس بسمعته واعتباره بإظهاره أمام الرأي العام بصورة محتقرة معادية للعلم والعقل ………………
وهديا على ما تقدم يكون الأساس الذي قامت عليه دعوى المدعي هو الإساءة التي لحقت به من جراء بيان الشبكة العربية ونشره على شبكة الانترنت وهو ما اعتبره إساءة لحق النشر والنقد ( وكان الفصل في الدعوى على هذا النحو يقتضي من محكمة الموضوع أن تتناول بالبحث والتمحيص البيان موضوع الدعوى لبيان ما إذا كانت عباراته وألفاظه قد التزمت الضوابط المنظمة لحق النقد ، وأن يكون النقد في إطار
المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم وما إذا كانت قوة العبارة قد اقتضتها ضرورة تجلية قصد الناقد ، وأن رائدها المصلحة العامة ، ولم يكن الغرض منها الطعن والتجريح ، وهي الأمور الواجب استظهارها لإثبات أو نفي عناصر المسئولية التقصيرية محل الدعوى )1
وتطبيقا لما تقدم يكون لزاما على الدفاع أن يبين فحوى البيان موضوع الدعوى من حيث الوقائع الواردة به من حيث الصحة أو الخطأ وعما إذا كانت العبارات قد التزمت الضوابط المنظمة لحق النقد من عدمه .
أما بالنسبة للوقائع فقد حوى البيان العديد من الوقائع وهي :-
1- تغريم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي 20 ألف جنيه عقب اتهامه بسب وقذف أحد المتشددين .
2- تحديد محكمة جنوب القاهرة تاريخ 8 أغسطس لبيع أثاث منزله .
3- الدكتور نصر حامد أبو زيد كان ضمن ضحايا الشيخ يوسف البدري وآخرين .
4- تحول العديد من الكتاب والمفكرين إلى ضحايا لهذا الشيخ المتربص بهم وبالفكر المستنير في مصر .
5- أن الشبكة العربية تدين استمرار نهج محاربة الكلمة والفكرة بالسجون والمحاكم بدلا من قاعدة الكلمة بالكلمة والفكرة بالفكرة .
هذه هي الوقائع التي تضمنها البيان وجميعها وقائع صحيحة دون الدخول في التفاصيل وبعيدا عن الإيحاءات التي تضمنتها عريضة الدعوى ومحاولة تصوير المدعي عليه على أنه يعرض بالقضاء المصري ويمس أحكامه لأن هذا التصور هو فقط ما أراد المدعي توجيه النظر والاهتمام إليه لصرف النظر عن حقيقة الواقعة التي نحن بصددها ولم يقدم المدعي ما يفيد عدم صحة هذه الوقائع التي تضمنها البيان.
يتبقى إذا ما تضمنه هذا البيان من عبارات وهل هي تخرج عن حدود النقد المباح من عدمه ؟
بداية فإن المدعي لم يحدد في عريضة دعواه العبارات والألفاظ التي يعتبرها تمثل سب وقذفا في حقه بل اكتفى بنقل مضمون البيان وجاء في عبارة مرسلة ليقرر أن العبارات الواردة بالبيان ( لم يحدد لنا ما هي ) وعناوينه السافرة … نسبت إلى الطالب وقائع لو صحت لأوجبت احتقاره ( لم يحدد لنا ماهية الوقائع ) وذلك بوصفه بالتشدد والتعصب والتطرف ومعاداة الفكر والتعبير والإبداع وبأنه متربص بالفكر المستنير ويهدد الكتاب والمبدعين
وهذا الوصف بهذا الشكل لم يرد في البيان موضوع الدعوى إنما هو عبارة عن إخراج للألفاظ من سياقها وبيان ذلك كالتالي :
عنوان البيان الذي وصفه المدعي بالسافر هو “بيع أثاث منزل شاعر كبير تنفيذا لقرار محكمة “.
في قضية أقامها أحد المتشددين ضده “الشبكة العربية تتضامن مع الشاعر عبد المعطي حجازي ” .
والعنوان لأي قارئ لا يتضمن ألفاظ خارجة أو سافرة كحد وصف المدعي بل هو عنوان يقرر حقيقة واقعة ووصف من أقام الدعوى يأتي في سياق الموضوع غير متجاوز.
أما باقي البيان فلم يشر المدعي لعبارة محددة وهذا يدفعنا إلى الحديث عن فحوى البيان والهدف منه . والبيان تعبير عن موقف للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان الهدف منه بداية التعبير عن الموقف الرافض لمحاربة الكلمة والفكرة بالسجون والمحاكم والواقعة موضوع البيان هي حلقة من حلقات المحاكمة بسبب الكلمة وهي واقعة بيع أثاث الشاعر عبد المعطي حجازي وليس هذا البيان فقط هو ما عبر عن الموقف الرافض لمحاربة الكلمة بالمحكمة بل أن هناك العديد المواقف المماثلة عن ذات الواقعة منها على سبيل المثال :-
1- المقال المنشور بجريدة المصري اليوم في 18/8/2007 بعنوان نواجه شكلا جديدا من إرهاب المثقفين وأمثال البدري يشوهون المسلمين .
2- المقال المنشور في جريدة أخبار الأدب في 9/9/2007 بعنوان البدري ليس عضوا في مجمع البحوث .
3- مقالات ثلاثة كانت منشورة في جريدة أخبار الأدب في 9/9/2007 كان عنوان الأول المثقفون في مكتب النائب العام لفتح تحقيق ضد البدري بتهمة استعداء الرأي العام وخلق مناخ للتصفية الجسدية وكان المقال الثاني بعنوان البدري يحاول الزج بالقضاء في معركته لإقامة دعوى قضائية قبل أحد الشعراء احتجز على أثر حكمها أثاث منزله والمقال الأخير بعنوان 100 مثقف يتضامنون مع حجازي في مواجهة المحتسبين الجدد .
جميع هذه المقالات وغيرها كانت تعبر عن ذات الموقف لنفس القضية وهي قضية الشاعر عبد المعطي حجازي وهي تعبر عن موقف رافض لمحاربة الكلمة بساحات المحاكم وليس بالكلمة وهذه المقالات أيضا لم تسلم من دعوى أقامها المدعي على جريدة المصري اليوم وجريدة أخبار الأدب بطلب التعويض وانتهت المحكمة فيها إلى الحكم برفض الدعوى وذلك في القضية رقم 1560 لسنة 2008 تعويضات كلي جنوب القاهرة ( مقدم صورة من الحكم في حافظة مستنداتنا المقدمة بجلسة اليوم ) .
– عود إلى البيان موضوع الدعوى للبحث في عباراته وهل تجاوز المدعي عليه فيها حدود النقد المباح من عدمه :-
ثالثا:- توافر شروط النقد المباح فيما ورد في البيان موضوع الدعوى:-
تنص المادة 47 من الدستور الملغي على أن “حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة الوطن”.
وقد جاءت نصوص الإعلان الدستوري متناسقة مع نص الدستور الملغي فتضمن نص المادة 12 ( تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ، وحرية الرأي مكفولة , ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون , والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني .)
وكذلك جاء نص المادة 13 من الإعلان الدستوري ( حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة, والرقابة على الصحف محظورة, وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور , ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى , وذلك كله وفقا للقانون.)
فتزايد الاهتمام بالشئون العامة وعرض بالآراء المتصلة بأوضاعها وانتقاد أعمال القائمين عليها هو أمر تشمله الحماية الدستورية تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة وقواعد تنظيمها وطريقة إدارتها ووسائل النهوض بها وثيق الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة حتى ولو أدى ذلك إلي انتقاد القائمين عليها انتقادا مريرا000 فان هذا النقد من خلال الصحافة يظل يتمتع بالحماية التي تكفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها.
وحرية الصحافة بوصفها وجها لحرية التعبير تتضمن عنصرين أو هما حرية نشر الأخبار والأنباء وثانيهما حريتها في إبداء الرأي على الوقائع موضوع الأنباء أو الأخبار ومن صور هذا العنصر الثاني لحرية الصحافة حق النقد أو ما يطلق عليه النقد المباح.
وقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أنه ““لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة”.
فهذه المادة تقرر قاعدة أصولية والقصد هو أحد الحقوق المقررة التي تسرى أحكام قانون العقوبات على الأفعال المرتكبة حين ممارستها من سب أو قذف أو ذهانة أو تحريض فحرية الرأي حق مقرر في الدستور في المادة 47 منه وما يقابلها من الإعلان الدستوري المواد 12 ، 13 وعلى هذا فالنقد سبب للإباحة من شأنه أن يبيح إذا توافرت شرائطه بعض الجرائم القولية تقديرا لمصلحة عليا أولى بالرعاية من المصلحة الخاصة.
والسؤال الذي يتبادر للذهن الآن هل في دعوانا ما يمثل مصلحة عليا تصح أن تمثل وعاء لنقد مباح حتى ولو استعمل الناقد عبارات قاسية أو مريرة بفرض أنها ليست موجهة إلى شرف شخص وإنما موجهه إلى الفكرة ذاتها؟
الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا التعرض إلى تفاصيل الموضوع وهي الدعوى القضائية التي أقامها المدعي على الشاعر عبد المعطي حجازي وما أعقبها من صدور قرار بالحجز على أثاث منزله لعجزه عن سداد المبلغ المقضي به ونحن ليس لنا علاقة من قريب أو بعيد بحكم المحكمة إنما الواقعة التي تعنينا هي أن القضية سببها الرأي أو لنقل التعبير عن الرأي فهو الذي زج بعبد المعطي حجازي لساحات المحاكم وهو الذي زج بالمدعي عليه في دعوانا أيضا . والقاسم المشترك في غالبية الدعاوى المماثلة أن المدعي في دعوانا هو الذي يقوم برفعها ولعل ذلك ما دفع العديد من المثقفون لتقديم بلاغ ضده لأنهم رأو في إصراره على إقامة الدعاوى القضائية قبل المثقفين بسبب آرائهم استعداء للرأي العام وخلق مناخ للتصفية الجسدية
( مقدم ضمن حافظة مستنداتنا) كل ذلك يجعل بلا شك قضية حرية الرأي والتعبير قضية حساسة وهامة تهم كل فرد في المجتمع ولعل ما حدث قبل وأثناء وبعد ثورة مصر يناير لهو خير دليل على أهمية حرية الرأي والتعبير بالنسبة لأي مجتمع يتطلع للنهوض وبالتالي يظل دوما الحديث عن حرية الرأي والتعبير يمثل مصلحة عليا للوطن بأكمله 0000
أن الدستور بكفالته في المادة 47 منه حرية التعبير عن الرأي وعنايته بإبراز الحق في النقد الذاتي والنقد البناء باعتبارهما ضمانا لسلامة البناء الوطني وليس بعيب أن يلجأ الناقد إلي السخرية والعبارات القاسية أو العنيفة طالما انه قد توخى فيما يعبر عنه تحقيق الصالح العام وليس مجرد التشفى والتشهير أو الانتقام.
وبإنزال ما تقدم على ما جاء بالبيان موضوع الدعوى لبيان ما إذا كان هناك تجاوز لحق النقد من عدمه ومدى توافر أركان النقد المباح فيما سطرته من كلمات.
أركان النقد المباح
(1)واقعة ثابتة (وعاء النقد)
(2) ذات أهمية جماهيرية عامة
(3) الرأي الملائم أو التعليق النزيه
(4) ملاءمة التعليق أو الرأي للواقعة وتناسبه معه
(5) حسن النية.
(1) واقعة ثابتة:-
والمقصود بذلك وجود موضوع مسلم به يرد عليه النقد إذ من المتعين أن يكون وعاء النقد أو موضوعه ثابتا غير مذكور حتى يكون محلا للرأي والتعليق.
وهذا يقتضى أن يكون الناقد حسن النية لديه الدليل على صحة الواقعة ولكن ليس بذى بال بعد ذلك أن تثبت صحة الواقعة على وجه التحقيق إنما يعوض الناقد عن ذلك بحسن نيته وهو أنه يعتقد صحة الواقعة وأن يكون اعتقاد قائما على أسباب معقولة.
وهو ذات الحل الذي أخذ به القانون الانجليزي للقذف في سنة 1952 في المادة السادسة منه حينما اعتبرت هذه المادة أن دعاوى القذف الكتاب أو الشفوي يمكن دفعها بحق النقد النزيه ولو لم يستطع الناقد أثبات كل الوقائع المسندة.
وثبوت الواقعة قد يكون مستفادا من ذيوعها وعندئذ يكون الحق في نقدها مباحا لوروده على ما أعلن للجمهور بالفعل وبات في حوزته من وقائع وأحداث إذ أن الواقعة متى أصبحت ذائعة مشهورة ومعلومة وكانت متعلقة بمصلحة عامة أو شأن عام وسقطت في حوزة الجماهير كان عليهم تدارسها وتقليمها على جميع وجوهها لاختبار الأنسب فيها.
وبتطبيق ذلك نجد أن موضوع الحجز على أثاث الشاعر عبد المعطي حجازي تنفيذا لحكم قضائي هي واقعة حقيقية لا شك في ذلك وأن هذا الحكم قد صدر في قضية رأي هذه أيضا حقيقة وهو ما يعنى توافر الركن
الأول من أركان النقد المباح.
ونريد هنا أن نلفت النظر إلى أن حق النقد حق عام يمارس في مواجهته جميع الناس سواء كانوا من عمال السلطة أم ليسوا كذلك ما دامت قد توافرت شرائطه.
– ولكن الواقعة بالنسبة إلى الفاعل لا تنحصر في كونها ثابته أو غير ثابته فحسب فقد تكون واقعة كاذبة ولكن ثبت اعتقاد الجاني في صحتها أو لم يثبت صحتها ولم يثبت كذبها ولكن الجاني يعتقد في صحتها عندئذ تجوز تبرئة المتهم على أساس أن حسن النية إذا توافرت شروطها مما يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائي0000 وبشرط أن يكون هذا الاعتقاد قائما على أسباب مقبولة وهذه مسألة موضوعية يقدرها قاضى الموضوع غير خاضع لرقابة محكمة النقض فيما عدا ما يتصل بتسبيبها.
(نقض 11/2/46 مجموعة القواعد ج 4 ص 560)
(2) الأهمية الاجتماعية للواقعة:-
وهذا الشرط هو الذي نستبدل به حق النقد في الوظيفة العامة وشاغلها لأن إباحة القذف في حق الموظف العام شرع بسبب ما للوظيفة من أهمية الناس ولكن ليس ميدان الوظيفة وحده هو ما يهم الناس فكثير من الميادين يتصل اتصالا وثيقا وحيويا بحياة الناس ولا يتعلق بالوظيفة العامة ومن ثم يباح النقد بشأنه ولو لم يتعلق بالوظيفة العامة أن شاغرها فنقد المرشح فى الانتخابات وتناول حتى حياته الخاصة بالنقد لاستنارة جمهور الناخبين لوقوفهم على حقيقة أمر من يمثلهم تتحقق به الأهمية الاجتماعية اللازمة لقيام حق النقد وأباحته.
لوبداتفان جـ 2 ص 309 بند 747
والواقعة التي تهم الجماهير لا شك تتصل بالصالح العام وكل ما يهم الصالح العام ذا أهمية للجماهير ولذلك لا يقتصر ما يهم الجماهير على نشاط الموظفين العموميين ومن في حكمهم بل كذلك أصحاب الحرف والمهن الأخرى وذلك بحكم حاجة الجمهور إلى أنشطة هؤلاء يعرضون نشاطهم على الجمهور لسد هذه الحاجة ومن ثم يخضع نشاطهم للنقد لصالح الجماهير.
وبالرجوع إلي موضوع دعوانا نجد أننا نتحدث عن أهم الحريات الأساسية للإنسان وهي حرية الرأي والتعبير بلا تشدد أو تعصب أو استعداء وهو بهذا الوصف يمثل واقعة تهم جميع المواطنين في هذا البلد فتكون متصلة بالصالح العام.
ثالثا:- الرأي المناسب أو التعليق النزيه:-
الرأي أو التعليق هو جوهر النقد وهو الإضافة التي جاءت بها قريحة الناقد وحرية الناقد حينئذ طليقة من أي قيد طالما توافرت سائر الشروط الأخرى فلا رقابة عليه فيما يبدى من أراء وسلطة القضاء على هذه الآراء أو هذا التعليق لا تصل إلى حد تحريمه رأى أو العقاب على تعليق.
والرأي أن النقد هو المقصود بقول الكتاب أنه إذ أبدى بحسن نية في مصلحة عامة ليس وجها للإعفاء من المسئولية فحسب وأنما هو حق لكل فرد يمارسه مهما كانت قسوة العبارة التي استعملها في نقده وبناء
على ما تقدم يستطيع الناقد وهو يعلق على تصرف شخص أو سلوكه أو نشاطه أو حتى خلقه إذا كان أمرا لازما للتعليق على الواقعة موضوع النقد مهما كانت قسوة العبارة المستخدمة في النقد وبذلك حكم بأنه متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجنى عليه في الحدود المرسومة في القانون للنقد المباح فلا يقدم في صحته أن كانت العبارات التي استعملها المتهم مرة قاسية)
نقض رقم 1728 سنة 18 ق الصادر عليه فى 4/1/1949 مجموعة القواعد القانونية ج 2 ص 738
وبإنزال ما تقدم على ما جاء بالبيان موضوع الدعوى والذي لم يحدد لنا المدعي العبارات الواردة فيه والتي اعتبرها تمثل سبا وقذفا حتى نتناولها بالبحث إلا أننا استجلاءا للحقيقة نحاول أن نستخرج من البيان كافة العبارات التي من الممكن أن تشكل التباسل لدى القارئ فنجد الأتي:-
التكاتف ضد دعاوى التشدد والتطرف التي يمارسها هذا الشيخ وأمثاله
مفضلا أن يباع أثاث منزله عن أن يدفع أي جنيه لهذا الشيخ المعادي لحرية الفكر والتعبير
فقد توالى تحول العديد من الكتاب والمفكرين إلى ضحايا لهذا الشيخ المتربص بهم وبالفكر المستنير في مصر ليصبح عبد المعطي حجازي آخر ضحاياه .
وهو ما يضع الكثير من الكتب والمطبوعات والكتاب في مصر بين سندان مجمع بحوث الأزهر الذي دأب على مصادرة الكتب والمطبوعات دون وجه حق ومطرقة بعض المشايخ والمحامين المتشددين الساعيين للشهرة .
– ويبين جليا من كافة العبارات السابقة قد جاءت بالنقد والتحليل من جوانب عدة لمواقف بعينها ومستشهدة بوقائع وأن كلمات البيان جاءت متسقة مع المضمون الذي يريده محرره دونما التعرض للحياة الخاصة للمدعي أو إسناد وقائع كاذبة وقد ابتغت المصلحة العامة من وراء ذلك .
ويبين مما تقدم أن ممارسة النقد إذا ما توافرت شرائطه يكون مباحا مهما كانت العبارات التى تمت صياغته فيها حتى لو كانت قذفا أو سبا أو إهانة.
وقد علق جون استيورت ميل على ذلك بقوله “ليكن من المعلوم لدى الجميع أنه إذا سكت رأي فقد أخفيت حقيقته وأن الرأي الخطأ قد يحوى بذور الصواب ومن الجائز أن يؤدى إليها كاملة وأن الرأي الصواب كثيرا ما تسئ الجماهير الظن به وأن الآراء ما لم تعارض من الأخرين بين حين وآخر فأنها تفقد حيويتها وتأثيرها على سلوك الناس”.
أما فيما يتعلق بالتفسير فأنه لكى يكون التفسير موضوعيا فلا عبره برأي المجنى عليه وما يثار في نفسه من مشاعر أثر سماعه لفظا أو قراءته عبارة خاصة به وإنما العبرة بالشخص العادي في مثل البيئة التي حدث فيها القول بما تشمله من أعراف وتقاليد وظروف وأوضاع فالعبرة بالقول كله أو المقال في مجموعه دفعه واحدة فلا يصح تجزئه المقال أو الرسم واعتبار جزء منه ماس بأحد مع صرف النظر عن باقيه وأنما العبرة به ككل.
(4) ملاءمة الرأي أو النقد للواقعة واتصاله به:-
لكى تكون للرأي شرعية لابد أن يكون متصلا بالواقعة التي يستند إليها ويؤسس عليها وإلا ينفصل عنها حتى يكون في ملازمته إياها وصحبته لها ما يعين القارئ لتكون الواقعة منه بمثابة الأسباب من الحكم تشهد بصحته أو خطئه وبقصده أو شططه.
وفى ضوء هذه القواعد يكون الرأي أو التعليق حين يرد على موضوع قابل له يكون واسع الحدود – حيث يكون الرأي نقدا مباحا ويظل على براءته ولو كان في ذاته خاطئا من وجهة نظر الغير وتزاد الإباحة على هذه الآراء أيا كان وجه الرأي في تقديرها طالما كان مخلصا نزيها لم يستهدف به صاحبه إساءة أو تشهير بل قصد الخير والمصلحة العامة.
وبتطبيق ما تقدم نجد أنه ينطبق على واقعات البيان فالهدف الأسمى من البيان وغايته هو رفض محاربة الكلمة بغير الكلمة .
(5) حسن النية
وهو الشرط المنصوص عليه في المادة 60 عقوبات التي أباحت الجرائم إذا وقعت استعمالا لحق (بنية سليمة” فضلا خصته المادة 302/2 عقوبات بالذكر عندما عبرت عنه بسلامة النية.
ويشترط لقيام حق النقد توافر حسن النية بمعنى أن يتوافر فى الناقد أمران:-
1- توخى النفع العام فيما يبديه من آراء
2- اعتقاده فى صحة ما يبديه من آراء
ولقد أبانت تعليقات الحقانية على المادة 302 عقوبات على شرط حسن النية فقالت “أن شرط حسن النية هو مسألة من المسائل المتعلقة بالوقائع ولا يمكن أن تقرر لها قاعدة ثابتة ولكن على الأقل يلزم أن يكون موجه الانتقاد معتقد في ضميره صحته حتى يمكن أن يعد صادرا عن سلامة نيه وأن يكون قدر الأمور التي نسبها0000 تقديرا كافيا وأن يكون انتقاده للمصلحة العامة لا يسوء قصده”.
ومفاد هذا التعليق أن حسن النية يفترض اعتقاد القاذف أن الوقائع التي يسندها إلى المجنى عليه صحيحة وأن هذا الاعتقاد كان وليد تحرز وتقدير كافة الأمور ويفترض حسن النية أخيرا أن إسناد هذه الوقائع إلى المجنى عليه كان يهدف تحقيق مصلحة عامة لا مجرد الإضرار بالمجنى عليه.
وعلة شرط توخى النفع العام هو انحسار النقد عن الأمور الخاصة التي لا يهم الرأي العام بذل اهتمامه في متابعتها وعدم جدوى الخوض فيها وعدم الفائدة من متابعتها لأن حق النقد مشرع من أجل صالح الجماعة.
أما الشرط الثاني فهو عنصر أيضا في حسن النية وقوامه هو انعقاد صحة الرأي الذي يبديه.
وحكم بأنه إذا توافر حسن النية فى جريمة قذف الموظفين وكان موجه النقد يعتقد صحته وأنه يقصد به إلى المصلحة العامة لا إلى شفاء الضغائن والأحقاد الشخصية فغلا عقاب.
حق النقد تيسيرا للحياة العامة ورعاية لما أودعه الله في خلقه من عقل ولسان وقلب ووجدان000 فنراها محكمة النقض نقض في سنة 1924 بتبرئة صحفي أدانته المحكمة – محكمة جنايات القاهرة – لنشره مقالا نسب فيه إلى الأغلبية البرلمانية أنها تعبد الحكومة ولا تحب الوطن وعبيد
لشهواتهم وأنهم جائعين منحطين وأ، وظيفتهم هي التهام الوطن وحب المال ومن السهل استرضاؤهم وغير مخلصين فى خدمة وطنهم إلى جانب ما نسبه الصحفي اليهم من الكذب والجبن وعدم الفهم وقصر النظر.
وقد أسست المحكمة العليا قضاؤها بتبرئة الصحافي على أساس انتفاء القصد الجنائي الذي يجب أن تبحثه المحكمة لبحث ما إذا كان كاتب المقال يبغى بقوله منفعه البلاد أم مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم.
(نقض 6/11/1924 القضية 1744 سنة 41ق منشور في مؤلف المسئولية الجنائية للدكتور القللى ص 136).
وبتطبيق ذلك على واقعات دعوانا نجد أن كل العبارات التي تضمنها البيان لم تتناول من قريب أو بعيد أي أمور شخصية خاصة بالمدعي فضلا عن أن مبتغاها الوحيد هو إعلاء قيمة حرية الرأي والتعبير باعتبارها أحد الحريات الأساسية التي لا يجوز أن يساق صاحبها بسببها إلى قفص الاتهام وهذا يرجع في المقام الأول لدور الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان باعتبارها مؤسسة عاملة في مجال حرية الرأي والتعبير فتدافع عن صاحب الرأي بغض النظر عن انتمائه الفكري أو السياسي أو العقائدي وبغض النظر أيضا عن اتفاقها أو عدم اتفاقها مع هذا الرأي أو ذاك هو تعامل بنظرة حقوقية للأمور وهو ما يجعلها دائما في كافة مواقفها متخذة من حرية الرأي والتعبير غاية مثلى تتطلع إليها وهو ما ينأى بها دوما عن مظنة سوء النية لأن رسالتها معروفة ومعلنة ومواقفها واحدة وثابتة .
أما بالنسبة لقبول الدعوي الفرعية والحكم لنا بمبلغ التعويض المذكور بعريضة الدعوي الفرعية .
الدفاع
أولا:- إن المدعي فرعيا يركن في إثبات دعواه وتأييد طلباته إلى :-
… أن ما كتبه المدعي بصحيفة الدعوى الأصلية من تجاوز حق الدفاع وما تضمن الصحيفة من ألفاظ تعد سب وقذفا حيث ذكر في عريضة دعواه ( وحيث انه بإنزال ما تقدم على العبارات الواردة بيان الشبكة وعناوينه السافرة ..) .
وأيضا
( هذا فضلا عن أن نشرها يعتبر تعريضا بالقضاء المصري ومساسا بأحكامه ودعوة خبيثة الى إهدارها وتعطيل تنفيذها مما يتوافر به ركن الخطأ الموجب للمسئولية المدنية فى جانب الشبكة المعلن اليها).
وأيضا
( وحيث أن الطالب قد أصابته أضرارا أدبية ونفسية بالغة من جراء قيام الشبكة المعلن اليها بإصدار البيان التافه موضوع الدعوى بعناوينه السافرة ..).
وأيضا
( إلا أن الشبكة المعلن إليها أصرت على عدم مراعاة مشاعر أكثر من مليار مسلم فى عدم المساس بدينهم ونبيهم ومعتقدتهم وهي التي تدعي أنها تدافع عن حقوق وحريات الناس !! وتقديم هذا المارق للناس فى بياناتها على انه المفكر ألألمعي وانه ضحية حرية الفكر والتعبير المنتهكة فى هذا البلد !!!كذبا وزورا وبهتانا وتلبيسا على الرأى العام !!! وهو ما جعل البعض يشكك في توجه الشبكة والجهات التي تعمل لحسابها !!! حيث قام رجل في حجم العلامة المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد رئيس محكمة استئناف الإسكندرية برفع دعوى قضائية بطلب حجب موقع الشبكة مع بعض المواقع الأخرى لأثارتها في بياناتها و تقاريرها للفتنة الطائفية وتهديدها الوحدة الوطنية !!! وتلويث سمعة مصر!!! ) .
… ولما كان ما تقدم وكان ما ورد في عريضة الدعوى الأصلية قد تجاوز حق الدفاع إذا أن طلبات المدعي اصليا هي طلب التعويض عن ما تضمنه بيان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وما ادعى انه إصابته من جراء ذلك البيان من أضرار لم يثبتها في دعواه ولكن على الرغم من أن المدعي اصليا يتمسك بان المدعي فرعيا قد سبه وقذفه وهذا مخالف للواقع وللحقيقة فنجده في صحيفة دعواه لم يقوم بأثبات الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهم بل قام بتجاوز حقه بالدفاع القانوني الى وصف بيان الشبكة بالسافر والتافه ومحاولة الزج بالقضاء في الموضوع من خلال قوله بان ما قامت به الشبكة العربية من دعوة خبيثة إلى إهدار أحكام القضاء ولم يتوقف عند ذلك بل اتهم الشبكة بعدم مراعاة مشاعر المسلمين ووصف عملها في الدفاع عن حرية الرأي و التعبير بالادعاء ودفاعها عن متهم في قضية رأى بأنه كذبا وزورا وبهتانا وتلبسا على الرأي العام ثم زاد على ذلك بان البعض يشكك في توجه الشبكة بأثارة الفتنة الطائفية وتهديدها الوحدة الوطنية وتلويث سمعة مصر .
… ولما كان ما تضمنته عريضة هذه الدعوى من عبارات تمثل في صرحتها و مضمونها ومعنها سبا وقذفا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان و الأشخاص القائمين عليه وتحوي إيحاءات بالاتهام بالخيانة والعمالة وجميعها اتهامات لو صحت لأوجبت عقاب كافة القائمين عليها وهو ما يتحقق به أركان جريمة السب والقذف المنصوص عليها بالمواد أرقام 302 , 303 من قانون العقوبات المصري وكانت كافة هذه العبارات السابقة لا تتطلبها طبيعة دعوى المعلن إليه في المطالبة بالتعويض وهو ما يتحقق في جانب المدعي اصليا والمدعي عليه فرعيا أركان المسئولية التقصيرية
وفقا لنص المادة 163 من القانون المدني والتي تنص على :-
كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض .
… ومؤدى هذا وفقا ما جرى به نص مذكره المشروع التمهيدي للقانون أنه و لابد من توافر خطأ وضرر وعلاقة سببيه بينهما. وقد يكون الخطأ الاعتداء على السمعة والشرف وليس من الضروري أن يكون المعتدي سيء النية بل يكفي أن يكون ارعن متسرعا وفى الرعونة والتسرع انحراف عن سلوك العادي .
وقد ذهب المستشار عز الدين الديناصوري والدكتور عبد الحميد الشوربي إلي :-
..المعني الدقيق للمسئولية في فقه القانون أذن هو عبارة عن الحكم على من أخل بالتزام ما التزم به قبل الغير أن يعوض الضرر الناجم عن الأخلال بهذه الالتزام لا فرق بين أن يكون هذا الالتزام تعاقديا حيث يلتزم المتعاقدان أن ينفذه في الوقت المحدد و إلا فيعتبر مسئولا ويحكم عليه بالتعويض وبين أن يكون هذا الالتزام تقصيريا فيلتزم الفاعل بالتعويض نتيجة لإخلاله بالتزام قانوني مفروض على عاتقه من عدم الأضرار بالغير .
… على انه في جميع هذه الأحوال يجب أن تتوافر بها الأركان المقررة لقيام المسئولية على العموم وهذه الأركان هي :-
1- خطأ 2- ضرر 3- علاقة سببية بين الخطأ والضرر
(المسئولية المدنية فى ضوء الفقه والقضاء – المستشار عز الدين الديناصوري والدكتور عبد الحميد الشوربي الطبعة الخامسة صـ10 )
وقد قضت محكمة النقض فى ذلك :-
.. انه وإن كان الدفاع في الدعوى حقا للخصم إلا أن استعماله مقيد بأن يكون بالقدر اللازم لاقتضاء حقوقه التي يدعيها والذود عنها فإن هو انحرف في استعماله عما شرع له هذا الحق أو تجاوزه بنسبة أمور شائنة لغيره ماسة باعتباره وكرامته كان ذلك منه خطاء يوجب مسئوليته عما ينشأ عنه من ضرر ولو كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن فيما رمى به المطعون ضده الأول قد تجاوز به حق الدفاع في الدعوى وبغير نعي مقبول من الطاعن في هذا الخصوص .
(الطعن رقم 461 لسنة 48 ق جلسة 1983/3/24 ).
وقد قضت محكمة النقض أيضا في ذلك :-
… وإن أستعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير يدل على أن حق الدفاع حق مشروع للخصم إلا أن استعماله له مقيد بان يكون بالقدر اللازم لاقتضاء حقوقه التي يدعيها والذود عنها فإن هو انحرف في استعماله عما شرع له هذا الحق أو تجاوزه بنسبة أمور شائعة لغيره ماسة باعتباره وكرامته كان ذلك خطأ يوجب مسئوليته عما ينشأ عنه من ضرر ولو كانت هذه الأمور صحيحة ما دام الدفاع في الدعوي لا يقتضي نسبتها إليه , ومن ثم فإنه يتعين لمساءلة الخصم مدنيا عما يوجهه لخصمه من عبارات القذف والسب في الدفاع الشفوي والكتابي أمام المحاكم هو أن تكون هذه العبارات مما لا يستلزمها حق الدفاع ولا يقتضيه المقام وعلى محكمة الموضوع أن تعرض في حكمها لبحث ما إذا كانت هذه العبارات مما يقتضيها حق الدفاع أم لا وإلا كان حكمها مشوبا بالقصور .
( الطعن رقم 132 لسنة 56 ق 1989/1/15 )
وقد قضت محكمة النقض إلي:
الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها للفهم الواقع قي الدعوى و لا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دام أنها لم تخطأ في التطبيق القانوني للواقعة .
(الطعن رقم 1723 لسنة 49 مكتب فني 32 صفحة رقم 1662بتاريخ 02-06-1981)
أولا: – ركن الخطأ:-
لقد أوضح المستشار عز الدين الديناصوري والدكتور عبد الحميد الشوربي معنى الخطأ :-
.. هو الانحراف في السلوك ألمألوف للشخص العادي مع إدراك لهذا الانحراف . وهذا التعريف يبين فكرة الخطأ على ركنين احدهما مادي وهو الانحراف أو التعدي و الأخر معنوي وهو الإدراك .
(المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء – المستشار عز الدين الديناصوري والدكتور عبد الحميد الشوربي الطبعة الخامسة صـ61 ).
.. فهل ما كتبه المدعي عليه فرعيا في صحيفة دعواه من عبارات سب وقذف صريحا وضمنيا إلا يعد ذلك خطأ مادي وانه مدرك تمام الإدراك ما كتبه بل يؤكد سبه وقذفه في عبارات متكررة في صحيفة الدعوى .
وقد قضت محكمة النقض إلي:
استقر الفقه القضـاء على أن الخطأ الموجب للمسئولية هو الانحراف عن السلوك المألوف وما يقتضيه من يقظة وتبصر حتى لا يضر بالغير.
.( نقض مدني جلسة 27/12/1983 المجموعة ص 1948 رقم 382 )
وقد قضت محكمة النقض إلي:
من المقرر أن وصف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية التقصيرية أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض .
(الطعن رقم 311 لسنة 43 مكتب فني 29 صفحة رقم 1012بتاريخ 17-04-1978)
وقد قضت محكمة النقض الى:
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وصف الفعل بأنه خطأ موجب للمسئولية ، أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض و يسأل مرتكب الخطأ عن الأضرار مهما تتابعت و تفاقمت متى كانت مباشرة و ناشئة عنه وحده .
( الطعن رقم 326 لسنة50 ق ، جلسة 1984/1/5 )
ثانيا :- الضرر
استقر الفقه والقضاء على تعريف الضرر بأنه ” الإخلال بمصلحة مشروعة للمضرور في ماله وشخصه “.
وقد أصيب الطالب بأضرار مادية وأدبية نتيجة فعل المدعي عليه فرعيا .
وقد قضت محكمة النقض :-
“لا يقصد من التعويض الأدبي محو هذا الضرر وإزالته من الوجود فالضرر الأدبي لا يمحى ولا يزول ولكن يقصد بالتعويض جبر بعض آثاره بمعاونة المجني عليه علي النسيان ، فمن أصيب في شرفه واعتباره جاز أن يعوض عن ذلك بما يرد اعتباره بين الناس وإن مجرد الحكم على المسئول بالتعويض ونشر هذا الحكم لكفيل برد اعتبار المضرور 000 ومن أصيب في عاطفته وشعوره إذا حصل على تعويض مالي فتح له المال أبواب المواساة تكفكف من شجنه وما على القاضي إلا أن يقدر مبلغا يكفي عوضا عن الضرر الأدبي”.
( استئناف مختلط جلسة 20/3/1913 م 25 ص 253 )
.. وبناء عليه فما تم كتابته في العريضة من ألفاظ سب وقذف يؤدي إلي ضرر مادي ومعنوي فادح للشبكة العربية والعاملين بها .
ثالثا :- علاقة السببية:-
… يتضح بصور جليه توافر علاقة سببية بين الخطأ الذي ارتكبه المدعي عليه فرعيا والضرر الذي أصاب المدعي فرعيا ..
وقد قضت محكمة النقض إلي:
… أستخلاص السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي يقدرها قاضى الموضوع ، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا بالقدر الذي يكون فيه استخلاصه غير سائغ .
(لطعن رقم 135 لسنة 32 مكتب فنى 17 صفحة رقم 1629بتاريخ 08-11-1966)
( الطعن رقم 252 لسنة 37 ق ، جلسة 1974/12/31 )
بناء علي ما تقدم من دفوع
يلتمس الدفاع الحاضر عن المدعي فرعيا والمدعي عليه اصليا .
أولا :- جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعي اصليا والمدعي عليه فرعيا في القضية الماثلة .
ثانيا:- برفض الدعوي الأصلية .
ثالثا :- بقبول الادعاء الفرعي المقابل والحكم لنا بالتعويض المذكور بعريضة الدعوي الفرعية .
وكيل المدعي فرعيا
والمدعي عليه أصليا
طاهر عطية ابو النصر
محمد محمود حسن
محمد فاروق سعد
المحاميين