الخط الساخن : 01118881009
تقديم
حينما هددت وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم المعارضين “بالتقطيع” وأكدت على تحريضها بعلامة النحر ، لم تكن هي الحالة الأولى أو الوحيدة التي حرضت أو شهرت أو سبت المعارضين ، فغيرها من رموز النظام واعلامه ، أو المقربين منه ، يمارسون هذا التحريض والسباب ليل نهار ، وبعلم الدولة ، وحين تمر تجاوزاتهم دون عقاب ، فيمكن القول أن هذا التحريض والتشهير ، يتم برضى الدولة ، برضى النظام الحاكم ، والقانون ، في سبات وغفلة عنهم.
حين ينتشر السلوك اللفظي العنيف ، ويتفشى خطاب الكراهية ، فالإجابة باختصار “الإعلام”!
صياح وعراك وتخوين وتضليل، خلاصة ما تبقى من الإعلام بذراعيه المرئي والمكتوب إليه،و في الوقت الذي تم فيه تدشين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المخصص في ظاهره لحماية الفكر والمهنة ، كان في باطنه قد قضى على الإعلام ، وأصبح أشبه بنشرات من الكراهية وخطابات مستمرة من الصوت العالي ونشر الاحتقان والأكاذيب.
لماذا هذه الورقة؟
لتوضيح أنماط من الإعلام المرئي والمكتوب في مصر، وكيف تحول بعد السيطرة عليه لنشر تحريض و أكاذيب وأخبار مضللة تسبب في تعزيز الخلافات والاحتقان عن طريق بروباجندا معتمدة من إعلاميين يسبون ويلعنون بل وينشرون ثقافة القتل والتحريض على حساب القانون وأحيانا على حساب الدم !
كل هذا على مرئي ومسمع من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي يُعاقب صحف وبرامج أخرى بدعوى انتهاكها قيم المهنة والحقيقة أن هذا المجلس برئيسه يتغاضون غالباً، عن انتهاكات جسيمة في حق المهنة وحق المجتمع ككل، فقط لأنها انتهاكات تخدم السلطة وتدعم النظام.
لماذا الآن؟
بعد ثلاثة أعوام تقريباً من تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبدء السيطرة شبه الكاملة على “الكلمة” سواء مسموعة أو مقروءة بفضل هذا المجلس وغيره من طرق السيطرة على الإعلام، وفرض سلطة عقابية تستخدم بشكل غير عادل ضد معارضي النظام، في حين يتغاضى بشكل فج عن مخالفات جسيمة من رموز إعلامية وصحافية مؤيدة للنظام، يمكننا الآن رصد الكيل بمكيالين، وتوضيح الهدف الحقيقي من السيطرة على الإعلام، وكيف آثر هذا بوضوح اليوم في وصم الاعلام بالتضليل والتحريض.
نماذج من إعلام الدم والسب
1- محمد الباز و قناة المحور
قناة المحور لمالكها مجموعة شركات سما، من الأبرز في الانتهاكات المستمرة من كذب وتحريض وسب وقذف يتخلل برامجها، لاسيما محمد الباز والذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الدستور في الوقت نفسه من عام 2018 ، عندما ظهر في إحدى حلقات برنامجه 90 دقيقة في 12 سبتمبر 2018 ، وحرض بشكل مباشر على قتل أسماء متهمة في قضايا قيد التحقيقات، وشكك في جدوى القانون والمحاكمات، وأكد على ضرورة قتلهم بشكل مباشر من أي شخص على شاشة التلفزيون!،
“هؤلاء الناس يستحقوا القتل، لو حد مصري يطول أيمن نور يقتله، يطول معتز مطر يقتله، يطول محمد ناصر يقتله، هتقولي بتحرض على قتلهم، هقولك اه، وغيرهم كل القيادات الإخوانية وكل الإعلاميين بتوعهم، اللى يطول حد منهم يقتله”…وتابع “هتقولي أدم بلاغ ضدهم بالتحريض ونشر أخبار كاذبه، لا يا أخي إزاي، الأمر مش محتاج دعاوى تاخد وقت ورقم، قضايا ايه ودعاوى ايه!”.
بالإضافة لتجاوزات مرصودة في حق المذيع نفسه والبرنامج نفسه في تواريخ مختلفة، مثلاً سب وقذف الأديب د. علاء الأسواني في حلقته بتاريخ 30 إبريل 2019.
“لما تكتب طول الوقت كأن لا شيء يحدث في مصر، يبقى انت راجل مجنون ومختل”… وتابع “معارض أبدي ده لازم يكشف على قواه العقلية، بياخد فلوس مقابل هذه المعارضة، لقيت قدامي مسخ بيتحدث، طالع بهذا الوجه القبيح يتعالى على الشعب”.
(1،2 من الهوامش)
2- عمرو أديب وقناة ON TV
قناة ON TV، من منبر للثورة والإعلام المهني في فترة 2011 إلى صياح وصراخ لاستهداف زيادة المشاهدة عن طريق الخلافات والفضائح والصوت العالي الذي تتميز به برامجها من بعد 30 يونيو، وعلى رأسهم برنامج كل يوم الذي اعتاد تقديمه عمرو أديب قبل انتقاله، وفي حلقته بتاريخ 1 من شهر يوليو 2017 وجه سب وقذف علني بألفاظ واضحة ضد دولة قطر ومذيع في قناة إعلامية. (3)
“لقيت الواد بتاع الجزيرة، مأجرين واد لطخ علشان يشتمني… مضطر أقل أدبي أوي، أمهات المصريين يضربوك بالجزمة”…وتابع “أمهات المصريين ضحوا بعيالهم علشان أنت و”أمك” تعيشوا، والعيال ماتوا علشان “أمك”، إلا أمهات المصريين يا كلب، يا كلب سيدك، كلب، بكرة تتعلق من رجليك وتترمي في الزبالة يا مرتزق… إيه الوساخة دي.. كلب”.
3- تامر عبد المنعم و قناة العاصمة
القناة التي انتقلت من ملكية سعيد حساسين عضو مجلس الشعب إلى إيهاب طلعت رئيس شركة شيري ميديا، والمتهم في عدد من قضايا الأموال، وهي قناة العاصمة، التي ظهرت بعد 30 يونيو، يبدو أن ضعف المشاهدات والمديونات دفعهم لتعيين من عُرف عنهم إثارتهم للانتباه عن طريق السب والقذف والصياح، ومن أبرزهم تامر عبد المنعم، وبرنامجه العاصمة، الذي قدم فيه عدد من التجاوزات اللفظية، والجرائم المهنية والتحريض العلني، والسب والقذف الموجه، كما حدث في الحلقة بتاريخ 3 فبراير 2018 ووجه سب وإهانة واضحة للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. (4)
“أنت فاضي؟..ومين اللى جنبك دوول؟.. وايه الستاير الزبالة دي… اللى نزل في التحرير يقولك هوهوهو”مقلد صوت كلب” “وتابع…”أنت هتستعبط، أنت هتعملهم علينا، العيب مش عليك كلامي بعد كده هيبقى مع والدك”…”حاسب نفسك على المعارضة بالضاد مش بحاجه تانيه، يا عديم الأخلاق،كان محبوس في حمام وده مكانه الطبيعي”
3- نشأت الديهي وقناة TEN
القناة المتحولة عن التحرير!، القناة التي انطلقت عقب تنحي مبارك، مستخدمة اسم ميدان التحرير، ثم تخلت عن الاسم وحولته إلى “TEN” في 2017 وليس الاسم وحده ما تم تحوله، بل البرامج المقدمة امتازت في أغلبها بالتماشي مع المرحلة الجديدة، من الصوت العالي واستخدام لغة الكراهية المستمرة، وانعدام صوت العقل، وأبرز من يمثل تحولهم الجديد المذيع المغمور نشأت الديهي” ويقدم برنامج يسمى بالورقة والقلم، ويحاول نشأت أن يجد لنفسه بضع مشاهدين عن طريق السب والقذف المستمر والإهانات الدائمة للمعارضين، وإثارة بلبلة كاذبة حوله بنشر أكاذيب مستمرة، مثلما فعل في حلقة برنامجه بتاريخ 30 يناير 2019، حيث وجه إهانات وسب وقذف وادعاءات كاذبة ضد الحقوقيين.(5)
“محمد زارع، خد جايزة بالملايين كتمويل غير مباشر، وده محمد لطفي، فاكرين البت أمل فتحي البت قليلة الادب ده جوز الهانم، أخيرا بقى مين ده مش عارفه..معرفوش، ده الراجل اللى مش راضي يقول جاب الفلوس منين، ده جمال عيد، دوول اللى اشتكوا مصر لماكرون!”
4- توفيق عكاشة وقناة الحياة
قناة الحياة لمالكها “السيد البدوي” رئيس حزب الوفد السابق، قام باعادة الوجه المألوف للضحك “توفيق عكاشة” الرجل الخفي الذي اقترن اسمه بالكثير من القضايا ، فعاد للظهور في برنامج مصر اليوم، ويبث البرنامج ثقافة غوغائية وتضليل وأكاذيب مستمرة ممزوجة بأسلوب من الصياح والتجاوزات اللفظية المستمرة على كثير من فئات المجتمع ، مثل حلقته بتاريخ 29 نوفمبر 2018، يوجه توفيق عكاشة إهانته للنساء اللاتي لا يفهمن قوله قائلاً “يارب تموتي يا غبية زي ما أتولدتي غبية!”. (6)
“النسوان اللى ماشيه في السوق والشوارع لازم يفهموا، اللى انا حكيته لك من أول الحلقة عايزه تفهمي افهمي مش عايزه تفهمي ان شالله عنك ما فهمتي وان شالله عنك ما اتفرجتي ويارب تموتي غبية زي ما اتولدتي غبية”
5- أحمد موسى وقناة صدى البلد
لا يمكننا الحديث عن الانتهاكات والتجاوزات المهنية دون أن نذكر قناة صدى البلد، لمالكها محمد أبو العنين أحد أبرز المتهمين في قضية موقعة الجمل، وعن أحمد موسى الذي تحار في انتمائه ، هل هو صحفي بالاهرام لدي الداخلية ، أو موظف بالداخلية لدى نقابة الصحفيين !
و الذي ظهر في برنامج الشعب يريد على قناة التحرير في 2011، ثم سرعان ما برع في برامج تحض على الكراهية ويستخدم أسلوب غوغائي الطابع في بث أخبار كاذبة وتضليل المشاهد مثلما فعل في برنامجه “على مسؤوليتي” في حلقة 20 فبراير 2019، حيث غير من معنى تدوينه خاصة بعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ناصر أمين، التي كانت واضحة ضد عقوبة الإعدام، ليجعلها هو دفاعاً عن الإرهابيين! وبدء في هجومه عليه والمطالبة بإقالته. (7)
“ناصر آمين بيدافع عن الإرهابيين، مدافعش عن الشهداء، بيدافع عن الإرهابيين،ناصر آمين اللى بيقبض من فلوس الشعب، بيدافع عن الإرهابيين، احنا اللى بنقبضوا مرتبه، طالع يقول الاعدام عقوبة قاسية”
و الصحافة المطبوعة ، غير بريئة
المشهد في الصحافة المطبوعة ، ليس بعيد وليس برئ بدوره ، حيث يماثل المشهد في الإعلام المرئي، مواقع إلكترونية تعج بالأخبار المفبركة، والتصريحات الكاذبة، ومقالات تحض على خطاب الكراهية والكذب وتشويه الحقائق، نذكر بعض النماذج:
جريدة اليوم السابع
نجد مقالات الصحفي الذي راج اسمه مقترنا بالهجوم والسب ضد المعارضين “دندراوى الهوارى” ومنها مقالته المنشورة في 30 مارس 2019 بعنوان ” خالد أبو النجا وعمرو واكد بالكونجرس.. بطولة هابطة +18 بفيلم خيانة الوطن!!” (8)
“عبارات من مقالته: “مواقع «مواسير المجارى والمراحيض العامة»..من عينة خالد لا مؤاخذة أبوالنجا، وعمرو واكد و«المطرب على ما تُفرج» محمد عطية وجيهان فاضل وبسمة..قرر أن يقود ثوار «ساقطى البنطلونات»، وسيهتف «يسقط يسقط حكم البوكسر»”
اليوم السابع مرة أخرى
بالجريدة نفسها نجد خبر تم نشره في 22 مايو 2019 يكذب الصور والفيديوهات المنشورة لضابط شرطة يعتدي على فتاة أولى ثانوي، برغم من أن الفيديو صحيح ومنتشر، وأن وزارة الداخلية اعترفت بتجاوز بعض أفرادها فيما بعد. (9)
“نفى مصدر أمنى صحة ما تم نشره من صور ببعض صفحات مواقع التواصل الإجتماعى على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، بشأن قيام أفراد تابعين لوزارة الداخلية يرتدون الملابس المدنية بإلقاء القبض على طلاب بمرحلة الثانوية العامة أثناء تظاهرهم أمام وزارة التربية والتعليم”
روز اليوسف
طارق رضوان الصحفي في روزاليوسف، واضح أنه متميز في نشر تضليل مستمر للحقائق، ففي مقاله “الإصلاح الدستوري” في 24 ابريل 2019، طعن في وطنية بعض أعضاء لجنة كتابة الدستور في 2014، كما نشر أكاذيب وهمية عن الدستور السابق، ويمتلئ المقال عن آخره بالأكاذيب المضللة و التخوين والتشويه لتاريخ عاصرناه حديثاً. (10)
“مقاطع من مقالته” كتب دستور عام 2014 عن طريق رجال مختلف اتجاهاتهم السياسية، البعض منهم لم يكن مصريًا مخلصًا خالصًا” “دستور الفاشيست وضع قواعده فيلدمان نوح دكتور الاقتصاد فى جامعة هارفارد وهو واضع من قبل دستور أفغانستان والعراق بعد الغزو الأمريكى لهما، فقد كانوا خونة وعملاء ومرتزقة، دستور كتب ليكرس الديكتاتورية الفاشية المتمثلة فى حكم الثيوقراط، ليبدأوا فى بناء جمهورية الخوف،”واجه -الرئيس يقصد- أمواجًا عاتية من اعتراضات الأمريكان والقوى الغربية والأفريقية والآسيوية”.
جريدة الأسبوع
ورئيس تحريرها “مصطفى بكري” يستمر في نشر مقالات مليئة بالمغالطات والأكاذيب مثل مقاله في 24/9/2018 والذي يكذب فيه تقرير لمنظمة العفو الدولية! ويتهمها كالعادة بأنها إخوان ويحمل قطر وتركيا المسؤولية! (11)، وفي مقاله أيضا بتاريخ 16/12/2018 يستمر بكري في شن هجوم بدون أدلة ضد القضايا الحقوقية، فيهاجم تلك المرة الاتحاد الأوروبي ومجلس الشيوخ الأمريكي، ويكذب حقائق مثبتة في القضايا التي يتداولها كلاهما (12).
“مقاطع من مقالاته: أن العفو الدولية وميدل إيست ووتش وصحف كالجارديان والنيويورك تايمز والواشنطن بوست، وغيرهم مدفوعة في تقاريرها وإدعاءاتها”،”البرلمان الأوربي يبدأ حملة ‘ظالمة’ ضد مصر تحت عنوان ‘مقتل ريجيني’!! مجلس الشيوخ الأمريكي يكذب ولا يتجمل، وغراهام يسعي إلي إهانة الشعب السعودي” “الذين يتباكون علي حقوق الإنسان،هذه الحملة لا تستند إلي وقائع حقيقية، بل إلي أكاذيب ترددها جماعة الإخوان الإرهابية ومن يقفون خلفها، خاصة قطر وتركيا وإسرائيل وبعض دوائر الغرب”
جريدة الأهرام
فيه نجد تضليل واضح للرأي العام وكذب صريح في مقالات صحفي له عمود ثابت ، يدعى عمرو عبد السميع، الذي طالب صراحة بمحاسبة ثوار يناير!، الثورة التي يعترف بها رسمياً الدستور الحالي، بل وقدم بعض الأسماء وحرض عليهم وطالب الشعب بأخذ حقه منهم! في مقالته إسراء ومستشارو مرسي المنشورة بتاريخ 14 أكتوبر 2018 (13)
“ هناك مئات آخرين قادوا عملية هدم الدولة فى يناير 2011 ينبغى أن يأخذ الشعب حقه منهم؟..”
الخاتمة
“صوتك العالي دليل على ضعف موقفك” ولكن الصوت العالي الذي يتبناه الإعلام الرسمي أو المقرب من النظام اليوم، لم يتوقف عند النبرة الحادة فحسب، بل يتبع الصياح سب وقذف وإهانات وحملات تحريض مستمرة، إصرار ممنهج لتجهيل الشعب وتغييب الحقائق في صوت عالي لا يدل إلا على ضعف الموقف!
السلوك الذي نعيبه ويظهر انتشاره في مصر من عدم تقبل للآخر، ، بات منبعها الأصلي الإعلام بلغته وطريقته وتجاوزاته.
أما المجلس الأعلى للاعلام الذي يرتدي قبعة حماية الأخلاق والمهنية، ويحجب ويغرم مواقع و جرائد وإعلام المعارضة –أو ما تبقى منه-، يمكننا الإجابة بشكل بسيط بأن هذا المجلس رئيسه مكرم محمد أحمد قد قام هو نفسه باستخدام تعبيرات خارجة علانية في مؤتمر صحفي وبالطبع أستمر في مكانه ولم يحاسبه أحد (مرفق فيديو 14)!
“يطلع شوية معر*ين يقولك نتصالح، نتصالح!”
هذا هو حال أغلب الإعلام المصري أو ما تبقى منه ، لم يكتفي بنشر الأخبار الكاذبة والحقائق المنقوصة والتضليل، إنما أيضاً التشهير والسباب، واللغة الرديئة.