الخط الساخن : 01118881009
جلسة 15 يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم (348)
القضية رقم 74 لسنة 23 قضائية “دستورية”
1 – المحكمة الدستورية العليا “اختصاصها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح – محلها”.
الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح التي عهد الدستور إلى هذه المحكمة بممارستها تنحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها. شرط ذلك.
2 – مطاعن “تعلق بعضها بعوار دستوري – مؤداه”.
المناعي التي وجهتها محكمة الموضوع إلى النصوص الطعينة عدم اقتصارها على بيان تعارضها مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى، وانصرافها إلى مآخذ تتعلق بعوار دستوري، مؤداه: أن الأمر يتطلب أن تجيل المحكمة الدستورية العليا بصرها في تلك المآخذ.
3 – دعوى دستورية “نطاقها: امتداده إلى ما يرتبط بحكم اللزوم بالنص الطعين”.
إذا كان القضاء بعدم دستورية قراري رئيس مجلس الوزراء الطعينين فيما تضمناه من حظر هدم القصور والفيلات لن يحقق للمدعي مبتغاه من الدعوى الموضوعية، لبقاء هذا الحظر مفروضاً بقرار نائب الحاكم العسكري رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من رصد عقوبة لمن يقوم بأعمال الهدم أو التصريح به، مؤداه: أن الفصل في دستورية أمر نائب الحاكم العسكري أمر لازم لزوماً مطلقاً للفصل في الدعوى الموضوعية.
4 – دعوى دستورية “المصلحة فيها: إلغاء النص التشريعي وزوال كافة آثاره. انتفاء المصلحة”.
إذا كان النص التشريعي الطعين قد ألغى وزال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدروه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة.
5 – دعوى دستورية “المصلحة الشخصية المباشرة: انتفاؤها”.
إذا كان الإخلال بالحقوق للمدعي بها في الدعوى الموضوعية لا يعود إلى النص الطعين دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. تطبيق.
6 – دعوى دستورية “نطاقها: امتداده إلى النصوص التي يضار المدعي من تطبيقها عليه – شرط ذلك”.
نطاق الدعوى الدستورية يمتد ليشمل النصوص التي يضار الدعوى الموضوعية من جزاء تطبيقها عليه ولو لم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية أو حكم الإحالة، إذا كان فصلها عن النصوص التي اتصلت بالمحكمة متعذراً.
7 – تشريع “اختصاص السلطة التنفيذية على سبيل الاستثناء بأعمال تدخل في نطاقه”.
الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع. الاستثناء. مثال: إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين.
8 – دستور “لوائح تنفيذية – المختص بإصدارها – مخالفة ذلك”.
حدد الدستور على سبيل الحصر – في المادة 144 – الجهات التي تختص بإصدار اللوائح التنفيذية. مخالفة ذلك. أثره.
9 – لوائح تنفيذية “تجاوز حدود الاختصاص”.
خلو نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء من أية أحكام تنظم هدم المباني أو تحظر هدم مبان بعينها. قرار وزير الإسكان رقم 180 لسنة 1998 بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه، وتضمينه نص يحظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء الجمهورية، مؤداه أنه صدر مجاوزاً حدود اختصاصه. أثر ذلك.
10 – دستور “المسائل التي احتجزها الدستور بنص صريح ليكون التشريع فيها بقانون”.
المسائل التي احتجزها الدستور بنص صريح ليكون التشريع فيها بقانون صادر من السلطة التشريعية، لا يجوز تنظيمها أو تعديل أحكامها أو إلغائها بأداة تشريعية أدنى. مخالفة ذلك.
11 – دستور “حق الملكية – تنظيمه بقانون”.
تنظيم الملكية الخاصة لا يكون إلا بقانون. مخالفة ذلك: أثره.
12 – طوارئ “تدابير – مردها وارتباطها بالغاية منها – عدم تخويلها رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع – ضوابط الإنابة”.
التدابير التي ناطت المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958 برئيس الجمهورية اتخاذها متى أعلنت حالة الطوارئ، مردها. تعرض الأمن والنظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة فيها للخطر، والغاية من تقريرها المحافظة على أمن الوطن والمواطنين معاً. وكل تدبير أو إجراء يتخذ في هذا الشأن ينبغي أن يرتبط بهذه الغاية دون سواها. وقد خلت تلك التدابير من إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع لتنظيم أمر معين حتى ولو كان يدور حول تحقيق تلك الغاية.
13 – طوارئ “قانون حالة الطوارئ – نظام استثنائي”.
قانون الطوارئ ما هو إلا نظام خاص قصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات تحد بها من الحقوق والحريات العامة. الهدف من ذلك. هو بهذه المثانة محض نظام استثنائي. مؤدى ذلك: عدم جواز التوسع في تطبيقه، ويتعين التفسير الضيق لأحكامه.
14 – طوارئ “التدابير الواردة بقانون الطوارئ ليس من بينها حظر هدم القصور والفيلات. مؤدى ذلك وجوب تنظيمه بقانون. أساس ذلك”.
ما ورد بأمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، ورصد عقوبة لمن يخالف ذلك، وإن كان يتصل بالمصلحة العامة ومقتضياتها، إلا أنه لا يُعد من قبيل التدابير اللازمة للمحافظة على الأمن والنظام العام والتي تعلن من أجلها حالة الطوارئ. مؤدى ذلك. ضرورة تنظيم هذا الأمر بقانون.
15 – حكم بعدم دستورية نص تشريعي “مؤداه: سقوط النصوص المترتبة عليه”.
القضاء بعدم دستورية نصوص تشريعية أوردت حظراً على هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، مؤداها سقوط المواد المترتبة عليها. تطبيق.
1 – الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح التي عهد الدستور إلى هذه المحكمة بممارستها تنحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضعها أو نطاق تطبيقها، متى تولدت عنها مراكز قانونية عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التي ناطها الدستور بها.
2 – المناعي التي وجهتها محكمة الموضوع إلى النصوص الطعينة لم تقتصر على بيان تعارضها مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى، وإنما نسبت إليها مآخذ تتعلق بعوار دستوري، الأمر الذي يتطلب أن تجيل المحكمة الدستورية العليا بصرها في تلك المآخذ وأن تعرضها على أحكام الدستور كي تقول كلمتها بشأن توافق هذه النصوص أو تعارضها مع تلك المآخذ.
3 – أمر رئيس مجلس الوزراء و نائب المحاكم العسكري رقم 2 لسنة 1998 قد حظر في مادته الثانية هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، وقرَّر في مادته الثالثة عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من ارتكب أو شرع في ارتكاب ذات الفعل، وقضى بسريان ذات العقوبة على كل ممثل لجهة حكومية حال وقوع الفعل المخالف أو الشروع فيه بتكليف منه، وإذ كان القضاء بعدم دستورية قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998 فيما تضمناه من حظر هدم القصور والفيلات لن يحقق للمدعي مبتغاه من دعواه الموضوعية، إذ يظل الحظر المفروض بقرار نائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 المشار إليه والعقوبة المقررة فيه سيفاً مسلطاً عليه وإلا تعرض لتلك العقوبة إذا قام بهدم عقاره، كما أن الجهة المختصة بشئون التنظيم لن تستطيع إصدار قرار بهدم ذلك العقار خشية توقيع ذات العقاب على من صرح بذلك من موظفيها، ومن ثم كان الفصل في دستورية أمر نائب الحاكم العسكري المشار إليه أمراً لازماً لزوماً مطلقاً للفصل في الدعوى الموضوعية.
4 – شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداه ألا تفصل المحكمة الدستورية العليا في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يكون ثمة ضرر قد لحق بالمدعي في الدعوى الموضوعية، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المدعي بمخالفته لأحكام الدستور، فإذا كان الإخلال بالحقوق المدعي بها لا يعود إليه، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها. متى كان ما تقدم، وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 463 لسنة 1998 بشأن حظر هدم القصور والفيلات في أنحاء جمهورية مصر العربية قد أُلغى العمل به بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 925 لسنة 2000، وزال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره في 20 إبريل سنة 2000، وذلك قبل إحالة الدعوى الماثلة من محكمة القضاء الإداري في الخامس من مايو سنة 2001،….. ومن ثم فإن المصلحة في الطعن على كل من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 463 لسنة 1998، تكون منتفية، إذ أن الفصل في أمر دستورية أي منهما لن يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية.
5 – شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداها ألا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يكون ثمة ضرر قد لحق بالمدعي في الدعوى الموضوعية، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص التشريعي المدعي بمخالفته لأحكام الدستور، فإذا كان الإخلال بالحقوق المدعي بها لا يعود إليه، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها. وكان البادي من استعراض أحكام أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996 أنه لم يحظر هدم القصور والفيلات على سبيل الإطلاق، وإنما حظر هدم المباني – أياً كان طرازها – دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة، وكان قرار الجهة الإدارية برفض التصريح بهدم العقار محل المنازعة الموضوعية، يرجع إلى كونه فيلا وليس لعدم استيفائه الشروط والإجراءات المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 بشأن تنظيم هدم المباني، ومن ثم فإن المصلحة في الطعن على أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996 تكون منتفية، إذ أن الفصل في أمر دستوريته لن يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية.
6 – نطاق الدعوى الدستورية، وإن كان يتحدد أصلاً بالنصوص القانونية التي يتعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع أو التي أحالتها تلك المحكمة للفصل في دستوريتها، إلا أن هذا النطاق يمتد ليشمل أيضاً النصوص التي يُضار المدعي في الدعوى الموضوعية من جراء تطبيقها عليه ولو لم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية أو حكم الإحالة إذا كان فصلها عن النصوص التي اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا متعذراً، وكان ضمها إليها يكفل تحقيق الأغراض التي يتوخاها المدعي من دعواه الموضوعية.
7 – الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على تنفيذ القوانين وإعمال أحكامها، غير أنه استثناءً من هذا الأصل، وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة أعمالاً تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين.
8 – حدد الدستور على سبيل الحصر، في المادة 144، الجهات التي تختص بإصدار اللوائح التنفيذية، فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستوري، وإلا وقع عمله اللائحي مخالفاً لنص المادة (144) المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها. وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني ناط في المادة (11) منه بوزير الإسكان والمرافق إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، وطبقاً لهذا النص وإعمالاً لنص المادة (144) من الدستور يكون وزير الإسكان والمرافق هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 المشار إليه، ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما نص عليه في مادته الأولى من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية يكون قد صدر مشوباً بعيب دستوري لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره بالمخالفة لحكم المادة (144) من الدستور. الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
9 – خلو نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء من أية أحكام تنظم هدم المباني أو تحظر هدم مبان بعينها، باستثناء ما نصت عليه المادة (4) منه، قرار وزير الإسكان رقم 180 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لذلك القانون، فيما نص عليه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، يكون قد صدر مجاوزاً حدود اختصاصه، إذ أنه لم يفصل أحكاماً أوردها المشرع إجمالاً في ذلك القانون، مجاوزاً بذلك الحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور للوائح التنفيذية.
10 – من المقرر أن المسائل التي احتجزها الدستور بنص صريح ليكون التشريع فيها بقانون صادر من السلطة التشريعية، لا يجوز تنظيمها أو تعديل أحكامها أو إلغاؤها بأداة تشريعية أدنى، وإلا كانت مخالفة للدستور.
11 – كفل الدستور للملكية الخاصة حرمتها، ولم يجز المساس بها إلا استثناءً، وكان تنظيمها لدعم وظيفتها الاجتماعية لا يجوز إلا بقانون يوازن به المشرع حقوق أصحابها بما يراه من المصالح أولى بالاعتبار، وكان نص المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء، فيما فرضه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات، يتضمن تقييداً لحق الملكية، إذ يمنع المالك من الانتفاع بملكه على النحو الذي يراه محققاً لمصالحه، وقد صدر هذا القيد في مسألة لا يجوز تنظيمها إلا بقانون يصدر عن السلطة التشريعية، ومن ثم فإن هذا القرار صدر مخالفاً لأحكام المواد (32، 34، 86) من الدستور مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
12 – التدابير التي ناطت المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958 برئيس الجمهورية اتخاذها متى أعلنت حالة الطوارئ، مردها تعرض الأمن والنظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، والغاية من تقريرها المحافظة على أمن الوطن والمواطنين معاً. وكل تدبير أو إجراء يتخذ في هذا الشأن ينبغي أن يرتبط بهذه الغاية دون سواها، وقد خلت تلك التدابير من إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع لتنظيم أمر معين حتى ولو كان يدور حول تحقيق تلك الغاية، وله إن شاء ذلك أن يلجأ إلى السلطة التي حددها المشرع الدستوري لإصدار التشريع، ولا يملك إضافة تدابير أخرى إلى تلك المحددة بنص المادة (3) من ذلك القانون، وكل ما يستطيعه أن يصدر قراراً بتوسيع دائرة تلك التدابير، وفقاً للضوابط المنصوص عليها في المادة (2) من ذلك القانون. وإذ كان هذا هو حال الأصيل عند ممارسة سلطة الطوارئ، فإن من ينيبه ذلك الأصيل للقيام ببعض اختصاصاته ليس له أن يباشر اختصاصاً لا يمنحه قانون حالة الطوارئ للأصيل.
13 – قانون الطوارئ ما هو إلا نظام خاص قُصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات معينة تحد بها من الحقوق والحريات العامة بهدف مواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومي للبلاد، مثل الحرب وأخطار التهديد الخارجي والاضطرابات التي تهدد الأمن الداخلي، أو حدوث وباء أو ما شابه ذلك من أمور وثيقة الصلة بالسلامة العامة والأمن القومي. وهو بهذه المثابة محض نظام استثنائي يستهدف غاية محددة، فلا يجوز التوسع في تطبيقه، ويتعين التزام التفسير الضيق لأحكامه.
14 – التنظيم الذي ورد بأمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما ورد به من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات ورصد عقوبة لمن يخالف ذلك، وإن كان يتصل بالمصلحة العامة ومقتضياتها، إلا أنه لا يعد من قبيل التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام والتي تعلن من أجلها حالة الطوارئ – ومن ثم فليس للسلطة التي حددها قانون الطوارئ من سبيل إلا ولوج أسلوب التشريع العادي بضوابطه وإجراءاته من أجل وضع تنظيم تشريعي يقيم توازناً دقيقاً بين حقوق أصحاب تلك العقارات في استغلالها على النحو الذي يكفل لهم مصالحهم، وبين مقتضيات الحفاظ على تلك الثروة العقارية وما تمثله من تراث قومي. وإذ تنكب ذلك الأمر العسكري المشار إليه هذا الطريق، فإنه يكون قد وقع في حومة مخالفة نص المادة (86) من الدستور الذي عهد بسلطة التشريع إلى مجلس الشعب.
15 – حيث إن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 قضت باتخاذ الإجراءات التأديبية ضد كل مسئول عن الموافقة المخالفة لحكم الفقرة الثانية من المادة الأولى من ذات القرار، والذي يحظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في مدينة الإسكندرية. كما رصدت المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 عقوبة جنائية لمن يخالف الحظر المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار المشار إليه، فإن القضاء بسقوط أحكامهما, تبعاً للقضاء بعدم دستورية النصين المتعلقين بهما, يكون لازماً.
الإجراءات
بتاريخ الخامس من مايو سنة 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 220 لسنة 54 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلستها المنعقدة في 25/ 7/ 2000 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998 وأمري رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقمي 7 لسنة 1996 و2 لسنة 1998.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي بصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم/ رجب محمد كاطو قد أقام الدعوى رقم 220 لسنة 54 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالباً الحكم بوقف تنفيذ قرار رفض التصريح بهدم العقار موضوع الطلب رقم 23 لسنة 1997 حي المنتزه، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، وذلك على سند من أن مورث موكليه كان قد اشترى العقار رقم 18 شارع الإقبال – قسم المنتزه بالإسكندرية والمكون من ثلاثة طوابق بموجب عقد بيع نهائي مشهر ومسجل برقم 4131 لسنة 1978 توثيق الإسكندرية، وقد تقدم نيابة عن الورثة إلى حي المنتزه بطلب للتصريح له بهدم ذلك العقار قُيّد برقم 23 لسنة 1997، وبعرضه على لجنة الهدم بمديرية الإسكان حررت مذكرة بتاريخ 11/ 12/ 1997 – بعد معاينتها للعقار – ورد بها أن العقار عبارة عن فيلا مكونة من بدروم وأرضى وطابق أول وثان، ويتميز بسمات معمارية وحضارية تستوجب الحفاظ عليه رغم أنه غير مدرج بالجداول، وانتهت إلى عدم الموافقة على هدمه، وبعرضها على محافظ الإسكندرية وافق على ما انتهت إليه، وأخطر المدعي بذلك، فتقدم بتظلم إلى محافظ الإسكندرية، فقرر – بعد إعادة معاينة العقار من قبل مديرية الإسكان – رفض طلب هدم العقار، وبتاريخ 15/ 8/ 1999 قامت الإدارة الهندسية بحي المنتزة بإخطار المدعي بأن السيد محافظ الإسكندرية قرر بتاريخ 2/ 8/ 1999 رفض طلب هدم العقار لكونه (فيلا) وذلك عملاً بقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998 والأمرين العسكريين رقمي 7 لسنة 1996 و2 لسنة 1998.
وإذ ارتأت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية أن قراري رئيس مجلس الوزراء وأمري نائب الحاكم العسكري العام سالفي الذكر بما اشتملت عليه من حظر هدم الفيلات، فيه اعتداء على الملكية الخاصة التي يحميها الدستور فقد قضت بجلستها المنعقدة في 25/ 7/ 2000 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998، وأمري نائب الحاكم العسكري العام رقمي 7 لسنة 1996 و2 لسنة 1998.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى الماثلة، وذلك تأسيساً على أن النزاع الموضوعي تدور رحاه حول طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري برفض هدم الفيلا موضوع الطلب رقم 23 لسنة 1997 والصادر استناداً إلى أحكام قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998، اللذين يحظران هدم القصور والفيلات، ومن ثم فلا شأن لهذا النزاع بأمري نائب الحاكم العسكري العام رقمي 7 لسنة 1996 و2 لسنة 1998 الصادرين بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ والتي تختص محاكم أمن الدولة طوارئ بمعاقبة كل من ارتكب أيَّا من الأفعال المنصوص عليها فيهما، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذين الأمرين ليس لازماً للفصل في النزاع الموضوعي المعروض على محكمة القضاء الإداري، كما أن ما ارتأته محكمة الموضوع من مخالفة أحكام قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998 لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني لا يدخل بحثه في اختصاص المحكمة الدستورية العليا الذي يتحدد بالفصل في التعارض المدعي به بين نص تشريعي وقاعدة في الدستور، أما التناقض الذي يقع بين التشريعات الأصلية والفرعية فهو أمر يخرج عن اختصاص هذه المحكمة.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود، ذلك أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح التي عهد الدستور إلى هذه المحكمة بممارستها تنحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها، متى تولدت عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التي ناطها الدستور بها. فضلاً عن أن المناعي التي وجهتها محكمة الموضوع إلى النصوص الطعينة لم تقتصر على بيان تعارضها مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى، وإنما نسبت إليها مآخذ تتعلق بعوار دستوري، الأمر الذي يتطلب أن تجيل المحكمة الدستورية العليا بصرها في تلك المآخذ وأن تعرضها على أحكام الدستور كي تقول كلمتها بشأن توافق هذه النصوص أو تعارضها مع تلك الأحكام. هذا بالإضافة إلى أن أمر رئيس مجلس الوزراء و نائب الحاكم العسكري رقم 2 لسنة 1998 قد حظر في مادته الثانية هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، وقرَّر في مادته الثالثة عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من ارتكب أو شرع في ارتكاب ذلك الفعل، وقضى بسريان ذات العقوبة على كل ممثل لجهة حكومية حال وقوع الفعل المخالف أو الشروع فيه بتكليف منه. وإذ كان القضاء بعدم دستورية قراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 3086 لسنة 1996 و463 لسنة 1998 فيما تضمناه من حظر هدم الفيلات لن يحقق للمدعى مبتغاه من دعواه الموضوعية، إذ يظل الحظر المفروض بقرار نائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 المشار إليه والعقوبة المقررة فيه سيفا مسلطاً عليه وإلا تعرض لتلك العقوبة إذا قام بهدم عقاره، كما أن الجهة المختصة بشئون التنظيم لن تستطيع إصدار قرار بهدم ذلك العقار خشية توقيع ذات العقاب على من صرح بذلك من موظفيها، ومن ثم كان الفصل في دستورية أمر نائب الحاكم العسكري المشار إليه أمراً لازماً لزوماً مطلقاً للفصل في الدعوى الموضوعية.
وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 بشأن حدود الترخيص في تعلية المباني وقيود الارتفاع بمدينة الإسكندرية ينص في مادته الأولى على أن:
“يحظر الموافقة على طلب الترخيص في التعلية في مدينة الإسكندرية،…
كما يحظر في ذات المدينة الموافقة على هدم القصور والفيلات……”.
كما تنص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 463 لسنة 1998 بشأن حظر هدم القصور والفيلات في أنحاء جمهورية مصر العربية على أن “يحظر الموافقة على هدم القصور والفيلات أو على إقامة بناء في أرض عقار سبق هدمه أو يُشرع في هدمه بغير ترخيص، إلا في حدود ارتفاعه الذي كان عليه من قبل دون أي تجاوز، وذلك في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية”.
وينص أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996 في مادته الأولى على أن: “يحظر على الملاك والمستأجرين…. ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتي ذكرها بالمخالفة لأحكام أي من القانونين رقمي 106 لسنة 1976 و178 لسنة 1961 المشار إليهما:
(1) إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها قبل الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة.
(2)…………..”.
كما ينص أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 في مادته الثانية على أن “يحظر في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية:
أولاً: هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات.”
وتنص مادته الثالثة على أن: “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة.
وتسري العقوبة كذلك بحسب الأحوال على كل ممثل لشخص اعتباري عام أو خاص أو لجهاز أو جهة حكومية أو غير حكومية وقع الفعل أو الشروع بتكليف منه، وعلى المقاول والمهندس المشرف على التنفيذ.
كما يعاقب بذات العقوبة كل من ساهم أو اشترك في الجريمة، أو لم يقم بواجبه في منعها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، من العاملين المختصين بشئون التنظيم وغير ذلك من الجهات الإدارية المختصة.
……………..”
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة مؤداها ألا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يكون ثمة ضرر قد لحق بالمدعي في الدعوى الموضوعية، وأن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المدعي بمخالفته لأحكام الدستور، فإذا كان الإخلال بالحقوق المدعي بها لا يعود إليه، أو كان النص المذكور قد ألغى وزال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 463 لسنة 1998 بشأن حظر هدم القصور والفيلات في أنحاء جمهورية مصر العربية، قد أُلغى العمل به بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 925 لسنة 2000، وزال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره في 20 إبريل سنة 2000، وذلك قبل إحالة الدعوى الماثلة من محكمة القضاء الإداري في الخامس من مايو سنة 2001، كما أن البادي من استعراض أحكام أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام 7 لسنة 1996 أنه لم يحظر هدم القصور والفيلات على سبيل الإطلاق، وإنما حظر هدم المباني – أياً كان طرازها – دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة، وكان قرار الجهة الإدارية برفض التصريح بهدم العقار محل المنازعة الموضوعية، يرجع إلى كونه فيلا وليس لعدم استيفائه الشروط والإجراءات المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 بشأن تنظيم هدم المباني، ومن ثم فإن المصلحة في الطعن على كل من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 463 لسنة 1998، وأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996 تكون منتفية، إذ أن الفصل في أمر دستورية أي منهما لن يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة بما تضمنه نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية، وما تضمنه نص المادة الثانية من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام وردت بذلك القرار أو الأمر العسكري المشار إليهما.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية، وإن كان يتحدد أصلاً بالنصوص القانونية التي يتعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، أو التي أحالتها تلك المحكمة للفصل في دستوريتها، إلا أن هذا النطاق يمتد ليشمل أيضاً النصوص التي يُضار المدعي في الدعوى الموضوعية من جراء تطبيقها عليه ولو لم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية أو حكم الإحالة إذا كان فصلها عن النصوص التي اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا متعذراً، وكان ضمها إليها يكفل تحقيق الأغراض التي يتوخاها المدعي من دعواه الموضوعية، لما كان ذلك، وكانت المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المضافة بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة رقم 180 لسنة 1998، تنص على حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية. وكان من شأن القضاء بعدم دستورية ذلك النص إزالة كافة العقبات القانونية التي تعوق إصدار قرار هدم فيلا المدعي، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يمتد ليشمل أيضاً ما تضمنته نص المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية.
وحيث إن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على تنفيذ القوانين وإعمال أحكامها، غير أنه استثناءً من هذا الأصل، وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة أعمالاً تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، ومن ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من الدستور على أن “يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها. ويجوز أن يعين القانون من يصدر القوانين اللازمة لتنفيذه”.
ومؤدى هذا النص، أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات التي تختص بإصدار اللوائح التنفيذية، فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه في ذلك أو من يعينه القانون لإصدارها، بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستوري، وإلا وقع عمله اللائحي مخالفاً لنص المادة (144) المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني ناط في المادة (11) منه بوزير الإسكان والمرافق إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، وطبقاً لهذا النص وإعمالاً لنص المادة (144) من الدستور يكون وزير الإسكان والمرافق هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 178 لسنة 1961 المشار إليه، ومن ثم فإن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما نص عليه في مادته الأولى من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية يكون قد صدر مشوباً بعيب دستوري لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره بالمخالفة لحكم المادة (144) من الدستور، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن البين من استعراض أحكام قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أنه ينص في مادته الأولى على إضافة فصل ثان مكرر للائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 268 لسنة 1996 ورد به نص المادة 11 مكرراً (5) الذي يقضى بحظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية.
ويبين من الاطلاع على أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه أنه ناط في المادة (34) منه بوزير الإسكان والتعمير إصدار اللائحة التنفيذية لأحكام هذا القانون خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، وإذ خلت نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 من أية أحكام تنظم هدم المباني، أو تحظر هدم مبان بعينها باستثناء ما نصت عليه المادة (4) من أنه “لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون”، فإن قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 يكون قد صدر مجاوزاً حدود اختصاصه، إذ أنه لم يُفصل أحكاماً أوردها المشرع إجمالاً في قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء، وإنما استحدث نصوصاً جديدة لا يمكن إسنادها إلى ذلك القانون، مجاوزاً بذلك الحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور للوائح التنفيذية.
وحيث إن من المقرر أن المسائل التي احتجزها الدستور بنص صريح ليكون التشريع فيها بقانون صادر من السلطة التشريعية لا يجوز تنظيمها أو تعديل أحكامها أو إلغاؤها بأداة تشريعية أدنى، وإلا كانت مخالفة للدستور.
وحيث إن الدستور كفل للملكية الخاصة حرمتها ولم يُجز المساس بها إلا استثناءً، وكان تنظيمها لدعم وظيفتها الاجتماعية لا يجوز إلا بقانون يوازن به المشرع حقوق أصحابها بما يراه من المصالح أولى بالاعتبار. وكان نص المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء فيما فرضه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات يتضمن تقييداً لحق الملكية إذ يمنع المالك من الانتفاع بملكه على النحو الذي يراه محققاً لمصالحه، وقد صدر هذا القيد في مسألة لا يجوز تنظيمها إلا بقانون يصدر عن السلطة التشريعية، ومن ثم فإن هذا القرار صدر مخالفاً لأحكام المواد (32، 34، 86) من الدستور مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إنه يبين من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 بحظر هدم القصور والفيلات أنه قد أشار في ديباجته إلى قانون حالة الطوارئ الصادر بالقانون رقم 162 لسنة 1958، ويبين من استعراض أحكام هذا القانون معدلاً بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أنه قضى في المادة (1) منه بأنه “يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضى الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء أكان بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء”.
كما نصت المادة (3) منه على أن “لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام وله على وجه الخصوص:
(1) وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
(2) الأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، على أن تكون الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلان مقصورة على الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي.
(3) تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.
(4) تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالتظلم وتقدير التعويض.
(5) سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.
(6) إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة، على أن يُعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة السابقة…..”.
وتنص المادة (17) من ذات القانون على أن “لرئيس الجمهورية أن ينيب عنه من يقوم مقامه في اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون كلها أو بعضها وفي كل أراضي الجمهورية أو في منطقة أو مناطق معينة منها”.
وحيث إن التدابير التي ناطت المادة (3) من القانون رقم 162 لسنة 1958 برئيس الجمهورية اتخاذها متى أعلنت حالة الطوارئ مردها تعرض الأمن والنظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر، والغاية من تقريرها المحافظة على أمن الوطن والمواطنين معاً، وكل تدبير أو إجراء يتخذ في هذا الشأن ينبغي أن يرتبط بهذه الغاية دون سواها، وقد خلت تلك التدابير من إعطاء رئيس الجمهورية سلطة إصدار تشريع لتنظيم أمر معين حتى ولو كان يدور حول تحقيق تلك الغاية، وله إن شاء ذلك أن يلجأ إلى السلطة التي حددها المشرع الدستوري لإصدار هذا التشريع. وإذ كان هذا هو حال الأصيل عند ممارسة سلطة الطوارئ، فإن من ينيبه ذلك الأصيل للقيام ببعض اختصاصاته ليس له أن يباشر اختصاصاً لا يمنحه قانون حالة الطوارئ للأصيل، بل إن هذا الأخير لا يملك إضافة تدابير أخرى إلى تلك المحددة بنص المادة (3) من ذلك القانون، وكل ما يستطيعه أن يصدر قراراً بتوسيع دائرة تلك التدابير، على أن يعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة (2) من القانون المشار إليه، يؤيد ذلك أن قانون الطوارئ ما هو إلا نظام خاص قُصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات معينة تحد بها من الحقوق والحريات العامة بهدف مواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومي للبلاد مثل الحرب وأخطار التهديد الخارجي والاضطرابات التي تهدد الأمن الداخلي، أو حدوث وباء أو ما شابه ذلك من أمور وثيقة الصلة بالسلامة العامة والأمن القومي، وهو بهذه المثابة محض نظام استثنائي يستهدف غاية محددة فلا يجوز التوسع في تطبيقه، ويتعين التزام التفسير الضيق لأحكامه. ولتأكيد الطبيعة الاستثنائية لهذا النظام نصت المادة 48 من الدستور على أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناءً في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يُفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقاً للقانون”، فعبارات هذا النص صريحة وواضحة الدلالة على أن الرقابة المحددة المشار إليها فيه إنما تكون في الأمور ذات الصلة بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وهو ما يتعين التقيد به أيضاً بالنسبة للأوامر أو التدابير التي تصدر من السلطة التي حددها قانون حالة الطوارئ والتي تتمثل في رئيس الجمهورية أو من ينيبه عند إصدارها أي من التدابير المنصوص عليها في المادة (3) من ذلك القانون.
وحيث إن أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 ينص في مادته الثانية على أن يحظر في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، كما قررت المادة الثالثة منه عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من خالف حكم المادة الثانية أو شرع في ذلك، وتسري العقوبة المشار إليها على كل ممثل لجهة حكومية وقع الفعل أو الشروع بتكليف منه، كما يعاقب بذات العقوبة كل من ساهم أو اشترك في الجريمة أو لم يقم بواجبه في منعها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها من العاملين المختصين بشئون التنظيم وغير ذلك من الجهات الإدارية المختصة. وإذ كان تنظيم الأمر المتقدم يتصل بالمصلحة العامة ومقتضياتها إلا أنه لا يعد من قبيل التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام والتي تعلن من أجلها حالة الطوارئ، ومن ثم فليس للسلطة التي حددها قانون الطوارئ من سبيل إلا ولوج أسلوب التشريع العادي بضوابطه وإجراءاته من أجل وضع تنظيم تشريعي يقيم توازناً دقيقاً بين حقوق أصحاب تلك العقارات في استغلالها على النحو الذي يكفل لهم مصالحهم، وبين مقتضيات الحفاظ على تلك الثروة العقارية وما تمثله من تراث قومي، وإذ تنكب ذلك الأمر العسكري هذا الطريق فإنه يكون قد وقع في حومة مخالفة نص المادة (86) من الدستور الذي عهد بسلطة التشريع إلى مجلس الشعب.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه فإنه يتعين القضاء بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية، وعدم دستورية نص المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، وعدم دستورية نص المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المضاف بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، وذلك لمخالفتها أحكام المواد (32، 34، 86، 144) من الدستور.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 قضت باتخاذ الإجراءات التأديبية ضد كل مسئول عن الموافقة المخالفة لحكم الفقرة الثانية من المادة الأولى من ذات القرار والذي يحظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في مدينة الإسكندرية، كما رصدت المادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 عقوبة جنائية لمن يخالف الحظر المنصوص عليه في المادة الثانية من القرار المشار إليه، فإن القضاء بسقوط أحكامهما تبعاً للقضاء بعدم دستورية النصين المتعلقين بهما يكون لازماً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً – بعدم دستورية نص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات بمدينة الإسكندرية.
ثانياً – بعدم دستورية نص المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية.
ثالثاً – بعدم دستورية نص المادة 11 مكرراً (5) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 المضاف بقرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 180 لسنة 1998 فيما تضمنه من حظر الموافقة على هدم القصور والفيلات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية.
رابعا – بسقوط ما يقابل هذا الحظر من أحكام وردت بكل من المادة الثانية من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3086 لسنة 1996، والمادة الثالثة من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 2 لسنة 1998 المشار إليهم
وسوم : حكم دستورية