الخط الساخن : 01118881009
الصحفي هو من يحترف مهنة الصحافة – المقصود بالاحتراف هو أن يتقاضى الصحفي من مهنته أجراً يستمد منه الجزء الأكبر اللازم لمعيشته.
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون – الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 – فبراير 1987) – صـ 352
(54)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1986
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وص لاح الدين أ بو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان – المستشارين.
الطعون أرقام 907، 957، 983 لسنة 31 القضائية
( أ ) صحافة – مدلول لفظ الصحفي.
القانون رقم 185 لسنة 1955 بتنظيم نقابة الصحفيين المصريين.
الصحفي هو من يحترف مهنة الصحافة – المقصود بالاحتراف هو أن يتقاضى الصحفي من مهنته أجراً يستمد منه الجزء الأكبر اللازم لمعيشته – تطبيق.
(ب) صحافة – مؤسسات صحفية – وكالة أنباء الشرق الأوسط – العاملون بها – مرتب – علاوة.
القانون رقم 43 لسنة 1978 بتطبيق قواعد الأجور والعلاوات المقررة بالمؤسسات الصحفية على الصحفيين العاملين بوكالة أنباء الشرق الأوسط ومجلة الإذاعة والتليفزيون. قرار المجلس الأعلى للصحافة الصادر بتاريخ 25 من إبريل سنة 1976.
استحقاق الصحفي للعلاوة يكون على أساس تاريخ التعيين في المؤسسة الصحفية أو تاريخ القيد بجداول نقابة الصحفيين أيهما أسبق – يعتد بمدة الاشتغال بالأعمال الصحفية في أي من المؤسسات الصحفية التابعة للاتحاد الاشتراكي بشرط أن تكون متصلة بمدة الخدمة الحالية – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 10/ 2/ 1985 أودع الأستاذ/ محمد حلمي الزغبي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/….. بصفته رئيساً لمجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 907 لسنة 31 القضائية في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 17/ 12/ 1984 في الدعوى رقم 810 لسنة 33 القضائية المقامة من السيد/ فاروق الهجرسي خالد ضد اتحاد الإذاعة والتليفزيون ووزير الإعلام والذي قضى بعدم قبول الطلبات الجديدة بشأن البدلات والحوافز الخارجة عن آثار التسوية الصحيحة، وبشأن الترقية لنائب رئيس تحرير أو التعويض عنها شكلاً، لعدم رفعها بالطريق القانوني الصحيح، وقبول طلب التسوية وطلبي التعويض شكلاً، وباستحقاق المدعي قانوناً لحساب المدة من أول عام 1955 حتى 1965 في العمل الصحفي بالمؤسسات الصحفية بالإضافة لما بعد ذلك، وإجراء التسوية على هذا الأساس وما يترتب على هذا من آثار، وإلزام الاتحاد مصروفات هذا الطلب، وبإلزام كل من اتحاد الإذاعة والتليفزيون والوزير الذي وقع قرار النقل والفصل من الصحافة وإعطائه قوة النفاذ بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن قرار الفصل وعبؤه النهائي على الوزارة وحدها ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه لعدم استناده إلى أساس من القانون وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وبتاريخ 4/ 2/ 1985 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ فاروق الهجرسي خالد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم المشار إليه قيد تحت رقم 957 لسنة 31 القضائية، وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وتعديل مقدار التعويض المقضى به عن فصل الطاعن من الصحافة وبتعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء قرار حرمانه من النشر، وذلك بالمقدار الذي حدده الطاعن في طلباته أمام محكمة أول درجة مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
وبتاريخ 16/ 2/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير الإعلام ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 983 لسنة 31 القضائية في حكم محكمة القضاء الإداري سابق الإشارة إليه، وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه ورفض الدعوى مع إلزام رافعها المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي ارتأت فيه:
أولاً: قبول الطعنين رقمي 907، 983 لسنة 31 قضائية شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعي في التعويض عن قرار نقله من العمل الصحفي بمجلة الإذاعة والتليفزيون إلى الهيئة العامة للمسرح بمقدار ثلاثة آلاف جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
ثانياً: قبول الطعن رقم 957 لسنة 31 قضائية شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وتحدد لنظر الطعون أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10/ 2/ 1986 وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 983 لسنة 31 قضائية والطعن رقم 957 لسنة 31 قضائية إلى الطعن رقم 907 لسنة 31 ليصدر فيها حكم واحد وبجلسة 28/ 4/ 1986 قررت إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الثانية” وتحدد لها جلسة 16/ 10/ 1986 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته التي اشتملت على منطوقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعون استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 3/ 7/ 1979 أقام السيد/ فاروق الهجرسي خالد الدعوى رقم 810 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتليفزيون ووزير الإعلام ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون طالباً الحكم بتسوية حالته باعتباره مشتغلاً بالمؤسسات الصحفية اعتباراً من عام 1955 طبقاً للائحة الصحفيين وما يترتب على ذلك من آثار، وبتعويضه عن سلسلة الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به متوالية حتى الآن، وإلزام المدعى عليه الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، مع كل الحقوق الأخرى.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية الشرطة في أول عام 1955 بعد أن حرر خلال دراسته بكلية الشرطة أول مجلة صحفية تصدر عن كلية عسكرية هي “مجلة كلية الشرطة” وكان ذلك امتداد طبيعياً للمجلات التي حررها أثناء دراسته الثانوية وبعد تخرجه في الكلية عينته وزارة الداخلية كاتباً صحفياً متفرغاً في مجلة البوليس الأسبوعية وألحقته دار التحرير للطباعة والنشر محرراً صحفياً في الصحف التي تصدر عنها، فاشتغاله بالصحافة بدأ منذ اليوم الأول لتخرجه في أول عام 1955، حيث اشتغل بمجلة البوليس الأسبوعية، ثم دار التحرير للطباعة والنشر التابعة للاتحاد الاشتراكي، واستمر يعمل في دار التحرير ومجلة البوليس حتى أول عام 1959، حيث التحق بمؤسسة أخبار اليوم وعمل بها محرراً صحفياً حتى عام 1963، ثم التحق بالعمل بمجلة الإذاعة والتلفزيون في أول عام 1963 حتى صدر قرار وزاري بتعيينه مديراً لها أول عام 1964، ثم طلب قيده بنقابة الصحفيين سنة 1965 وأنه مارس الكتابة الصحفية بجوار عمله مديراً لمجلة الإذاعة، وكان يتقاضى راتب الفئة الرابعة كما يحصل على مبالغ من كتاباته بالمجلة، بالإضافة إلى ما يتقاضاه من التليفزيون مقابل تحويل كتاباته بالمجلة إلى أعمال تليفزيونية. وأضاف المدعي أنه على إثر توقف مجلتي بناء الوطن وأراب أوبزرمز سنة 1967، شكلت لجنة وزارية قامت بتوزيع العاملين بهما، ونقل هو إلى الهيئة العامة للمسرح ليخلي منصبه لأحد المنقولين من المجلتين، فأصابه هذا النقل بأضرار مادية وأدبية، وكانت سبباً لزهده في العمل وهجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد قبول استقالته من هيئة المسرح بالقرار رقم 309 لسنة 1970 في 18/ 8/ 1970، وبعد صدور قرار الرئيس السادات في 20/ 5/ 1972 بإعادة الصحفيين الذين نقلوا إلى وظائف غير صحفية، قطع هجرته وعاد، وصدر قرار من هيئة المسرح برقم 30/ 1976 بنقله بفئته المالية إلى المجلة التي كان يعمل بها اعتباراً من 1/ 1/ 1976، إلا أنه ووجه من رئيس التحرير بقرارات بمنع نشر كتاباته خلال السنوات 76، 77، 1978 وهدده بالنقل من المجلة وهاجمه على صفحات الجرائد، وصحح المدعي شكل الدعوى بإعلان رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بصورة من عريضتها بتاريخ 21/ 1/ 1981.
ورداً على الدعوى، أفاد اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن مدة اشتغال المدعي بالأعمال الصحفية اشتغالاً فعلياً غير متصلة مع مدة خدمته بمجلة الإذاعة والتليفزيون، واشتراط الاتصال نصت عليه المادة الثالثة من قرار المجلس الأعلى للصحافة الصادر في 25/ 4/ 1976، ففي خلال المدة من 28/ 4/ 1955 حتى 1/ 3/ 1964 كان يعمل ضابط شرطة بوزارة الداخلية وإن كان قد عمل بمجلة البوليس حتى عام 1959، إلا أنه كان يقوم بالأعمال الإدارية ونشر بعض المقاولات الأدبية لا يعني اشتغالاً فعلياً بالصحافة، كما أنه في الفترة من عام 1959 حتى عام 1963 لم يكن يشتغل بالصحافة اشتغالاً فعلياً، إذ لم يعمل بأي جريدة أو مجلة، وغطى ذلك بتقديم شهادة من مجل الجيل بأنه قد نشر بعض النصوص والمقاولات في الفترة من عام 1959 حتى عام 1963، وهذا لا يعني الاشتغال الفعلي الذي لم يحدث إلا في عام 1964 حين عمل بمجلة الإذاعة والتليفزيون، والمدعي لم يعمل بالصحافة في الفترة من 27/ 2/ 1968 حتى 1/ 1/ 1976 كما وأن المدعي لم يطعن في قرار تسويته أمام اللجنة المشكلة بنقابة الصحفيين المنصوص عليها في المادة 6 من قرار المجلس الأعلى للصحافة، هذا ولا تسأل مجلة الإذاعة والتليفزيون عن التعويض، إذ أن قرار النقل لم يصدر من المجلة، ولكنه صدر من اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة، وحرمانه من بعض الميزات يرجع إلى فعله، وقد اعتبرته جهة الإدارة مشتغلاً بالصحافة من تاريخ قيده بجداول نقابة الصحفيين في 5/ 6/ 1965، وهو تاريخ سابق على تاريخ نقل المدعي في 28/ 2/ 1968 إلى مؤسسة المسرح.
وبجلسة 17/ 12/ 1984 حكمت المحكمة بعدم قبول الطلبات الجديدة بشأن البدلات والحوافز الخارجة عن آثار التسوية الصحيحة، وبشأن الترقية لنائب رئيس التحرير أو التعويض عنها شكلاً لعدم رفعها بالطريق القانوني الصحيح وقبول طلب التسوية وطلبي التعويض شكلاً وباستحقاق المدعي قانوناً لحساب المدة من أول عام 1955 حتى 1965 في العمل الصحفي بالمؤسسات الصحفية بالإضافة لما بعد ذلك، وإجراء التسوية على هذا الأساس وما يترتب على هذا من آثار، وإلزام الاتحاد مصروفات هذا الطلب، وبإلزام كل من اتحاد الإذاعة والتليفزيون والوزير الذي وقع قرار النقل والفصل من الصحافة وإعطائه قوة النفاذ بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن قرار الفصل وعبؤه النهائي على الوزارة وحدها ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أن المنازعة بين المدعي ومجلة الإذاعة والتليفزيون التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون هي من قبيل المنازعات الإدارية، ولا يخضع طلب التسوية وطلب التعويض لإجراءات التظلم الإداري المسبق وقد استوفيا جميع أوضاعهما الشكلية، أما طلب بعض الفروق المتعلقة ببدلات وحوافز وعلاوات فهي غير مقبولة شكلاً لعدم رفعها بالطريق القانوني، وعن الموضوع فإنه بالتطبيق للمواد الرابعة والخامسة والسادسة من قانون تنظيم نقابة الصحفيين المصريين يعد المدعي مشتغلاً بمهنة الصحافة لمباشرته الفعلية لإعمالها منذ عام 1955 حتى 1968 أي حتى تاريخ نقله لمؤسسة المسرح بتاريخ 27/ 2/ 1968، وأن انقطاعه عن العمل الصحفي منذ هذا التاريخ كان نتيجة للنقل الذي دفعه إلى الاستقالة ثم الهجرة حتى أعيد تعيينه بهيئة السينما بتاريخ 16/ 11/ 1971 ثم ندب لمجلة الإذاعة والتليفزيون ونقل إليها نهائياً من 1/ 1/ 1976، وهذه المدة القاطعة من 27/ 2/ 1968 كانت بفعل جهة الإدارة، ووفقاً للائحتي الأجور للصحفيين والعاملين بالمؤسسات الصحفية من غير الصحفيين التي أقرها المجلس الأعلى بجلسة 5/ 8/ 1976، فإن مدة الانقطاع بغير إرادة الصحفي لا تؤثر في اتصال المدة وهو ما يتوافر في مدة انقطاع المدعي ومن ثم لا تعد انقطاعاً، وتحسب مدة اشتغاله بالصحافة راجعة إلى عام 1955 وما يترتب على ذلك من آثار، أما عن التعويض فإن نقله من مجلة الإذاعة والتليفزيون وقد صدر من اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة دون سبب سوى إفساح المجال ليتولى غيره منصبه، لا يعادل الشطب من جدول الصحفيين فقط بل يزيد عليه، وهو خطأ جسيم، وهو ثابت قبل الجهة الإدارية والوزير الذي وقع القرار وأعطاه قوة النفاذ، واتحاد الإذاعة والتليفزيون وإن لم يصدره بنفسه إلا أنه ينوب عن الوزير فيما عساه أن يحكم به في الدعوى من تعويض بحكم متبوعية المدعي للجهتين كلتيهما، فهما تلزمان معاً بالتعويض، ومن ثم تكون التسوية الحسابية والمالية النهائية في تحمل التعويض على الوزارة التي وقع وزيرها قرار النقل وأعطاه الصيغة الإدارية النافذة، والواضح أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون لم يتورط في هذا الخطأ الجسيم، فعبء التعويض كله يقع على عاتق هذا التقرير بصفته لا بشخصه، وقدر التعويض عن النقل بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه مراعاً فيه ضغطه لاعتبارين أولهما احتمال ما يكون المدعي قد كسبه خلال فترة بعده عن العمل بعد استقالته، وثانيهما مراعاة التوازن فيما بين يسار الدولة وما بين حق الأفراد في رأب الصدوع والجراح التي تنالهم بسبب أخطائها.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 907، 983 القضائية المقدمين من رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون ووزير الإعلام يقومان على أن الحكم قد خالف الواقع السليم وصحيح القانون، إذ قضي للمدعي بحساب المدة من أول عام 1955 حتى سنة 1965 في العمل الصحفي بالمؤسسات الصحفية على خلاف حكم المادة الثالثة من قرار المجلس الأعلى للصحافة الصادر في 25/ 4/ 1976 التي تتطلب اتصال مدة العمل بالصحافة وتشترط إما التعيين في المؤسسات الصحفية أو القيد في نقابة الصحفيين أيهما أسبق، في حين أن المدعي لم يكن يعمل بمؤسسة صحفية ينتظمها الاتحاد الاشتراكي، فضلاً على أن عمله بها كان عملاً إدارياً، كما وأن عمله الصحفي اقتصر على نشر بعض الموضوعات والقصص في أوقات متفرقة وأخطأ الحكم أيضاً في ترتيب مسئولية الاتحاد عن قرار اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة الذي نقله إلى مؤسسة المسرح في 28/ 2/ 1968 وقضى بإلزامها بالتضامن مع الوزير الذي أصدر القرار بالتعويض في حين أن مجلة الإذاعة والتليفزيون لم تصدر قرار النقل، هذا بالإضافة إلى أن القرار لم يؤثر على تسوية حالته لأنه كان قد قيد بنقابة الصحفيين سنة 1965 وصدر قرار النقل في سنة 1968، كما أن التعويض المقضى به جاء جزافياً دون تحديد لعناصر وهو مما يعيب الحكم خاصة وأن المدة التي نقل فيها المدعي تقاضى فيها مرتباً من هيئة المسرح بالإضافة إلى ما كان يتقاضاه كمنتدب لمجلة الإذاعة والتليفزيون، ثم ما كسبه إثر هجرته إلى الخارج بإرادته.
ومن حيث إن الطعن رقم 957 لسنة 31 القضائية المقدم من السيد/ فاروق الهجرسي خالد يقوم على أن الحكم أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه، إذ أنه بعد أن استظهر مدى جسامة الخطأ الثابت في حق جهة الإدارة، قصر التعويض على مبلغ لا يفي بجبر الضرر استناداً إلى مبدأ ضغط التعويضات المستحقة للبعض عن أخطاء جهة الإدارة حفاظاً على مصلحة المجموع، وعلى افتراض تحقيق المدعي لكسب في أثناء هجرته للخارج، وهي أمور تنافي المبادئ المسلمة والقواعد الأصولية المقررة في عناصر التقدير. كما أسس الطعن على عدم سلامة الحكم في تحصيله الوقائع بالنسبة للتعويض، إذ رفض التعويض عن قرار الحرمان الضمني الصادر عن المدعى عليه الثالث من نشر إنتاجه الصحفي، في حين أن هذا القرار صدر مطلقاً شاملاً ولم يصدر مؤسساً على تقدير فني له ضوابطه أو أسسه الموضوعية وقدم الطاعن مذكرات بالرد على تقرير هيئة مفوضي الدولة أسهب فيها في التدليل على اشتغاله بالصحافة منذ عام 1955 بتقديم نماذج من مقالاته وأعماله الصحفية، واتهم جهة الإدارة بإخفاء شهادة تدل على أنه عمل بدار التحرير وهي إحدى المؤسسات الصحفية للاتحاد الاشتراكي، كما وأنه عمل بمجلة الجيل، ودَلَّل على موهبته الصحفية وعلى تعسف رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون بعد إعادته للعمل بالمجلة بمقالات وأحاديث نشرت له كلها تشيد بموهبته.
من حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 185 لسنة 1955 بتنظيم نقابة الصحفيين المصريين تنص على أن:
يعتبر صحفياً محترفاً من باشر بصفة أساسية ومنتظمة مهنة الصحافة في صحيفة يومية أو دورية تطبع في مصر أو باشر بهذه الصفة المهنة في وكالة أنباء مصرية أو أجنبية تعمل في مصر، وكان يتقاضى عن ذلك أجراً يستمد منه الجزء الأكبر اللازم لمعيشته.
وتنص المادة الخامسة من القانون المشار إليه على أن “يعتبر صحفياً محترفاً المراسل إذا كان يتقاضى مرتباً سواء كان يعمل في مصر أو في الخارج..”.
وتنص المادة السادسة على أن “يعتبر صحفياً محترفاً، المحرر المترجم، والمحرر المراجع والمحرر الرسام والمحرر المصور والمحرر المختزل والمحرر الخطاط”.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن الصحفي لا بد أن يكون محترفاً مهنة الصحافة، وفي سياق النص ما ينبئ عن المقصود بالاحتراف وهو أن يتقاضى أجراً يستمد منه الجزء الأكبر اللازم لمعيشته.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أنه بقدر ما أسهب السيد/ فاروق الهجرسي في التدليل على موهبته الصحفية ونشاطه الصحفي ومقالاته وقصصه بقدر ما أغفل إثبات الأجر الذي كان يتقاضاه من وراء هذا النشاط، فما قدمه من شهادات تشهد كلها بنشر مجموعة من قصصه ومقالاته، ومثل هذه الشهادات لا تكفي للقول بأنه محترف للصحافة كمهنة سواء بتقاضيه أجراً منها يعتمد عليه في معيشته، أو بعنصر الاحتراف الآخر وهو الثبات والانتظام والدورية، فهو في الفترة من سنة 1955 حتى سنة 1965 تاريخ قيده بنقابة الصحفيين، إما عمل في الشرطة وفقاً لمؤهله (حتى سنة 1964) وهي الوظيفة التي تمسك بها إلى ما قبل قيده بنقابة الصحفيين، أو عمل كإداري في مجلة البوليس في الفترة من أول عام 1954 حتى أول عام 1959 وفي أوقات متفرقة كان ينشر موضوعات وقصصاً سواء في مجلة البوليس أو الجيل الأسبوعية، ولم يتضمن أي من هذه الشهادات أنه باشر عملاً من الأعمال المنصوص عليها في المواد 4، 5، 9 من القانون رقم 185 سنة 1955 المشار إليه والتي يعتبر من يقوم بها صحفياً محترفاً ولا تفيد هذه الشهادات سوى أنه باشر مجرد نشر قصص وموضوعات، إلى أن عين بمجلة الإذاعة والتليفزيون بمرتب شهري قدره خمسون جنيهاً.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 43 لسنة 1978 بتطبيق قواعد الأجور والعلاوات المقررة بالمؤسسات الصحفية على الصحفيين العاملين بوكالة أنباء الشرق الأوسط ومجلة الإذاعة والتليفزيون تنص على أنه:
“استثناء من أحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام والقانون رقم 1 لسنة 1971 بإنشاء اتحاد الإذاعة والتليفزيون يسري على الصحفيين العاملين بوكالة أنباء الشرق الأوسط ومجلة الإذاعة والتليفزيون قرار المجلس الأعلى للصحافة الصادر بتاريخ 25 من إبريل لسنة 1976 وأي تعديلات تطرأ عليه مستقبلاً”.
وتنص المادة الثانية على أن تعاد تسوية مرتبات الصحفيين المشار إليهم في المادة السابقة على أساس تطبيق القواعد الواردة بالقرار المشار إليه.
ومن حيث إن قرار المجلس الأعلى للصحافة الصادر بتاريخ 25 من إبريل لسنة 1976 نص في مادته الثالثة على أن يكون تحديد مقدار العلاوة الدورية التي تستحق طبقاً لأحكام المادة السابقة على أساس تاريخ التعيين في المؤسسة الصحفية أو تاريخ القيد بجداول نقابة الصحفيين أيهما أسبق.
ويعتد بمدة الاشتغال بالأعمال الصحفية في أي من المؤسسات الصحفية التابعة للاتحاد الاشتراكي إذا كانت متصلة مع مدة الخدمة الحالية.
ومن حيث إنه وقد انتفت عن السيد/ فاروق الهجرسي صفة الاحتراف فإن بداية عمله الصحفي الذي يعتد به في تسوية حالته هو تاريخ تعيينه في مجلة الإذاعة والتليفزيون بعد استقالته من الشرطة بتاريخ 10/ 2/ 1964 باعتبار أنه منذ هذا التاريخ باشر بصفة منتظمة مهنة الصحافة في صحيفة دورية مما يكسبه صفة الصحفي.
ومن حيث عن التعويض، فإن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية منوطة بأن يكون قرارها معيباً وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين خطأ الإدارة أو عدم مشروعية القرار وبين الضرر الذي أصاب العامل.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب المدعي الحكم له بالتعويض عن قرار نقله من مجلة الإذاعة والتليفزيون وعن الإجراءات التي اتبعها معه رئيس تحرير المجلة التي أعيد للعمل بها من 1/ 1/ 1976 والمتمثلة في عدم نشر مقالاته ومهاجمته على صفحات الجرائد، فإنه من المقرر أن علاقة الموظف بالجهة الإدارية علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح وليس له أن يتمسك بالبقاء في وظيفة بعينها لتحقيق منفعة خاصة أو الحصول على ميزة شخصية، ولما كان الثابت أن المدعي قد نقل من مجلة الإذاعة والتليفزيون إلى هيئة المسرح بمناسبة إعادة توزيع العاملين لتوقف جريدتين عن العمل، وقد خلت الأوراق مما يفيد أن النقل قصد به الإضرار بالمدعي أو أنه لم يستهدف الصالح العام بأنه قصد به إفادة غيره بإحلاله محله دون وجه حق كما أن تقديم الأعمال التليفزيونية لا يمنع من وظيفة بمجلة الإذاعة والتليفزيون لأن هذه الأعمال مردها إلى قدرات الشخص الفنية والأدبية ولا ترتبط بوظيفته وجوداً وعدماً، كما أن نشر المقالات بالمجلة التي يعمل بها من عدمه مسألة يقدرها رئيس التحرير المسئول عن النشر وهي مسألة موضوعية وفنية تخرج عن رقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان المدعي قد نقل من مجلة الإذاعة والتليفزيون في 28/ 2/ 1968 وكان قرار النقل قد تم صحيحاً، ولا يوجد في الأوراق ما يفيد أنه تعرض لإكراه دفعه إلى تقديم استقالته، أو أن ثمة إجراء مخالفاً للقانون قد اتبع ضده ومن ثم تغدو مطالبته بالتعويض غير قائمة على أساس سليم من القانون متعيناً رفضها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فيتعين الحكم بقبول الطعون شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبأحقية المدعي في تسوية حالته باعتبار بداية عمله الصحفي من 10/ 2/ 1964 تاريخ تعيينه بمجلة الإذاعة والتليفزيون وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة، بقبول، الطعون، شكلاً، وفي موضوعها، بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته باعتبار أن بداية عمله الصحفي 10/ 2/ 1964 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.