الخط الساخن : 01118881009
جلسة 9 من فبراير سنة
2012برئاسة السيد المستشار/ علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رضا، محمد
عبد الوهاب، محمد الخطيب ونادر خلف نواب رئيس المحكمة.
(25)
الطعن رقم 4192 لسنة 81 القضائية
(1) تلبس. قبض. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. مأمورو الضبط القضائي “سلطاتهم”.
توافر التلبس بالجناية يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه. أساس ذلك؟
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها. لرجل الضبط بداءة . تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع. حد ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر حالة التلبس.
(2) ترويج عملة. مسئولية جنائية .
المادة 205 من قانون العقوبات. مفادها؟
حالتا الإعفاء في المادة 205 من قانون العقوبات؟ مثال.
(3) ترويج عملة. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
مثال لرد سائغ على الدفع بانعدام القصد الجنائي في جريمة تقليد عملة بقصد ترويجها.
(4) استجواب. استدلالات. قبض. قانون “تفسيره”. مأمورو الضبط القضائي “سلطاتهم”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن . ما لا يقبل منها”.
لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون استجوابه. المادة 29 إجراءات
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب.
(5) إثبات “بوجه عام” “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. استدلالات.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه وكفايته؟
صراحة الدليل ودلالته بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. غير لازم. كفاية أن يكون مؤديا إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
1- من المقرر أن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها – بغير معقب – ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصّل دفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد بقوله “وحيث إنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فهو دفع في غير محله ذلك أن التلبس حالة تلازم الجريمة وتتوافر في حق مرتكبها متى تم ضبطها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة أو تتبعه من العامة بالصياح أثر وقوعها أو ضبطه بعد وقوعها بوقت قريب وبيده أدوات أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخرى تدل على أنه هو مرتكبها أو ضبطه عقب ارتكابها وبه آثار أو علامات تدل على أنه هو وفقط مرتكب الجريمة أو شريك فيها وهى في كل الأحوال ضبط الجريمة ونارها مشتعلة أو دخان حريقها ما زال يتصاعد بعد . ولما كان ذلك، وكان المتهمان قد قدما للمجنى عليه المبلغ المزور فأبلغ ضابط الواقعة والذي أبلغه بمكان الواقعة فقدم له المجنى عليه المبلغ المزور والذي كان قد أنقداه المتهمان إياه مقابل شراء دراجة بخارية وكان المبلغ لأوراق مالية ذات فئات مختلفة تحمل كل فئة رقم تسلسل واحد فقد قام ضابط الواقعة بضبطهما ومن ثم فإن ما قام به ضابط الواقعة لا يخرج عن نطاق الشرعية الإجرائية المحددة بالمادة 20 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الدفع المبدي من دفاع المتهمان في هذا الشأن في غير محله وتلتفت عنه المحكمة. “وهو رد كافٍ وسائغ ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 205 من قانون العقوبات في قوله: “وحيث إنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمين بتمتعهما بالإعفاء المنصوص في الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات فهو دفع في غير محله. ذلك أن جواز إعفاء الجاني من العقوبة المقررة في المادتين 202 ، 203 عقوبات مشروط بإخباره السلطات وتمكينها من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكب جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة إذ يلزم لجواز تمتعه بالإعفاء هو أن يفضى بمعلومات صحيحة ودقيقة تمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة ولا يعد من قبيل ذلك الإدلاء بمعلومات الغرض منه دفع الاتهام عن نفسه ولما كان ذلك وكان ما قرراه المتهمان بأنهما تحصلا على تلك المبالغ من شخص يدعى ….. وكانت تلك المعلومة غير كافية وحدها لتمكين السلطات من ضبط من يدعى ….. ومن ثم فإن ما أخبرا به لا يجوز معه تمتعهما بشرط الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 205 في فقرتها الثانية وعليه فإن المحكمة تلتفت عن ذلك الدفع. لما كان ذلك، وكان نص المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 يجرى على أنه ” يعفى من العقوبات المقررة في المادتين 202 ، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق. ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكَّن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة “فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء في هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلاً على المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع في التحقيق. ولما كان الطاعنان يسلمان في أسباب الطعن بأنهما أدليا بإقرارهما بعد القبض عليهما والتحقيق معهما ، فقد دلا بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق . أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع في التحقيق إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكَّن السلطات من القبض على غيره من الجناه أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصّله الحكم المطعون فيه أن المعلومات التي أدلى بها الطاعنان عن الشخص الذي ادعيا الطاعنان أنهما أخذا العملة الورقية المقلدة منه غير كافية ولا تؤدى إلى ضبط هذا الشخص، ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه ويكون الحكم قد أصاب فيما انتهى إليه من عدم تمتع الطاعنين بالإعفاء لانعدام مسوغه ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنين بتقليد العملة المضبوطة وقصدهما ترويجها في قوله: “وحيث أنه عن الدفع بعدم علم المتهمين بكون الأوراق المالية المضبوطة مزورة فهو دفع في غير محله ذلك أن المحكمة تأخذ من ضبط المتهمين وبحوزتهما مبالغ مالية لفئات مختلفة لكل فئة تحمل رقم تسلسل واحد ما يدل على علمهما بكونها مزورة وعليه يكون الدفع المبدي من دفاع المتهمين في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة، وحيث أنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمين بعدم توافر القصد الجنائي في حق المتهمين وهو نية دفع العملة للتداول فهو دفع في غير محله إذ الثابت أنهما طلبا من المجني عليه شراء دراجة بخارية ولما اتفقا على ثمنها أنقداه المبلغ النقدي المزور والذي تحمل كل فئة منه رقم تسلسل واحد مما يدل على توافر النية لديهما في إطلاق المبلغ المزور المضبوط للتداول ويكون الدفع المبدي من دفاع المتهمين في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة”، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.
4- من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً, والاستجواب المحظور عليه هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها إن كان منكراً أو أن يعترف بها إذا شاء الإعتراف, وكان يبين من محضر جمع الاستدلالات كما أورد الحكم المطعون فيه أن محرره لم يتعد حدود سؤال الطاعنين عما أسند إليهما , هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب بالاستدلالات مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة مستقلة عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له وجه.
5- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1- حازا بقصد الترويج عملتين ورقيتين مقلدتين متداولتين قانوناً داخل البلد من فئتي …. و….. جنيه ….. ورقة من الفئة الأولى و ……ورقة من الفئة الثانية مصطنعين على غرار الأوراق المالية الصحيحة من هاتين الفئتين على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المرفق مع علمهما بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. 2- شرعا في ترويج …. ورقات مالية من فئة ……. جنيه و….. ورقات مالية من فئة ….. جنيه مصري من ضمن العملتين المقلدتين المضبوطين موضوع الاتهام السابق بأن دفعا بهما للتداول وقدماها إلى ….. ثمناً لدراجة بخارية مع علمهما بأمر تقليدها إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه إلا وهو اكتشاف المبلغ لأمر تقليدها وعدم قبوله لها وضبطهما والجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وإحالتهما إلى محكمة جنايات ….. لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 45/1، 46/3، 202/1، 202 مكرر، 203 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما اسند إليهما ومصادرة العملة المقلدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض …… إلخ .
المحكمةحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد الترويج والشروع في ترويجها مع علمهما بذلك قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم رد بما لا يسوغ على دفعهما ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس، وبالإعفاء من العقاب وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات، وانتفاء قصد الترويج لديهما، واستظهر علم الطاعنين بتقليد العملات الورقية بما لا يسوغ توافر هذا العلم في حقهما، وبطلان استجوابهما في محضر الضبط ولإجرائه بمعرفة مأمور الضبط القضائي، وعوّل في إدانتهما على أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها في التدليل على مقارفة الطاعنين لما أدينا به، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد الترويج والشروع في ترويجها مع علمهما بذلك، والتي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أثبته تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي طبقا للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصّل دفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد بقوله” وحيث إنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فهو دفع في غير محله ذلك أن التلبس حالة تلزم الجريمة وتتوافر في حق مرتكبها متى تم ضبطها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة أو تتبعه من العامة بالصياح أثر وقوعها أو ضبطه بعد وقوعها بوقت قريب وبيده أداوات أو أمتعة أو أوراق أو أشياء أخرى تدل على أنه هو مرتكبها أو ضبطه عقب ارتكابها وبه آثار أو علامات تدل على أنه هو وفقط مرتكب الجريمة أو شريك فيها وهي في كل الأحوال ضبط الجريمة ونارها مشتعلة أو دخان حريقها ما زال يتصاعد بعد .ولما كان ذلك، وكان المتهمان قد قدما للمجني عليه المبلغ المزور فأبلغ ضابط الواقعة والذي أبلغه بمكان الواقعة فقدم له المجني عليه المبلغ المزور والذي كان قد أنقده المتهمان إياه مقابل شراء دراجة بخارية وكان المبلغ لأوراق مالية ذات فئات مختلفة تحمل كل فئة رقم تسلسل واحد فقد قام ضابط الواقعة بضبطهما ومن ثم فإن ما قام به ضابط الواقعة لا يخرج عن نطاق الشرعية الإجرائية المحددة بالمادة 20 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون الدفع المبدي من دفاع المتهمين في هذا الشأن في غير محله وتلتفت عنه المحكمة. “وهو رد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 205 من قانون العقوبات في قوله: “وحيث إنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمين بتمتعهما بالإعفاء المنصوص في القوة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات فهو دفع في غير محله. ذلك أن جواز إعفاء الجاني من العقوبة المقررة في المادتين 202، 203 عقوبات مشروط بإخباره السلطات وتمكينها من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكب جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة إذ يلزم لجواز تمتعه بالإعفاء هو أن يفضي بمعلومات صحيحة ودقيقة تمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة ولا يعد من قبيل ذلك الإدلاء بمعلومات الغرض منه دفع الاتهام عن نفسه. ولما كان ذلك، وكان ما قرراه المتهمان بأنهما تحصل على تلك المبالغ من شخص يدعي ….. وكانت تلك المعلومة غير كافية وحدها لتمكين السلطات من ضبط من يدعي ….. ومن ثم فإن ما أخبرا به لا يجوز معه تمتعهما بشرط الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 205 في فقرتها الثانية وعليه فإن المحكمة تلتفت عن ذلك الدفع. لما كان ذلك، وكان نص المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 يجري على أنه “يعفي من العقوبات المقررة في المادتين 202، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق. ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكَّن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة” فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء في هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة، واشترط في الحالة الأولى فضلًا على المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع في التحقيق. ولما كان الطاعنان يسلمان في أسباب الطعن بأنهما أدليا بإقرارهما بعد القبض عليهما والتحقيق معهما، فقد دلا بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق. أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع في التحقيق إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكَّن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه. لما كان ذلك، وكان مؤدي ما حصّله الحكم المطعون فيه أن المعلومات التي أدلى بها الطاعنان عن الشخص الذي ادعيا الطاعنان أنهما أخذ العملة الورقية المقلدة منه غير كافية ولا تؤدي إلى ضبط هذا الشخص، ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه ويكون الحكم قد أصاب فيما انتهى إليه من عدم تمتع الطاعنين بالإعفاء لانعدام مسوغه ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنين بتقليد العملة المضبوطة وقصدهما ترويجها في قوله: “وحيث إنه عن الدفع بعدم علم المتهمان بكون الأوراق المالية المضبوطة مزورة فهو دفع في غير محله ذلك أن المحكمة تأخذ من ضبط المتهمين وبحوزتهما مبالغ مالية لفئات مختلفة لكل فئة تحمل رقم تسلسل واحد ما يدل على علمهما بكونها مزورة وعليه يكون الدفع المبدي من دفاع المتهمين في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة”، وحيث إنه عن الدفع المبدي من دفاع المتهمان بعدم توافر القصد الجنائي في حق المتهمين وهو نية دفع العملة للتداول فهو دفع في غير محله إذ الثابت أنهما طلبا من المجني عليه شراء دراجة بخارية ولما اتفقا على ثمنها أنقداه المبلغ النقدي المزور والذي تحمل كل فئة منه رقم تسلسل واحد مما يدل على توافر النية لديهما في إطلاق المبلغ المزور المضبوط للتداول ويكون الدفع المبدي من دفاع المتهمين في هذا الشأن في غير محله تلتفت عنه المحكمة.”، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة، ومن ثم فإن منعي الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، والاستجواب المحظور عليه هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته تفصيلاً كيما يفندها إن كان منكراً أو أن يعترف بها إذا شاء الاعتراف، وكان يبين من محضر جمع الاستدلالات ــ كما أورد الحكم المطعون فيه ــ أن محرره لم يتعد حدود سؤال الطاعنين عما أسند إليهما، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب بالاستدلالات مادام البيَّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة مستقلة عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وسوم : نقض