الخط الساخن : 01118881009
عدم دستورية نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، فى مجال انطباقه على الانتخابات بالنظام الفردى، والجدول ” (أولاً) الفردى ” المرفق به
الجريدة الرسمية – العدد 9 (مكرر) – السنة الثامنة والخمسون
10 جمادى الأولى سنة 1436 هـ، الموافق أول مارس سنة 2015م
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من مارس سنة 2015م,
الموافق العاشر من جمادى الأولى سنة 1436هـ.
برئاسة السيد المستشار/ أنور رشاد العاصى النائب الأول لرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 37 قضائية “دستورية”.
المقامة من
السيد/ إبراهيم فكرى إبراهيم.
ضـد
1 – رئيس الجمهورية.
2 – السيد رئيس مجلس الوزراء.
3 – السيد رئيس اللجنة العليا للانتخابات.
الإجراءات
بتاريخ الخامس من فبراير سنة 2015 أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة، طلب فى ختامها الحكم بعدم دستورية المادة (25) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014, والمادة(10) من قانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 2014، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى لانعدام مصلحة المدعى فى رفعها، واحتياطيًا: برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى سبق أن أقام الدعوى رقم 24178 لسنة 69 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ضد رئيس اللجنة العليا للانتخابات طالبًا الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، ثانيًا: بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار الصادر من المطعون ضده رقم 1 لسنة 2015 بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين لانتخاب مجلس النواب، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام المطعون ضده بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 45 لسنة 2014, وإصدار قرار جديد بدعوة الناخبين للانتخاب متضمنًا مواعيد فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب، ثالثًا: إحالة الدعوى برمتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية القوانين أرقام 45، 46, 202 لسنة 2014, أو التصريح للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا عليها – رابعًا: إلغاء القرار المطعون فيه، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته أحكام الدستور والقانون، وبجلسة 3/ 2/ 2015 قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 10/ 2/ 2015 مع التصريح للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية خلال ثمان وأربعين ساعة طعنًا على دستورية المادة (25) من قانون تنظيم ومباشرة الحقوق السياسية، والمادة (10) من قانون مجلس النواب، والقانون رقم 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب, فأقام دعواه الماثلة.
وحيث إن المادة (25) من قانون تنظيم ومباشرة الحقوق السياسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014 تنص على أن “يكون الحد الأقصى لما ينفقه كل مترشح فى الدعاية الانتخابية فى النظام الفردى خمسمائة ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق فى مرحلة الإعادة مائتى ألف جنيه.
ويضاعف الحدان المُشار إليهما لكل خمسة عشر مرشحًا تجمعهم قائمة واحدة”.
وتنص المادة (10) من قانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 2014 على أن: “يُقدم طلب الترشح لعضوية مجلس النواب، فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، من طالبى الترشح كتابة إلى لجنة انتخابات المحافظة التى يختارها للترشح، خلال المدة التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات على ألا تقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشح.
ويكون طلب الترشح مصحوبًا بالمستندات الآتية:
بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية.
…………………………
إيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، تودع خزينة المحكمة الابتدائية المختصة بصفة تأمين.
…………………………
وتنص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب تنص على أن: “تقسم جمهورية مصر العربية إلى مائتين وسبع وثلاثين دائرة انتخابية تخصص للانتخاب بالنظام الفردى، كما تقسم إلى أربع دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم”.
وتنص المادة الثالثة على أن: يُحدد نطاق ومكونات كل دائرة انتخابية وعدد المقاعد المخصصة لها، ولكل محافظة طبقًا للجداول المرافقة، بما يراعى التمثيل العادل للسكان, والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين”.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية, وهى شرط لقبولها، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين؛ أولهما: أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما؛ فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك إن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن المادة (25) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية تخاطب المترشح، وكان المدعى لم تثبت له هذه الصفة بعد، ومن ثم فليس له مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن عليها، الأمر الذى يتعين معه القضاء، بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إن دستور سنة 2014 القائم قد أولى صفة ” المواطنة ” أهمية بالغة، إذ قرنها، بنص أولى مواده، بسيادة القانون، وجعل منهما أساسًا للنظام الجمهورى الديمقراطى الذى تقوم عليه الدولة، ونص كذلك فى المادة (4) منه على أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، كما كفل فى المادة (87) منه مشاركة المواطن فى الحياة العامة كواجب وطنى، وجعل لكل مواطن الحق فى الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وفى هذا السبيل؛ تلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب.
وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان المدعى، باعتباره مواطنًا قد ثبتت له صفة الناخب؛ إعمالاً لما نصت عليه المادة (87) من الدستور من التزام الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، وقد خلت أوراق الدعوى الراهنة مما يستفاد منه أن صفة الناخب قد زايلته أو أنه قد تجرد منها لأى سبب، فضلاً عن أنه لم يثبت بالأوراق قيام أى مانع يحول بينه وبين مباشرة حقوقه السياسية، وكان قد طعن أمام محكمة الموضوع على قرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات رقم (1) لسنة 2015؛ طالبًا وقف تنفيذه ثم إلغائه، مستهدفًا وقف إجراء انتخابات مجلس النواب؛ ثم أقام دعواه الدستورية الراهنة طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (10) من قانون مجلس النواب والقرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه، لمخالفتها المواد(9) و(53) و(102) و(190) من الدستور، استنادًا إلى أن تلك النصوص قد أهدرت مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، فضلاً عن عدم اتباع الأوضاع الشكلية لإصدار القوانين المشار إليها حيث لم يتم عرضها على قسم التشريع بمجلس الدولة إعمالاً لحكم المادة (190) من الدستور، وأحكام قانون مجلس الدولة، ولما كانت النصوص المطعون فيها تمس المركز القانونى للمدعى، بصفته ناخبًا، وتؤثر فيه، ومن ثم تتوافر للمدعى المصلحة الشخصية المباشرة فى دعواه الماثلة؛ ويتحدد نطاقها فى الطعن على نص المادة (10) من قانون مجلس النواب فى بنديها الذى يتعلق أولهما: بإلزام طالب الترشح بتقديم بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية، ويتعلق ثانيهما – بإلزام طالب الترشح بتقديم إيصال بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه .. بصفة تأمين، وكذا نص المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه، والجداول المرافقة به.
وحيث إن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض فى عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية سواء فى ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد فى ضوء ما قررته فى شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، ولما كان المدعى قد وصم قانون مجلس النواب وقانون تقسيم الدوائر انتخابات مجلس النواب، بالانعدام لمخالفتهما الأوضاع والشرائط الشكلية والإجرائية التى نظمها الدستور بنص المادة (190) والتى توجب مراجعة مشروعات القوانين بقسم التشريع بمجلس الدولة، وهو ما يندرج ضمن المناعى الشكلية، فيمن ثم فإن نصوص الدستور الحالى الذى صدرت النصوص المطعون فيها فى ظل العمل بأحكامه، تكون هى الواجبة التطبيق فى هذا الشأن.
وحيث إن المادة (190) من الدستور تنص على أن ” مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، و يحدد القانون اختصاصاته الأخرى”.
ولما كان الثابت بالأوراق أن مشروعى القانونين المنظمين لمجلس النواب، وتقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب قد سبق عرضهما على قسم التشريع بمجلس الدولة وتمت مراجعتها، فمن ثم، فإن قالة مخالفة تلك القوانين لنص المادة (190) من الدستور، يغدو مغايرًا للحقيقة والواقع جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن الدولة القانونية – وعلى ما تنص عليه المادة (94) من الدستور، هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها – أيًا كانت وظائفها أو غاياتها – بقواعد قانونية تعدو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، وكان مضمون القاعدة القانونية التى تعتبر إطارًا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التى يقوم عليها نظام الحكم على ما تقضى به المواد (1) و(4) و(5) من الدستور.
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى تنظيمه للحقوق التى قررها الدستور، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنها سلطة تقديرية – جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد المشرع باتباع أشكال جامدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها فى صورة صماء لا تبديل فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حال ما يناسبها، على ضوء مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التى يُباشر الحق فى نطاقها، وبما لا يصل إلى إهداره.
وحيث إن التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وفقًا لنص المادة (9) من الدستور، مؤداه أن الفرص التى تلتزم الدولة بأن تنتجها لمواطنيها مقيدة بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة الحق وأهدافه ومتطلباته، ويتحقق بها ومن خلالها التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون، بما يتولد عن تلك الشروط فى ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تتحدد على ضوئها ضوابط الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الانتفاع بهذه الفرص، بحيث إذا استقر لأى منهم حقه وفق هذه الشروط، فلا يجوز من بعد أن يميز بينه وبين من يماثله فى مركزه القانونى، وإلا كان ذلك مساسًا بحق قرره الدستور.
وحيث إن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن مبدأ المساواة أمام القانون يتعين تطبيقه على المواطنين كافةً؛ باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى، وعلى تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، وأضحى هذا المبدأ – فى جوهره – وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك إلى تلك التى كفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتأيه محققًا للصالح العام. وكان من المقرر أيضًا أن صور التمييز المجافية للدستور، وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه دستوريًا هو ما يكون تحكميًا، ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يُعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها يُعتبر هذا التنظيم ملبيًا لها، وتعكس مشروعية هذه الأغراض إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع لبلوغها متخذًا من القواعد القانونية التى يقوم عليها هذا التنظيم سبيلاً لها. إذ إن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه؛ هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، وكان التمييز انفلاتًا وعسفًا، فلا يكون مشروعًا دستوريًا.
وحيث إن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه – وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها، وكانت المذكرة الإيضاحية لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه، قد أفصحت عن الاعتبارات الموضوعية التى دعت المشرع إلى تمثيل المحافظات الحدودية بمجلس النواب، تمثيلاً يعكس أهميتها الجغرافية؛ لكونها تُعتبر سياج الأمن القومى وخط الدفاع الأول عن أمن الوطن ومواطنيه، وذلك على سبيل الاستثناء من قاعدة التمثيل المتكافئ للناخبين، فإن هذا الاستثناء وإن تضمن تمييزًا نسبيًا بين مواطنى هذه المحافظات وأقرانهم بالمحافظات الأخرى؛ يصلح أساسًا موضوعيًا يقيل الدوائر الانتخابية بتلك المحافظات من شبهة التمييز التحكمى، ومن ثم يكون هذا التمييز، وقد شُيد على أساس موضوعى، تمييزًا مبررًا، تنتفى معه مخالفة تقسيم الدوائر الانتخابية بالمحافظات الحدودية لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فى حق الانتخاب.
وحيث إن حق الانتخاب، المقرر لكل مواطن وفقًا لما تنص عليه المادة(87) من الدستور، يندرج ضمن الحقوق العامة التى حرص الدستور على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، ولضمان إسهامهم فى اختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصلحة الجماعة، وعلى أساس أن حقى الانتخاب والترشح على وجه الخصوص هما حقان متكاملان، لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما، ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أُفرغا من المضمون الذى يكفل ممارستهما ممارسة جديدة وفعالة، ومن ثم كان هذان الحقان لازمين لزومًا حتميًا لإعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريًا، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ومعبرة تعبيرًا صادقًا عنها، ولذلك لم يقف نص المادة (87) من الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى الانتخاب، والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة، عن طريق ممارسته لتلك الحقوق، واجبًا وطنيًا يتعين القيام به فى أكثر المجالات أهمية؛ لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تُعتبر قوامًا لكل تنظيم يرتكز على إرادة هيئة الناخبين، ولئن أجاز الدستور للمشرع، بنص تلك المادة ذاتها، تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها، فإنه يتعين عليه أن يراعى فى القواعد التى يتولى وضعها تنظيمًا لتلك الحقوق، ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها، وألا تنطوى على التمييز المحظور دستوريًا، أو تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذى كفلته الدولة لجميع المواطنين ممن تتماثل مراكزهم القانونية، وبوجه عام ألا يتعارض التنظيم التشريعى لتلك الحقوق مع أى نص فى الدستور، بحيث يأتى التنظيم مطابقًا للدستور فى عموم قواعده وأحكامه؛ وعلى النحو الذى يضمن للناخبين ألا يكون حقهم فى الانتخاب مثقلاً بقيد يفقدون معها أصواتهم من خلال تشويهها، أو إبدالها، أو التأثير فى تكافؤها وزنًا، وتعادلها أثرًا.
وحيث إن نص المادة (102) من الدستور الحالى قد وضع ضوابط أساسية، أوجب على المشرع التزامها عند تقسيمه الدوائر الانتخابية؛ وهى مراعاة التمثيل العادل للسكان والمحافظات، بحيث لا تُستبعد عند تحديد تلك الدوائر أية محافظة من المحافظات، أو الكتل السكانية التى تتوافر لها الشروط والمعايير التى سنها المشرع والضوابط التى وضعها الدستور، أو ينتقص حقها فى ذلك على أى وجه من الوجوه، هذا فضلاً عن وجوب التقيد فى كل ذلك بتحقيق التمثيل المتكافئ للناخبين، بما يستوجبه من عدم إهدار المساواة وتكافؤ الفرص فى الثقل النسبى لأصوات الناخبين؛ ولعدد السكان. ولا يعنى ذلك – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون التساوى بين أعداد من يمثلهم النائب فى كل دائرة تساويًا حسابيًا مطلقًا، لاستحالة تحقق ذلك عمليًا، وإنما يكفى لتحقيق تلك الضوابط أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة فى حدود المعقول.
وحيث إن متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب بمجلس النواب هو 168 ألف تقريبًا، والذى يمثل حاصل قسمة عدد سكان الجمهورية ومقداره 86.813.723 مضافًا إليه عدد الناخبين بها ومقداره 54.754.036 فى تاريخ صدور القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه – مقسومًا على اثنين ثم قسمته على عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردى وهو 420 مقعدًا – وباستعراض الجدول “(أولاً) الفردى” المرفق بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، فإنه يتبين أن المشرع لم يراع قاعدتى التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين فى العديد منها، ومن ذلك ما يلى:
1 – محافظة القاهرة: دائرة حلوان؛ يمثل فيها النائب 220.043 مواطنًا – وفقًا للمتوسط العام المشار إليه – فى حين أن دائرة الجمالية يمثل فيها النائب 78.175 مواطنًا، ودائرة المقطم يمثل فيها النائب 111.360 مواطنًا.
2 – محافظة القليوبية: دائرة طوخ؛ يمثل فيها النائب 228.226 مواطنًا، فى حين أن دائرة مدينة قليوب يمثل فيها النائب 130.008 مواطنًا.
3 – محافظة الشرقية: دائرة كفر صقر، يمثل فيها النائب 214.599 مواطنًا، فى حين أن دائرة مشتول السوق يمثل فيها النائب 149.154 مواطنًا.
4 – محافظة دمياط: دائرة فارسكور؛ يمثل فيها النائب 205.991 مواطنًا، فى حين أن دائرة الزرقا يمثل فيها النائب 124.291 مواطنًا.
5 – محافظة كفر الشيخ” دائرة الحامول؛ يمثل فيها النائب 234.493 مواطنًا، فى حين أن دائرة بيلا يمثل فيها النائب 104.256 مواطنًا.
6 – محافظة الغربية: دائرة بسيون؛ يمثل فيها النائب 235.970 مواطنًا، فى حين أن دائرة قطور يمثل فيها النائب 135.924 مواطنًا.
7 – محافظة المنوفية: دائرة بركة السبع؛ يمثل فيها النائب 230.341 مواطنًا، فى حين أن دائرة الشهداء يمثل فيها النائب 121.943 مواطنًا.
8 – محافظة البحيرة: دارة كوم حمادة؛ يمثل فيها النائب 240.152 مواطنًا، فى حين أن دائرة مدينة كفر الدوار يمثل فيها النائب 131.093 مواطنًا، وكذلك دائرة مدينة دمنهور يمثل فيها النائب 130.997 مواطنًا.
9 – محافظة الفيوم: دائرة يوسف الصديق؛ يمثل فيها النائب 255.941 مواطنًا، فى حين أن دائرة ابشواى يمثل فيها النائب 141.491 مواطنًا.
10 – محافظة بنى سويف: دائرة أهناسيا؛ يمثل فيها النائب 268.253 مواطنًا، فى حين أن دائرة بنى سويف يمثل فيها النائب 141.700 مواطنًا.
11 – محافظة المنيا: دائرة المنيا؛ يمثل فيها النائب 249.040 مواطنًا، فى حين أن دائرة مدينة المنيا يمثل فيها النائب 118.821 مواطنًا.
12 – محافظة أسيوط: دائرة الفتح؛ يمثل فيها النائب 225.697 مواطنًا، فى حين أن دائرة صدفا يمثل فيها النائب 103.617 مواطنًا، وكذلك دائرة أبو تيج يمثل فيها النائب 111.893 مواطنًا.
13 – محافظة سوهاج: دائرة مدينة سوهاج؛ يمثل فيها النائب 199.127 مواطنًا، فى حين أن دائرة دار السلام يمثل فيها النائب 143.5856 مواطنًا.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المواطنون ومن بينهم أولئك الذين تتوافر فيهم شروط مباشرتهم حق الانتخاب، وإن تباينت الدوائر الانتخابية التى تضمهم، يتكافأون من زاوية تمثيل النواب لهم؛ مما يتعين معه ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث الثقل النسبى لهم، بلوغًا فى خاتمتها إلى التمثيل الحقيقى المعبر عن مبدأ سيادة الشعب كمصدر للسلطات؛ إعمالاً لنص المادة (4) من الدستور، وإسهامًا فاعلاً فى حركة الحياة السياسية، وما ذلك إلا توكيدًا لحقيقة أن حق الانتخاب، بقدر ما هو حق للمواطن على مجتمعه، فإنه – وبذات القدر – واجب عليه؛ باعتباره أداة هذا المجتمع إلى تحقيق آماله عن طريق كفالة حرية مواطنيه فى التعبير عن خياراتهم، ومن أبلغ صور هذه الحرية؛ حقهم فى المجالس النيابية.
ومن أجل ذلك؛ يجب أن يضمن التنظيم التشريعى للدوائر الانتخابية أن يكون لصوت الناخب فى دائرة معينة الوزن النسبى ذاته الذى يكون لصوت غيره من الناخبين فى الدوائر الانتخابية الأخرى، وبمراعاة عدد السكان، بما مؤداه تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين فى مباشرتهم حق الانتخاب، ويترتب على ذلك أن مصادرة أو إهدار أو إضعاف هذا الوزن النسبى لهم فى دائرة انتخابية معينة، بالمقارنة بأقرانهم فى دائرة أخرى؛ يكون مخالفًا لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فى ممارسة حق الانتخاب.
لما كان ما تقدم، وكان نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 202 لسنة 2014 لم يلتزم قاعدتى التمثيل العادل للسكان، والتمثيل المتكافئ للناخبين، حيث تضمن فى الجدول المرفق الخاص بالنظام الفردى للانتخاب، تمييزًا بينهم؛ يتمثل فى تفاوت الوزن النسبى للمواطنين باختلاف الدوائر الانتخابية – على النحو السالف البيان – ودون أى مبرر موضوعى لهذا التمييز، متحيفًا بذلك حق الانتخاب، ومتنكبًا الهدف الذى تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكًا مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة فى ممارسة هذا الحق، ومخلاً – تبعًا لذلك – بمبدأ سيادة الشعب باعتباره مصدر السلطات، ومن ثم يكون هذا النص مخالفًا لأحكام المواد (4) و(9) و(53) و(87) و(102) من الدستور بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إن المدعى ينعى على نظام الانتخابات بالقائمة مخالفته مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، وعدم مراعاته الوزن النسبى للصوت.
وحيث إن الأحكام التى تضمنها نص المادة (4) من قانون مجلس النواب، وعجز المادة الثانية والمادة الثالثة من القانون رقم 202 لسنة 2014 المشار إليه – فى مجال انطباقها على الانتخاب بنظام القوائم – والجدول المرفق به الخاص بدوائر القوائم، فقد اختارت للانتخاب بنظام القوائم تقسيم جمهورية مصر العربية إلى عدد (4) دوائر، خصص لاثنين منها عدد (45) مقعدًا لكل منهما، وتتكون أولاهما وهى دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا من عدد (6) محافظات، وعدد الناخبين بها 21.280.268 ناخبًا، وعدد سكانها 31.826.460 مواطنًا، وتضم ثانيتهما: – وهى دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد (11) محافظة، وعدد الناخبين بها 19.715.314 ناخبًا، وعدد سكانها 33.321.638 مواطنًا، وقد خصص المشرع للدائرتين الأخريين عدد(15) مقعدًا لكل منها، وتشمل أولاهما: – وهى دائرة قطاع شرق الدلتا (7) محافظات، وعدد الناخبين بها 6.729.018 ناخبًا، وعدد سكانها 10.747.074 مواطنًا، وتضم ثانيتهما وهى دائرة قطاع غرب الدلتا عدد (3) محافظات، وعدد الناخبين بها 7.309.449 ناخبًا، وعدد سكانها 10.918.551 مواطنًا،
كما قضت الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون مجلس النواب المشار إليه بأن ينتخب عن كل دائرة عدد من الأعضاء يتناسب وعدد السكان والناخبين بها، بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والمتكافئ للناخبين، بما مؤداه أن التنظيم المتقدم قد التزم الضوابط الدستورية لتقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد بينها، لم يخالف مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، كما لم يخالف أى نص آخر من الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى فى هذا الشق منها.
وحيث إنه عن النعى بمخالفة المادة (10) من قانون مجلس النواب فيما تضمنته من إلزام طالب الترشح بتقديم بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية، لأحكام الدستور، فإن المادة (87) من الدستور الحالى تنص على أن ” مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق ………” وتنص المادة (102) على أن” …… ويشترط فى المترشح لعضوية المجلس (مجلس النواب) أن يكون مصريًا، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على شهادة إتمام التعليم الأساسى على الأقل، …….. ويبين القانون شروط الترشح الأخرى “، والمستفاد مما تقدم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن للمواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقًا لأحكام القانون، ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى، ولقد ناط النصين المتقدم ذكرهما بالمشرع تنظيم حق الترشح وبيان شروطه، بما يكفل تحقيق المقاصد التى توخاها المشرع الدستورى فى تقريره إياه، وهو ما يُلزم المشرع بأن يضع تنظيمًا يقوم على دعائم موضوعية تهيئ الفرص المتكافئة أمام المترشحين، إفرازًا لأفضلهم، وذلك ضمانًا لحق المواطنين فى اختيار ممثليهم فى المجالس النيابية، باعتبار أن السلطة الشرعية لا يفرضها إلا الناخبون، وكان هذان الحقان (الترشح والانتخاب) لازمين لزومًا حتميًا لإعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريًا، ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية، ولا يجوز بالتالى أن يُعهد بهذا التمثيل لغير من يؤدونها بحقها، فلا يكونون عبئًا على المجلس النيابى، بل يثرون أعماله من خلال جهد خلاق يتفاعل من المسئوليات الملقاة على ممثلى الشعب، ويقتضى ذلك أن تتوافر فيمن يتولى شرف تمثيل الأمة المصرية الخصائص الخلقية والنفسية والعقلية والعلمية والعملية، وهو ما يعنى ضرورة المفاضلة بين المرشحين المتزاحمين على ضوء أصلحهم للنهوض بمهمة التشريع على ضوء كفايتهم ونزاهتهم ودأبهم على العمل وقدرتهم العلمية والعملية على تحمل الأعباء، ذات الصلة بالشأن العام، ويتعين دائمًا أن يتولى مهام الشأن العام أفضل عناصر المجتمع.
وحيث إن الاختيار – وباعتباره – عملاً انتقائيًا – يفترض فى الأعم من الأحوال – أن المترشحين المتزاحمين على مقاعد مجلس النواب لا يتحدون فى كفايتهم العلمية والعملية لتوليها، وأن لبعضهم من عناصر التميز والتفوق ما يرجح بعضهم على بعض، وأن تقدير هذه العناصر لتحديد من يكون من بينهم أجدر بها، وأحق بالاختيار، عملية موضوعية لا تصدرها الجهة التى تتولاها عن أهوائها، ولا تعبر بها عن نزواتها، إذ على هيئة الناخبين أن تقارن بين هذه العناصر على ضوء حقائقها، وأن تزن كل منها بميزان الحق والعدل والجدارة، فلا ينفصل تقييمها عن واقعها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان المشرع قد ارتأى فى حدود سلطته التقديرية التى خولها الدستور إياها، إلزام طالب الترشح بأن يرفق بطلب الترشح بيان يتضمن السيرة الذاتية له، وذلك للتعريف به، وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية، وذلك حتى تتهيأ لكل ناخب مكنة حقيقية يفاضل من خلالها بين المترشحين المتزاحمين على المقاعد التمثيلية، وإذ أفرغ المشرع هذا الشرط فى قاعدة عامة مجردة يتساوى أمامها الكافة من المترشحين لعضوية مجلس النواب، دون أن يتضمن قيدًا أو مانعًا من الترشح، فإنه لا يكون قد خرج عن الحدود التى رسمها الدستور، أو جاد عن مبدأى المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص، أو صادر حرية الناخب فى هذا المجال الذى يرتفع مسئولية صاحبه عن مجرد التعبير عن رأيه فى شأن ينعكس على مصلحة خاصة له، إلى تمثيل كفائى ذى صفة نيابية فى أسمى الهيئات التشريعية، وإذ كان النص المطعون فيه لا يخالف الدستور من أى وجه آخر، فإن القضاء يرفض هذا الشق من الدعوى الماثلة يكون متعينًا.
وحيث إن المادة(10) من قانون مجلس النواب، قد ألزمت طالب الترشح بأن يرفق بطلب الترشح إيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه خزانة المحكمة الابتدائية بصفة تأمين بالنسبة لطالب الترشح فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، ومبلغ ستة آلاف جنيه بالنسبة للقائمة المخصص لها (15) مقعدًا، وكانت الغاية من هذا التأمين، كما أوضحتها نص المادة (26) من القانون ذاته هو خصم تكاليف إزالة الملصقات الانتخابية منه، على أن يرد هذا المبلغ أو المتبقى منه بعد خصم تلك التكاليف إلى المترشح خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وإذ راعى المشرع فى تقدير قيمة التأمين مقدار التكلفة الفعلية لإزالة الملصقات، والمسئولية عن ذلك، وكان تقديره فى كل هذا قائمًا على أسس موضوعية، هادفًا إلى تحقيق غايات لا خلاف حول مشروعيتها، وكافلاً تطبيقها على من تتماثل مراكزهم القانونية بما لا يجاوز متطلباتها، فإن نعى المدعى مخالفة ذلك لأحكام الدستور، يكون فى غير محله حقيقًا بالالتفات عنه، والقضاء برفض الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على نص المادة (25) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014.
ثانيًا: بعدم دستورية نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، فى مجال انطباقه على الانتخابات بالنظام الفردى، والجدول ” (أولاً) الفردى ” المرفق به.
ثالثًا: برفض ماعدا ذلك من طلبات.
رابعًا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : انتخابات