الخط الساخن : 01118881009
جلسة 10 من فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد ناجي دربالة ومهاد خليفة ومجدي شبانة وعرفة محمد نواب رئيس المحكمة.
(12)
الطعن رقم 31 لسنة 83 القضائية
(1) نقض “التقرير بالطعن وإيداع الأسباب”.
التقرير بالطعن بالنقض دون تقديم أسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إعدام. نيابة عامة.
عرض النيابة العامة القضية في الميعاد المحدد بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بمذكرة برأيها. أثره: قبول العرض.
(3) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. قتل عمد. اقتران. حريق عمد.
تحصيل واقعة الدعوى وإيراد مضمون الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق. لا قصور.
(4) دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. إجراءات “إجراءات المحاكمة”. محاماة.
إجابة المحكمة طلب الطاعن أجلاً لحضور محاميه ثم طلبه من المحكمة ندب محام للدفاع عنه. ندب المحكمة محام له وإعطاؤه أجلاً للاستعداد وإبداء دفاعه. كفايته ردًا على النعي بالإخلال بحق الدفاع.
عدم الاستدلال على درجة قيد المحامي بنقابة المحامين لتشابه الأسماء. لا يقدح في صحة إجراءات المحاكمة. علة ذلك؟
(5) إثبات “اعتراف”. دفوع “الدفع ببطلان الاعتراف”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
اطمئنان المحكمة لصحة الاعتراف واطراح الدفع ببطلانه لكونه وليد إكراه في منطق سائغ. كاف.
(6) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم بيان الطاعن أوجه التناقض بين أقوال الشهود. أثره؟
تقدير أقوال الشهود والأدلة في الدعوى. موضوعي.
(7) تلبس. قبض. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”.
إثبات الحكم القبض على الطاعن بناءً على أمر النيابة العامة. لا محل للنعي بانتفاء حالة التلبس.
(8) قتل عمد. قصد جنائي. باعث. جريمة “أركانها”. سبق إصرار. ظروف مشددة. حكم “تسبيه. تسبيب غير معيب”.
استظهار نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلاصها استخلاصًا سائغًا. صحيح.
الباعث على ارتكاب جريمة القتل العمد ليس من عناصرها القانونية. التفات الحكم الرد على الدفع بانتفاء الدافع على ارتكاب الجريمة. لا يعيبه.
(9) استدلالات. دفوع “الدفع بعد جدية التحريات”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات. كفايته للرد على الدفع بعدم جديتها.
(10) محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفوع “الدفع بنفي التهمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) قتل عمد. إعدام. إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
لا يشترط لثبوت جريمة القتل العمد والحكم على مرتكبها بالإعدام. وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة. كفاية اطمئنان المحكمة إلى الإدانة من ظروف الدعوى وأدلتها.
(12) قتل عمد. إعدام. اقتران. حريق عمد. شروع. ظروف مشددة. حكم “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”.
تعين استقلال الجناية الأخرى المقترنة بجناية القتل عنها وعدم اشتراكها معها في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفها المشددة للعقاب. وضع النار في مكان مسكون. العنصر المكون لجناية القتل العمد والركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل. اعتبار الحكم القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل. خطأ في التكييف القانوني. لا يؤثر في سلامة الحكم. علة وأساس ذلك؟
(13) إعدام. حكم “تسبيبه غير معيب”.
الحكم بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 – لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
2 – لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ومن ثم يتعين قبول هذا العرض.
3 – لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مفاده “… أنه على إثر خلافات مالية بين المتهم… والمجني عليه الأول… – شقيق زوجته – قام المتهم بتهديد المجني عليه سالف الذكر بالإيذاء أكثر من مرة والانتقام منه ونفاذًا لذلك قام بشراء وعاء من البلاستيك “جركن” وملأه بمادة البنزين وتوجه إلى شقة المجني عليه صباح يوم… وبعد أن أيقن بتواجد المجني عليه وأفراد أسرته داخلها قام بسكب مادة البنزين أسفل باب الشقة إلى داخلها ثم أشعل النار بها فامتدت النيران إلى داخل المسكن وعند مشاهدة زوجة المجني عليه الأول دلوف النيران إلى داخل الشقة استغاثت بزوجها الذي كان متواجدًا “بالحمام” فخرج عاريًا متوجهًا إلى غرفة نوم أطفاله الثلاثة… و… و… وقام باحتضانهم في محاولة منه لإنقاذهم إلا أنه لم يستطع ولقي حتفه هو وأبناؤه سالفو الذكر حرقًا وتفحمت جثثهم الأربعة على سرير حجرة النوم، بينما قامت الزوجة بالقفز من شرفة المسكن إلى الشارع هربًا من النيران التي أتت على كل محتويات الشقة فحدثت إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي…”، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة استقاها من أقوال شهود ذكرهم ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وأورد مضمون كل هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق.
4 – لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي… ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع. ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.
ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.
5 – لما كان قد عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه في تحقيقات النيابة العامة كان وليد إكراه وقع عليه واطرحه في منطق سائغ وتدليل مقبول وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
6 – لما كان المدافع عن المحكوم عليه لم يبين في دفاعه بمحضر جلسة المحاكمة وجه التناقض بين أقوال الشهود فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد، ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة قوامها اطمئنان المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى أقوال هؤلاء الشهود.
7 – لما كان الحكم المعروض قد أثبت أن القبض على المتهم تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره المدافع عنه بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس.
8 – لما كان الحكم قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلصهما استخلاصًا سائغًا، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه من انتفاء الدافع على ارتكاب جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون أمرًا متعلقًا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه.
9 – لما كان الحكم قد عرض لما أبداه المدافع عن المحكوم عليه من دفع بعدم جدية التحريات واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اطمأنت إلى جدية تلك التحريات وهو من بعد يكفي ردًا على ذلك الدفع.
10 – لما كان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
11 – لما كان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام عـلى مـرتـكـبها وجــود شهـود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهد رأى الجريمة وقت ارتكابها، ومن ثم فإن دفــاع المحـكـوم عـليه فـي هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المعروض بريئًا في هذا الصدد.
12 – لما كانت المحكمة تلاحظ من ناحية القانون أن هناك عاملاً مشتركًا بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل العمد المقترنين بها، وهو فعل وضع النار بمسكن المجني عليهم فإنه يكوِّن جريمة القتل ويكوَّن في الوقت نفسه الركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثانية قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب فإذا ما كان وضع النار في المكان المسكون هو العنصر المكون لجناية القتل العمد، فإن ما انتهى إليه الحكم في التكييف القانوني واعتباره القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل وإن كان يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، إلا أن ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم، ذلك بأن عقوبة الإعدام التي قضى بها الحكم مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أثبته الحكم في حق الطاعن وهى أيضا مقررة لجريمة الحريق العمد الذي نتج عنه موت أشخاص، فإذا رأت المحكمة توقيع هذه العقوبة للظروف والملابسات التي بينتها بأسباب الحكم، فإن قضاءها يكون سليمًا.
13 – لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه وجاء خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل ….., والأطفال ….., ….., ….. عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلهم وأعد لهذا الغرض وعاء من البلاستيك يحوى مادة الجازولين المعجلة للاشتعال على باب المسكن وأضرم به النار قاصدًا من ذلك قتلهم فامتدت النيران إلى داخل المسكن فأحدث إصابات المجني عليهم الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم. وقد تقدمت تلك الجناية واقترنت بها جنايتان أخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان:
أ – وضع النار عمدًا في مسكن المجني عليهم سالفي الذكر الكائن ….. شارع …..بأن سكب مادة معجلة للاشتعال – جازولين – على باب المسكن وأضرم به النار فامتدت النيران إلى داخل المسكن فشب الحريق المبين آثاره بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية.
ب – شرع في قتل ….. عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لهذا الغرض وعاء من البلاستيك يحوى مادة الجازولين المعجلة للاشتعال وتوجه إلى مسكنها وما أن أيقن تواجدها فيه حتى سكب تلك المادة على باب المسكن وأضرم به النار قاصدًا من ذلك قتلها فامتدت النيران إلى داخل المسكن فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق إلا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركتها بالعلاج.
وأحالته إلى محكمة جنايات …. لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها….. مدنيًا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. وقررت المحكمة المذكورة بجلسة …. وبإجماع الآراء إرسال القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي وحددت جلسة … للنطق به. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريًا وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 45/ 1 ,46/ 1, 230, 231, 234/ 2, 252 257 من قانون العقوبات, والمادتين 2, 116 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 2008 مع إعمال المادة 32/ 1 من القانون الأول بمعاقبته بالإعدام شنقًا عما أسند إليه وبمصادرة المضبوطات وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه, فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه ومن ثم يتعين قبول هذا العرض.
وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مفاده “… أنه على إثر خلافات مالية بين المتهم… والمجني عليه الأول… – شقيق زوجته – قام المتهم بتهديد المجني عليه سالف الذكر بالإيذاء أكثر من مرة والانتقام منه ونفاذًا لذلك قام بشراء وعاء من البلاستيك “جركن” وملأه بمادة البنزين وتوجه إلى شقة المجني عليه صباح يوم… وبعد أن أيقن بتواجد المجني عليه وأفراد أسرته داخلها قام بسكب مادة البنزين أسفل باب الشقة إلى داخلها ثم أشعل النار بها فامتدت النيران إلى داخل المسكن وعند مشاهدة زوجة المجني عليه الأول دلوف النيران إلى داخل الشقة استغاثت بزوجها الذي كان متواجدًا “بالحمام” فخرج عاريًا متوجهًا إلى غرفة نوم أطفاله الثلاثة… و… و… وقام باحتضانهم في محاولة منه لإنقاذهم إلا أنه لم يستطع ولقي حتفه هو وأبناؤه سالفو الذكر حرقًا وتفحمت جثثهم الأربعة على سرير حجرة النوم، بينما قامت الزوجة بالقفز من شرفة المسكن إلى الشارع هربًا من النيران التي أتت على كل محتويات الشقة فحدثت إصابتها الموصوفة بالتقرير الطبي…”، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة استقاها من أقوال شهود ذكرهم ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة ومن تقرير الصفة التشريحية لجثث المجني عليهم ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وتقرير مصلحة الأدلة الجنائية وأورد مضمون كل هذه الأدلة بما يتفق وحقيقته الثابتة بالأوراق. لما كان ذلك, وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه طلب من المحكمة أجلاً لحضور محاميه فأجابته المحكمة إلى ذلك غير أنه لم يحضر فطلب من المحكمة أن تندب له من يدافع عنه فندبت لذلك المحامي… ومكنته من الإطلاع على القضية وأفسحت له الأجل الذي طلبه للاستعــداد ثــم تـرافع وأبــدى ما عنَ له من أوجه الدفاع فاستوفى المحكوم عليه بذلك حقه في الدفاع.
ولا يقدح في ذلك ما يبين من كتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامي سالف الذكر لم يُستدل على درجة قيده بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم يتشابه مع اسمه، لما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. ولما كان المحامي الذي حضر مع المحكوم عليه وترافع عنه لم يثبت أنه غير مقيد أمام المحاكم الابتدائية، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونان قد تما وفق صحيح القانون.كما عرض لما أثاره الدفاع من أن اعتراف المحكوم عليه في تحقيقات النيابة العامة كان وليد إكراه وقع عليه واطرحه في منطق سائغ وتدليل مقبول وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك, وكان المدافع عن المحكوم عليه لم يبين في دفاعه بمحضر جلسة المحاكمة وجه التناقض بين أقوال الشهود فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً إذ جاء بصورة مبهمة وأرسل الدفاع قوله إرسالاً دون تحديد، ومع ذلك فإن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بأسباب سائغة قوامها اطمئنان المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى أقوال هؤلاء الشهود. كما أن الحكم المعروض قد أثبت أن القبض على المتهم تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة فلا محل لمناقشة ما يثيره المدافع عنه بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس. لما كان ذلك, وكان الحكم قد استظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار واستخلصهما استخلاصًا سائغًا، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه من انتفاء الدافع على ارتكاب جريمة القتل العمد لا يعدو أن يكون أمرًا متعلقًا بالباعث على الجريمة والدافع لها وهما ليسا من عناصرها القانونية فلا يعيب الحكم التفاته عنه, كما عرض لما أبداه المدافع عن المحكوم عليه من دفع بعدم جدية التحريات واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اطمأنت إلى جدية تلك التحريات وهو من بعد يكفي ردًا على ذلك الدفع. لما كان ذلك, وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام عـلى مـرتـكـبها وجــود شهـود رؤية أو قيام أدلة معينة، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافرت شرائط توقيعها على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهد رأى الجريمة وقت ارتكابها، ومن ثم فإن دفــاع المحـكـوم عـليه فـي هذا الشأن يكون على خلاف القانون ويكون الحكم المعروض بريئًا في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكانت المحكمة تلاحظ من ناحية القانون أن هناك عاملاً مشتركًا بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار وجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل العمد المقترنين بها، وهو فعل وضع النار بمسكن المجني عليهم فإنه يكوِّن جريمة القتل ويكوَّن في الوقت نفسه الركن المادي لجريمتي الحريق العمد والشروع في القتل، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتها الثانية قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد ظرفًا مشددًا لجناية القتل التي شدد عقابها ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصرها ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشددًا للعقاب فإذا ما كان وضع النار في المكان المسكون هو العنصر المكون لجناية القتل العمد، فإن ما انتهى إليه الحكم في التكييف القانوني واعتباره القتل العمد مقترنًا بجنايتي الحريق العمد والشروع في القتل وإن كان يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، إلا أن ذلك لا يؤثر في سلامة الحكم، ذلك بأن عقوبة الإعدام التي قضى بها الحكم مقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار الذي أثبته الحكم في حق الطاعن وهى أيضا مقررة لجريمة الحريق العمد الذي نتج عنه موت أشخاص، فإذا رأت المحكمة توقيع هذه العقوبة للظروف والملابسات التي بينتها بأسباب الحكم، فإن قضاءها يكون سليمًا.
cلما كان ما تقدم, وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين بها المحكوم عليه وجاء خلوًا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم بالنسبة إلى المحكوم عليه فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.