بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه الســيد القاضى المقرر / بهــــــــاء صالح ” نائب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم ٤٨٦٢ لسنة ٢٠٠٧ عمال جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة – الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بطلب الحكم أن تؤدى لهما الفروق المالية المستحقة عن ضم الخمس علاوات قبـل الدعوى للأجر المتغير اعتباراً من تاريخ المعاش المبكر فى ١٥ / ٥ / ١٩٨٥ حتى تاريخ التسوية فى ١ / ٩ / ٢٠٠٥ والفوائد القانونية وقالاً بياناً لها إنهما كانا من العاملين لدى شركة مصر حلوان للغزل والنسيج حتى أحالتهما للمعاش المبكر فى ١٥ / ٥ / ١٩٩٨ وإذ امتنعت الطاعنة عن صرف الفروق المالية المطالب بها فقد أقاما الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بسقوط حق المطعون ضدهما بالتقادم الخمسى .
استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ٢٤٨٨١ لسنة ١٢٥ ق وبتاريخ ١٩ / ١١ / ٢٠٠٨ حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وأجابت المطعون ضدهما لطلباتهما طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رايها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالشق الأول من الوجه الأول للسبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إن دعوى المطعون ضدهما أقيمت بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ إحالتهما للمعاش ومن ثم سقط حقهما فى إقامة الدعوى طبقاً لنص المادة ١٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضـه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة ١٤٠ من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ المستبدلة بالقانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ قد نصت على أنه ” يجب تقديم طلب صرف المعاش أو التعويض أو أى مبالغ مستحقة طبقاً لأحكام هذا القانون فى ميعاد أقصاه خمس سنوات من التاريخ الذى نشأ فيه سبب الاستحقاق وإلا انقضى الحق فى المطالبة بها . وإذا قدم طلب الصرف بعد انتهاء الميعاد المشار إليه يقتصر الصرف على المعاش وحده ويتم الصرف اعتباراً من أول الشهر الذى قدم فيه الطلب ٠٠٠ ومفاد ذلك أنه اعتباراً من ١ / ٧ / ١٩٨٧ تاريخ العمل بالقانون رقم ١٠٧ لسنة ١٩٨٧ – إذا قدم طلب صرف المعاش أو التعويض أو أية مبالغ مستحقة طبقاً لأحكام هذا القانون خلاف ما سبق بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق انقضى الحق فى المطالبة بالحقوق التأمينية سالفة الذكر عدا المعاش الذى اكتفى المشرع بانقضاء الحق فى صرفه حتى نهاية الشهر السابق على تاريخ تقديم الطلب ثم يصرف بعد ذلك شهرياً . بما مؤداه ان تطبيق أحكام هذه المادة قاصر على حالة طلب تسوية المعاش لأول مرة دون أن يمتد إلى طلب إعادة تسويته وما نتج عن ذلك من فروق مالية و كانت طلبات المطعون ضدهما إعادة تسوية معاش الأجر المتغير وما يترتب على ذلك من فروق مالية على النحو المار بيانه فإنها تكون بمنأى عن السقوط المنصوص عليه فى المادة ١٤٠ سالف الذكر ويكون النعى على الحكم فى هذا الشأن على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الثانى من الوجه الأول من السبب الأول والوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول أن حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم ٣٣ لسنة ٢٥ ق دستورية الصادر بجلسة ١٢ / ٦ / ٢٠٠٥ لم ينص على سريانه بأثر رجعى وبالتالى فإنه يسرى بأثر فورى ومباشر ويتم إعمال التقادم الخمسى بالنسبة للمتجمد ويقتصر الصرف على خمس سنوات سابقة على تاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية وهو ما تم تنفيذه مع المطعون ضدهما نفاذاً له وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقية المطعون ضدهما فى متجمد العلاوات بأثـر رجعى فيما زاد عن الخمس سنوات التى تم صرفها لهما فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن المقرر – فى قضاء محكمة النقض أن مفاد النص فى المادة ٤٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١٦٨ لسنة ١٩٩٨ يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى قانون غير ضريبى أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالى لنشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية ، وأن هذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائـع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لتريب أى أثر من تاريخ نفاذ النص . ولازم ذلك أنه لا يجوز تطبيقه مادام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض ، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها ، ولا يستثنى من أعمال هذا الأثـر الرجعى إلا الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت بحكم بات أو بانقضاء مدة التقادم قبـل صدور الحكم بعدم الدستورية أو كان هذا الحكم قد حدد تاريخاً آخر لسريانه ولما كانت المحكمة الدستورية العليـا قد قضت فى الدعوى رقم ٣٣ لسنة ٢٥ ق دستورية بتاريخ ١٢ / ٦ / ٢٠٠٥ بعدم دستورية نص البند رقم (١) من المادة الثانية من قوانين زيادة المعاشات بدءاً من القانون رقم ١٢٤ لسنــــــــــــة ١٩٨٩ وما بعــــــــــــدها حتــــــــى ٩١ لسنة ١٩٩٨ فيما
تضمنته من قصر إضافة الزيادة فى معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة والعجز والوفاة دون حالة انتهاء الخدمة بالاستقالة ، وكان ذلك البند عائقاً قانونياً يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما يجاوز المعايير التى وضعت لزيادة مستحقاتهم فتعتبر مانعاً قانونياً فى حكم الفقرة الأولى من المادة ٣٨٢ من القانون المدنى يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه . وإذ كان من أثـر الحكم بعدم دستورية تلك المواد أن ينفتح باب المطالبة بزيادة المعاشات أمام من انتهت خدمتهم بالمعاش المبكر من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم السالف بعدم دستورية فى ٢٣ / ٦ / ٢٠٠٥ .
لما كان ذلك ، وكان المطعون ضدهما قد خرجا على المعاش المبكر وأقاما دعوايهما عام ٢٠٠٧ وطلبا الفروق المالية المترتبة على حقهم فى إضافة ٨٠ % من العلاوات الاجتماعية الخمس السابقة على خروجهم على المعاش إلى معاش الأجر المتغير ودون أن يكون مراكز الخصوم فى الدعوى المطروحة قد استقرت بحكم بات فإن أثر الحكم بعدم الدستورية ينسحب عليها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بأحقتيهما فى إعادة تسوية معاشهما ومتجمده استناداً لحكم المحكمة الدستورية سالف البيان فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويكون النعى عليه بخلاف ذلك على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه قضى بإلزامها بأن تؤدى للمطعون ضدهما فوائد قانونية بواقع ٤ % من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد طبقاً الأحكام القانون المدنى رغم عدم انطباقه عليها باعتبار أن قانون التأمين رقم ٩٧ لسنة ١٩٧٥ قانون خاص يقيد العام وأن مناط استحقاق التعويض المنصوص عليه فى هذا القانون بموجب المادة ١٤١ هو التأخير فى صرف المعاش فقط لما له من صلة أساسية بأسباب المعيشـة لا بما يستجد من منازعات بعد صرفه وأنها صرفت المعاش للمطعون ضدهما من أول الشهر الذى تقدما فيه بطلب صرفه بالتالى فإنهما لا يستحقان أى فائدة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضـه .
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أنه من المقرر قانوناً أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم بل هو واجب القاضى الذى عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانونى المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وأن ينزل هذا الحكم عليها . وكان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة ـــــ أنه لما كان قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ تشريعياً خاصاً فى طبيعته وتنظيمه لأحكام التأمين الاجتماعى فيتعين إعمال ما أورده ولا يرجع إلى أحكام القانون المدنى إلا فيما فاته من أحكام . وأن التأمين الاجتماعى مصدره القانون وتعتبر أحكامه من النظام العام وكان النص فى المادة ١٤١ من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٧٥ على أنه ” على الهيئة المختصة أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه أو المستحقتين طلباً بذلك مشفوعاً بالمستندات المطلوبة ٠٠٠٠ فإذا تأخر صرف المبالغ المستحقة عن المواعيد المقررة لها التزمت الهيئة المختصة بناء على طلب صاحب الشأن بدفعها مضافاً إليها ١ % من قيمتها عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد بما لا يجاوز قيمة أصـل المستحقات وذلك من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستفيدين المستندات المطلوبة منهم ٠٠٠٠ يدل على أن حق المؤمن عليه أو المستحقين فى التعويض الإضافى عن التأخير فى صرف مستحقاتهم قاصر على تأخير الهيئة فى تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليه نهائيـاً عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعى لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش ، ذلك أن ما دفع الشارع إلى تقرير حق المؤمن عليه أو المستحقين فى الجزاء المالى إنما هى رغبته الأكيده فى سرعة صرف تلك الحقوق التأمينية لأربابها لمالها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم مما مقتضاه وجوب الربط بين سريان الجزاء المالى منذ ثبوت التزام الهيئة بأداء تلك الحقوق وبين قيام موجبه من استمرار تراخيها فى صرفها لأربابها وهو ما ينتفى مبرره بعد ربط المعاش.
لما كان ذلك ، وكان طلب الطعون ضدهما فى الدعوى الراهنة هو إلزام الطاعنة بأداء الفروق المالية المستحقة عن ضم الخمس علاوات محل الدعوى للأجر المتغير ، وكان الثابت بالأوراق – وبما لا يمارى فيه المطعون ضدهما أن الطاعنة ربطت لهما معاشهما من الشهر الذى تقدما فيه بطلب صرفه ، وبالتالى فإن منازعتهما الراهنة ينفى عن الطاعنة التأخير الموجب لتطبيق المادة ١٤١ من قانون التأمين الاجتماعى آنـف البيان وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزمها بفائدة مقدارها ٤% طبقاً لحكم المادة ٢٢٦ من القانون المدنى رغم عدم انطباق أحكامه باعتبار أن المنازعة يحكمها قانوناً خاص فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص .
وحيث إن الموضوع فى خصوص ما نقض من الحكم صالح للفصـل فيه ولما كان الحكم المستأنف قد قضى بسقوط حق المطعون ضدهما بالتقادم الخمسى والذى يستوى من حيث الأثر مع القضاء برفض الدعوى الأمر الذى يتعين معه القضاء فى موضوع الاستئناف رقم ٢٤٨٨١ لسنة ١٢٥ ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف .
لذلــــــــــــــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من جزاء مالى مقداره ٤ % وألزمت الطاعنة المناسب من مصروفات الطعن وأعفتها من الرسوم القضائيـة وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم ٢٤٨٨١ لسنة ١٢٥ ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بالمناسب من مصروفات درجتى التقاضى والمقاصة فى أتعاب المحاماة وأعفتها من الرسوم القضائية .
أميــن الســر نائب رئيس المحكمة