الخط الساخن : 01118881009
مذكرة بدفاع
السيد / أحمد سعيد عبد الواحد
المتهم فى القضية 1238لسنة 2020إداري الخليفة
ومحبوس احتياطياً على ذمتها من تاريخ 25 / 3 / 2020
ونخصص هذه المذكرة لشرح دفعنا
(بطلان قرار حبس المتهم احتياطياً، وقرارات مد حبسه الاحتياطى، لصدورها بالمخالفة لنصوص المواد 36، 134، 199، 142، 143، 202، 203).
الحبس الاحتياطي من أخطر الإجراءات الجنائية التي تتخذ قبل المتهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة لما يترتب عليه من مساس مباشر بحق الإنسان في التنقل الذي كفله الدستور وذلك خلال مرحلتين من مراحل الدعوى الجنائية يلازم المتهم طول مدتهما أصل البراءة .
لذلك ليس غريباً على كل المشتغلين بالقانون أن يبحثوا عن الحدود التى تتم فيها ممارسة الحرية الشخصية، ومدى التوازن الذى حققه المشرع بين كل من مبدأ الأصل فى المتهم البراءة، والحق فى الحرية الشخصية من ناحية، ومقتضيات مصلحة التحقيق وحماية أمن المجتمع معبراً عن وجهة نظر المجتمع فى إطار ضمانات مهمة رسمها الدستور والقانون للتعبير عن جوهر الحق فى الحرية الشخصية وأن الأصل فى المتهم البراءة.
وتعتبر حرية التنقل من أهم أوجه الحرية الشخصية، وقد حظيت بالحماية الدستورية فى كافة الوثائق الدستورية المصرية، كما تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويأتى المساس بحرية التنقل بإجراء القبض أو الحبس الاحتياطى وتسجل هذه الضمانات مشروعية المساس بحرية التنقل.
[1] ) الدكتور أحمد فتحى سرور- تقديم كتاب القاضى سرى محمود صيام عن الحبس الاحتياطى فى التشريع المصرى فى ظل الضمانات المستحدثة بالقانون 145لسنة 2006.- ص 8
ولما نصت المادة 36إجراءات على “يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المضبوط، وإذا لم يأت بما يبرئه، يرسله فى مدى أربع وعشرين ساعة إلى النيابة العامة المختصة.
ويجب على النيابة العامة أن تستجوبه في ظرف أربع وعشرين ساعة، ندفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعرض المتهم بعد أكثر من 24ساعة و عدم استجواب المتهم خلال 24ساعة من قبل النيابة حيث ثبت أن المحضر محرر بتاريخ 23 / 3 / 2020وتم عرضه على النيابة يوم 25 / 3 / 2020لذلك سقوط أوامر الحبس الصادرة فى حق المتهم خلال جلسات تجديد الحبس السابقة .
ولما كانت المادة 134إجراءات تنص على “يجوز لقاضى التحقيق، بعد استجواب المتهم، أو فى حالة هربه…… أن يصدر أمراً بحبس المتهم احتياطياً…”
وتنص المادة 124إجراءات جنائية على “لا يجوز للمحقق فى الجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم …. إلا بعد دعوة محاميه للحضور….”
وتنص المادة 199إجراءات على “فيما عدا الجرائم التى يختص قاضى التحقيق بتحقيقها وفقا لأحكام المادة 64تباشر النيابة العامة التحقيق فى مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة من قاضى التحقيق مع مراعاة ما هو منصوص عليه فى المواد التالية”
وحيث أن الاتهام الأول الذى تم توجيهه إلى المتهم هو (الإنضمام إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون)، وعندما سأل المتهم النيابة عن ماهية هذه الجماعة جاء رد النيابة (مش جماعة الإخوان المسلمين، ولكن جماعة إثارية) ولم تحدد النيابة للمتهم اسم هذه الجماعة، ولا ماهية أغراضها الإرهابية، ولا كيفية مشاركة المتهم لهذه الجماعة، وما هية الأقوال أو الأفعال التى قام بها وتشكل مشاركة منه لأغراض هذه الجماعة، ولا كيفية علم المتهم بأغراضها الإرهابية، ولا كيفية اتجاه إرادته لمشاركتها فى هذه الأغراض، مما دفع المتهم للتمسك بالحق فى الصمت.
وحيث أن التهمة الثانية التى وجهتها النيابة للمتهم هي (الترويج بالقول و الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض جماعة أسست على خلاف احكام القانون )، وعندما سأل المتهم النيابة العامة عن ماهية الألفاظ والعبارات التى قام بترويجها أو بكتابتها وشكلت جريمة من جرائم الارهاب ، وطلب مواجهته بها لم تجبه النيابة على سؤاله أو طلبه، وعندما سأل المتهم النيابة عن الألفاظ والعبارات المنسوبة إليه وأدت لتكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس، لم تجيبه على سؤاله، فتمسك المتهم بحقه فى الصمت.
ولعل من أهم الضمانات الواردة فى هذا التعديل، هو عدم جواز الحبس الاحتياطى دون استجواب: فقد أفصحت عن هذه الضمانة المادة 134من قانون الإجراءات الجنائية والمعمول بها فى تحقيق النيابة العامة بمقتضى الإحالة المنصوص عليها فى المادة 199من القانون ذاته، بما قررته من أن حبس المتهم احتياطياً لا يجوز إلا بعد استجوابه.
ويؤكد القاضى سرى محمود صيام نائب رئيس محكمة النقض الأسبق أن الاستجواب يعنى: مناقشة المتهم تفصيلياً ومواجهته بالتهمة[1].
وأكد أن هذه الضمانة ضمانة مهمة من ضمانات ممارسة سلطة الحبس الاحتياطى، يترتب على إغفالها بطلان هذا الحبس، وما ترتب عليه من إجراءات، وما أسفر عنه من أدلة، وقد تعاظمت قيمة هذه الضمانة بالتعديلات التى أدخلها القانون 145لسنة 2006على الأحكام الخاصة بالاستجواب، المنصوص عليها فى المادة 124إجراءات والتى تتمثل فى:
1- استحداث وجوب دعوة محامى المتهم فى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً، وذلك قبل استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود، وقد كانت هذه الضمانة مقصورة قبل التعديل على الجنايات.
2- استحداث إلزام المحقق، من تلقاء نفسه، بندب محام للحضور مع المتهم فى أثناء الاستجواب أو المواجهة، إذا لم يكن له محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وذلك فى مواد الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً، وتتحمل الخزانة العامة أتعاب المحامى المنتدب، وهذه الضمانة لم تكن متوافرة إلا فى مرحلة المحاكمة فى الجنايات.
3- النص فى الفقرة الأخيرة من المادة 124المستبدلة على حق المحامى الحاضر مع المتهم فى أن يثبت فى المحضر ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات.
ومن ثم فإن المشرع لم يستثنى من شرط الاستجواب السابق للحبس الاحتياطى إلا حالة هرب المتهم، وفى هذه الحالة يجوز الأمر بالقبض على المتهم وحبسه احتياطياً، وينفذ الأمر فى الحبس الاحتياطى فور القبض عليه.
وإذا كان الاستجواب المسبق شرطاً لصحة إصدار الأمر بالحبس الاحتياطى، فإنه يجب لصحة الأمر بمد الحبس الاحتياطى سماع أقوال المتهم وذلك امتثالاً لأحكام المواد 142، 143، 202، 203من قانون الإجراءات الجنائية، وهو إجراء يترتب على إغفاله بطلان الأمر الصادر بمد الحبس الاحتياطى.
ويؤكد الدكتور عبد الرءوف مهدى على ضرورة استجواب المتهم قبل حبسه احتياطيا باعتباره من أهم ضمانات التحقيق لأن هذا الاستجواب هو الذى يتيح الفرصة للمتهم بتفنيد الأدلة القائمة ضده والرد عليها.
وضرورة معرفة المتهم بحقيقة وتفصيلات التهمة الموجهة إليه هو جوهر عملية التحقيق الابتدائى الذى تجريه النيابة، وهذا التحقيق هو إجراء بالغ الحساسية فى تمهيد الطريق نحو الوصول إلى الحقيقة وعدم التضحية بحرية المتهم وحقوق الدفاع، حيث أن هذه المرحلة هى التى يثور فيها مشكلة التوفيق بين حماية حقوق المتهم وحرياته وبين الدفاع عن مصالح المجتمع، حيث يعمد المحقق فى كثير من الأحوال إلى تطبيق بعض النصوص التى تسمح له بالمساس بحرية المتهم وحقوقه سواء بالحبس الاحتياطى أو تفتيش مسكنه أو الاطلاع على مراسلاته، ويجب ألا يتحقق هذا المساس بحرية المتهم وحقوقه إلا بعد استجوابه حول حقيقة التهم الموجهة إليه على نحو تفصيلى دون انتقاص أو تجهيل ليتمكن المتهم من تقديم دفاعه، وإذا عمد المحقق إلى عدم احاطة المتهم علماً بتفصيلات اتهامه يفقد بذلك شرط الحياد المفترض فيه، حيث يجب أن يتوافر فى المحقق أثناء مباشرته لسلطة التحقيق شرط الحياد التام، وهو الشرط الذى لا يتوافر فيه أثناء مباشرته سلطة الاتهام لأنه يضحى فى تلك المرحلة خصماً فى الدعوى الجنائية، ومن ثم فإنه طوال مرحلة التحقيق الابتدائى على المحقق ألا يتخلى عن هذا الحياد شكلاً وجوهراً، مما يعنى أن عليه عبء إبعاد سلطة التحقيق عن المواقف التى قد تعرضها لخطر التحكم أو الخطأ الجسيم أو الانحراف عن المصلحة العامة، أو التعسف فى استخدام السلطة قبل المتهم ودفاعه.
[1] ) القاضى سرى محمود صيام- الحبس الاحتياطى فى التشريع المصرى فى ظل الضمانات المستحدثة بالقانون 145لسنة 2006-دار الشروق- صفحة 55
ورغم كل ذلك صدر عدة قرارات بمد حبس المتهم خلال جلسة سابقة 9 / 4 / 2020و جلسة 22 / 4 / 2020و جلسة 6 / 5 / 2020 .
لذلك
يتمسك الدفاع بدفعه ببطلان قرار حبس المتهم احتياطياً، وقرارات مد حبسه الاحتياطى، لصدورها بالمخالفة لنصوص المواد 36، 134، 199، 142، 143، 202، 203من قانون الإجراءات الجنائية على النحو السالف بيانه بتلك المذكرة.
الحاضر مع المتهم
عمر خالد عبد العزيز
محام