الخط الساخن : 01118881009
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضهيرى “نائب رئيس المحكمة”
وعضوية السادة القضاة/ عبد الله فهيم، ربيع عمر، نبيل فوزي وجمال عبد المولى “نواب رئيس المحكمة”
الطعن رقم 2264 لسنة 77 ق
جلسة 26 من نوفمبر سنة 2008م
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ربيع محمد عمر “نائب رئيس المحكمة” والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده “ثانياً” أقام على مورث المطعون ضدهم “أولاً” الدعوى رقم 1487 لسنة 2001 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الدكان المبين بالصحيفة وتسليمه، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1970 استأجرت المرحومة فاطمة حسنين يوسف – جد الطاعنة – من مورثة العين محل النزاع، وإذ قام مورث المطعون ضدهم “أولاً” بغصب العين بعد وفاة المستأجرة الأصلية ووضع اليد عليها دون سند – فقد أقام الدعوى – كما أقام على الطاعنة الدعوى رق 1576 لسنة 2001 أمام ذات المحكمة التي قيدت برقم 2724 لسنة 2001 إيجارات كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1970 وإخلاء الدكان سالف البيان، وقال بياناً لدعواه إن المستأجرة الأصلية للعين محل النزاع سالفة الذكر توفيت بتاريخ 8/ 12/ 1990 فامتد عقد الإيجار سند الدعوى إلى نجلها – والد الطاعنة – وإذ توفى الأخير بعد صدور القانون رقم 6 لسنة 1997 ومن ثم فلا يمتد العقد لابنته الطاعنة وتضحى يدها على العين بدون سند فقد أقام الدعوى، تدخل مورث المطعون ضدهم أولاً منضماً إلى الطاعنة، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت فيهما بالطلبات، استأنف المطعون ضدهم ” أولاً” والطاعنة هذا الحكم بالإستئنافين رقمي 7330، 7370 لسنة 9 ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط وبتاريخ 5/ 12/ 2006 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن عقد الإيجار سند الدعوى استمر لوالدها بوفاة جدتها المستأجرة الأصلية للعين محل النزاع عام 1990 – قبل العمل بالقانون 6 لسنة 1997 – ثم استمر إليها بوفاة والدها بتاريخ 14/ 1/ 2001 ومن ثم فإن استمرار العقد إليها يعد الاستمرار الأول بعد العمل بهذا القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء استناداً إلى نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون 6 لسنة 1997 قولاً منه أن استمرار العقد للطاعنة يعد الاستمرار الثاني للعقد معملاً للقانون بأثر رجعي، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله – ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية والذي نشر في 26/ 3/ 1997 على أن ” يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأخير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر النص الآتي: ” فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية ذكوراً وإناثاً من قصر وبلغ، يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم، واعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا القانون المعدل لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة ….)) وفي المادة الثانية على أنه “استثناء من أحكام الفقرة الأولى من المادة السابقة يستمر العقد لصالح من جاوزت قرابته من ورثة المستأجر المشار إليه في تلك الفقرة الدرجة الثانية، متى كانت يده على العين في تاريخ نشر هذا القانون تستند إلى حقه السابق في البقاء في العين وكان يستعملها في ذات النشاط الذي يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، وينتهي العقد بقوة القانون بموته أو تركه إياها”.
وفي المادة الخامسة منه “ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، عدا الفقرة الأولى من المادة الأولى منه فيعمل بها اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه” وقد جاء في نص المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار رئيس الجمهورية 237 لسنة 1997 من أنه يقصد بالكلمات الواردة فيه المعاني الآتية (المستأجر) من استأجر العين ابتداء وكذا من استمر لصالحه عقد الإيجار بعد وفاة المورث. (المستأجر الأصلي) آخر شخص طبيعي استأجر العين ابتداء ….) – وما نصت عليه المادة السابعة من هذه اللائحة من أنه (إذا مات مستأجر – ظل كل مستأجر معه صاحب حق بقاء في العين وإلى جانب هذا الحق يستمر عقد الإيجار لصالح من يتوافر فيه شرطان هما – أن يكون وارثاً للمتوفي وأن يكون من الآتي بيانهم – أ- زوجات المستأجر وزوج المستأجرة – ب – الأقارب نسباً من الدرجتين الأولى والثانية – كل ذلك يدل – على أن أحكام التشريعات لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطق آثارها على ما وقع من قبل ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وأن تفسير النصوص التي يشوبها لبس أو غموض أو تحتمل أكثر من معنى معقول يكون من خلال الربط بين النص المعيب وغيره من النصوص والاستهداء بمصادرة التاريخية وأعماله التحضيرية وفي ضوء ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة – من أن حق الإيجار هو حق مالي لا ينتهي بوفاة المستأجر وإنما ينتقل إلى ورثته على التفصيل المبين بالمادتين 601 ، 602 من القانون المدني والذي يحكم العلاقات الإيجارية عند عدم وجود نص يخالف أحكامه من قوانين إيجار الأماكن، وإذ خلت هذه القوانين جميعاً قبل صدور القانون 6 لسنة 1997 من نص ينظم انتقال حق الإيجار في المجال إلى الورثة أو يحد منه – ذلك أن نص المادة 29/ 2 من القانون 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريته ما هو إلا ترديد للقواعد العامة رغم ما في تطبيق هذه القواعد من عنت بالمؤجرين إذا ما طبقت بعد انتهاء المدة الاتفاقية للعقد – وأثناء فترة الامتداد القانوني وهو ما أشار إليه حكم المحكمة الدستورية ودعا المشرع إلى إصدار القانون 6 لسنة 1997 ليحد من استمرار العقد عن وفاة المستأجر فحدد في الفقرة الأولى من المادة الأولى الورثة الذين ينتقل إليهم الحق من المستأجر المتوفي فحدد في الفقرة الأولى من المادة الأولى الورثة الذين ينتقل إليهم الحق من المستأجر المتوفي سواء أكان مستأجراً أصلياً أم وارثاً للمستأجر وقصر هؤلاء الورثة على زوجة المتوفي وأقربه حتى الدرجة الثانية دون سواهم ونص في المادة الخامسة على سريان هذه الفقرة وحدها بأثر رجعي – وأفصح في مذكرته الإيضاحية أن مقصده من ذلك المحافظة على الاستقرار والرواج الاقتصادي وبعد ذلك علاج المشرع الأوضاع القائمة القائمة وقت نفاذه بتاريخ نشره في 27/ 3/ 1997 فنص على احترام كل العلاقات الإيجارية القائمة الناشئة عن ورثة المتسأجرين وقسم الورثة في تاريخ نفاذه إلى فئتين أولاهما – ورثة المستأجر الأصلي أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية فهؤلاء يستفيدون من النظام الجديد الوارد في نص الفقرة الأولى للمادة الأولى فلا تنتهي الإجارة بوفاتهم وإنما ينتقل إلى ورثتهم بالنظام الجديدة ولمرة واحدة – بالمقصود بعبارة ” المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي” الواردة في الفقرة الثانية للمادة الأولى هم أصحاب حق البقاء الذين يستفيدون بالنظام الجديد بحيث إذا توفى أحدهم انتقل الحق إلى ورثته – وليس المقصود بالعبارة بيان من يتلقون الحق لأن هذا أمر قد فرغ منه المشرع في الفقرة الأولى – إذ ليس من المعقول أن يكون النص قد قصد إلى أن يرث المتوفي غير ورثته وإلا خالف أحكاماً تتعلق بالنظام العام وعلى ذلك فالمقصود بعبارة المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي – هو تحديد من ينتقل منهم الحق بالوفاة – وليس بيان من ينتقل إليهم الحق إلى هؤلاء يجب أن يكونوا ورثة المتوفى دون سواء – ولقد اعتبر المشرع المتوفين مستفيدين إلى عقودهم لم تنته بوفاتهم وإنما آلت حقوقهم إلى أزواجهم وأبنائهم مستعملاً لفظ المستفيدين بمعنى يخالف ما درجت عليه المحاكم، أما النوع الثاني من أصحاب حق البقاء فهم ورثة المستأجر الأصلي الذين تتجاوز قراربتهم الدرجة الثانية وكذلك ورثة ورثته فهؤلاء جميعاً تنتهي عقودهم بوفاتهم ومن ثم لا يستفيدون من النظام الجديد للتوريث وحسبهم أن المشرع احترام حقهم الذي اكتسبوه من أحكام الميراث والقانون المدني على ما سلف ذكره، وليس صحيحاً أنهم يستمدون حقهم في البقاء من نص المادة 29/ 2 قبل الحكم بعدم دستوريتها كما جاء في المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية – لأن هذا تقرير قانوني خاطئ إذ أثر الحكم بعدم الدستورية الكاشف قد أحال نص المادة 29/ 2 إلى العدم منذ نشأته ولا ضير في مخالفة اللائحة ذلك أن التكييف القانوني هو واجب المحاكم ولا يجوز للمشرع مصادرة هذا الحق بنصوص لائحته التنفيذية ومخالفة هذه النصوص ليس مخالفة القانون إذ أنها لا تعدو أن تكون رأياً والمحظور هو مخالفة النصوص التي تتضمن أحكاماً.
لما كان ذلك، وكان مفاد ما تقدم أن لورثة المستأجر الذي تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى أن ينقلوا إلى ورثتهم هم أزواجاً وأقارب إلى الدرجة الثانية حق الإجارة بالشروط الواردة فيها لمرة واحدة بعد 27/ 3/ 1997، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإخلاء الطاعنة من العين محل النزاع على سند من أن العقد سبق أن استمر لوالد الطاعنة بوفاة جدتها المستأجرة الأصلية بتاريخ 18/ 12/ 1990 ومن ثم لا يتكرر استمراره إليها بوفاة والدها بتاريخ 14/ 1/ 2001 عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 التي توجب الاستمرار لمرة واحدة فإنه يكون قد أعمل حكمها بأثر رجعي بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ولما تقدم وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده “ثانيا” المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئنافين رقمي 7330، 7370 لسنة 9 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 1576 لسنة 2001 كلي شمال القاهرة والمقيدة برقم 2724 لسنة 2001 كلي شمال القاهرة بالنسبة لما قضى به للمستأنفة الثانية – الطاعنة – وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده “ثانياً” المصروفات عن درجتي التقاضي ومبلغ مائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : ايجارات