الخط الساخن : 01118881009
مــذكـــرة بدفـــاع
السيد / مصطفى عبد السميع محمد عبيدو (طاعن)
ضد
السيد / رئيس الجمهورية بصفته وأخرين ( مطعون ضدهم)
فى الطعن رقم 25734 لسنة 68 ق
المحجوز للحكم جلسة 27/7/2016
مع التصريح بايداع مذكرات فى اسبوعين
الوقائع
أقام الطاعن الدعوى الماثلة ضد المعلن اليهم بصفتهم طالبا الحكم :-
أولا : بقبول الطعن شكلا
ثانيا: وبصفة مستعجلة:-
بوقف تنفيذ القرار السلبي للمجلس القومى للأجور بالامتناع عن وضع حد أدنى للأجور ، وعدم وضع الوسائل و التدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وكذلك وقف تنفيذ القرار السلبى الصادر من المجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن وضع حد أدنى لأجور الصحفيين وكذلك وقف تنفيذ القرار السلبى للمجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن إصدار القرارات المنظمة لكيفية توزيع الأرباح على العاملين فى الصحف القومية ومنها العاملين فى جريدة الجمهورية التابعة لمؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ومنهم الطالب
ثالثا: وفى الموضوع :-
بالغاء القرار السلبي للمجلس القومى للأجور بالامتناع عن وضع حد أدنى للأجور ، وعدم وضع الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار مع ما يترتب على ذلك من أثار ، وكذلك وقف إلغاء القرار السلبى الصادر من المجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن وضع حد أدنى لأجور الصحفيين مع ما يترتب على ذلك من أثار وكذلك الغاء القرار السلبى للمجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن إصدار القرارات المنظمة لكيفية توزيع الأرباح على العاملين فى الصحف القومية ومنها العاملين فى جريدة الجمهورية التابعة لمؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ومنهم الطالب .. مع الزام جهة الادارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة …………
الــدفــاع
أولا :- فى توافر القرار الادارى السلبى فى القرار المطعون عليه :-
لما كان من المستقر عليه فى تعريف القرار الادارى بأنه :
( إفصاح الادارة عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا ، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة)
(يراجع حكم المحكمة الادارية العليا فى 12من فبراير سنة 1966- مجموعة السنة الحادية عشرة ص 435، القضية رقم 1042لسنة9ق)
(المصدر: كتاب تدرج القرارات الادارية ومبدأ الشرعية – د . ثروت بدوى )
وفى تعريف أخر قضت :
(إفصاح من جانب الادارة العامة يصدر صراحة أو ضمنا ……..فى أثناء قيامها بأداء وظائفها المقررة لها قانونا فى حدود المجال الادارى ، ويقصد منه إحداث أثر قانونى ويتخذ صفة تنفيذية )
( قضية 1 لسنة 1ق 19/3/1947–مجموعة محمود عاصم – المجموعة الأولى “نوفمبر 1946- يونيو1948″ص 34)
وفى تعريف ثالث
(هو عمل قانوني يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة يحدث مركزاً قانونياً جديداً أو يؤثر فى مركز قانوني سابق وقد عرفه العميد ليون دوجي بأنه هو كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الاوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة ، وعرفه العميد بونار بأنه هو كل عمل إداري يحدث تغييرا في الاوضاع القانونية القائمة.)
( المستشار حمدي يس عكاشة – القرار الاداري في قضاء مجلس الدولة – س1987 – ص 170)
وقد استقر قضاء مجلس الدولة أيضا على تعريف القضاء الاداري بأنه :
(إفصاح عن الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين .)
(حكم محكمة القضاء الاداري فى الدعوى رقم 1لسنة 1ق – جلسة 1947)
(حكم محكمة القضاء الاداري فى الدعوى رقم 263لسنة 1ق– جلسة 7/1/1948 – س 2- ص 222)
(المحكمة الادارية العليا – الطعن رقم 674لسنة 12ق – جلسة 2/9/1967 – س 12- ص 1236)
وفي ضوء ذلك قضت المحكمة الادارية العليا
(أن القرار الاداري النهائي الذي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة القضاء هو القرار الذي يستكمل مقومات القرار الاداري بمفهومه الذي أستقرت عليه أحكام المحكمة الادارية العليا الذي يصدر إفصاحا من جهة الادارة في الشكل الذي يحدده القانون عن ارادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً. مستهدفاً تحقيق المصلحة العامة. ومن ثم فإن نت أركان القرار الاداري أن يكون له محلوهو المركز القانوني الذي تتجه إرادة مصدر القرار إلىإحداثه.والاثر القانوني الذي يترتب عليه يقوم مباشرة وفي الحال وهذا هو إنشاء حالة قانونية جديدة أو تعديل في مركز قانوني قائمأو الغاؤه)
( الطعن رقم 4358لسنة 37ق – جلسة 3/5/1992)
وبتطبيق ذلك على واقعات الدعوى الماثلة فيتضح أن هناك اجراءات ألزم القانون كلا من المجلس القومى للأجور والمجلس الأعلى للصحافة أن يتخذوها وأوجب صدور عددا من القرارات عنها وهى :
1- اصدار المجلس القومى قرار بوضع حد أدنى للأجور .
2- إصدار المجلس الأعلى للصحافة قرار بوضع حد أدنى لأجور الصحفيين.
3- إصدار المجلس الأعلى للصحافة قرارات منظمة بأحقية الصحفيين فى الحصول على نسبة من أرباح المؤسسات التى يعملون بها وكيفية توزيع هذه الأرباح عليهم.
*** و السند القانونى لوجوب اصدار هذه المجالس للقرارات سالفة الذكر هو استنادا لنص المادة
(34) من قانون العمل الصادر رقم 12 لسنة 2003 قد نصت على :
( ينشأ مجلس قومي للاجور برئاسة وزير التخطيط ، يختص بوضع الحد الادني للاجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الاجور والاسعار.
كما يختص المجلس بوضع الحد الادني للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الاجر الاساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية.
ويصدر رئيس مجلس الوزراء خلال ستين يوماُ من تاريخ العمل بهذا القانون قراراً بتشكيل هذا المجلس)
ونفاذا لذلك صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بإنشاء مجلس قومي للأجور وقد نصت المادة الأولى منه على أن :
( يشكل مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط وعضوية …….)
ونصت المادة الثالثة من ذات القرار على أن :
( يختص المجلس القومي للأجور بما يلي :
– وضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار ….
– إجراء الدراسات اللازمة على المستوي القومي لإعادة النظر في الحد الأدني للأجور مع مقترحات دورية ولا تجاوز ثلاث سنوات على الأكثر)
كما أن المادة 70 من القانون رقم 96 لسنة 1996 الخاص بتنظيم الصحافة على انشاء المجلس الأعلى للصحافة وحددت من ضمن اختصاصاته ضمان حد أدنى مناسب لأجور الصحفيين وإصدار القرارات المنظمة لكيفية توزيع الأرباح على العاملين فى الصحف القومية.
ولما كان ذلك وكما سق وأن أوضحنا هو أن القانون قد أحال لكلا من المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى للأجور ” بشكل عام ” والمجلس الأعلى للصحافة أن يضمن ذلك للصحفيين ” بوجه خاص” بالاضافة الى حقهم فى الحصول على نسبة من أرباح المؤسسات التى يعملون بها ، فكان لزاما عليهما إصدار القرارات التى تجعل هذه النصوص محل للتطبيق العملى .
وحيث أنهما امتنعا عن كل ذلك على الرغم من أن الطاعن قد قام باخطار رئيس المجلس القومى للأجور بموجب تلغراف يوم 26/3/2014 ، كما أخطر أيضا كلا من رئيس المجلس الأعلى للصحافة ورئيس مجلس ادارة دار التحرير بطلباته للقيام بتنفيذ ما ألزمهم به القانون الا أنهم لم يقوموا بذلك .
فان ما صدر منهما يتوافر فيه القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ أمر أوجبه القانون عليهم ، وبالالتالى فان القرار الادارى السلبى يكون متوافر ، مما يحق للطاعن معه الطعن على هذة القرارات وبناء عليه تكون هذه الدعوى مقبولة ،
كما أن الشكل القانونى للقرارات التى تصدر عن كلا المجلسين تعد من قبيل القرارات الادارية التى يختص مجلس الدولة بنظر الطعون التى تقدم عليها سواء كانت هذه القرارات ايجابية أو سلبية ويترتب عليها أيضا انعقاد الاختصاص للقضاء الادارى للطعن على هذا القرار.
ثانيا : بطلان القرار المطعون فيه لمخالفته للدستور
لما كان الدستور هو القانون الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ،ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى عليه صفة السيادة والسمو بحسبانها كفيل الحريات و موئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها ،وحق لقواعده أن تستوي على قمة البناء القانونى للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التى يتعين على الدولة التزامها فى تشريعها وفى قضائها فيما تمارسه من سلطات تنفيذية ، ودون أى تفرقة أو تمييز – فى مجال الالتزام بها – بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية .
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا
(وحيث إن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى عليه صفة السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوى على القمة من البناء القانونى للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التى يتعين على الدولة التزامها فى تشريعها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، ودون أى تفرقة أو تمييز– فى مجال الالتزام بها – بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ذلك أن هذه السلطات كلها سلطات مؤسسة أنشأها الدستور، تستمد منه وجودها وكيانها وهو المرجع فى تحديد وظائفها، ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور على درجة سواء، وتقف كل منها مع الأخرى على قدم المساواة، قائمة بوظيفتها الدستورية متعاونة فيما بينها فى الحدود المقررة لذلك، خاضعة لأحكام الدستور الذى له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات العامة جميعاً والدولة فى ذلك إنما تلتزم أصلاً من أصول الحكم الديمقراطي، هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستورفإنه يكون لزاماً على كل سلطة عامة أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور)
(القضية 37 لسنة 9قضائية دستورية– جلسة 19مايو سنة 1990).
وحيث أن الدستور المصرى قد أولى رعاية خاصة لحقوق العمال على النحو التالى:
المادة 12
( العمل حق، وواجب، وشرف تكفله الدولة ، ولا يجوز إلزام أى مواطن بالعمل جبرا ، إلا بمقتضى قانون ، ولأداء خدمة عامة ، ولمدة محددة ، وبمقبل أجر عادل ، ودون إخلال بالحقوق الأساسية للمكلفين بالعمل )
المادة 13
( تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال ، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العملية الانتاجية ، وتكفل سبل التفاوض الجماعى ، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الأمن والسلامة و الصحة المهنية ، ويحظر فصلهم تعسفيا ، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون )
المادة 27
( يهدف النظام الاقتصادي إلي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية, بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي, ورفع مستوي المعيشة, وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة, والقضاء علي الفقر.
ويلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحوكمة, ودعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار, والنمو المتوازن جغرافيا وقطاعيا وبيئيا, ومنع الممارسات الاحتكارية, مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل, وضبط آليات السوق, وكفالة الأنواع المختلفة للملكية, والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة, بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك.
ويلتزم النظام الاقتصادي اجتماعيا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدني للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة, وبحد أقصي في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر, وفقا للقانون)
المادة 42
(تلتزم الدولة بأن يكون للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها, ويلتزمون بتنمية الإنتاج, وتنفيذ الخطة في وحداتهم الإنتاجية, وفقا للقانون, ……….)
ومن جميع هذه النصوص يتضح أن الدستور المصري قد أقام البنيان الإجتماعي والإقتصادي المصري على عدد من الأسس والمبادئ وتتمثل في العدالة الإجتماعية وإقامة التوازن بين الملكية والعمل.
كما أنه أعلى من قيمة العمل واعتبره حقاً وواجباً وشرفاً، وأوجب على الدولة كفالته، كما أوجب عليها الحفاظ على حقوق العمال وذلك بضمان المقابل العادل لأعمالهم وضمان حد أدني للأجور وربط الأجر بالإنتاج ووضع حد أعلى للأجور يكفل تقريب الفروق بين الدخول وكفل للعاملين نصيبا في إدارة المشروعات وفي أرباحها .
وقد ضمن أيضا عدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وتحقيق زيادة فرص العمل، كل ذلك بما لا يهدر حقوق العمال أو يخل بها .
ولما كان العامل هو كل شخص طبيعي يعمل لقاء أجر لدي صاحب عمل تحت إدارته وإشرافه، معتمداً علي جهده البدني أو الذهني، والأجر هو ما يحصل عليه العامل لقاء عمله، ثابتا كان أو متغيرا ،نقدا او عينا.
ولما كان الصحفيين الذين يعملون بالصحف التابعة للمؤسسات القومية يطبق عليهم قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 .
وبالتالى فانهم يستفيدون من كافة هذه الحقوق التى كفلها لهم الدستور المصرى من الأجر العادل وحقهم فى الحصول على نسبة فى أرباح المؤسسات التى يعملون بها .
ولما كانت كافة هذه الحقوق للعمال بشكل عام ” وللصحفيين الخاضعين للقانون 12 لسنة 2003 بشكل خاص ” قد وردت في إطار دستورى جعلها في مصاف أعلى من القواعد القانونية في تدرج البنيان القانونى المصرى، فلم يترك الدستور أمر ضمان حد أدنى لأجور العمال لإرادة المشرع إن شاء قرر هذا الحق وإن شاء حجبه عن العمال.
حيث أن نص الدستور على ضمان حد أدني لأجور العمال كحق دستورى لهم ألقي على المشرع التزاما بوضع حكم الدستور في هذا الشأن في إطار قانوني ينظم حدود هذا الحق ويكفل حمايته، كما حمل السلطة التنفيذية واجب تنفيذ نصوص الدستور والقانون لضمان حد أدني لأجور العمال ، وان خالفت السلطة التنفيذية ذلك يعد قرارها فى هذا الشأن باطلا ومشوبا بعيب مخالفة الدستور مما يستوجب الغاؤه .
ولماكان امتناع كلا من المجلس القومى للأجور والمجلس الأعلى للصحافة عن اصدار قرارات بوضع حد أدنى للأجور بشكل عام ووضع ، حد أدنى لأجور الصحفيين،و إصدار القرارات منظمة بأحقية الصحفيين فى الحصول على نسبة من أرباح المؤسسات التى يعملون بها وكيفية توزيع هذه الأرباح عليهم يعد مخالفة لنصوص الدستور مما يصيبه بالبطلان الذى يستوجب الغاؤه.
ثالثا :- مخالفة القرار المطعون عليه للقانون و للقيمة القانونية للمعاهدات الدولية الموقع عليها جمهورية مصر العربية .
حيث أن الدستور المصرى قد اعترف بالاتفاقيات الدولية وجعلها فى مرتبة التشريع والوطنى كما نص على التزام الدولة بكافة الاتفاقيات الدولية التى توقع عليها حيث نص فى المادة 93 علي :
( تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع )
كما نصت المادة 151
( يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ، ويبرم المعاهدات ، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب ، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور ………..)
وحيث ان الاتفاقية الدولية المسماه ” العهد الدولى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية” التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966 وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وتمت الموافقة عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537لسنة 1981 ونشرت بالجريدة الرسمية في العدد 14 فى 8 / 4 / 1982 وبناء على ذلك تصبح هذه الاتفاقية تشريعا وطنيا ، وتطبق نصوصها مباشرة وتلتزم كافة السلطات فى الدولة بالالتزام بنصوصها وما جاء بها من أحكام ، وفى حالة مخالفة أى نص من نصوص هذه الاتفاقية يعد بمثابة مخالفة لنصوص القانون .
وقد نصت المادة (7) من هذه الإتفاقية على أن :
تقر الاطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في المجتمع بشروط عمل صالحه وعادلة تكفل بشكل خاص :
أ– مكافآت توفر لكل العمال كحد أدني :
1- أجور عادلة …
2-معيشة شريفة لهم ولعائلاتهم …)
وبذلك يتضح أن هذه وقد تضمنت التزام الدولة بكفالة حق العمال في شروط عمل صالحة وعادلة تكفل لهم أجوراً عادلة ومعيشة شريفة لهم ولعائلاتهم .
وبناء على ذلك تصبح كافة المبادىء الواردة بهذه الاتفاقيات قوانين ملزمة للسلطات الادارية فيما تصدره من قرارات ، وتصبح مخالفة هذه المبادىء والنصوص الواردة بالاتفاقيات الدولية مخالفة للقانون توجب البطلان على أى قرار يصدر مخالفا لها .
كما أن الإتفاقيات الدولية الخاصة بالعمل بداية من الإتفاقية رقم (26) التى اعتمدها مؤتمر العمل الدولى عام 1928 والاتفاقيات اللاحقة تضمنت ذات المبادىء اللتى وردت بالاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية .
وحيث أن المجلس القومى للأجور والمجلس الأعلى للصحافة امتنعا عن اصدار القرارات الخاصة بتحديد حد أدنى للأجور ولأجور الصحفيين وحقهم فى الحصول على نسبة فى أرباح المؤسسات التى يعملون بها ، فان ذلك يعد مخالفة للقانون و لإلتزامات جمهورية مصر العربية والمكفولة بالدستور المصرى مما يصيبه بالبطلان ويستوجب الغاؤه.
رابعا: بطلان القرار المطعون عليه لانعدام سببه وانعدام ركن المشروعية .
لما كان من المستقر عليه هو أن الإدارة لا تمتلك حرية مطلقة فى إصدار القرارات الإدارية ، وإنما تتقيد إرادتها بسبب يبرر القرار الذى تصدره وبغاية الصالح العام الذى تتغياه الإدارة.
بل ذهبت أحكام المحكمة الإدارية العليا الى أن انعدام سبب القرار يمثل عيب مخالف للقانون:
حيث قضت
( القرار .. يجب أن يقوم على أسباب تبرره صدقا وحقا فى الواقع وفى القانون كركن من أركان انعقاده باعتباره تصرفا قانونيا ، ولا يقوم أ ى تصرف قانونى بغير سببه )
( المحكمة الإدارية العليا – طعن 277لسنة 33ق – جلسة 27 / 2 / 1993 )
وقد استقرت أحكام القضاء االمحكمة الادارية العليا على أنه لا يكفى أن يكون السبب قائمًا فقط ، بل يشترط أن يكون متسقًا مع الأصول الدستورية ، وأن رقابة أسباب القرار تقضى على القاضي الإدارى أن يبحث فى الأسانيد والدوافع الموضوعية التى حملت السلطة على إصدار قرارها السلبى أو الإيجابى.
وقضت فى ذلك المحكمة الادارية العليا
( السبب فى القرار الادارى ، هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الادارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانونى هو محل القرار ابتغاء وجه الصالح العام الذى هو غاية القرار )
( المحكمة الادارية العليا – طعن 277لسنة 33ق فى 27/2/1993–الموسوعة الادارية الحديثة –1985/ 1993- ج 35–قاعدة 342–ص 997)
ويترتب على عدم مشروعية السبب تعيب القرار فى أحد شروط صحته بعيب السبب .
ولما كان المشرع المصرى قد نص في المادة (34) من قانون العمل على إنشاء مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط ، وأسند إليه الإختصاص بوضع الحد الأدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، وبالإضافة إلى الإختصاصات الأخرى التى حددها المشرع أو التي يحددها رئيس مجلس الوزراء في قرار تشكيل المجلس.
وقد صدربعد ذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بتشكيل المجلس القومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، وحدد اختصاصات المجلس ومن بينها الاختصاص الذي نص عليه المشرع بوضع الحد الأدنى للأجور.
كما أن المادة 70 من القانون 96 لسنة 1996 قد أختصت المجلس الأعلى للصحافة فى البند 14 من هذه الوادة ضمان حد أدنى مناسب لأجور الصحفيين والعاملين بالمؤسسات الصحفية .
وبمطالعة كافة هذه النصوص يتضح أنها قد أوجبت على الدولة في هذا الشأن أن يكون دورها دورا إيجابيا وليس دوراً سلبياً.
فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجرة العمال لهوي أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون التزام منهم بحد أدني للأجور، مستغلين حاجة العمال إلي العمل، وإجبارهم علي تقاضي أجور غير عادلة، لا تتناسب مع الأعمال التي يؤدونها، ولا تساير إرتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة,
وعلي جهة الإدارة أداء الالتزام المنوط بها دستورياً وقانونياً بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدني لأجور العمال، ولا يجوز لها أن تتخلي عن واجبها
كما يتعين أيضاعلي المجلس القومي للأجور الإلتزام بأحكام الدستور وبنص المادة (34) من قانون العمل وأن يحدد الحد الأدني للأجور التي يجب أن يتقاضاها العمال بمراعاة نفقات المعيشة وبما يحقق التوازن بين الأجور والأسعار، ولم يرخص المشرع للمجلس المشار إليه الإمتناع عن تحديد الحد الأدني للأجور، ولا يجوز له أن يمتنع عن مباشرة هذا الإختصاص – وهو مناط وعلة إنشائه – وإلا كان معطلاً لحكم الدستور الخاص بضمان حد أدني للأجور، ولنص المادة (34) من قانون العمل التي عهدت إليه تحديد الحد الأدنى للأجور، ولنص الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 . كما أن المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 وقد حددت من ضمن اختصاصات المجلس الأعلى للصحافة بأن يضمن حد أدنى مناسب لأجور الصحفيين ومن بينها إصدار القرارات المنظمة لكيفية توزيع الأرباح على العاملين فى الصحف القومية.
ولما كان الثابت هو أن المجلس القومي للأجور و المجلس الأعلى للصحافة لم يقوما بدورهما الذى ألزمهما به القانون باصدار القرارات التى تضع الحد الأدنى للأجور بشكل عام والحد الأدنى لأجور الصحفيين ولم يصدرا القرارات التى تؤيد حقه الصحفيين فى الحصول على نسبة من أرباح المؤسسات الصحفية التى يعملون بها فان هذا القرار يكون منعدم لسببه مما يستوجب الغاؤه .
لـــذلك
يلتمس الطاعن من عدالة المحكمة الحكم
أولا : بقبول الطعن شكلا.
ثانيا : وفى الموضوع :
1- بالغاء القرار السلبي للمجلس القومى للأجور بالامتناع عن وضع حد أدنى للأجور ، وعدم وضع الوسائل و التدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار مع ما يترتب على ذلك من أثار.
2- بإلغاء القرار السلبى من المجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن وضع حد أدنى لأجور الصحفيين مع ما يترتب على ذلك من أثار.
3- بالغاء القرار السلبى للمجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن إصدار القرارات المنظمة لكيفية توزيع الأرباح على العاملين فى الصحف القومية مع ما يترتب على ذلك من أثار .
وكيل الطاعن
سمير الباجوري
المحامى