الخط الساخن : 01118881009
أقام المدعي دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعي عليهم جميعا متضامنين فيما بينهم بأن يؤدوا مبلغ وقدره 500,000 جنيه خمسمائة ألف جنيه مصري لا غير تعويضا له عن الأضرار المادية والأدبية والمعنوية التي اصابته على سند من القول ان المقالات المنشورة بجريدة الوطن بتاريخ 2012/12/26 بالصفحة الاولي والثانية عشر بالعدد 241 والمقال المنشور بتاريخ 2013/1/2 بالعدد رقم 248 صـ 15 مكذوبة .
… لعل من السوءات العظيمة للنظام السابق حرصه الشديد على وأد حرية الرأي والتعبير تلك الحرية التي تعد وبحق المدخل الرئيسي للكثير من الحريات ليس هذا فقط بل صارت الكلمة اتهاما والرأي جريمة تؤدي
بصاحبه إلى ساحات المحاكم ليقف متهما في جريمة رأي يواجه حكما بالحبس حينا وحكم بالغرامة في غير قليل من الأحيان وقد شهدت ساحات المحاكم الجنائية في العقود السابقة الكثير والكثير من القضايا كان المتهمون فيها تهمتهم الوحيدة أنهم عبروا بقلمهم الحر عن أرائهم في بلد كان يساق فيه صاحب الرأي إلى قفص الاتهام في الوقت الذي كان فيه سارق قوت الشعب من ذوي السلطان ينعمون بالحرية ويطيب لهم المقام وهم كانوا أصحاب المقام الرفيع في هذا البلد .
قد يكون ما تقدم بعيد الصلة عن دعوانا … لكننا آثرنا ذكره لبيان ما كانت تعيش مصر فيه قبل يناير وطموحنا المشروع أن تنعم مصر بالحرية المستحقة لشعبها العظيم بكافة طوائفه .. أما دعوانا فحديثنا فيها هو حديث القانون ..
أسس المدعي دعواه على سند من القول أنه فوجئ بتاريخ 2012/12/26 بالصفحة الاولي والثانية عشر بالعدد 241 والمقال المنشور بتاريخ 2013/1/2 بالعدد رقم 248 صـ 15 بجريدة الوطن مقالا مكذوبا تحت اسم ( عبد الخالق فاروق يكشف فساد القومي لحقوق الانسان ) وعنوان داخلي ( الوطن تنشر مذكرة الفساد داخل القومي لحقوق الانسان )وعناوين داخل المقال ( المشروعات الممولة من الجهات الاجنبية دولة داخل دولة ولا تخضع للرقابة )وعنوان اخر ( عندما طلبنا بكشف الاجور والمرتبات والمكافأت المصروفه حصلنا على بيانات غير كاملة )وبالخبر جدول بمرتبات الباحثين في المجلي من ضمنها راتب المدعي في اخر الجدول .
اما بعدد 2 يناير 2013 فقد تم نشر خبر تحت عنوان ( عضو المجلس المستقيل يرد على زملائه بعد رسالته للوطن لم اتقاضى أموالا دون وجه حق ) وعنوان اخر ( فاروق يكشف رواتب ومكافأت اعضاء المجلس القومي لحقوق الانسان )وعنوان اخر ( لم أتعمد تشويه المجلس ولكني أريد تقويم الخلل وهناك حالة تعتيم على انتهاك حقوق المواطنيين ) .
ورأى المدعي أن العبارات الواردة هي كذب وافتراء لان ما نشر عن مكافأت ورواتب مقررة بما لا تخالف القانون وهو في الحقيقة اكد صحة الواقعة والارقام , وانتهى المدعي إلى أنه قد أصابته أضرار أدبية ونفسية من جراء قيام المدعي عليهم جميعا بنشر تلك المقالات الكاذبة على حد وصفه .
وهديا على ما تقدم يكون الأساس الذي قامت عليه دعوى المدعي هو الحاق الأضرار بالمدعي وهي مادية وأدبية ( وكان الفصل في الدعوى على هذا النحو يقتضي من محكمة الموضوع أن تتناول بالبحث والتمحيص الأخبار التي رفعت الدعوى بسببها لبيان ما إذا كانت عباراته وألفاظه قد التزمت الضوابط المنظمة لحق النقد ، وأن يكون النقد في إطار
المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة واعتبارما إذا كانت قوة العبارة قد اقتضتها ضرورة تجلية قصد الناقد ، وأن رائدها المصلحة العامة ، ولم يكن الغرض منها الطعن والتجريح ، وهي الأمور الواجب استظهارها لإثبات أو نفي عناصر المسئولية التقصيرية محل الدعوى ).
… وتطبيقا لما تقدم يكون لزاما على الدفاع أن يبين فحوى الاخبار موضوع الدعوى من حيث الوقائع الواردة به من حيث الصحة أو الخطأ وهنا قد أكد المدعي صحة المعلومات بالاخبار .
المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والواجبات العامة واعتبارما إذا كانت قوة العبارة قد اقتضتها ضرورة تجلية قصد الناقد ، وأن رائدها المصلحة العامة ، ولم يكن الغرض منها الطعن والتجريح ، وهي الأمور الواجب استظهارها لإثبات أو نفي عناصر المسئولية التقصيرية محل الدعوى ).
… وتطبيقا لما تقدم يكون لزاما على الدفاع أن يبين فحوى الاخبار موضوع الدعوى من حيث الوقائع الواردة به من حيث الصحة أو الخطأ وهنا قد أكد المدعي صحة المعلومات بالاخبار .
… هذه هي الوقائع التي تضمنها المقالان وجميعها وقائع صحيحة دون الدخول في التفاصيل وبعيدا عن الإيحاءات التي تضمنتها عريضة الدعوى ومحاولة تصوير المدعي عليهم على أنه يعرض بالمدعي ويعرض مستقبله للخطر وانه تم تشويه مع ان لم يقم غيره برفع دعوى مع ان المقالان كان يتحدث عن اشخاص اخرين والمدعي ذكر ضمن قائمة في واقعة صحيحة ولم ينفيها بل اكد على صحة ما ذكر ولكن هو فقط أراد صرف النظر عن حقيقة الواقعة التي نحن بصددها ولم يقدم المدعي ما يفيد عدم صحة هذه الوقائع التي تضمنها البيان بل اكدها في صحيفة دعواه .
تنص المادة 47 من الدستور الملغي على أن “حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة الوطن”.
وقد جاءت نصوص الإعلان الدستوري متناسقة مع نص الدستور الملغي فتضمن نص المادة 12 ( تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ، وحرية الرأي مكفولة , ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون , والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني .)
وكذلك جاء نص المادة 13 من الإعلان الدستوري ( حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة, والرقابة على الصحف محظورة, وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور , ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى , وذلك كله وفقا للقانون.)
حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.
حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئى والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية, عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على .
… فتزايد الاهتمام بالشئون العامة وعرض بالآراء المتصلة بأوضاعها وانتقاد أعمال القائمين عليها هو أمر تشمله الحماية الدستورية تغليبا لحقيقة أن الشئون العامة وقواعد تنظيمها وطريقة إدارتها ووسائل النهوض بها وثيق الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة حتى ولو أدى ذلك إلي انتقاد القائمين عليها انتقادا مريرا.
… فان هذا النقد من خلال الصحافة يظل يتمتع بالحماية التي تكفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها.
وحرية الصحافة بوصفها وجها لحرية التعبير تتضمن عنصرين أو هما حرية نشر الأخبار والأنباء وثانيهما حريتها في إبداء الرأي على الوقائع موضوع الأنباء أو الأخبار ومن صور هذا العنصر الثاني لحرية الصحافة حق النقد أو ما يطلق عليه النقد المباح.
وقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أنه ““لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة”.
فهذه المادة تقرر قاعدة أصولية والقصد هو أحد الحقوق المقررة التي تسرى أحكام قانون العقوبات على الأفعال المرتكبة حين ممارستها من سب أو قذف أو ذهانة أو تحريض فحرية الرأي حق مقرر في الدستور في المادة 47 منه وما يقابلها من الإعلان الدستوري المواد 12 ، 13 واخيرا المادة 65 ,70 من دستور 2014 وعلى هذا فالنقد سبب للإباحة من شأنه أن يبيح إذا توافرت شرائطه بعض الجرائم القولية تقديرا لمصلحة عليا أولى بالرعاية من المصلحة الخاصة.
الإجابة على هذا السؤال تقتضي منا التعرض إلى تفاصيل الموضوع وهو استقالة الدكتور / عبد الخالق فاروق المدعي عليه الرابع من المجلس القومي لحقوق الانسان وهو من الاقتصاديين البارزين المعروفين
ونقده لما ألة اليه المجلس من عشوئية في الإدارة والمصاريف الباهظة التي تصرف وأخيرا استقالة الأستاذ / نجاد البرعي المحامي الشهير لنفس السبب لذلك فتصرف المدعي عليه الرابع من انتقاده للمجلس وادارته ونحن في بلد فقيرة لا يجد فيه الفقير لقمة العيش مع انتشار بطالة ووجود كساد اقتصادي نجد ان من الصالح العام ان يتم النشر لوجود مصلحة عليا وان ذلك كان من خلال وعاء النقد المباح .
ولعل ما حدث قبل وأثناء وبعد ثورة مصر يناير لهو خير دليل على أهمية حرية الرأي والتعبير بالنسبة لأي مجتمع يتطلع للنهوض وبالتالي يظل دوما الحديث عن حرية الرأي والتعبير يمثل مصلحة عليا للوطن بأكمله .
أن الدستور بكفالته في المادة 65 ,70 من حرية التعبير عن الرأي وعنايته بإبراز الحق في النقد الذاتي والنقد البناء باعتبارهما ضمانا لسلامة البناء الوطني وليس بعيب أن يلجأ الناقد إلي السخرية والعبارات القاسية أو العنيفة طالما انه قد توخى فيما يعبر عنه تحقيق الصالح العام وليس مجرد التشفى والتشهير أو الانتقام.
(1) واقعة ثابتة (وعاء النقد)
(2) ذات أهمية جماهيرية عامة
(3) الرأي الملائم أو التعليق النزيه
(4) ملاءمة التعليق أو الرأي للواقعة وتناسبه معه
(5) حسن النية.
(1) واقعة ثابتة:-
والمقصود بذلك وجود موضوع مسلم به يرد عليه النقد إذ من المتعين أن يكون وعاء النقد أو موضوعه ثابتا غير مذكور حتى يكون محلا للرأي والتعليق.
وهذا يقتضى أن يكون الناقد حسن النية لديه الدليل على صحة الواقعة ولكن ليس بذى بال بعد ذلك أن تثبت صحة الواقعة على وجه التحقيق إنما يعوض الناقد عن ذلك بحسن نيته وهو أنه يعتقد صحة الواقعة وأن يكون اعتقاد قائما على أسباب معقولة.
وهو ذات الحل الذي أخذ به القانون الانجليزي للقذف في سنة 1952 في المادة السادسة منه حينما اعتبرت هذه المادة أن دعاوى القذف الكتاب أو الشفوي يمكن دفعها بحق النقد النزيه ولو لم يستطع الناقد أثبات كل الوقائع المسندة.
وثبوت الواقعة قد يكون مستفادا من ذيوعها وعندئذ يكون الحق في نقدها مباحا لوروده على ما أعلن للجمهور بالفعل وبات في حوزته من وقائع وأحداث إذ أن الواقعة متى أصبحت ذائعة مشهورة ومعلومة وكانت متعلقة بمصلحة عامة أو شأن عام وسقطت في حوزة الجماهير كان عليهم تدارسها وتقليمها على جميع وجوهها لاختبار الأنسب فيها.
وبتطبيق ذلك نجد أن موضوع اموال المجلس القومي لحقوق الانسان ذات اهمية للمواطنين غير ان عمله مؤثر في المجتمع وهو ما يعنى توافر الركن الأول من أركان النقد المباح. .
… ونريد هنا أن نلفت النظر إلى أن حق النقد حق عام يمارس في مواجهته جميع الناس سواء كانوا من عمال السلطة أم ليسوا كذلك ما دامت قد توافرت شرائطه.
– ولكن الواقعة بالنسبة إلى الفاعل لا تنحصر في كونها ثابته أو غير ثابته فحسب فقد تكون واقعة كاذبة ولكن ثبت اعتقاد الجاني في صحتها أو لم يثبت صحتها ولم يثبت كذبها ولكن الجاني يعتقد في صحتها عندئذ تجوز تبرئة المتهم على أساس أن حسن النية إذا توافرت شروطها مما يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائي….. وبشرط أن يكون هذا الاعتقاد قائما على أسباب مقبولة وهذه مسألة موضوعية يقدرها قاضى الموضوع غير خاضع لرقابة محكمة النقض فيما عدا ما يتصل بتسبيبها.
وهذا الشرط هو الذي نستبدل به حق النقد في الوظيفة العامة وشاغلها لأن إباحة القذف في حق الموظف العام شرع بسبب ما للوظيفة من أهمية الناس ولكن ليس ميدان الوظيفة وحده هو ما يهم الناس فكثير من الميادين يتصل اتصالا وثيقا وحيويا بحياة الناس ولا يتعلق بالوظيفة العامة ومن ثم يباح النقد بشأنه ولو لم يتعلق بالوظيفة العامة أن شاغرها فنقد المرشح فى الانتخابات وتناول حتى حياته الخاصة بالنقد لاستنارة جمهور الناخبين لوقوفهم على حقيقة أمر من يمثلهم تتحقق به الأهمية الاجتماعية اللازمة لقيام حق النقد وأباحته.
والواقعة التي تهم الجماهير لا شك تتصل بالصالح العام وكل ما يهم الصالح العام ذا أهمية للجماهير ولذلك لا يقتصر ما يهم الجماهير على نشاط الموظفين العموميين ومن في حكمهم بل كذلك أصحاب الحرف والمهن الأخرى وذلك بحكم حاجة الجمهور إلى أنشطة هؤلاء يعرضون نشاطهم على الجمهور لسد هذه الحاجة ومن ثم يخضع نشاطهم للنقد لصالح الجماهير.
وبالرجوع إلي موضوع دعوانا نجد أننا نتحدث عن أهم الحريات الأساسية للإنسان وهي حرية الرأي والتعبير بلا تشدد أو تعصب أو استعداء وهو بهذا الوصف يمثل واقعة تهم جميع المواطنين في هذا البلد فتكون متصلة بالصالح العام.
الرأي أو التعليق هو جوهر النقد وهو الإضافة التي جاءت بها قريحة الناقد وحرية الناقد حينئذ طليقة من أي قيد طالما توافرت سائر الشروط الأخرى فلا رقابة عليه فيما يبدى من أراء وسلطة القضاء على هذه الآراء أو هذا التعليق لا تصل إلى حد تحريمه رأى أو العقاب على تعليق .
والرأي أن النقد هو المقصود بقول الكتاب أنه إذ أبدى بحسن نية في مصلحة عامة ليس وجها للإعفاء من المسئولية فحسب وأنما هو حق لكل فرد يمارسه مهما كانت قسوة العبارة التي استعملها في نقده وبناء
على ما تقدم يستطيع الناقد وهو يعلق على تصرف شخص أو سلوكه أو نشاطه أو حتى خلقه إذا كان أمرا لازما للتعليق على الواقعة موضوع النقد مهما كانت قسوة العبارة المستخدمة في النقد وبذلك حكم بأنه متى كان الحكم متضمنا ما يفيد أن المتهم كان فيما نسبه إلى المجنى عليه في الحدود المرسومة في القانون للنقد المباح فلا يقدم في صحته أن كانت العبارات التي استعملها المتهم مرة قاسية)
ويبين جليا من كافة العبارات السابقة قد جاءت بالنقد والتحليل من جوانب عدة لمواقف بعينها ومستشهدة بوقائع وأن كلمات البيان جاءت متسقة مع المضمون الذي يريده محرره دونما التعرض للحياة الخاصة للمدعي أو إسناد وقائع كاذبة وقد ابتغت المصلحة العامة من وراء ذلك .
ويبين مما تقدم أن ممارسة النقد إذا ما توافرت شرائطه يكون مباحا مهما كانت العبارات التى تمت صياغته فيها حتى لو كانت قذفا أو سبا أو إهانة.
… وقد علق جون استيورت ميل على ذلك بقوله “ليكن من المعلوم لدى الجميع أنه إذا سكت رأي فقد أخفيت حقيقته وأن الرأي الخطأ قد يحوى بذور الصواب ومن الجائز أن يؤدى إليها كاملة وأن الرأي الصواب كثيرا ما تسئ الجماهير الظن به وأن الآراء ما لم تعارض من الأخرين بين حين وآخر فأنها تفقد حيويتها وتأثيرها على سلوك الناس”.
…
أما فيما يتعلق بالتفسير فأنه لكى يكون التفسير موضوعيا فلا عبره برأي المدعي وما يثار في نفسه من مشاعر أثر سماعه لفظا أو قراءته عبارة خاصة به وإنما العبرة بالشخص العادي في مثل البيئة التي حدث فيها القول بما تشمله من أعراف وتقاليد وظروف وأوضاع فالعبرة بالقول كله أو المقال في مجموعه دفعه واحدة فلا يصح تجزئه المقال أو الرسم واعتبار جزء منه ماس بأحد مع صرف النظر عن باقيه وأنما العبرة به ككل.
… لكى تكون للرأي شرعية لابد أن يكون متصلا بالواقعة التي يستند إليها ويؤسس عليها وإلا ينفصل عنها حتى يكون في ملازمته إياها وصحبته لها ما يعين القارئ لتكون الواقعة منه بمثابة الأسباب من الحكم تشهد بصحته أو خطئه وبقصده أو شططه.
وفى ضوء هذه القواعد يكون الرأي أو التعليق حين يرد على موضوع قابل له يكون واسع الحدود – حيث يكون الرأي نقدا مباحا ويظل على براءته ولو كان في ذاته خاطئا من وجهة نظر الغير وتزاد الإباحة على هذه الآراء أيا كان وجه الرأي في تقديرها طالما كان مخلصا نزيها لم يستهدف به صاحبه إساءة أو تشهير بل قصد الخير والمصلحة العامة.
وبتطبيق ما تقدم نجد أنه ينطبق على واقعات الخبر فالهدف الأسمى من الخبر وغايته هو الاصلاح والسعي الي كشف المعلومات لمتخذي القرار وقبل ذلك المواطنين فهم اصل السلطة واصل الثروة .
وهو الشرط المنصوص عليه في المادة 60 عقوبات التي أباحت الجرائم إذا وقعت استعمالا لحق (بنية سليمة” فضلا خصته المادة 302/2 عقوبات بالذكر عندما عبرت عنه بسلامة النية.
ويشترط لقيام حق النقد توافر حسن النية بمعنى أن يتوافر فى الناقد أمران:-
1- توخى النفع العام فيما يبديه من آراء
2- اعتقاده فى صحة ما يبديه من آراء
… ولقد أبانت تعليقات الحقانية على المادة 302 عقوبات على شرط حسن النية فقالت “أن شرط حسن النية هو مسألة من المسائل المتعلقة بالوقائع ولا يمكن أن تقرر لها قاعدة ثابتة ولكن على الأقل يلزم أن يكون موجه الانتقاد معتقد في ضميره صحته حتى يمكن أن يعد صادرا عن سلامة نيه وأن يكون قدر الأمور التي نسبها…… تقديرا كافيا وأن يكون انتقاده للمصلحة العامة لا يسوء قصده”.
…. ومفاد هذا التعليق أن حسن النية يفترض اعتقاد القاذف أن الوقائع التي يسندها إلى المجنى عليه صحيحة وأن هذا الاعتقاد كان وليد تحرز وتقدير كافة الأمور ويفترض حسن النية أخيرا أن إسناد هذه الوقائع إلى المجنى عليه كان يهدف تحقيق مصلحة عامة لا مجرد الإضرار بالمجنى عليه.
…. وعلة شرط توخى النفع العام هو انحسار النقد عن الأمور الخاصة التي لا يهم الرأي العام بذل اهتمامه في متابعتها وعدم جدوى الخوض فيها وعدم الفائدة من متابعتها لأن حق النقد مشرع من أجل صالح الجماعة.
وحكم بأنه إذا توافر حسن النية فى جريمة قذف الموظفين وكان موجه النقد يعتقد صحته وأنه يقصد به إلى المصلحة العامة لا إلى شفاء الضغائن والأحقاد الشخصية فغلا عقاب.
حق النقد تيسيرا للحياة العامة ورعاية لما أودعه الله في خلقه من عقل ولسان وقلب ووجدان….. فنراها محكمة النقض نقض في سنة 1924 بتبرئة صحفي أدانته المحكمة – محكمة جنايات القاهرة – لنشره مقالا نسب فيه إلى الأغلبية البرلمانية أنها تعبد الحكومة ولا تحب الوطن وعبيد
لشهواتهم وأنهم جائعين منحطين وأن، وظيفتهم هي التهام الوطن وحب المال ومن السهل استرضاؤهم وغير مخلصين فى خدمة وطنهم إلى جانب ما نسبه الصحفي اليهم من الكذب والجبن وعدم الفهم وقصر النظر.
وقد أسست المحكمة العليا قضاؤها بتبرئة الصحافي على أساس انتفاء القصد الجنائي الذي يجب أن تبحثه المحكمة لبحث ما إذا كان كاتب المقال يبغى بقوله منفعه البلاد أم مجرد الإضرار بالأشخاص المطعون عليهم.
وبتطبيق ذلك على واقعات دعوانا نجد أن كل العبارات التي تضمنها الخبر لم تتناول من قريب أو بعيد أي
أمور شخصية خاصة بالمدعي فضلا عن أن مبتغاها الوحيد هو إعلاء قيمة حرية الرأي والتعبير باعتبارها أحد الحريات الأساسية التي لا يجوز أن يساق صاحبها بسببها إلى قفص الاتهام وهذا يرجع في المقام الأول لدور المدعي عليه الرابع باعتبارهخبير اقتصادي مشهود له بالكفاءة والوطنية وهو ما ينأى به دوما عن مظنة سوء النية لأن رسالته معروفة ومعلنة ومواقفها واحدة وثابتة لا يحيد عنها .
اولا:- جحد كافة الصورالضوئية المقدمة من دفاع المدعي.
ثانيا:- رفض الدعوي.
ندب خبير فني في الدعوى لمعرفة للانتقال الى المجلس القومي للاطلاع على اصل الاستقالة المسببة للمدعي عليه الرابع المقدمة الى رئيس المجلس القومي المؤرخة 2012/12/9 وايضا الاطلاع على كشف المكافأت في فترة وجود المدعي عليه الرابع في المجلس القومي لحقوق الانسان والاطلاع ايضا على ميزانية المشاريع الممولة من جهات اجنبية واوجه الصرف للتأكد على صحة الاخبار والمعلومات التي تداولت في الخبر وحتى تكون المحكمة قد كونت عقيدتها من خبير مختص.