الخط الساخن : 01118881009
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1968 إلى منتصف فبراير سنة 1969) – صـ 373
(48)
جلسة 15 من فبراير سنة 1969
برئاسة السيد الأستإذ المستشار الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد المستشارين.
القضيتان رقما رقم 1320، 1340 لسنة 12 القضائية
( أ ) – عقد إداري. “تنفيذه”. “السبب الأجنبي. القوة القاهرة والحادث الفجائي” الاستحالة الناشئة عن سبب أجنبي تنقضي بها أصلاً الالتزام – الشرط الواجب توافرها في السبب الأجنبي. لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا من أثر القوة القاهرة.
(ب) – عقد. “تنفيذه”.
الخطأ العقدي، سواء كانت العقود مدنية أو إدارية، هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد – أثر ذلك.
(جـ) – عقد إداري. “تنفيذه” “السبب الأجنبي والقوة القاهرة”.
الشروط الواجب توافرها في السبب الأجنبي والقوة القاهرة – أثر إمكان توقع الحادث الذي يعتبر قوة قاهرة.
1 – إذا كانت الاستحالة ناشئة عن سبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي أصلاً، والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ الدائن أو فعل الغير، ويجب أن يكون الحادث غير متوقع ومستحيل الدفع ويكون من شأنه أن يجعل التنفيذ مستحيلاً، وغني عن البيان أنه لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة، فيتفقا مثلاً على أن يتحمل المدين بالأثر.
2 – من الأمور المسلمة في العقود كافة، سواء كانت عقوداً إدارية أو مدنية، أن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان السبب في ذلك، يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال.
وبما أن العقد الذي تستند إليه المنازعة الحالية هو عقد مبرم بين الجهات الإدارية المدعى عليها والمدعي للقيام ببناء عقارات لصالح شخص معنوي عام وبقصد تحقيق مصلحة عامة فهو عقد أشغال عامة، ويولد هذا العقد في مواجهة جهة الإدارة التزامات عقدية أخصها أن تمكن المتعاقد معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه فإذا لم تقم بهذا الالتزام فإن هذا يكون خطأ عقدياً في جانبها يخول المدعي الحق في أن يطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيام جهة الإدارة بالتزامها أو من جراء تأخرها في القيام به.
3 – وإن كان الإجراء الذي اتخذته مصلحة الآثار بمنع العمل في الموقع لمدة تسعة أشهر يستند إلى ما لهذه المصلحة من سلطة عامة في تنفيذ القوانين المتعلقة بالآثار. غير أنه مع ذلك لا يعتبر بمثابة القوة القاهرة أو السبب الأجنبي الذي يعفي جهة الإدارة المتعاقدة من تنفيذ التزامها المشار إليه، ذلك لأنه من الأمور المسلمة أنه يشترط في القوة القاهرة أو السبب الأجنبي أن يكون غير ممكن التوقع مستحيل الدفع، فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه أو أمكن دفع الحادث ولو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة ولا يترتب عليه إعفاء المدين من التزامه، والذي يبين من الاطلاع على المادة السادسة والعشرين من عقد الأشغال العامة المبرم بين المدعي وجهات الإدارة المدعى عليها أن العمل كان يجرى في منطقة أثرية وأنه كان من الأمور المتوقعة عند إبرام العقد توقف العمل فيه لوجود آثار في الموقع، ويترتب على ذلك أن تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل كان أمراً متوقعاً ولذلك فلا يعتبر هذا العمل سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة يترتب عليها أن يتحلل المدعى عليهم من التزامهم بتمكين المدعي من المضي في تنفيذ العمل المتعاقد عليه حتى يتم إنجازه، وكان يجب عليهم قبل أن يكلفوا المدعية بالعمل أن يتأكدوا من مصلحة الآثار أنه لا يوجد بالموقع ما يحول دون تنفيذ العملية المتعاقد عليها في الأجل المتفق عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن الشركة المدعية أقامت الدعوى رقم 1506 سنة 17 القضائية ضد وزارة الإسكان والمرافق ومؤسسة الأبنية العامة وتفتيش مباني القاهرة التابعين لوزارة الإسكان بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في يوم 5 من يونيه سنة 1963 طالبة الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 9904.500 مليمجـ والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 4 من مارس سنة 1959 أرسيت عليها عملية إضافات مركز التدريب المهني بالمطرية، وتحدد لإنهائها 35 أسبوعاً تبدأ من يوم 18 من إبريل سنة 1959 على أن يتم التنفيذ تحت إشراف تفتيش مباني القاهرة، وقد قامت بحفر مساحة الموقع إلى عمق 2.5 متر حسب الرسومات غير أن تفتيش المباني كلفها بالتعميق إلى 3.5 متر ثم إلى 5.25 متر بعد أن وعد أن يعوضها عن التغيير الذي وقع في الرسومات، وبعد أن أتمت الحفر وأخذت في صب الخرسانة المسلحة فوجئت بأمر صادر من مصلحة الآثار بإيقاف العمل، ثم حاصرت الشرطة المنطقة وأخذ رجال مصلحة الآثار في البحث والتنقيب عن الآثار بالموقع، وظل العمل موقوفاً لهذا الغرض مدة تسعة أشهر، وترتب على ذلك إلحاق أضرار بالغة بالشركة تتمثل فيما يأتي: ( أ ) تلف الأسمنت والخشب اللاتزانة والرمال التي شونتها في الموقع نتيجة تعرضها للمؤثرات الجوية مدة طويلة دون استعمال (ب) تعطلت العدد والآلات التي كانت موجودة في الموقع ولم يكن في استطاعة الشركة استعمالها في أغراض أخرى لأن مدة الإيقاف لم تكن محددة وكان من المحتمل استئناف العمل في أية لحظة (جـ) تحملت الشركة مرتبات موظفيها ومهندسيها وعمالها طوال تلك المدة (د) ازدادت الأسعار وارتفعت الأجور مما كلف الشركة مبالغ أكبر من المبالغ التي قدرتها لإتمام العمل (هـ) تحملت الشركة فوائد للبنوك لم تكن لتتحملها لو أن العملية سارت في مجراها الطبيعي.
وقد قدرت الشركة الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف العمل بمبلغ 6000 جنيه وقدمت بذلك مذكرة إلى تفتيش المباني، فقامت هذه المصلحة بفحص الموضوع وأقرت حق الشركة في مبلغ 1500 جنيه وبعد أن عادت الشركة إلى العمل وجدت أن الأعمال التي سبق أن قامت بها من حفر وصب للخرسانة قد انطمست، فاضطرت إلى إعادته من جديد بتكاليف أكثر، واشترطت مصلحة الآثار أن يكون الحفر تحت إشرافها، وكانت تغير من أوضاعه حيناً وتوقف العمل في أحيان أخرى لإعادة البحث والتنقيب عن الآثار، كما أن تفتيش المباني عدل في الرسوم فغير الأساسات من أساسات مستمرة إلى أساسات منفصلة، وترتب على هذا التغيير أن الحديد الذي تسلمته الشركة على أساس الرسومات الأولى لم يعد صالحاً بعد التعديل، فاضطرت إلى بيعه خردة وشراء حديد آخر شكلته من جديد مما حملها تكاليف أكثر بسبب ارتفاع أسعار الحديد وزيادة أجور الصناعة ويضاف إلى ذلك أنه بعد أن قامت الشركة بتشييد المباني بطول 80 متراً وارتفاع 4 متر في الجهة الشرقية وبطول 22 متراً وارتفاع 4 متر من الجهة القبلية للرسومات المعتمدة، أمرت المصلحة بهدم هذه المباني لمساسها بأرض الجار، وكذلك عندما همت الشركة بعمل شبكة المجاري طلبت منها المصلحة وقف العمل حتى يتم تغيير الرسومات، وتوقف العمل نتيجة لذلك مدة شهرين، وعدلت الإدارة أيضاً رسومات مجاري تصريف الأمطار ولم يسلم التعديل إلى الشركة إلا بعد سبعة أشهر من تاريخ استئناف العمل، كما عدلت أيضاً فرشة الخرسانة، وورشة الكهرباء مما تطلب مدداً أطول للعمل ولم يكن متصوراً بعد كل ما حدث من عطل ترجع أسبابه إلى فعل المصلحة أن تقوم الأخيرة بتوقيع غرامات تأخير عليها، غير أن الذي حدث أن المصلحة أوقعت عليها غرامات تأخير بلغت 2100 جنيه خصمت من مستحقاتها، وإذا كانت المصلحة قد تجاوزت عن مدد التأخير التي تسببت فيها مصلحة الآثار فإنها لم تلتفت إلى التأخير الذي نشأ عن التعديلات المتكررة في رسومات المبنى وطلبات هدم بعض المباني التي أقيمت. وانتهت الشركة المدعية إلى تحديد طلباتها فيما يلي:-
أولاً: بيان التعويضات المطلوبة عن فترة التوقف عن العمل لمدة ستة أشهر ومقدارها 6654.500 مليمجـ.
1 – 18.000 جنيه أجرة 72 عامل أوقفوا عن العمل بالقوة.
2 – 202.500 مليمجـ أجرة ثلاث خفراء لمدة تسعة أشهر.
3 – 144.000 جنيه أجرة ملاحظ عن تسعة أشهر × 16 ج شهرياً.
4 – 360.000 جنيه أجرة مهندس عن تسعة أشهر × 40 ج شهرياً.
5 – 2000.000 جنيه إيجار عدد ومهمات هي 50 متر خشب حصرت بمعرفة التفتيش.
6 – 210.000 جنيه فرق ثمن أسمنت اضطرت الشركة لبيعه بسبب تلفه.
7 – 300.000 جنيه زيادة في سعر الطوب بمقدار جنيه في الألف.
8 – 640.000 جنيه زيادة في أسعار أعمال الكهرباء بواقع 20%.
9 – 375.000 جنيه زيادة في أسعار الحديد الرفيع بواقع 15 ج في الطن في 25 طن.
10 – 900.000 جنيه زيادة في أسعار الكريتال بواقع 30%.
11 – 85.000 جنيه فوائد البنك عن 9 أشهر لخطابات الضمان.
12 – 150.000 جنيه أجر نقل مهمات من مكان إلى آخر بناء على أوامر مصلحة الآثار وما ترتب على ذلك من فقدان بعضها.
13 – 270.000 جنيه مصاريف مكتب مدة التوقف بواقع 30 ج شهرياً.
ثانياً أضرار نشأت عن تعديل الرسومات ومقدارها 1150 ج.
1 – 600.000 جنيه قيمة الخسارة في الحديد الذي بيع خردة بسبب عدم صلاحيته بعد تعديل رسومات الأساسات من أساسات مستمرة إلى قواعد منفصلة.
2 – 200.000 جنيه خسارة الشركة عن تعديل شبكة المجاري لدخولها في أرض الجار.
3 – 250.000 جنيه خسارة الشركة بسبب هدم المباني التي أقيمت.
4 – 50.000 جنيه خسارة الشركة بسبب تعديل رسومات ورشة الكهرباء.
5 – 50.000 خسارة الشركة بسبب تعديل في رسومات صرف الأمطار.
ثالثاً: قيمة غرامة التأخير التي أوقعتها المصلحة ومقدارها 2100 ج.
فيكون جملة التعويض المستحق للشركة هو مبلغ 9904.500 مليمجـ هو الذي تطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوه إليها.
ردت وزارة الإسكان على الدعوى بأن عملية الإضافات اللازمة لمركز التدريب المهني بالمطرية أرسيت على الشركة المدعية بمبلغ 24885.860 مليمجـ على أن ينتهي العمل خلال 35 أسبوعاً تبدأ من 14 من مارس سنة 1959 وتنتهي في 11 من نوفمبر سنة 1959 ثم تعديل ميعاد بدء التنفيذ إلى 18 من إبريل سنة 1959، وقد بدأت الشركة في العمل من هذا التاريخ واستمرت فيه إلى يوم 20 من مايو سنة 1959، وفيه طلبت مصلحة الآثار إيقاف العمل لوجود آثار بموقع العمل، واستمر الإيقاف حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960 أي لمدة 282 يوماً، ولذلك فقد تحدد ميعاد النهو يوم 25 من سبتمبر سنة 1960 ولكن الشركة لم تنته من إنهاء العملية وتسليمها تسليماً ابتدائياً إلا في يوم 19 من أكتوبر سنة 1961 بتأخير قدره 388 يوماً احتسبت عنه غرامة تأخير مقدارها 2090.248 مليمجـ خصمتها الإدارة من مستحقات الشركة.
ثم ردت الحكومة عن مطالبات الشركة بالآتي:
أولاً: بالنسبة إلى التعويض عن مدة وقف العمل بسبب البحث عن الآثار.
توجب المادة 26 من العقد على المقاول أن يوقف العمل في المكان الذي يعثر فيه على الآثار حتى يتلقى تعليمات من المراقب أو من ينوب عنه ولذلك يكون من الأمور المتوقعة في العقد توقف العمل إذا وجدت آثار بالموقع، والشركة وحدها تكون هي المسئولة عن تدبير أمورها في هذه المدة دون أن يحق لها طلب تعويض نظير ذلك، وقد قضت بذلك أيضاً المادة 61 من الشروط العمومية التي تنص على أن المقاول مسئول وحده عن مواجهة كل الصعوبات التي تصادفه مهما كان نوعها سواء كانت منظورة أو غير منظورة وسواء كان ذلك بسبب طبيعة الأرض أو الطبقات السفلية فيها أو المواد التي سيجرى حفرها أو تعترضه أثناء العمل، وليس له الحق في المطالبة بفئات أزيد مما هو مدون في عطائه أو أي مبالغ إضافية أو تعويض نظير الصعوبات التي تطرأ أو الظروف التي لم تكن منتظرة أو بسبب تكبده مصروفات زائدة أو خسارة أو تأخير يمكن أن ينشأ من طبيعة الطبقات أو الماء الذي يوجد بالأساسات والطبقات السفلية أو عدم التحقق من التزاماته أو بسبب أي خطأ أو سهو مهما كان نوعه، حصل في مستندات العقد أو في أي معلومات أخرى معطاة للمقاول، ويجب أن يعتبر أن النفقات المعطاة شاملة ومغطية مثل هذه المخاطر والمسئوليات والالتزامات، وقد نصت المادة 22 من العقد على هذا السبب.
ويتضح من هذه النصوص أنه لا يحق للشركة أن تطالب بأي تعويض نتيجة صعوبات نشأت عن طبيعة الأرض وما ينتج من ذلك من توقف عن العمل، وكل ما يمكن للشركة أن تطالب به هي مهلة إضافية تساوي مدة إيقاف العمل وما دامت جهة الإدارة قد منحت الشركة هذه المهلة ومقدارها 282 يوماً، فمن ثم لا يجوز للشركة أن تطالب بتعويض آخر، ويضاف إلى ذلك أن المبالغ التي تطالب بها الشركة عن هذه المدة لا أساس لها من العقد أو القانون فبالنسبة إلى أجر المهندس فإن المادة 18 من العقد إذا كانت توجب على الشركة تشغيل مهندس أثناء سير العمل، فإنها لا تلزمها بذلك أثناء مدة التوقف عن العمل، فضلاً عن أن تقارير المهندس الحكومي قاطعة في أن مهندس الشركة لم يكن موجوداً بموقع العمل اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1959. وبالنسبة إلى أجر الملاحظ فمن غير الثابت بالأوراق وجوده في محل العمل أثناء مدة التوقف، وأما بالنسبة إلى أجر الخفراء فالثابت أن مصلحة الآثار تضع حراسة مشددة على الموقع وتمنع أي فرد من الاقتراب منها مما يتعذر معه قيام أية حراسة أخرى، وبالنسبة إلى ما تطالب به الشركة نظير زيادة الأسعار فإن رتب الزيادة غير ثابتة، كما أنها لا حق لها فيها طبقاً للمادة 37 من العقد، والتي تنص على أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال إجابة طلبات المقاولين فيما يختص بزيادة الفئات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما تطالب به الشركة نظير إيجار الأخشاب الموجودة بالموقع، فهو يخالف نص المادة 27 من العقد التي تقضي بأن تكون جميع العدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى موقع العمل بقصد استعمالها في تنفيذ العمل مملوكة للحكومة ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للشركة أن تطالب عن بقائها بالموقع بأي تعويض، وأما ما تطالب به الشركة كفوائد عن خطاب الضمان، فإن خطابات الضمان كالتأمين النقدي، وقد نصت المادة 13 من العقد على أن لا تدفع فوائد عن التأمين، ولذلك فلا يحق للشركة المطالبة بفوائد عن خطاب الضمان. وأما بالنسبة إلى ما تطالب به الشركة عن تلف الأسمنت فإنه أمر لا دليل عليه، ولا تتحمل الإدارة أي مسئولية عن التلف طبقاً للمادة 37 من العقد.
وانتهت جهة الإدارة إلى أن كل العناصر التي تطالب بها الشركة كتعويض عن توقف العمل لا أحقية للشركة فيها أصلاً، كما أن هذه العناصر كلها لا أساس لها من الواقع أو القانون وتكون طلبات الشركة على غير أساس.
ثانياً: التعويضات الناشئة عن تعديل الرسومات.
قالت جهة الإدارة إن الثابت من الملفات أن الشركة حوسبت عن جميع الأعمال التي قامت بها واستوفت كافة مستحقاتها عنها، كذلك لا يجوز للشركة أن تطالب بالزيادة في الأسعار أو غير ذلك نتيجة تعديل الرسومات، وذلك طبقاً لنص المادة 40 من العقد التي تنص على أن للإدارة في أي وقت سواء قبل أو بعد البدء في التنفيذ أن تعدل الأعمال أو تزيدها أو تنقصها، وعلى ذلك فإنه إذا قامت جهة الإدارة بشيء من هذا القبيل فلا يخول ذلك المتعاقد معها أي حق في المطالبة بتعويض.
ثالثاً: عن غرامة التأخير.
تنص المادة 29 من العقد على أنه إذا تأخر المقاول عن إتمام العمل وتسليمه كاملاً في المواعيد المحددة ولم ترد الإدارة سحب العمل لهذا السبب فإنها توقع عليه غرامة عن المدة التي يتأخر فيها نهو العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم الاستلام بنسبة مقدارها 1% عن الأسبوع الأول أو أي جزء منه، 1.5% عن الأسبوع الثاني، 2% عن الأسبوع الثالث، 2.5% عن الأسبوع الرابع و3% عن أي مدة تزيد على ذلك، وتحتسب الغرامة من قيمة ختامي العملية جميعها إذا رأت أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بالعمل على أكمل وجه.
وأوضحت جهة الإدارة أن مدد التوقف قد روعيت فلم تحتسب المدة التي أوقف فيها العمل فيها العمل بناء على طلب مصلحة الآثار، كما أنه عندما تظلمت الشركة من أن الحفريات التي قامت بها في المدة من 18 من إبريل سنة 1959 حتى 20 من مايو سنة 1959 قد تهدمت مما اضطرها إلى إعادة العمل من جديد وزيادة العمق من 2 متر إلى 5 متر قدرت جهة الإدارة مد العمل فترة مقدارها 32 يوماً كما أضافت إلى مدة العمل مدداً إضافية أخرى تعادل الأعمال الإضافية الناشئة عن تعديل الرسومات بلغت 127 يوماً أضيفت إلى الميعاد المقرر للنهو وكان يوم 25 من سبتمبر سنة 1960 ولكن الشركة رغم ذلك لم تقم بإنهاء العمل إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 فأوقعت عليها غرامة تأخير تمثل 7% فقط من قيمة التأمين، وعن مدة أربعة أسابيع فقط في حين أن تأخير الشركة يفوق ذلك أضعافاً مضاعفة، وانتهت جهة الإدارة إلى أن الدعوى برمتها على غير أساس من القانون متعينة الرفض.
وقد عقبت الشركة المدعية على ذلك بمذكرتين رددت فيهما ما جاء في صحيفة الدعوى وأضافت أن المادتين 26، 61 من العقد لا تتناولان حالة الإيقاف الكلي عن العمل إذ لا تدخل هذه الحالة في نطاق الصعوبات التي تعترض المقاول أثناء التنفيذ فالصعوبات التي تشير إليها هاتان المادتان خاصتين بطبيعة العمل ذاته ولا تتصل بفعل الغير، وإذا أوقف العمل بسبب لا دخل للمقاول فيه وارتفعت الأسعار إبان الانقطاع، فإن للمقاول أن يرجع بالزيادة على رب العمل أما القول بأن المادة 27 من العقد تجعل الحكومة مالكة للعدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى الموقع لاستخدامها في العمل فالحكمة من إيرادها هي ضمان تنفيذ العملية، ومتى نفذت بقيت تلك المهمات كما كانت من قبل في ملك المقاول، ولذلك فإنه يستحق إيجاراً عما تعطل منها أثناء فترة التوقف وكذلك الأمر بالنسبة إلى فوائد خطاب الضمان وأما بالنسبة إلى غرامة التأخير فقد نشأ التأخير عن كثرة التعديلات التي أجرتها جهة الإدارة، وخرجت بالمشروع عن نطاقه الأصلي وقد طلب تفتيش المباني إزاء ذلك مد المهلة المحددة للعمل ورفع غرامة التأخير، ويضاف إلى ذلك أن التفتيش اعترف بحق الشركة في مبلغ 1502.903 مليمجـ كتعويض لها عن مدة الإيقاف.
ومن حيث إنه بجلسة 5 من يونيه سنة 1966 حكمت المحكمة بإلزام جهة الإدارة المدعى عليها بأن تدفع للشركة المدعية مبلغ 459.500 مليمجـ والمصاريف المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وأقامت قضاءها على أن المادة 26 من العقد وإن كانت قاطعة في توقع أن تكون موقع العمل منطقة أثرية كما حتمت وقف العمل في حالة اكتشاف آثار به، غير أن ذلك لا يعدو أن يكون تنظيماً لسير العمل في حالة اكتشاف آثار بالموقع، ولا يمنع القضاء بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالمتعاقد مع الإدارة والمترتبة على وقف العمل، ولا يجوز الاحتجاج بنص المادة 61 من شروط العقد لأن هذا النص ينفي حق المتعاقد مع الإدارة في المطالبة بأي تعويض نظير الصعوبات المادية التي تواجهه بسبب طبيعة طبقات الأرض، (وهو ما يفترض تحققه منه قبل التعاقد بوسائله الفنية) أو بسبب عدم تبينه حقيقة التزاماته (وهو ما يفترض وقوع خطأ منه) ومن ثم فلا يصلح هذا النص سبباً لنفي حقه في التعويض نتيجة وقف العمل بسبب خارج عن إرادته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما ورد بالشروط العمومية، وعلى ذلك فإن الشركة تستحق التعويضات الآتية عن مدة التوقف عن العمل.
1 – 18.500 مليمجـ أجر الـ 72 عاملاً الذين أوقفوا عن العمل في يوم الإيقاف لأن الشركة لم تكن تستطيع تفادي هذا الإجراء.
2 – 141 ج قيمة أجرة خفيرين فقط بواقع 25 قرشاً يومياً لكل منهما طوال مدة التوقف ومقدارها 282 يوم ولا حق للشركة في أجر المهندس أو الملاحظ لأنه ما كان يصح بعد أن أوقف العمل أن تستبقي أياً منهما بالموقع وكذلك لا حق لها في إيجار الأخشاب الموجودة بموقع العمل والفرق بين ثمن شراء الأسمنت وبيعه لأنها أمور غير ثابتة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما تطلبه من التعويض عن الزيادة في أسعار الطوب وأعمال الكهرباء والحديد والكريتال لأنه فضلاً عن أنها غير ثابتة فلا تعتبر من الآثار المباشرة المترتبة على وقف العمل، وأما بالنسبة إلى فوائد كتاب الضمان فلا يحق للشركة المطالبة بها طبقاًً لنص المادة 13 من العقد لأن خطاب الضمان كالتأمين النقدي فلا تستحق عنه فوائد. وأما بالنسبة إلى ما تطلبه الشركة كثمن للأخشاب التي فقدت نتيجة نقلها بأمر مصلحة الآثار، فإنه لما كانت الشركة تستحق أجر الحراسة فلا يسوغ لها أن تطالب بقيمة الأخشاب المفقودة لأن تبعة ذلك تقع على خفرائها وأما بالنسبة إلى مصاريف المكتب فلا حق لها فيها لأن هذه المصاريف تدخل ضمن نفقات الشركة كمنشأة إنتاجية، ولا يرتبط اتفاقها بحالة العملية، بل بعموم نشاط الشركة، ولذلك فلا تدخل ضمن الأضرار التي أصابت الشركة من جراء الإيقاف. وأما بالنسبة إلى التعويض الذي تطلبه الشركة نتيجة تعديل الرسومات بسبب وجود منطقة آثار في الموقع فإنه لا حق لها فيه طبقاً للمادة 40 من العقد التي تعطي لجهة الإدارة حق تعديل الأعمال الجارية بالزيادة أو بالنقصان أو تأمر بإضافة أعمال جديدة دون أن يكون من حق المقاول المطالبة بأي تعويض عن ذلك، غير أن هذا النص لا ينفي حق الشركة في التعويض عما تكون قد أزالته من المباني التي أقامتها نتيجة تعديل الرسومات وما يكون قد تلف من المهمات التي استعملت، ولهذا رأت المحكمة تعويض الشركة بمبلغ 50 ج عن تعديل الشبكة الأرضية للمجاري مسترشدة في ذلك بفئات التعاقد ولأن الشركة استعملت بعض متخلفات الهدم وبمبلغ 250 ج عن هدم الأبنية وهي واقعة لم تنفها الحكومة.
وأما بالنسبة إلى غرامة التأخير فقالت المحكمة إن الثابت أن الشركة استلمت الموقع وبدأت في العمل من يوم 19 من إبريل سنة 1959 ثم أوقف العمل في يوم 20 من مايو سنة 1959 بناء على طلب مصلحة الآثار، ثم استؤنف في يوم 27 من فبراير سنة 1960، وكان يجب على الشركة أن تنهيه في 25 من سبتمبر سنة 1960 غير أنها لم تسلم المبنى إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 ومن ثم تكون قد تأخرت في تنفيذ التزاماتها وتكون الحكومة محقة في توقيع غرامة التأخير عليها وتكون دعواها في هذا الشأن على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقدم من الشركة المدعية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب على النحو الآتي:
1- فمع أن المحكمة انتهت في حكمها إلى مسئولية الحكومة عن وقف العمل طوال مدة التسعة أشهر فإنها لم تحكم باستحقاقها لأجر المهندس أو الملاحظ بمقولة إن الشركة لا حق لها في استبقاء أي منهما بالموقع بعد إيقاف العمل، وهذا مردود بأن الشركة ما كانت تستطيع الاستغناء عن أيهما دون أن تعوضهما تعويضا مجزياً عن إنهاء العمل بسبب يرجع إليها، كما أنها ما كانت تستطيع تسريحهما لأنها لم تكن تعرف أن العمل سيظل موقوفاً وكان استئنافه متوقعاً في أي لحظة.
2- طالبت الشركة بإيجار العدد والمهمات طوال مدة الإيقاف ومقابل ما تلف من الأسمنت وزيادة الأسعار وقالت المحكمة إنه لا حق لها فيها لأنها أمور غير ثابتة ولأن زيادة الأسعار لا تعتبر آثاراً مباشرة لإيقاف العمل، وهذا لا يصلح رداً على طلبات الشركة لأنه من غير المنكور في الدعوى أن الأخشاب والمهمات تركت في مكان العمل وحصرت بمعرفة مهندس التفتيش، كما أنه لا جدال في أن الأسمنت يتلف إذا ترك تسعة أشهر بدون استعمال، ويضاف إلى ذلك أن تفتيش المباني اعترف في مذكراته بزيادة الأسعار.
3- اضطرت الشركة بعد استئناف العمل إلى أن تعيد الحفر وصب الخرسانة المسلحة من جديد ولم يتحدث الحكم عن ذلك مع أن لهذه الواقعة أصلاً ثابتاً في الأوراق بخطاب مرفوع إلى السيد وكيل الوزارة ملف رقم 141/ 2/ 10 ص 499 وملف رقم 116/ 4/ 66 أ ب% 2.
4- ذكرت المحكمة في حكمها المطعون فيه في معرض تحصيل الوقائع أن الحكومة أقرت حق الشركة في اقتضاء مبلغ 150 ج كتعويض لها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف الأعمال، وإذا كان ذلك ثابتاً في أوراق الملف رقم 141/ 2/ 10 ص 531 فإنه كان مطلوباً من الحكم أن يبين أثر هذا الإقرار، والحكم بأحقية الشركة في هذا المبلغ، ولا يقتصر على مجرد الحكم لها بأجر خفيرين وأجور العمال الذين أجلتهم مصلحة الآثار عن الموقع في يوم 20 من مايو سنة 1959.
5- انتهي الحكم إلى أحقية جهة الإدارة في تعديل الرسومات الخاصة بالأساسات على ألا ينفي ذلك حق الشركة في الحصول على تعويض عما تكون إزالته من المباني بعد إقامتها نتيجة التعديل وما يكون قد تلف من المهمات التي استعملتها، وتأسيساً على ذلك فإن الحكم إذا أغفل النظر في المبلغ الذي طالبت به الشركة وقدره 600 ج مقابل الحديد الذي تلف نتيجة تعديل الرسومات الخاصة بالأساسات يكون قد شابه قصور يجعله مخالفاً للقانون.
6- بالنسبة إلى ما قضت به المحكمة من رفض الدعوى بالنسبة إلى غرامة التأخير فقد أخطأ الحكم إذ لم يرد على دفاع الشركة في شأن المدد الواجب إضافتها إلى الميعاد المقرر لنهو العمل بسبب تعديل الرسومات واضطرار الشركة إلى هدم ما سبق أن أنشأته لدخوله في أرض الجار وإعادة إنشائه من جديد ويضاف إلى ذلك أن الحكم لم يتنبه إلى ما هو ثابت في الأوراق من أن جهة الإدارة أسقطت غرامة التأخير عن الشركة (يراجع الملف 141/ 2/ 5 ص 499 والملف 141/ 2/ 10 ص 289، 240، 250) وليس من شك في أنه يحق لجهة الإدارة التنازل عن توقيع الغرامة لأنها أقدر على تبين ظروف العمل، فإذا كانت الأوراق قاطعة في أن جهة الإدارة تنازلت عن توقيع الغرامة للظروف العملية فلا يجوز لها بعد ذلك أن توقعها على الشركة، ويكون الحكم إذ قضى بغير ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن مبني الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقدم من الحكومة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن المادة 26 من العقد جعلت من الأمور المتوقعة وقف العمل لوجود آثار بالموقع، ولهذا تكون الشركة وحدها مسئولة عن تدبير أمورها خلال مدة الإيقاف، دون أن يكون لها أي حق في التعويض نظير ذلك، وقد نصت على ذلك أيضاً المادة 61 من الشروط العمومية فقضت بأن المقاول مسئول وحده عن مواجهة الصعوبات التي تصادفه مهما كان نوعها، وسواء كانت منظورة أو غير منظورة، وسواء كانت بسبب طبيعة الأرض أو الطبقات السفلية منها أو المواد التي يجرى حفرها أو تعترضه أثناء العمل، وليس له المطالبة بفئات أزيد عما هو مدون بعطائه أو أية مبالغ إضافية أو تعويضات نظير الصعوبات التي تطرأ أو الظروف التي لم تكن منتظرة ويتضح من ذلك أن قيمة العطاء المتفق عليه تشمل جميع الالتزامات والمسئوليات المترتبة على العقد دون أن يكون للشركة أن تطالب بأي تعويض نتيجة صعوبات ناشئة عن طبيعة الأرض، وما ينتج عن ذلك من توقف عن العمل، وكل ما يمكن أن تطالب به هو تعويضها عن مدد التوقف وقد قامت جهة الإدارة بذلك فعلاً، وبالرغم من هذه النصوص الصريحة فقد قضت المحكمة بحق الشركة، في التعويض على أساس المسئولية العقدية في حين أنه ليس ثمة خطأ يمكن نسبته إلى جهة الإدارة يبرر الحكم عليها بالتعويض. أما ما ذهب إليه الحكم من أن نص المادة 61 من العقد لا يصلح سبباً في نفي حق المدعية في التعويض نتيجة وقف العمل بسبب خارج عن إرادتها، فإنه قول لا سند له من القانون، لأنه إذا كانت الاستحالة ناشئة عن سبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي أصلاً، والسبب الأجنبي هو الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ الدائن أو فعل الغير، ويجب أن يكون الحادث غير متوقع ومستحيل الدفع ويكون من شأنه أن يجعل التنفيذ مستحيلاً، وغني عن البيان أنه لا يجوز للمتعاقدين أن يعدلا باتفاقهما من أثر القوة القاهرة، فيتفقا مثلاً على أن يتحمل المدين بالأثر، وعلى ذلك فلم يكن للمحكمة أن تبحث ما إذا كان نص المادة 61 من العقد يصلح أو لا يصلح سبباً لنفي حق الشركة في التعويض، إلا بعد أن تبحث أولاً ما إذا كان لها حق أصلا في التعويض أم ليس لها هذا الحق أي هل تعتبر جهة الإدارة المتعاقدة مسئولة عن توقف العمل أم لا، فالمسئولية العقدية لا تترتب إلا على خطأ عقدي ولم يبين الحكم كنة هذا الخطأ الذي يبرر الحكم بالتعويض ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون فيما قضى به من تعويض للشركة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الأول من المنازعة والخاص بالتعويضات التي يطلبها المدعي نظير الأضرار التي لحقت به نتيجة لتوقف العمل بسبب تدخل مصلحة الآثار، فإنه من الأمور المسلمة في العقود كافة، سواء كانت عقوداً إدارية أو مدنية، إن الخطأ العقدي هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أياً كان السبب في ذلك، يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو إهماله، أو عن فعله دون عمد أو إهمال.
ومن حيث إن العقد الذي تستند إليه المنازعة الحالية هو عقد مبرم بين الجهة الإدارية المدعى عليها والمدعي للقيام ببناء عقارات لصالح شخص معنوي عام وبقصد تحقيق مصلحة عامة فهو عقد أشغال عامة، ويولد هذا العقد في مواجهة جهة الإدارة التزامات عقدية أخصها أن تمكن المتعاقد معها من البدء في تنفيذ العمل ومن المضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه فإذا لم تقم بهذا الالتزام فإن هذا يكون خطأ عقدياً في جانبها يخول المدعي الحق في أن يطلب التعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم قيام جهة الإدارة بالتزامها أو من جراء تأخرها في القيام به.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الطعن أن جهة الإدارة المدعى عليها مكنت المدعي من البدء في تنفيذ العملية المتعاقد عليها، فسلمته الموقع في يوم 18 من إبريل سنة 1959 وباشر العمل فيه حتى يوم 20 من مايو سنة 1959، وفيه منع المدعي من مباشرة العمل منذ ذلك التاريخ حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960 بواسطة عمال مصلحة الآثار بسبب قيام هذه المصلحة بالبحث والتنقيب عن الآثار في أرض الموقع، فإن الخطأ العقدي يتحقق في جانب جهة الإدارة المتعاقدة ويتمثل هذا الخطأ في عدم قيامها بتنفيذ التزام من التزاماتها الناشئة عن عقد الأشغال العامة المشار إليه، وهو عدم تمكينها المدعي من إنجاز العملية المتفق عليها في المواعيد المحددة في العقد، ويترتب على ذلك أن تكون جهة الإدارة مسئولة عن تعويض الأضرار التي لحقت بالمدعي من جراء ذلك الإيقاف إن كان لذلك وجه. ما لم تثبت انتفاء علاقة السببية بين خطئها وبين الضرر الذي أصاب المدعي ولا يتأتى ذلك إلا بإثبات أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد لها فيه كحادث فجائي أو بقوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ من الغير.
ومن حيث إنه وإن كان الإجراء الذي اتخذته مصلحة الآثار بمنع العمل في الموقع لمدة تسعة أشهر يستند إلى ما لهذه المصلحة من سلطة عامة في تنفيذ القوانين المتعلقة بالآثار، غير أنه مع ذلك لا يعتبر بمثابة القوة القاهرة أو السبب الأجنبي الذي يعفي جهة الإدارة المتعاقدة من تنفيذ التزامها المشار إليه، ذك لأنه من الأمور المسلمة أنه يشترط في القوة القاهرة أو السبب الأجنبي أن يكون غير ممكن التوقع مستحيل الدفع، فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه أو أمكن دفع الحادث ولو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة ولا يترتب عليه إعفاء المدين من التزامه، والذي يبين من الاطلاع على المادة السادسة والعشرين من عقد الأشغال العامة المبرم بين المدعي وجهات الإدارة المدعى عليها أنها تنص على ما يأتي “الآثار والمواد الصالحة للبناء- ( أ ) جميع الآثار والعملة والأشياء الأخرى ذات القيمة التي قد يعثر عليها أثناء العمل يجب تسليمها في الحال للمراقب أو لمن ينوب عنه أو لأي شخص آخر يكون مخولاً له استلامها بالنيابة عن الحكومة، وعلى المقاول أن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع حصول أي كسر أو ضرر لهذه الأشياء وعله أن يخطر في الحال المراقب أو من ينوب عنه عند اكتشاف أية مقبرة أو تماثيل أو حفريات أو بقايا مبان قديمة أو أية آثار أخرى يصعب نقلها ويعثر عليها أثناء الحفر وفي تلك الحالة يجب أن يتوقف العمل في هذا المكان حتى يتلقى تعليمات من المراقب أو من ينوب عنه، ويستفاد من هذا النص كما ذهب إلى ذلك المدعى عليهم في مذكراتهم المقدمة في الدعوى وفي عريضة الطعن المقدمة منهم أن العمل كان يجرى في منطقة أثرية وأنه كان من الأمور المتوقعة عند إبرام العقد توقف العمل فيه لوجود آثار في الموقع، ويترتب على ذلك أن تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل كان أمراً متوقعاً ولذلك فلا يعتبر هذا العمل سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة يترتب عليها أن يتحلل المدعى عليهم من التزامهم بتمكين المدعي من المضي في تنفيذ العمل المتعاقد عليه حتى يتم انجازه، وكان يجب عليهم قبل أن يكلفوا المدعية بالعمل في الموقع أن يتأكدوا من مصلحة الآثار أنه لا يوجد بالموقع ما يحول دون تنفيذ العملية المتعاقد عليها في الأجل المتفق عليه.
ومن حيث إنه لا اعتداد في هذا الشأن بما ذهب إليه المدعى عليهم من أن الشركة المدعية كانت تعلم بأن موقع العمل من المناطق الأثرية فإذا ما توقف العمل لهذا السبب كانت الشركة المدعية هي المسئولة عن تدبير أمورها ولا يحق لها المطالبة بأي تعويض نظير ذلك أو بأن المادة 61 من الشروط العامة للعقد قد تضمنت اتفاقاً على أن تتحمل الشركة المدعية أثر القوة القاهرة لا اعتداد لذلك لأنه بالنسبة إلى السبب الأول فإنه مردود بأن الالتزام بتمكين الشركة المدعية من إنجاز العمل المعهود به إليها إنما يقع على عاتق جهة الإدارة، وهي لم تقم بتنفيذه على النحو السالف بيانه، فتكون جهة الإدارة قد قصرت في تنفيذ التزاماتها وتلتزم بالتعويض، ويقع عليها هي بحث إثبات أن القوة القاهرة هي التي حالت دون تنفيذ التزامها أو أن السبب في الأضرار التي لحقت بالشركة المدعية ترجع إلى خطئه أو خطأ الغير وهي لم تقدم ما يثبت شيئاً من ذلك، وأما بالنسبة إلى السبب الثاني فإنه مردود أيضاً بما أورده الحكم المطعون فيه ومحصله أن هذا النص ينفي حق المتعاقد مع الإدارة في المطالبة بأي تعويض نظير الصعوبات المادية التي تواجهه بسبب طبيعة طبقات الأرض، (وهو ما يفترض تحققه منه قبل التعاقد بوسائله الفنية) أو بسبب عدم تبينه حقيقة التزاماته (وهو ما يفترض وقوع خطأ منه) غير أنه لم يرد بهذا النص أو غيره من نصوص العقد الأخرى ما يدل على أن المتعاقدين قصدا أن يعدلا باتفاقهما من أحكام القوة القاهرة أو آثارها أو أن تتحمل الشركة المدعية الآثار المترتبة على تدخل مصلحة الآثار وإيقاف العمل إذا وجدت آثار بالموقع.
ومن حيث إنه يترتب على ذلك كله أنه لما كانت جهة الإدارة المتعاقدة لم تقدم ما يدل على أن سبباً أجنبياً أو قوة قاهرة هي التي حالت بينها وبين تنفيذ التزامها بتمكين الشركة المدعية من إنجاز العمل المتعاقد عليه على النحو السالف بيانه فمن ثم فإن الخطأ العقدي يكون ثابتاً في حقها، وتتحقق بذلك مسئوليتها العقدية وتلتزم بتعويض الشركة المدعية عن الأضرار التي لحقت بها نتيجة إيقاف الأعمال في المدة من 18 من إبريل سنة 1959 حتى يوم 27 من فبراير سنة 1960.
ومن حيث إن الشركة المدعية تذكر أن الأضرار التي لحقت بها نتيجة توقف العمل خلال تلك المدة يقدر بمبلغ 6654.500 مليمجـ تتمثل في ثلاثة عشر عنصراً سبق بيانها فيما سبق وقد تبين لهذه المحكمة من بحث هذه العناصر ما يأتي:
أولاً: فيما يتعلق بمطالبة الشركة المدعية بأجر الـ 72 عاملاً الذين أوقفوا عن العمل في يوم 20 من مايو سنة 1959 تاريخ تدخل مصلحة الآثار والاستيلاء على الموقع، فإن من حق الشركة أن تحصل على أجور عمالها في هذا اليوم وقد قدرته بمبلغ 18 ج، غير أن الثابت من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 جزء 2 أن الشركة المدعية تقدمت بشكوى طالبة تعويضها عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إيقاف العمل فأحيلت إلى مديري أعمال بتفتيش المباني، قاما ببحث الشكوى ثم قدما مذكرة برأيهما أشر عليها مدير عام المصلحة في 19 من مايو سنة 1962 وقد أثبتت هذه المذكرة حق المقاول في مبلغ 13 جنيهاً و200 مليم كأجر للعمال على أساس ما ثبت لمقدميها من الاطلاع على تقارير المهندس المشرف على العملية وعلى أساس طبيعة الأعمال التي كانت تنفذ عند صدور أمر الإيقاف، وترى المحكمة اعتماد هذا التقدير والحكم للشركة بمبلغ 13.200 مليمجـ عن هذا العقد.
ثانياً: فيما يتعلق بأجور الخفراء فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه بمبلغ 141 ج للأسباب التي بني عليها، خاصة وقد أقرت المذكرة المشار إليها في البند السابق حق الشركة المدعية في الحصول على أجور الخفراء، وذكرت أنها احتسبت أجرهم ضمن ختامي العملية مما يدل دلالة قاطعة على أن الخفراء كانوا موجودين في موقع العمل طوال مدة الإيقاف وأنه لا صحة لما جاء بدفاع جهة الإدارة من أنه لم يكن هناك خفراء بالموقع، وإذ كان يتضح من الاطلاع على المذكرة المرفقة بالملف رقم 141/ 2/ 10/ 5 تحت رقمي 189، 190 أن أجور الخفراء قد استبعدت من ختامي العملية فمن ثم يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع ذلك المبلغ.
ثالثاً: أما بالنسبة إلى أجر الملاحظ وتقدره الشركة بمبلغ 144 ج على أساس أن أجر الملاحظ هو 16 ج شهرياً، فالذي يتضح من الاطلاع على المذكرة المشار إليها في البند الأول من عناصر التعويض أن مقدمي المذكرة أثبتا فيها ما يأتي “وحيث إن الملاحظ الذي كان موجوداً بها حتى يوم تسلميها لم يكن ليتمكن من الانتقال إلى عملية أخرى لأن الأمر بإعادة استئناف العمل لم يكن موقوتاً بوقت معين وحيث إن المقاول قدم صورة فوتوغرافية تثبت أن راتبه 14 ج شهرياً يتضح أن تقدير هذا البند هو 9 أشهر × 14 ج = 126 ج” والذي يستخلص من هذا البيان أن الملاحظ كان موجوداً بالموقع طوال مدة الإيقاف، وأن الشركة المدعية لم تكن في حل من تنحيته لأن استئناف العمل في أي وقت كان متوقعاً، وهذا ينفي في ذاته صحة دفاع جهة الإدارة في شأن وجود الملاحظ في موقع العمل، وإذ كان مرتب الملاحظ هو 14 ج وليس ستة عشر جنيهاً كما تذهب الشركة المدعية، لذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع 126 ج عن هذا العنصر.
رابعاً: أما بالنسبة إلى أجر المهندس وتقدره الشركة المدعية بمبلغ 360 ج فقد جاء في المذكرة المشار إليها أنه يسري على هذا البند ما ذكرته في شأن الملاحظ ولذلك قدرت المبلغ المستحق للشركة المدعية بمبلغ 360 ج، غير أنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 المرفق به تقارير المهندس مراقب العملية التي كانت تقدم كل خمسة عشر يوماً أن مهندس العملية كان موجوداً بموقع العمل خلال المدة من 20 من مايو سنة 1959 حتى يوم 31 من أكتوبر سنة 1959 وكان المهندس مراقب العملية يثبت في التقارير المقدمة منه أن مهندس المقاول كان مواظباً على التواجد في الموقع، أما بعد هذا التاريخ فلم يذكر عنه شيء مما يدل على أن الشركة استغنت عن خدماته، وأنه لم يباشر عمله منذ ذلك التاريخ بموقع العمل “الصفحات من 18 إلى 66 بالنسبة إلى المدة السابقة على 31 من أكتوبر سنة 1959، من صفحة 78 وما بعدها بالنسبة إلى المدة التالية لذلك، وعلى ذلك تستحق الشركة أجر المهندس عن المدة من 20 من مايو سنة 1959 حتى 31 من أكتوبر سنة 1959 أما بعد ذلك التاريخ فلا يحق لها المطالبة بأجر المهندس عنها، ولذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا إلى الشركة المدعية مبلغ 214.600 مليمجـ عن هذا العنصر.
خامساً: أما بالنسبة إلى إيجار العدد والمهمات التي تركت بالموقع وقد قدرته الشركة بمبلغ 2000 ج فإنه يبين من الاطلاع على المذكرة المشار إليها أن العدد والمهمات التي كانت موجودة بموقع العمل عند الإيقاف كانت تقدر بحوالي 30 م3 أخشاب من ألواح وعروق ومهمات وأنه إذا احتسب الإيجار عنها طبقاً لقائمة الأثمان فيكون المستحق هو مبلغ 171 ج وليس من شك في ملاءمة هذا التقدير للأسباب التي بني عليها خاصة وأن الشركة المدعية لم تقدم ما يناقضه أو ينال من صحته. ولا اعتداد في هذا الشأن بما أثاره المدعى عليهم في دفاعهم من أن هذا الطلب يتعارض مع نص المادة 27 من العقد التي تقضي بأن تكون جميع العدد والآلات والمهمات التي يستحضرها المقاول إلى موقع العمل بقصد استعمالها في تنفيذ العمل مملوكة للحكومة ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للشركة أن تطالب بتعويض عن بقائها في الموقع- لا اعتداد لذلك – لأن الحكمة من إيراد ذلك النص هو ضمان تنفيذ العملية ومتى نفذت بقيت المهمات كما كانت في ملك المقاول، ولما كانت العملية قد أوقفت لأسباب تسأل عنها جهة الإدارة على الوجه السالف بيانه فإن الشركة تستحق الإيجار المناسب عنها طوال فترة التوقف عن العمل، ولذلك يتعين الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للشركة عن هذا العنصر مبلغ 171 ج.
سادساً: أما بالنسبة إلى فروق ثمن الأسمنت الذي اضطرت الشركة المدعية إلى بيعه فقد قدرت قيمة الخسارة التي لحقتها من جراء ذلك بمبلغ 210 ج وبالاطلاع على المذكرة المشار إليها يتضح أنه ورد عن هذا العنصر ما يأتي “كان للمقاول عند استئناف العمل بعد مدة الإيقاف 35 طن أسمنت… وعند إعادة بدء العمل اتضح عدم صلاحيتها مما اضطر معه المقاول استبدالها بأسمنت آخر جديد ورفعها من محل العمل فلو فرض أنه باعها كما جاء في شكواه فلن يتعدى ثمن البيع لمثل هذا البيع أكثر من الرسمية وعلى هذا يقدر هذا 35 طن × 2/ بند 280= طن 35 × 2.900 مليمجـ = 101.500 مليمجـ” وليس من شك في أن هذا البيان يدحض دفاع الحكومة من أنه لا دليل على تلف الأسمنت ولذلك ترى المحكمة الحكم بإلزام المدعى عليهم بدفع القيمة التي انتهت إليها تلك المذكرة ومقدارها 101.500.
سابعاً: وأما بالنسبة إلى العنصر الحادي عشر من عناصر التعويض والمتعلق بفوائد خطاب الضمان عن مدة تسعة أشهر فقد ورد عنه في المذكرة المشار إليها أن المقاول قدم خطاباً صادراً من البنك يثبت أن فوائد خطاب الضمان عن مدة الوقف هي 84.975 مليمجـ وإذ كانت الشركة المدعية قد دفعت تلك الفوائد بسبب تعطل العمل فمن ثم تستحق الشركة هذا المبلغ، دون اعتداد بما أثارته جهة الإدارة من أن المادة 13 من العقد تنص على ألا تدفع فوائد عن التأمين وأن هذا النص ينطبق سواء كان التأمين نقداً أو كان بخطاب ضمان ذلك لأن الفوائد التي تحملتها الشركة خلال مدة إيقاف الأعمال، إنما تمثل خسارة لحقت بها نتيجة سبب تسأل عنه جهة الإدارة على النحو السالف بيانه وتستحق لذلك تعويضاً عنها ويتعين لذلك الحكم بإلزام جهة الإدارة بأن تدفع للشركة مبلغ 84.975 مليمجـ عن هذا العنصر.
ثامناً: وأما بالنسبة إلى العنصرين، الثامن الخاص بالزيادة في أسعار أعمال الكهرباء والعاشر الخاص بالزيادة في أسعار الكريتال فلما كان من المتعارف عليه عدم تركيب مثل هذه الأدوات والمهمات إلا بعد الانتهاء من الأعمال المعمارية، وقد تضمن الجدول الزمني للعملية ما يؤيد ذلك إذ قضى بأن تنفذ تلك الأعمال في آخر مراحل العملية “ص 224 ملف رقم 141/ 2/ 10 جزء 3 وكان تاريخ استئناف العمل غير معروف، فمن ثم كانت الشركة المدعية معذورة في عدم تدبير هذه المهمات منذ بدء تنفيذ العملية، وإذ كان الثابت من المذكرة المشار إليها أن أسعار أعمال الكهرباء وأسعار الكريتال زادت عند استئناف العمل عما كانت عليه وتقدر الزيادة على أساس ختامي العملية بمبلغ 220.228 مليمجـ للعنصر الأول، 240 ج للعنصر الثاني فمن ثم يتعين الحكم بإلزام جهة الإدارة بدفع هذين المبلغين دون اعتداد لدفاع جهة الإدارة في شأن الزيادة في الأسعار لذات الأسباب المشار إليها في البند السابق.
تاسعاً: وأما بالنسبة إلى العناصر الباقية وهي العنصر السابع الخاص بأسعار الطوب، والتاسع الخاص بأسعار الحديد والعنصر الثاني عشر الخاص بأجر نقل المهمات وفقدان بعضها والعنصر الثالث عشر والخاص بمصروفات المكتب فإن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه برفض الدعوى بالنسبة إليها للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
وعلى أساس ما تقدم تستحق الشركة المدعية أن يقضى بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لها مبلغ 1312.803 مليمجـ ألف وثلاثمائة واثنى عشر جنيهاً وثمانمائة وثلاثة مليمات، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات بالنسبة إلى هذا الشق من الدعوى.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الثاني من المنازعة والخاص بالتعويض الذي تطالب به الشركة المدعية عن تعديل الرسومات بسبب وجود آثار في المنطقة ومقداره 1150 ج فإن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع إلى الشركة المدعية مبلغ 300 ج (ثلاثمائة جنيه) ورفض ما عدا ذلك من الطلبات للأسباب التي استند إليها الحكم، ويضاف إليها بالنسبة إلى طلب الشركة تعويضها بمبلغ 600 ج قيمة خسارتها في الحديد الذي استغنى عنه بسبب تعديل رسومات الأساسات، فإنه يبين من الاطلاع على محضر التسليم الابتدائي للعملية، والمذكرة التي حررها مراقب عام التخطيط في شأن فحصه الختامي للعملية “الصفحات 188 – 194 ملف 141/ 2/ 10/ 5 أن جهة الإدارة أدخلت في الحساب عند تصفية المبالغ المستحقة للشركة المدعية، قيمة حديد التسليح الذي كانت الشركة قد أعدته لاستعماله في جزء من الأساسات قبل تعديلها، ولعدم صلاحيته للتشغيل بعد تعديل رسومات الأساسات بيع للمقاول بمبلغ 122.199 مليمجـ وخصم ثمنه من المستخلص المستحق للشركة ويتضح من ذلك أن جهة الإدارة كلفت الشركة المدعية بتقديم الحديد اللازم للعملية بعد تعديل الأساسات، وأضافت إلى حسابه قيمة الكميات التي قدمها جميعها سواء كان ذلك قبل تعديل الرسومات أو بعد ذلك، ثم باعت له ما اتضح أنه غير صالح للتشغيل بثمن اتفقا عليه، وخصمته من الحساب المستحق له، ومن ثم تكون الشركة المدعية قد حوسبت على الكميات التي تلفت وتكون مطالبتها عنها بتعويض آخر على غير أساس حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الشق الثالث من الدعوى والخاص بغرامة التأخير التي أوقعتها جهة الإدارة بالشركة المدعية، فقد أصاب الحكم المطعون فيه في قضائه للأسباب التي بني عليها والتي تعتبرها أسباباً لحكمها، ويضاف إلى ذلك أنه يبين من الاطلاع على الملف رقم 141/ 2/ 10/ 6 جزء 2، أنه بعد أن قامت الشركة المدعية بإنهاء العملية وتسليمها تسليماً ابتدائياً في يوم 19 من أكتوبر سنة 1961 بتأخير مقداره 373 يوماً، تقدمت بمذكرة أشارت فيها إلى الصعوبات التي صادفتها أثناء التنفيذ وطلبت رفع غرامة التأخير فقام تفتيش المباني بفحص الشكوى، ثم حرر مذكرة رأى فيها أن أسباب التأخير ترجع إلى أعمال الأساسات التي عدلت رسوماتها بسبب حفريات الآثار وتغيير نوع الأساسات وبعد أن تم الحفر على عمق خمسة أمتار بدلاً من مترين، كما أن الحفريات أثرت على التربة فجعلتها هشة، كما أن العمل كان يجرى تحت إشراف مصلحة الآثار التي كثيراً ما أوقفت العمل لإعادة التنقيب، واقترح التفتيش أن تضاف إلى المدد المقررة لنهو العمل مدة مقدارها 137 يوماً عن السبب الأول، 76 يوماً عن تدخل عمال مصلحة الآثار وتعطيل العمل، كما رأى إضافة 160 يوماً لأسباب أخرى ذكرها في المذكرة، ولهذا انتهت المذكرة إلى اقتراح إضافة المدد المشار إليها ومقدارها 373 يوماً إلى المدة المقررة لإنهاء العملية ورفع غرامة التأخير الموقعة على الشركة المدعية تبعاً لذلك.
وقد عرضت المذكرة المشار إليها على إدارة المشروعات بالوزارة فأرسلت كتاباً بملاحظاتها إلى تفتيش عام المباني، وقد جاء فيه أن أعمال الأساسات التي طلب التفتيش تعويض الشركة المدعية عنها بمدة 137 يوماً + 76 يوماً = 213 يوماً قد أنجزها المقاول فعلاً في خلال ثلاثة أشهر تقريباً كما يتضح من الاطلاع على التقارير النصف شهرية التي تقدم عن سير العمل، كما ضمن كتابه ملاحظات أخرى وطلب تحرير مذكرة تتفق مع نصوص العقد ومع التقارير نصف الشهرية المقدمة “ص 256 ملف” فرد تفتيش المباني على ذلك بمذكرة أشار فيها إلى الأسباب التي ضمنها مذكرته الأولى وانتهى إلى تأييد رأيه الأول برفع الغرامة غير أنه لم يرد على الأسباب التي ضمنها تفتيش المشروعات كتابه المشار إليه. ولم يقدر مدداً جديدة للتعويض الذي يرى منحه للشركة المدعية، ثم حررت إدارة المشروعات مذكرة برأيها في الموضوع ناقشت فيها الأسباب التي تقدم بها تفتيش المباني. وذكرت فيه بالنسبة لعملية الأساسات أن التقدير المناسب لتعويض المقاول عن الظروف التي سببت تعطيل العمل في مرحلة الأساسات وهو تعديل الأساسات مما أدى إلى زيادة قيمة العملية بحوالي 19% والنزول بالحفر إلى 5 متر وصعوبة الحفر بعد عمل الحفريات بواسطة مصلحة الآثار هي مدة 8 أسابيع وهي المدة التي كانت مقررة أصلاً لنهو عملية الأساسات وليست 213 يوم خاصة وأن المقاول أتم الأساسات فعلاً في حوالي ثلاثة شهور، كما أن المقاول في شكوى سابقة له مقدمة بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1960 لم يطلب أكثر من ثلاثة شهور نظير ما صادفه من تعطيل في العملية، ثم ناقشت إدارة المشروعات باقي ما جاء في مذكرة تفتيش المباني وانتهت إلى أن المقاول لا يستحق تعويضاً أكثر من 127 يوماً بخلاف الـ 282 يوماً السابق إضافتها إلى مدة العملية ويكون الموعد المحدد لنهو العمل هو 30 من يناير سنة 1961 ونظراً لأنه لم يتم العمل إلا في 19 من أكتوبر سنة 1961 فيكون قد تأخر 36 أسبوعاً بدون مبرر ولذلك انتهت إلى المطالبة بإيقاع غرامة مقدارها 7% من قيمة العملية، وقد اعتمدت الجهات المختصة هذه المذكرة وأوقعت الغرامة على الشركة.
ومن حيث إن الأسباب التي استندت عليها هذه المذكرة في شأن المدد الواجب إضافتها إلى مدة العمل الأصلية بالنسبة إلى عملية الأساسات هي أسباب سليمة تبرر النتيجة التي انتهت إليها، وإذا أضيفت هذه المدة إلى باقي المدد التي اقترح تفتيش المباني تعويض الشركة بها عن باقي العناصر “بافتراض صحة تقديره” لا تضح أن مجموع المدد التي يجب إضافتها إلى المدة المقررة لإنهاء العملية هي 56 يوماً عن الصعوبات، في أعمال الأساسات، 160 يوماً عن باقي الصعوبات المبينة في مذكرة تفتيش المباني فيكون المجموع هو 216 يوماً، ولما كانت الشركة قد تأخرت في انجاز العملية مدة 373 يوماً فيكون التأخير الذي تحاسب عنه بعد استبعاد مدد التعويض هو 157 يوماً.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 29 من العقد تجيز لجهة الإدارة توقيع الغرامة بالنسبة التي أوقعتها إذا بلغ التأخير أربعة أسابيع فقط فمن ثم يكون القرار الصادر بإيقاع الغرامة سليماً وتكون الدعوى على غير أساس بالنسبة إلى هذا الشق.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقدم من الحكومة على غير أساس من القانون حقيق بالرفض، أما الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقدم من الشركة المدعية فإن الشركة محقة بالنسبة إلى المبالغ التي رأت هذه المحكمة الحكم لها بها على النحو السالف بيانه ومجموعها 1612.803 مليمجـ ولذلك فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما برفض الطعن الأول مع إلزام الحكومة بمصروفات طعنها وبالنسبة إلى الطعن الثاني، بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلزام الحكومة بأن تدفع إلى الشركة المدعية مبلغ 1612.803 مليمجـ والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
“فلهذه الأسباب”
حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 1320، 1340 لسنة 12 القضائية شكلاً وفي موضوعهما: أولاً – بالنسبة إلى الطعن رقم 1340 لسنة 12 القضائية المقام من الحكومة برفضه وألزمتها بمصروفات طعنها.
ثانياً: بالنسبة إلى الطعن رقم 1320 لسنة 12 القضائية المقام من المدعي بتعديل الحكم المطعون فيه، وبإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ 1612.803 مليمجـ (فقط ألف وستمائة واثنى عشر جنيهاً مصرياً وثمانمائة وثلاثة مليمات لا غير) والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
قارن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 689 لسنة 4 القضائية بجلسة 12 – 12 – 1959 المنشور في مجموعة السنة الخامسة المبدأ 15 صفحة 106.