بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
ملف رقم 32/ 2/ 3795
جلسة 7 من مارس 2007

السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء بورسعيد

تحية طيبة وبعد،،،،،،

فقد اطلعنا على كتابكم المؤرخ 12/ 11/ 2006 بشأن النـزاع القائم بين الهيئة العامة لميناء بورسعيد والجهاز القومى لتنظيم الاتصالات حول مدى تمتع الهيئة بالإعفاء من مقابل الترخيص المنصوص عليه فى المادة (53) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.
و حاصل الواقعات – حسبما يبين من الأوراق – أن الهيئة العامة لميناء بورسعيد طلبت من الجهاز القومى لتنظيم مرفق الاتصالات إعفاءها من المقابل المشار إليه، استناداً إلى أنها وفقاً للقانون الصادر بإنشائها رقم 88 لسنة 1980، وقرار رئيس الجمهورية رقم 565 لسنة 1980 بتنظيم وتحديد اختصاصاتها ومسئولياتها، تهدف إلى تنمية الاقتصاد القومى، وتقوم بإدارة ميناء بورسعيد وفقاً للخطة العامة للدولة، وأن هدفها الرئيسى ليس تحقيق الربح. بالإضافة إلى أنه تخصص لها اعتمادات مالية من الدولة، وأنه يعمل فى شأن ميزانيتها المستقلة بالقواعد المعمول بها فى ميزانيات الهيئات العامة، وتخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
وإذ ارتأى الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع قد وضعت معياراً للهيئات الخدمية بالدولة المنصوص عليها فى المادة (87) من قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه، مؤداه ألا يكون غرض الهيئة من وراء تقديم خدماتها تحقيق ربح ما، وهو مالا يتحقق فى الهيئة المذكورة، مما يوجب عليها أداء مقابل الترخيـــــص
المنصوص عليه فى المادة (53) من قانون تنظيم الاتصالات. لذلك طلبتم طرح هذا النـزاع على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
ونفيد أن الموضوع عـرض على الجمعية العمومية لقسمى الفـتوى والتـشريع بجلستها المعقودة بتاريخ 7 من مارس سنة 2007، الموافق 17 من صفر سنة 1428هـ، فاستبان لها أن قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003، ينص فى المادة (3) على أن ” تنشأ هيئة قومية لإدارة مرفق الاتصالات تسمى ” الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات” ويكون للجهاز الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص ويكون مقره الرئيسى محافظة القاهرة أو الجيزة. وله إنشاء فروع أخرى بجميع أنحاء جمهورية مصر العربية “، وينص فى المادة (4) على أن ” يهدف الجهاز إلى تنظيم مرفق الاتصالات وتطوير ونشر جميع خدماته على نحو يواكب أحدث وسائل التكنولوجيا ………….. وعلى الأخص ما يأتى: 1ـ ……….. 2 ـ …………… 3ـ ضمان الاستخدام الأمثل للطيف الترددى وتعظيم العائد منه طبقاً لأحكام هذا القانون …………”، وينص فى المادة (51) منه على أنه ” لا يجوز استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز، ويضع الجهاز الشروط والقواعد اللازمة لمنح هذا الترخيص، ولا تسرى أحكام هذه المادة على حيز الترددات المخصصة دولياً من الاتحاد الدولى للاتصالات لخدمات يقدمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وحدها دون غيرها من الخدمات الأخرى. كما لا تسرى على الشبكات القائمة التى يستخدمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى نقل وتوزيع البرامج الإذاعية والتليفزيونية الخاصة به”، وينص فى المادة (53) منه على أن ” يحدد الجهاز مقابل الترخيص باستخدام تردد أو حيز ترددات لخدمات الاتصالات اللاسلكية المختلفة ويعلن عن هذا المقابل، ويلتزم بأدائه جميــع
مستخدمى الطيف الترددى.ولا يسرى حكم الفقرة السابقة على حيزات الترددات المخصصة دولياً من الاتحاد الدولى للاتصالات لخدمات الإذاعة والتليفزيون دون غيرها من الخدمات الأخرى، كما لا يسرى على الشبكات القائمة بنقل وتوزيع برامج الإذاعة والتليفزيون الخاصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون “، كما ينص فى المادة (87) منه على أن “……….. لا تسرى أحكام المادة (59) من هذا القانون على اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمادتين (53،51) من هذا القانون على خدمات الإغاثة والطوارئ وغيرها من الخدمات التى تقدمها الهيئات الخدمية بالدولة”.
واستبان للجمعية العمومية أيضاً، أن القانون رقم 88 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة العامة لميناء بورسعيد، ينص فى المادة الأولى منه على أن ” تنشأ هيئة عامة تسمى [ الهيئة العامة لميناء بورسعيد] تتبع وزير النقل البحرى ويكون مركزها مدينة بورسعيد “، وينص فى المادة الثانية منه على أن ” تختص الهيئة العامة لميناء بورسعيد _ فى إطار الخطة العامة للدولة _ بإدارة ميناء بورسعيد وكفالة انتظام وحسن سير العمل فيه والارتفاع بمستواه إلى أقصى درجة من الكفاية بالنسبة إلى أوجه النشاط فيه، وذلك كله بغير إخلال بالأحكام الواردة بالقانون رقم 12 لسنة 1977 بإصدار نظام المنطقة الحرة لمدينة بورسعيد، ومع احتفاظ هيئة قناة السويس طبقاً لنظامها المقرر بالقانون رقم 30 لسنة 1975، بالنسبة إلى هذا الميناء، بالاختصاصات التالية: 000000، ويصدر بتنظيم الهيئة العامة لميناء بورسعيد وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس الجمهورية “. وتنفيذاً لذلك صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 565 لسنة 1980 بتنظيم وتحديد اختصاصات ومسئوليات الهيئة العامة لميناء بورسعيد، الذى ينص فى المادة الأولى على أن ” تختــص الهيئــة لمينـاء بورسعيد بإدارة ميناء بورسعيد وفقـــاً
للخطة العامة للدولة وطبقاً لأحكام القانون رقم 88 لسنة 1980 المشار إليه وذلك بما يكفل حسن سير العمل بالميناء وانتظامه والارتفاع بمستواه بالنسبة لكافة أوجه النشاط فيه ولها على الأخص:_ [أ] إنشاء وإدارة وصيانة أرصفة رسو السفن وتوسيع وتطهير وتعميق الميناء بالاتفاق مع مصلحة الموانى والمنائر وهيئة قناة السويس. [ب] إنشاء وإدارة واستغلال المخازن والمستودعات والمساحات فى دائرة الميناء ………… [ج] الإشراف على الصوامع بدائرة الميناء. [د] التنسيق مع وزارة الداخلية للقيام بأعمال الأمن والحراسة ومقاومة الحرائق بالميناء. [هـ] استغلال وصيانة الأراضى والطرق والمنشآت المملوكة للهيئة أو التى يعهد إليها بإدارتها واستغلالها. [و] اقتراح تعريفة الرسوم التى تحصل مقابل الخدمات التى تؤدى داخل الميناء عدا تلك التى تؤديها هيئة قناة السويس وشركاتها. [ز] إنشاء الشركات التى تخدم أغراضها والاشتراك فى ملكيتها “، وينص فى المادة السادسة منه على أن ” تتكون موارد الهيئة مما يلى: [أ] الاعتمادات التى تخصصها الدولة للهيئة. [ب] الايرادات الناتجة عن نشاط الهيئة والأموال المملوكة لها. [ج] القروض التى تعقد لمصلحة الهيئة. [د] ما تحصله الهيئة من رسوم مقابل خدماتها طبقاً لأحكام القوانين السارية.[هـ] ما يؤول إلى الهيئة من صافى أرباح الشركات التابعة لها “، وينص فى المادة السابعة منه على أن ” تكون للهيئة ميزانية مستقلة تتبع فى شأنها القواعد المعمول بها فى ميزانيات الهيئات العامة وذلك مع عدم الإخلال برقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على ميزانية الهيئة، وتبدأ السنة المالية مع بداية السنة المالية للدولة ……. ”
واستظهرت الجمعية العمومية من ذلك، أن المشرع بموجب قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003، أنشأ هيئة عامة لإدارة مرفق الاتصالات، أطلق عليها
اسم [الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات]، وجعل من بين اختصاصاتها تنظيم وإدارة جميع الشئون المتعلقة باستخدام الطيف الترددى، بغية تحقيق أفضل استخدام لهذا المورد الطبيعى المحدود، وتعظيم العائد منه، وإدخال خدمات الاتصالات اللاسلكية الحديثة. وحظر المشرع استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز المذكور، وفقاً لما يضعه من قواعد وشروط وما يرسمه من إجراءات، نظير مقابل يحدده. واستثنى المشرع من شرط الحصول على هذا الترخيص، ومن أداء المقابل المحدد له خدمات الإغاثة والطوارئ، كالإسعاف والنجدة والدفاع المدنى والحريق، وغيرها من الخدمات التى تقدمها الهيئات الخدمية بالدولة.
ولاحظت الجمعية العمومية، مما سبق، أن مقطع الرأى فى النـزاع المعروض يتمثل فى تحديد الطبيعة القانونية للهيئة العامة لميناء بورسعيد، وما إذا كانت تندرج فى عداد الهيئات الخدمية بالدولة، فيسرى عليها الاستثناء الوارد بنص المادة (87) من قانون الاتصالات المشار إليه، ومن ثم تعفى من أداء المقابل المنصوص عليه بالمادة (53) من القانون ذاته أم أنها ليست كذلك فتخرج عن نطاق سريان الاستثناء.
ولما كان ذلك، وكان الثابت من استعراض أحكام القانون رقم 88 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة العامة لميناء بورسعيد، وقرار رئيس الجمهورية رقم 565 لسنة 1980 بتنظيم اختصاصاتها، آنفى البيان، أن الهيئة العامة لميناء بورسعيد تهدف فى إطار الخطة العامة للدولة إلى حسن سير العمل بالميناء، والارتقاء بمستواه فى جميع أوجه النشاط الخاصة به، وعلى الأخص إنشاء وإدارة وصيانة الأرصفة، وتوسيع وتطهير وتعميق الميناء بالاشتراك مع مصلحة الموانى والمنائر وهيئة قناة السويس،وإنشاء وإدارة واستغلال المخازن والمستودعات والمساحات داخل الميناء، والإشراف على الصوامع بدائرة الميناء، وذلك كله محض خدمات عامة تضطلع بها الهيئة المذكورة، دون أن تهدف فى الأصل من وراء ذلك إلى تحقيق الربح. ومن ثم فإنها لا تعدو أن تكون هيئة خدمية من هيئات الدولة. يؤكد هذه الطبيعة أن من بين موارد الهيئة الاعتمادات التى تخصصها الدولة لها لتحقيق أغراضها، وأنه يتبع فى شأن موازنتها القواعد المعمول بها فى موازنات الهيئات العامة.
وبناء عليه، فإن الاستثناء المنصوص عليه فى المادة (87) من قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه، يسرى على الهيئة المذكورة، وبالتالى فإنها تعفى من أداء المقابل المنصوص عليه فى المادة (53) من القانون، مما ينتفى معه سند مطالبة الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات لها بهذا المقابل.
ولا ينال من ذلك كون أحد موارد الهيئة، ما تحصله من رسوم مقابل الخدمات التى تقدمها، طبقاً لأحكام القوانين السارية، وما يؤول إلى الهيئة من صافى أرباح الشركات التى تنشئها أو تشارك فى ملكيتها بما يخدم أغراضها. إذ أن ذلك ليس من شأنه أن يغير من الطبيعة القانونية للهيئة كهيئة خدمية، هذا فضلاً عن أنه ليس من المحظور قانوناً على الهيئات الخدمية بالدولة أن تحقق بعض الموارد التى تعينها أو تعين الدولة على الوفاء بالتزاماتها، طالما كان هناك مسوغ قانونى صحيح يرخص لها بذلك، وكان هدفها الأساسى إدارة مرق عام والاضطلاع بالخدمة العامة المنوطة بها، وليس تحقيق الربح.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى تمتع الهيئة العامة لميناء بورسعيد بالإعفاء من أداء المقابل المنصوص عليه فى المادة (53) من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،

رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / نبيل مرهم
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة