الخط الساخن : 01118881009
جلسة الأول من يونيه سنة 2014
برئاسة السيد المستشار/ عاصم عبد الجبار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ هاني عبد الجابر، معتز زايد، محمود عصر ومحمد قنديل نواب رئيس المحكمة
(44)
الطعن رقم 12293 لسنة 83 القضائية
(1) حكم “بيانات حكم الإدانة” “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليه. لا قصور.
مثال.
(2) قصد جنائي. إثبات “بوجه عام”. سلاح. ذخائر. ضرب “ضرب بسيط”.
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي لجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بدون ترخيص وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية الضرب البسيط. غير لازم. مادام قد أورد من الوقائع والظروف ما يدلل عليه.
(3) اشتراك. اتفاق. إثبات “بوجه عام” “قرائن”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض “أسباب الطعن. مالا يقبل منها”.
الاشتراك بطريق الاتفاق. مناط تحققه؟
للقاضي الجنائي الاستدلال على الاشتراك بطريق الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن ما لم يقم دليل مباشر عليه. مادام سائغًا.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) إثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير أقوال الشهود” نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
خذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها. عدم التزامها بسرد روايات الشاهد إن تعددت. لها أن تورد منها ما تطمئن إليه واطراح ما عداه وأن تعول على أقواله في أي مرحة من مراحل الدعوى. ولو عدل عنها بع ذلك.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض. أخذ المحكمة بأدلة الثبوت . دلالته اطراح صورة الواقعة التي تمسك بها الطاعن.
(5) تفتيش ” إذن التفتيش. إصداره”. استدلالات. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير جدية التحريات”.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
عدم اشتمال محضر التحريات على اسم الطاعن أو لقبه أو صناعته أو التهم المنسوبة إليه. غير قادح في جدية التحريات. مادام أنه المقصود به.
(6) إثبات “شهود” “خبرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “مالا يعيبه في نطاق التدليل”.
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(7) نقض “أسباب الطعن. تحديدها”.
وضوح وجه الطعن وتحديده. شرط لقبوله.
مثال.
(8) اختصاص “الاختصاص المكاني”. مأمورو الضبط القضائي “اختصاصهم”. دفوع “الدفع بعدم الاختصاص”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
امتداد الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي بالواقعة متى بدأت في دائرة اختصاصه لجميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها. وإن اختلفت الجهات التي يقيمون بها. النعي في هذا الشأن. دفع قانوني ظاهر البطلان. التفات الحكم عنه. لا يعيبه.
(9) تفتيش ” إذن التفتيش. تنفيذه”. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. مأمورو الضبط القضائي “سلطاتهم”. قانون “تفسيره”.
تفتيش مأمور الضبط القضائي لمنزل الطاعن بانتداب من سلطة التحقيق في غيبته ودون حضور شاهدين. صحيح. أساس ذلك؟
(10) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفع ببطلان الإقرار المنسوب للطاعن. مادام أنها لم تعول عليه في حكمها.
(11) دفوع “الدفع بتلفيق التهمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادة الرد عليه من القضاء بالإدانة استنادًا لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
مثال.
(12) وصف التهمة. تعدي على موظف عام. ضرب. “ضرب بسيط”. محكمة الموضوع “سلطتها في تعديل وصف التهمة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره”.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. لها تعديله. متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
تعديل المحكمة وصف التهمة من التعدي على رجل ضبط قضائي بالقوة والعنف بسبب تأدية وظيفته والتي نتج عنها إصابة واستعمال القوة والعنف معه إلى الضرب البسيط. لا يقتضي تنبيه الدفاع. حد وعلة ذلك؟
1 – لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله:- “.. فيما ورد على لسان الضباط ….. بتحقيقات النيابة العامة من أنه وحال سيره بالطريق العامة وتحديدًا بميدان …… بتاريخ ….. الساعة ….. مساء قابله المتهمان يستقلان سيارة جيب، وقرر له المتهم الأول أنه كان ينفذ عقوبة بسجن …… حال كونه رئيس مباحث بذات السجن ثم نزل من السيارة التي كان يستقلها مُخرجًا مطواة قرن غزال وتعدى عليه بالضرب محدثاُ إصابته بالوجه انتقامًا منه ثم أخرج من جيبه سلاح ناري من طبنجة ووجهه ناحيته مطلقًا منها طلقتين مرا من فوق رأسه معلنًا له أن معه ثلاث خزن ذخيرة مهددًا إياه بالقتل وبعد أن كثر تواجد الناس منعوه من موالاة ضربه والاعتداء عليه غادر المكان هو ومن كان برفقته” وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من شهادة الضابط …… والرائد…… رئيس مباحث قسم شرطة……. وما ثبت من التقرير الطبي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به من كافة العناصر القانونية لجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر له بغير ترخيص وسلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية والضرب البسيط التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد إنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن على الحكم بالقصور في التسبيب لا محل له.
2 – لما كان ما أوراده الحكم في مدوناته كافيًا وسائغًا في بيان القصد الجنائي للجرائم التي دانه بها، وكان من المقرر أنه لا يلزم التحدث استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجرائم بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب بهذا الصدد غير سديد.
3 – من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه, ويتم غالبًا دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوبة يمكن الاستدلال عليها، وإذا كان القاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقومه ما دام هذا الاستدلال سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره، و كان يكفي للقول بحصول الاشتراك بطريق الاتفاق أن يستخلص حصوله من وقائع الدعوى وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ما من شأنه أن يؤدي إلى ثبوت الاتفاق في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
4 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد أن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها بعد ذلك وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حد دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من اطلاقاتها، ولا يجوز مصادرة لدى محكمة النقض، ولا تلتزم أن تورد سببًا له إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح صورة الواقعة كما تمسك بها الطاعن.
5 – من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه الموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة – في الدعوى المطروحة – قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان ذلك، فإن مجرد عدم اشتمال محضر التحريات اسم الطاعن أو لقبه أو صناعته أو التهم المنسوبة إليه – بفرض حصوله – لا يقدح بذاته في عدم جدية التحري مادام هو المقصود به فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون له محل.
6 – من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على المواءمة والتوفيق، ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجني عليه – شاهد الإثبات الأول – من أن الطاعن أخرج مطواة قرن غزال من جيبه ثم تعدى عليه بالضرب محدثًا بها إصابات بوجهه، وهو ما خلص إليه الحكم سائغًا وله صداه مما نقله عن التقرير الطبي من وجود خدشين سطحيين بالناحية اليسري من وجه المجني عليه المار ذكره وهو فضلاً عما ساقه الحكم ردًا على دفع الطاعن بأنه يُعد كافيًا وسائغًا، ويكون لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص الذي فصلت فيه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية مما لا يصح مصادرة عقيدتها بشأنه.
7 – من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه تناقض أقوال شاهد الإثبات الثاني فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
8 – لما كان القول بتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني فمردود – بفرض صحته – بأنه متى بدأت الواقعة في دائرة اختصاصه فوجب أن يمتد هذا الاختصاص بداهة إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون بها، هذًا فضلاً أن البين من مدونات الحكم أن ضابط الواقعة هو رئيس مباحث قسم شرطة….. الذي يدخل في اختصاصه مكان التبليغ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفعًا قانونيًا ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه.
9 – لما كان الثابت من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أجراه رئيس مباحث قسم شرطة….. شاهد الإثبات الثاني كان بناء على ندبه لذلك ممن تملك ذلك وهي النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق – وهو ما لا يماري فيه الطاعن – فإنه لا محل للنعي بأن التفتيش الذي يجريه مأمور الضبط القضائي في منزل الطاعن بانتداب من سلطة التحقيق يكون باطلاً إذا حصل في غيبة الطاعن ودون حضور شاهدين استنادًا إلى المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة مقصور على دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي أجاز القانون فيها ذلك لهم, أما التفتيش الذي يقومون به بناء على انتداب من سلطة التحقيق فإنه تسري عليها أحكام المواد 92، 199، 200 من قانون الإجراءات الجنائية. فضلاً عن أن ما ساقه الحكم ردًا على دفع الطاعن كافيًا وسائغًا فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد يكون غير مقبول.
10 – لما كان الحكم المطعون فيه قد أفصح بمدوناته ردًا على دفاع الطاعن ببطلان الإقرار المنسوب صدوره إليه بأنها لم تعول عليه في حكمها، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له.
11 – من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا خاصًا اكتفاء بما توريده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان استخلاصها سائغًا وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي على المحكمة في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد.
12 – لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كان بالوقائع المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة التعدي على رجل ضبط قضائي بالقوة والعنف بسبب تأدية وظيفته والتي نتج عنها إصابته الموصوفة بتقريره الطبي المرفق بالأوراق، واستعمال القوة والعنف معه، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان به الطاعن، وهي الضرب البسيط، وكان مرد التعديل هو أنه بالوصف الأول المشار إليه يتطلب حمل المجني عليه على أداء عمل أو منفعة عن أعمال وظيفته وهو ما لم تحمله وقائعه، علاوة على أن المجني عليه في الوصف الثاني لم يكن وقت التعدي عليه يؤدي وظيفة عمومية أو مكلفًا بخدمة عامة، ودون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافية عنصرًا جديدًا، فإن الوصف الذي ذهبت إليه المحكمة في هذا النطاق لا يقتضي تنبيه الدفاع وكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه آخر( أ ) أحرزا ذخائر “طلقتين” مما تستعمل على السلاح الناري دون أن يكون مرخصًا لهما في حيازته أو إحرازه. (ب) أحرزا سلاحًا أبيض “مطواة” دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية. (ج) استعملا القوة والعنف مع موظف عمومي هو الرائد/….. رئيس مباحث سجن…… بأن قاما بإشهار سلاحًا ناريًا “طبنجة” وسلاحًا أبيض “مطواة” كانا بحوزتهما فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق. (د) تعديا على رجل الضبط القضائي الرائد….. بالقوة والعنف بسبب تأدية وظيفته والتي نتج عنها إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات….. لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر النيابة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1/ 1، 6، 25 مكررًا/ 1، 26/ 2 – 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون الأول والمادة 242/ 1 – 3 من قانون العقوبات، 32 عقوبات بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وغرامة خمسمائة جنيه وبمصادرة السلاحين الناري والأبيض والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن بمذكرته بنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر له بغير ترخيص، وسلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية، والضرب البسيط شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه لم يشتمل على ما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فضلاً عن أنه لم يستظهر القصد الجنائي، ولم يبين الاتفاق بينه وبين المحكوم عليه الآخر وذلك بالنسبة للجرائم التي دانه بها، وعول في الإدانة على أقوال شاهدي الإثبات رغم استبعاده من الجريمتين الثالثة والرابعة المسندتين إليه، ورد بما لا يسوغ على دفوع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لعدم جدية التحريات بدلالة عدم اشتمالها على اسمه وقبله وصناعته والتهم المنسوبة إليه، وتناقض كل من الدليل القولي على الدليل الفني، وتناقض أقوال شاهد الإثبات الثاني، والتفت عن دفوعه ببطلان إجراءات تنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش لتجاوز القائم به حدود اختصاصه وكونه بغيبة الطاعن، وببطلان إقراره لصدوره إثر إكراه وقع عليه، وبكيدية الاتهام وتلفيقه لما عدده من شواهد، كما أدانه بجريمة الضرب البسيط دون تنبيه المدافع عنه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله:- “.. فيما ورد على لسان الضباط ….. بتحقيقات النيابة العامة من أنه وحال سيره بالطريق العامة وتحديدًا بميدان …… بتاريخ ….. الساعة ….. مساء قابله المتهمان يستقلان سيارة جيب، وقرر له المتهم الأول أنه كان ينفذ عقوبة بسجن …… حال كونه رئيس مباحث بذات السجن ثم نزل من السيارة التي كان يستقلها مُخرجًا مطواة قرن غزال وتعدى عليه بالضرب محدثاُ إصابته بالوجه انتقامًا منه ثم أخرج من جيبه سلاح ناري من طبنجة ووجهه ناحيته مطلقًا منها طلقتين مرا من فوق رأسه معلنًا له أن معه ثلاث خزن ذخيرة مهددًا إياه بالقتل وبعد أن كثر تواجد الناس منعوه من موالاة ضربه والاعتداء عليه غادر المكان هو ومن كان برفقته” وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من شهادة الضابط …… والرائد…… رئيس مباحث قسم شرطة……. وما ثبت من التقرير الطبي. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به من كافة العناصر القانونية لجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر له بغير ترخيص وسلاح أبيض بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية والضرب البسيط التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملاً يفيد إنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن على الحكم بالقصور في التسبيب لا محل له. لما كان ذلك, وكان ما أوراده الحكم في مدوناته كافيًا وسائغًا في بيان القصد الجنائي للجرائم التي دانه بها، وكان من المقرر أنه لا يلزم التحدث استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجرائم بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب بهذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه, ويتم غالبًا دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوبة يمكن الاستدلال عليها، وإذا كان القاضي الجنائي مطلق الحرية في تكوين عقيدته من وقائع الدعوى، فإن لم يقم على الاتفاق دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقومه ما دام هذا الاستدلال سائغًا وله من ظروف الدعوى ما يبرره، و كان يكفي للقول بحصول الاشتراك بطريق الاتفاق أن يستخلص حصوله من وقائع الدعوى وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ما من شأنه أن يؤدي إلى ثبوت الاتفاق في حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد أن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها بعد ذلك وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حد دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من اطلاقاتها، ولا يجوز مصادرة لدى محكمة النقض، ولا تلتزم أن تورد سببًا له إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم يؤدي دلالة إلى اطراح صورة الواقعة كما تمسك بها الطاعن. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه الموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة – في الدعوى المطروحة – قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان ذلك، فإن مجرد عدم اشتمال محضر التحريات اسم الطاعن أو لقبه أو صناعته أو التهم المنسوبة إليه – بفرض حصوله – لا يقدح بذاته في عدم جدية التحري مادام هو المقصود به فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على المواءمة والتوفيق، ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجني عليه – شاهد الإثبات الأول – من أن الطاعن أخرج مطواة قرن غزال من جيبه ثم تعدى عليه بالضرب محدثًا بها إصابات بوجهه، وهو ما خلص إليه الحكم سائغًا وله صداه مما نقله عن التقرير الطبي من وجود خدشين سطحيين بالناحية اليسري من وجه المجني عليه المار ذكره وهو فضلاً عما ساقه الحكم ردًا على دفع الطاعن بأنه يُعد كافيًا وسائغًا، ويكون لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص الذي فصلت فيه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية مما لا يصح مصادرة عقيدتها بشأنه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا ومحددًا ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه تناقض أقوال شاهد الإثبات الثاني فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك, وكان القول بتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني فمردود – بفرض صحته – بأنه متى بدأت الواقعة في دائرة اختصاصه فوجب أن يمتد هذا الاختصاص بداهة إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها وإن اختلفت الجهات التي يقيمون بها، هذًا فضلاً أن البين من مدونات الحكم أن ضابط الواقعة هو رئيس مباحث قسم شرطة….. الذي يدخل في اختصاصه مكان التبليغ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفعًا قانونيًا ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب لا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه. لما كان ذلك, وكان الثابت من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أجراه رئيس مباحث قسم شرطة….. شاهد الإثبات الثاني كان بناء على ندبه لذلك ممن تملك ذلك وهي النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق – وهو ما لا يماري فيه الطاعن – فإنه لا محل للنعي بأن التفتيش الذي يجريه مأمور الضبط القضائي في منزل الطاعن بانتداب من سلطة التحقيق يكون باطلاً إذا حصل في غيبة الطاعن ودون حضور شاهدين استنادًا إلى المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة مقصور على دخول رجال الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي أجاز القانون فيها ذلك لهم, أما التفتيش الذي يقومون به بناء على انتداب من سلطة التحقيق فإنه تسري عليها أحكام المواد 92، 199، 200 من قانون الإجراءات الجنائية. فضلاً عن أن ما ساقه الحكم ردًا على دفع الطاعن كافيًا وسائغًا فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح بمدوناته ردًا على دفاع الطاعن ببطلان الإقرار المنسوب صدوره إليه بأنها لم تعول عليه في حكمها، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردًا خاصًا اكتفاء بما توريده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان استخلاصها سائغًا وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي على المحكمة في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيًا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كان بالوقائع المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة التعدي على رجل ضبط قضائي بالقوة والعنف بسبب تأدية وظيفته والتي نتج عنها إصابته الموصوفة بتقريره الطبي المرفق بالأوراق، واستعمال القوة والعنف معه، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسًا للوصف الجديد الذي دان به الطاعن، وهي الضرب البسيط، وكان مرد التعديل هو أنه بالوصف الأول المشار إليه يتطلب حمل المجني عليه على أداء عمل أو منفعة عن أعمال وظيفته وهو ما لم تحمله وقائعه، علاوة على أن المجني عليه في الوصف الثاني لم يكن وقت التعدي عليه يؤدي وظيفة عمومية أو مكلفًا بخدمة عامة، ودون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافية عنصرًا جديدًا، فإن الوصف الذي ذهبت إليه المحكمة في هذا النطاق لا يقتضي تنبيه الدفاع وكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
وسوم : نقض