الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 54/ 1/ 436
جلسة 9 من مايو 2007
السيد الدكتور / وزير الاستثمار
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 5832 المؤرخ 10/6/2006 فى شأن طلب الرأى فى مدى تحمل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع بقيمة مستلزمات تشغيل مجمعات إنتاج الخبز المنوط به إدارتها وتشغيلها [استهلاك الكهرباء والمياه ]، وذلك فى ضوء العقود المبرمة بينه وبين وزارة التموين [الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى ].
وحاصل الواقعات– حسبما يبين من الأوراق-أنه بموجب عقد مؤرخ22/10/1983، فيما بين كل من وزارة الدفاع [ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ] ووزارة التموين [ الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى ]، تم الاتفاق بين الطرفين على قيام وزارة الدفاع بالتعاون فى إدارة وتشغيل وإنتاج الخبز من أربعة مجمعات نصف آلية قابلة للزيادة لصالح القطاع المدنى، حيث تتولى وزارة الدفاع تنظيم جميع أعمال الإدارة والتشغيل لمراحل إنتاج الخبز داخل كل مجمع، وتسليم الخبز مطابقاً للمواصفات إلى مندوبى وزارة التموين فى التوقيتات التى يتفق عليها، على أن تكون وزارة التموين مسئولة عن تدبير خامات إنتاج الخبز الأساسية [ الدقيق الفاخر _ الملح الخشن _ الخميرة الطازجة والخميرة الجافة المستوردة _ السكر _ الوقود السولار _ البولى إيثيلين _ أقفاص الجريد ] باعتبارها وشركاتها التابعة المصدر الوحيد لهذه الخامات. وتتم المحاسبة النهائية على ما يتم إنتاجه على أساس التكلفة الإجمالية للرغيف الواحد، وذلك بعد استنـزال قيمة خامات الإنتاج الأساسية التى قامـت
وزارة التموين بتسليمها لكل مجمع. وقد تضمن الملحق [د] من العقد المذكور تحديد جميع عناصر التكلفة التفصيلية لرغيف الخبز، ومن بينها تكلفة مستلزمات التشغيل، باعتبارها مسئولية وزارة الدفاع، بواقع 0.053 مليم للرغيف [ 0.007 استهلاكات مياه _ 0.040 استهلاكات كهرباء _ 0.006 استهلاكات أدوات نظافة ].
وبناءً على ما قامت به وزارة الدفاع من حساب لتكلفة تشغيل رغيف الخبز، فى ضوء ما طرأ من تغيرات فى الأسعار، جرى إبرام عقود جديدة بين الطرفين لإدارة المجمعات سالفة الذكر، وإضافة بعض المجمعات الجديدة إليها، وقد تضمنت هذه العقود تغيير النظام الذى تتم المحاسبة على أساسه، بحيث أصبحت قيمة تكلفة تشغيل الرغيف المتفق عليها، هى المعول عليها فى إجراء المحاسبة مع وزارة الدفاع.
وفى هذا الإطار، ثار خلاف فى الرأى بين الطرفين حول من يتحمل منهما بقيمة استهلاك الكهرباء والمياه اللازمة لتشغيل المجمعات المشار إليها، ففى حين أفاد جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع بعدم مسئوليته عن سداد مقابل استهلاك الكهرباء والمياه، استناداً إلى عدم تضمين العقود الأخيرة المبرمة بينهما نصَّا صريحاً بتحديد من يتحمل بقيمة مستلزمات التشغيل، الأمر الذى تقتصر معه مسئولية الجهاز على إدارة وتشغيل هذه المجمعات، دون ما عداها من التزامات أخرى. ارتأت الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى أن التزام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بإدارة مجمعات إنتاج الخبز، نشأ بموجب العقد المبرم معه بتاريخ 22/10/1983، والذى تضمن فى الملحق [د] منه النص على مسئولية وزارة الدفاع عن سداد قيمة مستلزمات التشغيل، ومن بينها مقابل استهلاك الكهرباء والمياه، وأن العقود التالية للعقد سالف الذكر تعتبر مكملة له، باعتبار أنها وردت فى ذات الشأن. هذا فضلاً عن أن قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية لا تقتصر فقط على تشغيل المخابز المتعاقد عليها، إنما يستخدم الجانب الأكبر منها فى إعاشة وإقامة الضباط والجنود القائمين على إدارة وتشغيل تلك المخابز. وإزاء هذا الخلاف فى الرأى بين الطرفين، طلبتم عرض الموضوع على الجمعية العمومية.
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريــع بجلستها المعقودة بتاريخ 9 من مايو سنة 2007، الموافق 22 من ربيع الآخرسنة 1428هـ، فاستبان لها أن القانون المدنى ينص فى المادة ( 147 ) على أن ” 1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون. 2- 00000″، وينص فى المادة ( 148 ) على أن ” 1- يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام “، وينص فى المادة ( 150 ) على أن ” 1- إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين. 2- أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفى للألفاظ مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقاً للعرف الجارى فى المعاملات”.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم، وحسبما استقر عليه إفتاؤها، أن المشرع وضع أصلاً من أصول القانون ينطبق فى العقود المدنية والإدارية على حدٍ سواء، مقتضاه أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، وأن تنفيذه يجب أن يكون طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع مقتضيات حُسن النية. وأن التزامات كل طرف من أطراف العقد لا تقف عند حد ما حوته نصوص العقد من التزامات، بل تمتد إلى كل ما تستلزمه طبيعة موضوع العقد من التزامات، سواء جرى بها نص فى قانون أو عُرف معتبر به أو اقتضتها قواعد العدالة. وأنه فى مجال تفسير نصوص العقد، يتعين احترام عبارات العقد الواضحة والعمل بمقتضاها، فلا يجوز اتخاذ التفسير ذريعة للإنحراف عن ذلك. فإذا غم الأمر، وكان هناك محل لتفسير نصوص العقد، فإنه يتعين الوقوف على ما تلاقت عليه إرادة طرفى العقد الحقيقية دون التعويل فى ذلك على ظاهر النصـوص.
ويستهدى فى سبيل الوصول إلى هذه الإرادة بطبيعة التعامل محل العقد، وما تقتضيه الأمانة والثقة بين طرفيه، وفقاً لما تجرى به قواعد العُرف الذى يجرى على أساسه التعامل.
ولما كان ذلك، وكان البين من مطالعة العقد المؤرخ 22/10/1983، فيما بين كل من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع والشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى، أنه حدد التزامات كل من طرفيه فيما يتعلق بإنتاج الخبز فى المجمعات المشار إليها، والأساس الذى تجرى عليه المحاسبة فيما بينهما. فناط بالجهاز المذكور تنظيم جميع أعمال الإدارة والتشغيل لمراحل إنتاج الخبز داخل كل مجمع، وتسليم الخبز مطابقاً للمواصفات إلى مندوبى وزارة التموين، على أن تتم المحاسبة النهائية بالنسبة لما يتم إنتاجه من خبز طبقاً للتكلفة الإجمالية، بواقع 10 مليمات للرغيف الواحد، يتم استنـزال مبلغ 6.129 مليماً منها مقابل خامات الإنتاج الأساسية المحددة تفصيلاً فى العقد، والتى تقوم الشركة بتسليمها للجهاز، فى حين يحصل الجهاز على الباقى، مقابل ما يؤديه تنفيذاً للعقد بما فيه قيمة تكلفة مستلزمات التشغيل التى يتحمل بها، والمحددة تفصيلاً فى الملحق[د] من العقد، وهى عبارة عن [ 0.007 استهلاكات مياه _ 0.040 استهلاكات كهرباء _ 0.006 استهلاكات أدوات نظافة ]. ومن ثم يغدو الجهاز _ والحالة هذه _ هو المتحمل بقيمة استهلاك الكهرباء والمياه اللازمة لإنتاج الخبز بالمجمعات المنوط به إدارتها وتشغيلها، إعمالاً لصريح عبارات العقد آنف الذكر.
أما بالنسبة إلى العقود المبرمة بين الطرفين، فى تاريخ لاحق للعقد المشار إليه، وأولها العقد المبرم فى 24/6/ 1984 وآخرها العقد المبرم فى 7/5/1995، فإنه ولئن كانت هذه العقود وردت خلواً من نص مماثل فى وضوحه وصراحته لنص العقد المبرم بين الطرفين فى 22/10/1983 وذلك فيما يتعلق بتحديد من يتحمل قيمة استهلاك الكهرباء والمياه، إلا أن تلك العقود وقد حددت على سبيل الحصر خامات إنتاج الخبز الأساسية التى تتحمل بها الشركة المتعاقدة، وفى المقابل أوكلت إلى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية مهمة تنظيم جميع أعمال الإدارة والتشغيل، وفى ذات الوقت عدلت هذه العقود النظام الذى تتم المحاسبة على أساسه، بحيث أصبحت قيمة تكلفة تشغيل الرغيف فقط هى المعول عليها فى إجراء المحاسبة مع
الجهاز، فلم يعد يستنزل من هذه القيمة مقابل خامات الإنتاج الأساسية التى تقدمها الشركة، بحسبانها مسئولية الشركة طبقاً للعقد، ومن ثم تكون قيمة تكلفة تشغيل الرغيف المتفق عليها، والتى يحصل عليها الجهاز، شاملة جميع ما تستلزمه أعمال الإدارة والتشغيل لإنتاج الرغيف، بما فى ذلك مقابل استهلاك المياه والكهرباء، يؤيد ذلك أن قيمة تكلفة تشغيل الرغيف التى يتم المحاسبة على أساسها، طبقاً للعقد المؤرخ 24/6/1984، ومقدارها 6.881 مليماً، تم تحديدها بمعرفة الجهاز المشار إليه، وفى ضوء ما جرى من تعامل سابق بين الطرفين، والذى يقضى بالتزام الجهاز بمقابل استهلاك الكهرباء والمياه اللازم لتشغيل المجمعات المتعاقد عليها، وقد تم زيادة قيمة هذه التكلفة تباعاً فى معظم العقود اللاحقة بناءً على اتفاق الطرفين.
وبناءً عليه، يغدو جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع، هو المتحمل _ والحالة هذه _ بقيمة استهلاك الكهرباء والمياه عن المجمعات المنوط به إدارتها وتشغيلها فى الحالة المعروضة، وذلك إعمالاً لما تضمنته العقود المبرمة فيما بينه وبين الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى، ونزولاً على ما تقتضيه طبيعة التعامل محل العقد.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى تحمل جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع بقيمة استهلاك الكهرباء والمياه اللازمة لإدارة وتشغيل مجمعات إنتاج الخبز فى الحالة المعروضة، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
وتفضـلوا بقبول فائـق الاحتـرام،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشار/ نبيل ميرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
وسوم : مجلس الدولة