الخط الساخن : 01118881009
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم السبت الموافق 26/ 1/ 2008م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ السيد السيد نوفل – رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عصام الدين عبد العزيز جاد الحق ومصطفى سعيد مصطفى حنفي وأحمد عبد الحميد حسن عبود وسعيد سيد أحمد – نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ عبد القادر قنديل – نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس – سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 9564 لسنة 50 القضائية عليا
المقام من
السيد/ ناصر كامل عبد الله على
ضد:
وزير الداخلية ” بصفته الرئيس الأعلى لإدارة الجوازات ومباحث الأموال العامة ” في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 24796 لسنة 57 ق بجلسة 13/ 4/ 2004
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 9/ 5/ 2004 أودع الأستاذ/ أحمد محمد الأخضر – المحامى بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 24796 لسنة 57 ق بجلسة 13/ 4/ 2004 والقاضي في منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات “.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وكافة ما يترتب عليه من آثار، والقضاء مجددًا بطلباته الواردة بأصل صحيفة أول درجة.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببا برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وعينت جلسة 4/ 10/ 2004 لنظر الطعن وبجلسة 16/ 4/ 2007 قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 1/ 7/ 2007 حيث نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم.
وبجلسة اليوم، صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 24796 لسنة 57 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 1/ 7/ 2003 بطلب الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار منعه من السفر للخارج، وإلزام الإدارة بتسليمه جواز سفره، وذكر المدعى – شرحا لدعواه – أنه يقيم بايطاليا منذ عام 1995، وفى نهاية عام 2001 وصل إلى القاهرة لزيارة لأهله يعود – بعدها – إلى ايطاليا لمباشرة أعماله، وفوجئ باستدعائه من قبل مباحث الأموال العامة وسألوه عن بعض الأشخاص الذين يقومون بأعمال تسفير الشباب إلى الخارج بطريقة غير شرعية، فذكر أنه لا شأن له بذلك، ثم فوجئ باستدعائه مرة أخرى، وسحبوا منه جواز سفره، وصدر قرار باعتقاله، وأفرج عنه، ثم جرى اعتقاله مرة ثانية، وأفرج عنه من المحكمة المختصة، ثم علم بصدور قرار بمنعه من السفر، ونعى عليه مخالفته للدستور والقانون.
وبجلسة 13/ 4/ 2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا على ما ثبت لها من الأوراق والتي لم يجحدها المدعى أو يقدم ما يثبت خلافها من أن المدعى يحترف تسفير الشباب المصري إلى دول أجنبية بطرق غير مشروعة، وسبق اعتقاله لهذا السبب أكثر من مرة، وأن السماح بالسفر له خارج البلاد يشكل خطورة حيث إنه يلتقي بأعوانه لترتيب عمليات تهريب الشباب المصري لدول أوروبا، وترى المحكمة أن المدعى يشكل خطورة إجرامية تقتضى تقييد حريته وحقه في السفر والتنقل إلى خارج البلاد، وأن رعاية المصلحة العامة وحماية سمعة جمهورية مصر العربية في خارج حدودها لأمر بين الأهمية في نظر المحكمة وما وقر في وجدانها ليعلو في مدارج المشروعية على المصلحة الشخصية للمدعى… ولما كان ما تقدم فإن طلب المدعى يضحى فاقدًا لسنده المبرر له الأمر الذى تقضى معه المحكمة برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وصدر على خلاف حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 243 لسنة 21 ق. د بجلسة 4/ 11/ 2000 والذي بموجبه أصبح المنع من السفر مستوجبا لصدوره من جهة قضائية، وبالتالي لا يجوز لوزير الداخلية أن يتخذ مثل هذا القرار، ومن ثم يكون القرار محل الطعن قد جاء على خلاف صحيح حكم القانون وصدر من غير ذي صفة مما يستوجب إلغاءه وجميع ما يترتب عليه من آثار، كما أن الحكم المطعون فيه جاء متناقضًا مع نفسه بوقائع تخيلها وكأنه يقضي بما يعلم وليس بما هو ثابت بالأوراق من مستندات رسمية الأمر الذي أصابه بالعوار ويستوجب القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المشرع الدستورى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة جعل من الحرية الشخصية حقًا طبيعيًا يصونه بنصوصه، ويحميه بمبادئه، فنص فى المادة (41) منه على أن ” الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقًا لأحكام القانون ” ونص فى المادة (50) منه على أنه ” لا يجوز أن يحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة، ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين، إلا فى الأحوال المبينة فى القانون ” ونص فى المادة (51) على أنه ” لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها “. كما نص فى المادة (52) على أن ” للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق، وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد “.
ومن حيث إنه فى ضوء هذه المبادئ الدستورية، قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 فى القضية رقم 243 لسنة 21 ق الدستورية بعدم دستورية نصى المادتين (8) و(11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر، وكذلك بسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996، استنادا إلى أن حرية الانتقال تنخرط فى مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها دون مقتض مشروع إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، كما أن الدستور بنص المادة (41) منه عهد إلى السلطة التشريعية وحدها تقدير هذا المقتضى، ولازم ذلك أن يكون الأصل هو حرية التنقل، والاستثناء هو المنع منه، وأن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة يعهد إليه القانون بذلك، وينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار الأمر بذلك، فى ضوء الضوابط التى وضع الدستور أصولها، وعلى هذا فإن أى نص يخالف هذه الأصول يعتبر منسوخًا حتما بقوة الدستور نفسه، باعتباره القانون الوضعى الأسمى.
ومتى كان ذلك، وكان الأمر موضوع الطعن الماثل فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم يصدر وفقا لأحكام تنظم قواعد إصدار ذلك الأمر، فإنه يكون قائما على غير أساس، ويضحى من ثم القرار المطعون فيه مخالفا للقانون مستوجبا القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير هذه الوجهة من النظر فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة للقانون ويغدو متعينا القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
سكرتير المحكمة | رئيس المحكمة |
وسوم : الادارية العليا