الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 32/ 2/ 3778
جلسة 7 من مارس 2007
السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة أسيوط
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم 7530 المؤرخ 12/ 9/ 2006 فى شأن النـزاع القائم بين الجامعة وبين الهيئة العامة للتأمين الصحي – فرع وسط الصعيد – بشأن امتناع الهيئة عن أداء مبلغ 111691.50 جنيهاً إلى جامعة أسيوط قيمة بعض المطالبات المتعلقة بالخدمات العلاجية المقدمة للمرضى المحالين من الهيئة إلى مستشفى جامعة أسيوط خلال الفترة من نوفمبر 2003م حتى يوليه 2005م 0
وحاصل واقعات النـزاع – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 1/ 7/ 2002م، تم الاتفاق بين جامعة أسيوط وبين الهيئة العامة للتأمين الصحي (فرع وسط الصعيد) على أن تقوم المستشفيات التابعة للجامعة بتقديم الخدمات العلاجية للمرضى المحالين إليها من الهيئة. وتم تعديل هذا الاتفاق بموجب الملحق المؤرخ 1/ 11/ 2002م. وبتاريخ 1/ 7/ 2004م أبرم عقد جديد بين الطرفين لذات الشأن، ولكن بعد تعديل بعض الشروط.
وإذ قامت مستشفيات الجامعة، تنفيذاً لتلك العقود، بتقديم بعض الخدمات الطبية للمرضى المحالين إليها من الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال الفترة من شهر نوفمبر/ 2003م حتى شهر يولية/ 2005م، فقد طالبت الهيئة بتكلفة تلك الخدمات، وأرفقت بالمطالبات التقارير الطبية الخاصة بها إلا أن الهيئة امتنعت عن أداء قيمة تلك المطالبات، بحجة مخالفتها لبنود التعاقد المبرم في هذا الشأن، لذلك طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 7 من مارس سنة 2007، الموافق 17 من صفر سنة 1428هـ، فاستبان لها أن المادة (147/ 1) من القانون المدني تنص على أن ” العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون “، وأن المادة (148) منه، تنص على أن ” 1 – يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2 – ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه. ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته، وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”، وتنص المادة (373) منه على أن ” ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه ”
واستبان للجمعية العمومية أيضا،من استعراض ملحق عقد الصفقة الشاملة المبرم بين مستشفيات جامعة أسيوط (طرف أول) والهيئة العامة للتأمين الصحي – فرع وسط وجنوب الصعيد _ (طرف ثان) بتاريخ 10/ 11/ 2002م، أن البند (3) منه، ينص على أن ” يلتزم الطرف الأول بتقديم العلاج الطبي اللازم طبقاً لحالة المريض والأصول الطبية المتعارف عليها 000000 “، وينص البند (5) على أن ” يقدم الطرف الأول في نهاية كل شهر للطرف الثاني بيان بالمستحق نظير الخدمات المنصوص عليها والمقدمة للمنتفعين ويقوم الطرف الثاني بعد المراجعة الفنية والمالية بسداد المستحق دون استقطاعات إلا بعد الرجوع إلى الطرف الأول “، وأن البند الخامس من العقد المبرم بين طرفي النزاع بتاريخ 1/ 7/ 2004م، ينص على أن ” تلتزم المستشفى بتقديم الخدمة الطبية المطلوبة في خطاب التحويل ولا يتم تغييرها إلا بموافقة الطرف الثاني (التأمين الصحي) ما عدا ما يستجد أثناء إجراء العمليات الجراحية فيكون للطبيب المعالج الحق في إجراء العملية الجراحية المناسبة لمصلحة المريض كضرورة طبية ويتم إخطار التأمين الصحي بعدها بذلك، (ما عدا جراحة العيون يتم إخطار الطـــرف
الثاني قبل أي تدخل مخالف لما ورد بخطاب التحويل) “، وينص فى البند السابع منه، على أن ” لا يتم تكليف أي منتفع محول من الطرف الثاني (التأمين الصحي) بشراء أي أدوية أو مستلزمات طبية عند تقديم الخدمة الطبية حيث أن المستشفى مسئولة عن توفير كل ما يحتاجه”، وينص البند الرابع عشر منه على أن “يتحمل الطرف الأول (الجامعة) وحده مسئولية الأخطاء الفنية كاملة التي تلحق بالمريض أثناء تنفيذ هذا العقد أو ما يترتب عليه من مضاعفات فنية بعد ذلك”، كما ينص البند الخامس عشر على أن ” يقوم الطرف الأول في نهاية كل شهر بصفة دورية منتظمة بإرسال المطالبات الشهرية شاملة أصل خطاب التحويل وفاتورة الحساب ومستندات الأدوية والمستلزمات وسداد تلك المطالبات الصحيحة ”
واستظهرت الجمعية العمومية مما ما تقدم – وعلى ما جرى به إفتاؤها – أنه بتلاقي إرادتي طرفي العقد يصبح مضمونه ملزماً لكل منهما، وهو ما يعبر عنه بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون. وأن تنفيذ العقد يجب أن يكون طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، كما استظهرت الجمعية العمومية أنه من الأمور المسلم بها سواءً في مجال العقود الإدارية أو المدنية أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد، فإذا استحال على المدين أن ينفذ التزاماته عيناً كان مسئولاً عن التعويض لعدم الوفاء بها، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ ترجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير 0
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت من الإطلاع على مطالبات العلاج – محل النزاع الماثل – المعدة بمعرفة مستشفيات جامعة أسيوط، والموجهة إلى الهيئة العامة للتأمين الصحي [فرع وسط الصعيد]، خلال الفترة من نوفمبر/ 2003م حتى يولية/ 2005م، أنها جاءت على قسمين: الأول: يتعلق بخدمات طبية أديت خلال الفترة من نوفمبر/ 2003م حتى يونية/ 2004م، ويحكمها ملحق العقد المبرم بين الطرفين بتاريخ 1/ 11/ 2002م. أما القسم الثاني: – فيتعلق بخدمات أديت خلال الفترة من يولية/ 2004م حتى يوليو/ 2005م، وهذه تخضع للعقد المبرم بين الطرفين بتاريخ 1/ 7/ 2004م 0
وينحصر النزاع بالنسبة للفترة الأولى في ثلاث مطالبات: الأولى: تتعلق بعلاج المريض/ شحاته عياد شحاته، حيث اعترضت الهيئة العامة للتأمين الصحي على أداء قيمة المطالبة المشار إليها، على سند من أن خطاب التحويل الموجه من الهيئة لإجراء جراحة بالساق اليسرى للمريض المذكور، كان بتاريخ 13/ 10/ 2003م، إلا أن المستشفى قامت بإجراء الجراحة بتاريخ 19/ 11/ 2003م، أي بعد مرور أكثر من شهر على توجيه خطاب التحويل. ولما كان ذلك، وكان البين من نصوص العقد المبرم بين طرفي النزاع بتاريخ 10/ 11/ 2002م – والذي تم تقديم الخدمة محل المطالبة المشار إليها وفقاً له – أنه قد جاء خلواً من ثمة حظر يتعلق بضرورة تقديم الخدمة الطبية المطلوبة بخطاب التحويل خلال مدة معينة من تاريخ توجيه الخطاب، ومن ثم فقد غدا ما تذرعت به الهيئة العامة للتأمين الصحي غير قائم على ما يسنده من نصوص العقد متعيناً الالتفات عنه. أما بالنسبة للمطالبتين الثانية والثالثة فى شأن علاج كل من: المريض/ محمود محمود عباس، والمريض/ محمد عصمت محمد، التى اعترضت الهيئة على سداد قيمتهما، على سند من أن المستشفى قامت بعلاج الحالات المذكورة بجرعات زائدة من مادة الألبومين عن الحد المتفق عليه بين الطرفين، وهو 8 زجاجات للحالة، فإنه أياً ما كان الرأي في مدى مشروعية تحديد مثل هذه الكميات بطريقة تحكمية، و بغض النظر عن حالة المريض الصحية في ضوء التزام الدولة الدستوري بكفالة خدمات التأمين الصحي للمواطنين، فإن نصوص العقد المبرم بين طرفي النزاع بتاريخ 10/ 11/ 2002م – والذي تم تقديم الخدمة محل هاتين المطالبتين وفقاً له _ جاء خلواً من ثمة حظر يتعلق بالحد الأقصى لكميات الألبومين التي يتسنى للمستشفى إعطاؤها للمرضى المحالين من الهيئة العامة للتأمين الصحي، ومن ثم فإن ما تذرعت به الهيئة في هذا الصدد، يضحى أيضا غير قائم على ما يسنده من نصوص العقد متعيناً الالتفات عنه. وتغدو الهيئة، والحال كذلك، ملتزمة بأن تؤدي إلى جامعة أسيوط قيمة المطالبات الثلاث آنفة البيان 0
ومن حيث إنه بالنسبة للقسم الثاني من المطالبات محل النزاع الماثل، والتي تتعلق بالخدمات الطبية التي أديت خلال الفترة من شهر يولية/ 2004م حتى شهر يولية/ 2005م فقد اعترضت الهيئة على أداء قيمتها، مستندة إلى عدة اعتراضات مجملها: أولاً – أن بعض هذه المطالبات متعلق بخدمات علاجية تم تقديمها دون الالتزام بالخدمة المطلوبة بخطاب التحويل الصادر من الهيئة، بالمخالفة
للبند الخامس من العقد السارى، سواءً ما تعلق منها بجراحات العيون أو الجراحات العامة وجراحة العظام والمسالك البولية، وكذلك حالات المرضى المصابين بأمراض الدم، والتي يتم إحالتها من الهيئة العامة للتأمين الصحى إلى مستشفى الجامعة لإعطائها صفائح دموية، فيتم إعطاؤها جرعات جاما جلوبين بالمخالفة لخطاب التحويل. ثانياً: قيام مستشفى الجامعة بإعطاء المرضى المحالين من التأمين الصحي جرعات زائدة من مادة الألبومين عن الحد المتفق عليه بين الطرفين 0
ومن حيث إنه بالنسبة للاعتراض الأول المبدى من الهيئة، فإن المستفاد من استعراض نص البند الخامس من العقد المؤرخ 1/ 7/ 2004م على النحو المشار إليه، أنه تضمن التزاماً على عاتق مستشفى جامعة أسيوط، مؤداه قيام المستشفى بتقديم الخدمة الطبية المبينة بخطاب التحويل دون غيرها،واستثنى من ذلك الحالات التي لا يجد الطبيب المعالج فيها بداً من التدخل بإجراء العملية المناسبة كضرورة طبية، ولو كانت مخالفة لما هو وارد بخطاب التحويل. ولما كان ذلك، وكانت المطالبات محل هذا الاعتراض متعلقة بعلاج حالات مرضية استدعت الضرورة الطبية التدخل بعلاجها على نحو مخالف لما هو وارد بخطاب التحويل (وذلك على النحو الثابت من التقارير الطبية المرفقة بهذه المطالبات والمعدة بمعرفة الأطباء المعالجين). وإذ تضمنت نصوص العقد ما يجيز ذلك في مثل هذه الحالات، فمن ثم يغدو هذا الاعتراض غير قائم على ما يسنده من نصوص العقد متعيناً الالتفات عنه. ولا ينال من ذلك الاستثناء الوارد في عجز البند الخامس المشار إليه، والمتعلق بجراحة العيون، والذي تلتزم بموجبه مستشفى جامعة أسيوط بأن تخطر الهيئة العامة للتأمين الصحي – في جميع الأحوال – قبل أي تدخل جراحي مخالف لما هو وارد بخطاب التحويل، وبغض النظر عما قد يستجد للطبيب المعالج من ضرورات أثناء إجراء العمليات الجراحية. إذ أن ما ورد بذلك الاستثناء لا يعدو أن يكون ضرباً من ضروب الإلزام بمستحيل، بما يتعذر إعماله، ويتعين الالتفات عنه عملاً بما تقضي به القاعدة الأصولية من أنه ” إذا تعذر إعمال الكلام يهمل “، فضلا عن أن الالتزام به قد يفضي إلى تحقق مسئولية الجامعة عما قد يلحق المريض من مضاعفات طبية على النحو الوارد بالبند الرابع عشر من العقد المشار إليه 0
ومن حيث إنه بالنسبة للاعتراض الثاني المتعلق بقيام مستشفى الجامعة بإعطاء المرضى المحالين من التأمين الصحي جرعات من مادة الألبومين زائدة عن الحد المتفق عليه بين الطرفين، فإن هذا الاعتراض مردود بما سبق بيانه فى شأن حالات القسم الأول المشار إليه بهذا الكتاب وبالتالى يغـدو
ما تذرعت به الهيئة في هذا الصدد فاقداً لصحيح سنده مما يتعين معه الزام الهيئة المذكورة بأداء قيمة تلك المطالبات إلى جامعة أسيوط 0
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى الزام الهيئة العامة للتأمين الصحى بأداء مبلغ 111691.50 جنيهاً إلى جامعة أسيوط، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة
وسوم : مجلس الدولة