الخط الساخن : 01118881009
جلسة 30 من يونيه سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكي غرابه – نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز – نائبي رئيس المحكمة، محسن فضلى وطه عبد المولى.
(189)
الطعن رقم 1523 لسنة 62 القضائية
(1، 2) إثبات “طرق الإثبات: اليمين”. محكمة الموضوع. حكم “عيوب التدليل: القصور في التسبيب، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك”.
(1) اليمين التي يحلفها الخصم الذي أمرته المحكمة بتقديم محرر في حوزته بناء على طلب خصمه. محلها وسائر الإجراءات المنصوص عليها في المواد 20 إلى 24 إثبات. وجود المحرر في حوزة الخصم أو عدم وجوده. تعلقها بالدليل على التصرف لا التصرف ذاته. خضوعها لتقدير المحكمة. أثره. حلف الخصم لليمين. عدم منعه المحكمة من القضاء لصالح الخصم الآخر ولا يحجبها عن بحث الأدلة الأخرى على قيام التصرف.
(2) اعتبار الحكم المطعون فيه مجرد حلف أحد البائعين اليمين بالصيغة الواردة بالمادة 23 إثبات دليلاً على عدم وقوع البيع ذاته رغم انتفاء التلازم بينهما. حجبه ذلك عن بحث باقي الأدلة على انعقاد البيع. خطأ وقصور.
1 – مفاد المواد من 20 إلى 24 من قانون الإثبات أن اليمين التي يحلفها الخصم – والذي سبق أن أمرته المحكمة بتقديم محرر في حوزته بناء على طلب خصمه – بأن المحرر لا وجود له ولا يعلم بوجوده ولا مكانه، وأنه لم يخفه أو لم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال به” …… محلها وسائر الإجراءات المنصوص عليها في هذه المواد هو وجود المحرر في حوزة الخصم أو عدم وجوده فهي بهذه المثابة تتعلق بالدليل على التصرف، لا التصرف ذاته ومرجع الأمر فيها إلى تقدير المحكمة للدليل، فلا يمنعها أداء الخصم لليمين أن تحكم لصالح الخصم الآخر إذا ترجح لديها أنه المحق، وليس من شأن حلف الخصم بعدم وجود المحرر أن تحجب المحكمة نفسها عن بحث الأدلة الأخرى على قيام هذا التصرف متى طالعتها بها أوراق الدعوى وتمسك بها الخصوم.
2 – لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قول أن “المستأنف ضده……. البائع للمستأنفة قد حلف اليمين بعدم وجود عقد البيع المقول بصدوره من……. المالك للعقار موضوع النزاع للمستأنف ضدهما…… لم يقع ولا وجود له، وترتيباً على ذلك فإن عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1976 سند دعوى صحة التعاقد يكون صادراً من غير مالك، ومن ثم لا يمكن للبائعين للمستأنفة أن ينقلا إليها ملكية العقار المبيع وبالتالي يتعين رفض دعوى صحة التعاقد……” فاعتبر بذلك مجرد حلف أحد البائعين بالصيغة الواردة بالمادة 23 من قانون الإثبات دليلاً على عدم وقوع البيع ذاته – رغم انتفاء التلازم بينهما، وحجبه ذلك عن بحث وتمحيص الإقرارات الصادرة من البائعين لمورثة الطاعنة وملحق العقد المشار إليه آنفاً، رغم تمسك الأخيرة بدلالتها على انعقاد البيع الصادر لبائعيها من المالك الأصلي، وهو ما كان يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن نبوية حسين محمد سليمان – مورثة الطاعنة – أقامت الدعوى رقم 9183 لسنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده التاسع وكل من مورث المطعون ضدهم الثمانية الأول ومورث العاشرة للأخير، بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1976 الصادر لها من الأولين ببيع العقار المبين به، وعقد بيع ذات العقار الصادر لهما من الأخير المالك أصلاً بسندات مسجلة، كما أقامت على الأولين الدعوى رقم 10270 لسنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ 2520 جنيهاً قيمة ما تستحقه من ريع العقار بموجب شروط عقد البيع الصادر لصالحها. أقام مورث المطعون ضدهم الثمانية الأول على مورثة الطاعنة وعلى المطعون ضده التاسع الدعوى رقم 830 لسنة 1980 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المذكور تأسيساً على تخلف المشترية عن سداد باقي الثمن في الميعاد المحدد. قضت محكمة أول درجة – بعد أن ضمت الدعاوى الثلاث – بفسخ العقد المؤرخ 9/ 1/ 1976 وبرفض دعويي مورثة الطاعنة.
استأنفت الأخيرة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 5636 لسنة 98 ق، كما استأنفه – فرعياً – مورث المطعون ضدهم من العاشرة للأخير. قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف الفرعي، وفي الاستئناف الأصلي بتوجيه اليمين المنصوص عليها في المادة 23 من قانون الإثبات إلى كل من مورث المطعون ضدهم الثمانية الأول والمطعون ضده التاسع، بأنهما لا يعلمان للعقد الصادر إليهما من المالك الأصلي وجوداً، ولم يخفيانه ولم يهملا البحث عنه. فحلف الأخير ونكل الأول. الذي قدم ملحقاً لعقد البيع المؤرخ 30/ 4/ 1967 في 24/ 6/ 1968، بموجبه اشترى وآخر هو/ ………. عقار النزاع بحق النصف لكل منهما من مالكه الأصلي، وقرر أن……. تنازل عن حصته له فباع ومورث المطعون ضدهم الثمانية الأول كامل العقار لمورثة الطاعنة. وبتاريخ 15/ 12/ 1983 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت مورثة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 377 لسنة 54 ق، وبتاريخ 17/ 6/ 1987 نقضت هذه المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة تأسيساًً على أن الطاعنة قد أوفت التزامها بسداد باقي الثمن بطريق العرض والإيداع، فلا يصح اعتبارها متخلفة عن تنفيذه، لخلو العقد من الشرط الصريح الفاسخ. قضت محكمة الإحالة باستجواب الخصوم بشأن ملحق عقد البيع المؤرخ 30/ 4/ 1967، ثم حكمت في 9/ 1/ 1992 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من دعويي الفسخ والريع والقضاء برفض الأول وفي الثانية بإجابة الطلبات، وفي دعوى صحة ونفاذ عقدي البيع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفضها. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم عول في قضائه على حلف أحد البائعين لمورثتها اليمين الذي وجهته المحكمة بالصيغة الواردة بالمادة 23 من قانون الإثبات واستدل منه الحكم على ألا وجود لعقد البائع للبائعين لها، مهدراً بذلك حجية إقرار الأخيرين بمحضر الاستجواب بقيام هذا العقد، وذلك اشترى أحدهما – هو مورث المطعون ضدهم الثمانية الأول – وآخر هو نبوي زكرى عقار النزاع من مالكه بموجب ملحق العقد المؤرخ 30/ 4/ 1967 تم تنازل نبوي زكري عن حصته ومقدارها النصف إلى المطعون ضده التاسع الذي حصل على عقد لصالحه مباشرة من المالك الأصلي ثم باع ومورث المطعون ضدهم الثمانية الأول كامل العقار لمورثة الطاعنة، ورغم تمسك الأخيرة بدلالة هذه الإقرارات والقرائن على حصول البيع لبائعيها من المالك الأصلي، فقد التفت الحكم عنها، ورفض دعواها، على قول أن عقد شرائها صادر من غير مالك، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان مفاد المواد من 20 إلى 24 من قانون الإثبات أن اليمين التي يحلفها الخصم – والذي سبق أن أمرته المحكمة بتقديم محرر في حوزته بناء على طلب خصمه – بأن المحرر لا وجود له ولا يعلم بوجوده ولا مكانه، وأنه لم يخفه أو لم يهمل البحث عنه ليحرم خصمه من الاستدلال به “…… محلها وسائر الإجراءات المنصوص عليها في هذه المواد هو وجود المحرر في حوزة الخصم أو عدم وجوده فهي بهذه المثابة تتعلق بالدليل على التصرف، لا التصرف ذاته ومرجع الأمر فيها إلى تقدير المحكمة للدليل، فلا يمنعها أداء الخصم لليمين أن تحكم لصالح الخصم الآخر إذا ترجح لديها أنه المحق، وليس من شأن حلف الخصم بعدم وجود المحرر أن تحجب المحكمة نفسها عن بحث الأدلة الأخرى على قيام هذا التصرف متى طالعتها بها أوراق الدعوى وتمسك بها الخصوم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قول أن “المستأنف ضده……. البائع للمستأنفة قد حلف اليمين بعدم وجود عقد البيع المقول بصدوره من……… المالك للعقار موضوع النزاع للمستأنف ضدهما…… وأحمد أحمد محمد سعد الدين لم يقع ولا وجود له، وترتيباً على ذلك فإن عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1976 سند دعوى صحة التعاقد يكون صادراً من غير مالك، ومن ثم لا يمكن للبائعين للمستأنفة أن ينقلا إليها ملكية العقار المبيع وبالتالي يتعين رفض دعوى صحة التعاقد……” فاعتبر بذلك مجرد حلف أحد البائعين بالصيغة الواردة بالمادة 23 من قانون الإثبات دليلاً على عدم وقوع البيع ذاته – رغم انتفاء التلازم بينهما، وحجبه ذلك عن بحث وتمحيص الإقرارات الصادرة من البائعين لمورثة الطاعنة وملحق العقد المشار إليه آنفاً، رغم تمسك الأخيرة بدلالتها على انعقاد البيع الصادر لبائعيها من المالك الأصلي، وهو ما كان يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
وسوم : نقض