الخط الساخن : 01118881009
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون – الجزء الأول – من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس سنة 2006 – صـ 653
(91)
جلسة 29 من مارس سنة 2006م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل – نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الله عامر إبراهيم، والسيد أحمد محمد الحسيني، وحسن عبد الحميد البرى، وعبد الحليم أبو الفضل القاضي – نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سعيد عبد الستار محمد – مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ عصام سعد ياسين – أمين السر
الطعن رقم 3383 لسنة 46 قضائية. عليا:
مسجون – حق المسجون في الزيارة – ضوابطه.
طبقًا لأحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون ولائحته الداخلية احترام المشرع آدمية الإنسان وكرامته فجعل للمحكوم عليه بأية عقوبة الحق في الزيارة وهو حق مزدوج مقرر للمحكوم عليه ولذويه فلأي منهم أن يطلب هذه الزيارة وفقًا للضوابط المقررة به واستثناءً من هذا الأصل يجوز للجهة الإدارية أن تمنح زيارة المسجون لأسباب صحية أو أمنية إلا أن هذا المنع ليس مطلقًا أو غير محدد بمدة معينة وإنما هو منع من الزيارة في أوقات معينة ولأسباب متعلقة بالأمن أو الصحة فلا يجوز أن تمارس هذه السلطة في كل الأوقات وبصفة دائمة أو مستمرة تستغرق فترة وجود المسجون أو المعتقل في سجنه – القول بغير ذلك يشكل إهدارًا لآدمية المسجون وإيذاء معنويًا له وحرمانًا من حق طبيعي مقرر له ولذويه – تطبيق.
الإجراءات
إنه في يوم الخميس الموافق 24/ 2/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 383 لسنة 46 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارة بالقاهرة – الدائرة الأولى – بجلسة 28/ 12/ 1999 في الدعوى رقم 10771 لسنة 53 ق الذي قضى في منطوقة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليًا: بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة. واحتياطيًا برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات، وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بالمحكمة وبجلسة 18/ 1/ 2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 16/ 3/ 2005 وتنفيذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة وتدوول نظره أمامها وبجلسة 1/ 2/ 2006 أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات تضمنت صورة رسمية من كشف الزيارات للسجين شقيق المطعون ضدها والتي تتضمن تمكين أسرته ومن ضمنها المطعون ضدها من زيارته خلال الفترة من 18/ 6/ 2003 حتى 25/ 9/ 2004 ومن ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدها أقامت بتاريخ 5/ 9/ 1999 الدعوى رقم 10771 لسنة 53 ق أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة الأولى – طلبت فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بمنعها من زيارة شقيقها المحكوم عليه/……… في محبسه في سجن شديد الحراسة أو في أي سجن ينتقل إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك مع سند من القول أنها شقيقة المحكوم عليه/…… المتواجد بسجن شديد الحراسة اعتبارًا من 29/ 5/ 1994 تنفيذًا لحكم بالسجن 15 سنة، ولم تتمكن م استعمال حقها الدستوري والقانوني في زيارته منذ دخوله السجن رغم حصولها على العديد من تصاريح الزيارة من مكتب النائب بدعوى غلق السجن علقًا تامًا بقرار يصدر لمدة ثلاثة شهور ويتجدد قبل انتهاء المدة بقرار مماثل حتى أصبح غلق السجن غلقًا مستمرًا ومنع الزيارة منعًا مطلقًا، ونعت المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته للمادة (42) من الدستور التي أوجبت معاملة كل من يقبض عليه بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ومخالفته للمادة (38) من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 التي كفلت لذوى المحكوم عليه الحق في زيارته.
وبجلسة 28/ 12/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وشيدت قضاءها بالنسبة للدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة: بالالتفات عن هذا الدفع لأنه لا يستقيم صدور قرار كل ثلاثة شهور بمنع الزيارة لمدة ثلاثة شهور وإلا أضحى القرار المطعون فيه بحظر زيارة المدعية للمسجون مستمرًا ومتوافرًا له كافة شروطه وأركانه القانونية وقائمًا وسابقًا على أي طلب يمكن تقديمه في هذا الشأن. وعن طلب وقف تنفيذ القرار أسست المحكمة قضاءها على أن البادي من ظاهر الأوراق أن مصلحة السجون أصدرت عدة قرارات إدارية وقتية في هذا الشأن آخرها القرار رقم 556 لسنة 1999 بسبب تتابع تحذيرات الجهات الأمنية من استهداف العناصر الإرهابية لبعض السجون وذلك نزولاً على مقتضى المادة (42) من القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون التي تجيز منع الزيارة منعًا مطلقًا أو مقيدًا بالنسبة للظروف في أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن مما يستفاد منه أن تتابع القرارات لمدة معينة تلو الأخرى دون فاصل زمني أشبه بالحرمان من الزيارة التي حرص المشرع على عدم جوازه للاعتبارات الدستورية والقانونية التي من أجلها قررت لذوي المسجون الحق في زيارته، هذا فضلاً عن أن تهديد بض الخارجين على القانون بتنفيذ بعض العمليات الإرهابية لا يخول الإدارة منع زيارة السجناء بصفة دائمة وإنما على الإدارة أن تقرر المنع لمدة محددة تتخذ خلالها من الإجراءات والاحتياطات ما يمكنها من كفالة الحقوق التي حرص الدستور والقانون على النص عليها دون أن تصل تلك الإجراءات والاحتياطات إلى حد الحرمان الدائم بتتابع المدد التي تمنع الزيارة خلالها واتصالها ببعضها، وبناء عليه يكون القرار المطعون فيه – حسب الظاهر من الأوراق – صدر مشوبًا بمخالفة المشروعية وهو ما يتوافر به ركن الجدية، كما يتوافر ركن الاستعجال لأن الاستمرار في تنفيذ القرار يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في قطع الصلة التي تربط المسجون بذويه والتي حرص المشرع على استمرارها.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله – أولاً: لأن الثابت من الأوراق أن القرار رقم 556 لسنة 1999 بمنع الزيارة هو قرار مؤقت يعمل به لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من 23/ 7 حتى 22/ 10/ 1999 وانتهى قبل صدور الحكم في 28/ 12/ 1999 ولم تقدم المطعون ضدها ما يفيد صدور قرار آخر بعد هذا القرار أو منعها من الزيارة بعد انتهاء تاريخ العمل بالقرار رقم 556 لسنة 1999 ومن ثم تكون مصلحتها في الطعن بعد انتهاء ميعاد سريان القرار المشار إليه تكون قد زالت مما كان يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة.
ثانيًا: إن المشرع خول جهة الإدارة سلطة منع زيارة المسجونين منعًا مطلقًا أو مقيدًا وفقًا لسلطتها التقديرية وهى في هذا الصدد تترخص في تقدير الظروف والأسباب ا لتي تدعو إلى منع الزيارة دون معقب عليها، وغنه لما كان الثابت أن شقيق المطعون ضدها مودع بأحد السجون شديدة الحراسة وأن هذه السجون مستهدفة من قبل بعض العناصر الإرهابية بغية الإفراج عن المسجونين فقد لزم إصدار القرار بمنع الزيارة للحيلولة دون ذلك لمدة مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 22/ 10/ 1999 ولم يثبت صدور قرارات تالية لهذا القرار ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن هناك حرمانًا دائمًا من زيارة المسجونين دون فواصل زمنية لا يجد له سندًا من الأوراق مما يجعله غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يشترط لوقف تنفيذ القرارات الإدارية توافر شرطين مجتمعين الأول: ركن الجدية بأن يكون طلب وقف التنفيذ قائمًا – حسب الظاهر من الأوراق – على أسباب جدية مما يجعل القرار مرجح الإلغاء وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه طبقًا لأحكام المادة (4) من الدستور والمادتين (38، 42) من القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون والمادة (64) من اللائحة الداخلية للقانون الأخير فإن المشرع قد احترم آدمية الإنسان وكرامته فجعل للمحكوم عليه بأية عقوبة الحق في الزيارة وهو حق مزدوج مقرر للمحكوم عليه ولذويه فلأي منهم أن يطلب هذه الزيارة وفقًا للضوابط التي وضعها القانون رقم 396 لسنة 1956 ولائحته الداخلية واستثناء من هذا الأصل يجوز للجهة الإدارية أن تمنع زيارة المسجون لأسباب صحية أو أمنية إلا أن هذا المنع ليس مطلقًا أو غير محدد بمدة معينة وإنما هو منع من الزيارة في قوات معينة ولأسباب متعلقة بالأمن أو الصحة فلا يجوز أن تمارس هذه السلطة في كل الأوقات وبصفة دائمة أو مستمرة تستغرق فترة وجود المسجون أو المعتقل في سجنه والقول بغير ذلك يشكل إهدارًا لآدمية المسجون وإيذاء معنويًا له وحرمانًا من حق طبيعي مقرر له ولذويه.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون ضدها تنازع في منعها من زيارة شقيقها المحكوم عليه في سجنه شديد الحراسة وذلك بإصدار قرارات متتالية بالمنع من الزيارة لمدد تستغرق كل مدة ثلاثة أشهر كان آخرها القرار رقم 556 لسنة 1999 مما يستفاد منه المنع من الزيارة بصفة دائمة ومستمرة مما يخالف أحكام الدستور والقانون.
ومن ثم يتوافر ركن الجدية كما يتوافر ركن الاستعجال لأن المنع من الزيارة والاستمرار في المنع يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في قطع الصلة التي تربط المسجون بذويه والتي حرص المشرع على استمرارها ولا وجه للدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضدها في الطعن على القرار رقم 556 لسنة 1999 لانتهاء مدته قبل صدور الحكم المطعون فيه لأن المطعون ضدها لا تنازع في هذا القرار وإنما تنازع في منعها من زيارتها لشقيقها المسجون بصفة دائمة ومستمرة نتيجة لصدور عدة قرارات متتالية ومنها القرار المشار إليه ومن ثم تظل مصلحتها قائمة حتى بعد انتهاء مدة القرار المشار إليه طالما ظل حقها في زيارة شقيقها مستمرًا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يتعين معه الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وسوم : حقوق السجين