الخط الساخن : 01118881009
جلسة 6 من فبراير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفي صادق، هاني خليل، سلامة عبد المجيد ومجدي عبد الحليم نواب رئيس المحكمة.
(22)
الطعن رقم 2032 لسنة 81 القضائية
(1) رشوة. جريمة “أركانها”.
جريمة الرشوة. عدم قيامها إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما.
(2) رشوة. حكم “بيانات التسبيب” “بيانات حكم الإدانة” “تسبيبه. تسبيب معيب”.
حكم الإدانة. بياناته؟
المراد بالتسبيب المعتبر؟
مثال لتسبيب معيب في جريمة رشوة.
(3) إثبات “بوجه عام”.
رشوة. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(4) رشوة. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها”.
اشتمال الحكم على صور متعارضة لوقائع الدعوى وأخذه بها جميعا. يجعله متناقضاً بعضه مع بعض ويعيبه بالقصور. مثال.
(5) رشوة. تفتيش “إذن التفتيش. إصداره”.
الأصل أن الإذن بالتفتيش إجراء من إجراءات التحقيق. شرط إصداره؟
(6) رشوة. تفتيش “إذن التفتيش. إصداره”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها”.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موكول إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
دفع المتهم ببطلان التحريات. أثره؟
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع بعدم جدية التحريات في جريمة الرشوة.
(7) رشوة. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. محكمة الجنايات “نظرها الدعوي والحكم فيها”. محكمة النقض “سلطتها”. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها”.
انتهاء المحكمة إلى عدم ثبوت ارتكاب الطاعنة للفعل الجنائي المسند إليها بأمر الإحالة وإدانتها بجريمة أخرى. لا يعد تعديلاً في التهمة. إنما قضاء بالإدانة في واقعة مختلفة عن الواقعة المطروحة. قصور. يوجب النقض والإعادة.
مثال.
1- من المقرر أن جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك.
2- من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم ، ولما كان استناد الحكم على تسجيل المحادثات الهاتفية التي تمت بين الطاعنين في التدليل على اتفاقهم على الرشوة، واقتصاره على إيراد جزء من الحوار المسجل بين الطاعنتين الأولى والسادسة وهو المتعلق بقيام الأخيرة بالمرور عليها والمحكوم عليه السادس لإلقاء نظرة على الأرض ومعاينتها دون أن يعني بذكر حاصل الوقائع التي تضمنتها تلك التسجيلات وفحواها لا يكفي في بيان عناصر الاتفاق لخلوها مما يكشف عن وجه اعتماده على هذه التسجيلات التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور.
3- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
4- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اشتملت على صور متعارضة عن الواقعة، فأورد ضمن بيانه لواقعة الدعوى أن المحكوم عليه الثامن سلم الطاعنة السادسة مبلغ الرشوة لتسليمه للطاعنين الرابع والخامس، ثم حصل أقوال عضو الرقابة الإدارية من أن المحكوم عليه الثامن قام بتسليم الطاعنين الرابع والخامس مبالغ مالية على سبيل الرشوة، ثم أورد إقرار المحكوم عليه الثامن من أنه سلم الطاعنة السادسة مبلغ ……. جنيه لدفعها للمختصين، وخلص إلى أن الطاعن الخامس طلب وأخذ مبلغ ….. جنيه وأن الطاعن الرابع طلب وأخذ مبلغ ….. جنيه على سبيل الرشوة بواسطة الطاعنة السادسة، ولما كان ما أورده الحكم من تلك الصور المتعارضة لوقائع الدعوى وأخذه بها جميعاً يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذي يجعل الحكم متخاذلاً متناقضاً بعضه مع بعض، مما يعيبه بالقصور والتناقض في التسبيب.
5- من المقرر أن الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة جناية أو جنحة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفى للتصدي لحرمة مسكنه أو لحرمته الشخصية.
6- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن ترد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط الطاعنة الأولى بسيارة المحكوم عليه السادس حال تقاضيها مبلغ الرشوة وإقرار المحكوم عليه الثامن تسليمه الطاعنة السادسة مبلغ الرشوة لتسليمه للطاعنين الرابع والخامس دليل على جدية تحريات الشرطة وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع، ذلك بأن ضبط الطاعنة الأولى حال تقاضيها مبلغ الرشوة وإقرار المحكوم عليه الثامن تسليمه مبلغ الرشوة للطاعنة السادسة إنما هما عنصران جديدان في الدعوى لاحقان على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش فلا يصح أن يتخذ منهما دليلاً على جدية التحريات السابقة عليهما، لأن شرط صحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجح معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه ، مما كان يقتضى من المحكمة حتى يستقيم ردها على الدفع أن تبدى رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال.
7- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن أمر الإحالة قد بين فيه على وجه التحديد الفعل الجنائي المسند إلى الطاعنة الثالثة ارتكابه وهو أنها طلبت وأخذت عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتها، وقد خلصت محكمة الموضوع إلى عدم ثبوت ارتكاب الطاعنة الثالثة لتلك الجريمة في قوله:” 1- أن واقعة الرشوة قبل المتهمين الثانية والثالثة – الطاعنة الثالثة – والسابع والعاشر قد جاءت التحريات فيها مرسلة لا دليل عليها، فلم تحدد كيفية الاتفاق الذي دار بين المتهمين ولم يرد بها صراحة الأعمال التي طلب إلى المتهمين القيام بها ولا المقابل النقدي لتنفيذها، 2- اعتصام المتهمتين الثانية والثالثة الطاعنة بالإنكار لدى سؤالهما بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة وإنكار العاشر لدى محاكمته ، 3- أنه لم تضبط أية مبالغ مادية كرشوة مع المتهمين الثانية والثالثة والسابع والعاشر “. لما كانت المحكمة قد انتهت إلى عدم وقوع الجريمة الواردة في أمر الإحالة من الطاعنة الثالثة ودانتها بجريمة أخرى هي جريمة تسهيل الاستيلاء على محضري المعاينة سالفي البيان، فإن هذا الذي أجرته المحكمة لا يعد مجرد تعديل في التهمة ، مما تملك محكمة الموضوع إجراءه بعد لفت نظر الدفاع إليه ، بل هو في حقيقته قضاء بالإدانة في واقعة مختلفة عن واقعة الدعوى المطروحة وتستقل عنها في عناصرها وأركانها، وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ تال على حصولها، وقد سبقت الواقعة المكونة لهذا النشاط كدليل على ارتكاب الطاعنة الثالثة للجريمة التي أقيمت عنها الدعوى الجنائية، ولم تكن واردة في أمر الإحالة وليست متصلة بما ورد فيه اتصالاً لا يقبل التجزئة أو الانقسام ، ومن ثم فإنه ما كان يجوز للمحكمة بعد أن خلصت إلى ما انتهت إليه أن تتعرض إلى الواقعة الجديدة فتتخذ منها أساساً لإدانة الطاعنة الثالثة بجريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية، بل غاية ما كانت تملكه في شأنها إن أرادت، هو أن تعمل حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل في موضوع تلك الواقعة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم جميعاً .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلً من 1- …. “طاعنة” 2- …. “طاعنة” 3- ….. “طاعنة” 4- …. “طاعن” 5- ….. “طاعن” 6- ….. 7- ….. 8- ….. 9- ….. “طاعنة” 10- ….. بأنهم: أولاً: المتهمة الأولى بصفتها موظفة عمومية كبير باحثين بإدارة التخطيط العمراني بمديرية ……. طلبت وأخذت من المتهم السادس مبلغاً مالياً وقدره ….. جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض بمنطقة …. وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهمتان الثانية والثالثة بصفتها موظفتين عموميتين الأولى رئيس منطقة ….. بجهاز حماية أملك الدولة، والثانية أخصائي خرائط ومساحة بإدارة الأملاك بحي ….. طلبتا بواسطة المتهمة التاسعة من المتهم السادس مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض بمنطقة … وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهمتان الثالثة والرابع الثالثة بصفتها السابقة والرابع بصفته موظفاً عاماً مدير إدارة الأملاك بجهاز حماية أملاك الدولة ….. طلبا وأخذا عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتهما بأن طلبا وأخذا بواسطة المتهم العاشر من المتهم السابع مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض بمنطقة ……. وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: المتهمان الرابع والخامس الرابع بصفته السابقة والخامس بصفته موظفاً عاماً مدير إدارة الملاك بجهاز حماية أملاك الدولة ….. طلبا وأخذا عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتهما بأن طلب وأخذ الأول مبلغاً مالياً وقدره ….. جنيه وطلب وأخذ الثاني مبلغاً مالياً وقدره ….. جنيه على سبيل الرشوة من المتهم الثامن بواسطة المتهمة التاسعة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعتي أرض بمنطقتي ….. وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. خامساً: المتهم السادس قدم عطية لموظفة عمومية للقيام بعمل من أعمال وظيفتها بأن قدم مبالغ مالية على سبيل الرشوة للمتهمة الأولى بصفتها السابقة وقبل طلب الرشوة من المتهمتين الثانية والثالثة بواسطة المتهمة التاسعة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
سادساً: المتهم السابع قدم عطية لموظفين عموميين للقيام بعمل من أعمال وظيفتهما بأن قدم للمتهمين الثالثة والرابع بصفتهما السابقة بواسطة المتهم العاشر مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .سابعاً: المتهم الثامن قدم عطية لموظفين عموميين للقيام بعمل من أعمال وظيفتهما بأن قدم مبالغ مالية على سبيل الرشوة للمتهمين الرابع والخامس بصفتهما السابقة بواسطة المتهمة التاسعة مقابل إنهاء إجراءات تقنين وضع يده على قطعة أرض وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثامناً: المتهمة التاسعة توسطت في جرائم الرشوة المبينة الأوصاف بالبندين أولاً، ثانياً ورابعاً على النحو المبين بالتحقيقات. تاسعاً المتهمة العاشرة توسطت في جريمة الرشوة المبينة بالوصف ثالثاً على النحو المبين بالتحقيقات. عاشراً : المتهمة الثانية بصفتها السابقة سهلت للمتهمين السادس والتاسعة الاستيلاء على أوراق خاصة بجهة عملها وهى محضري المعاينة المؤرخين في ….. وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. حادي عشر: المتهمان السادس والتاسعة اشتركا مع المتهمة الثانية بطريقي التحريض والاتفاق على تسهيل استيلائهما على أوراق خاصة بجهة عملها سالفة البيان وهي محضرا المعاينة المبينان بالوصف السابق وقد تمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات …. لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمواد 40/أولاً، ثانياً، 41، 113/1، 118، 118 مكرر، 119/أ، 119 مكرر/أ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 55/1، 56/1 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من: 1- ….. 2- …… 3- …… 4- …. بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم مبلغ ألف جنيه عما نسب إليهم.
ثانياً : بإعفاء كل من 1- ….. 2- …. من العقوبة. ثالثاً: بمعاقبة كل من 1- …. 2- …. بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه عما هو منسوب إليهما وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلث سنوات تبدأ من اليوم. رابعاً: ببراءة كل من 1- …. 2- …. خامساً: مصادرة مبلغ الرشوة المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم الأولى والرابع والخامس والتاسعة والأستاذ ….. المحامي بصفته وكيلً عن المحكوم عليها الثانية والأستاذ ….. المحامي بصفته وكيلً عن المحكوم عليها الثالثة في هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ .
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثالثة ….. الرابع ….. والخامس ….. والسادسة ….. على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الثالثة بجريمة تسهيل الاستيلاء ودان الرابع والخامس بجريمة الرشوة والسادسة بجريمة الوساطة فيها، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه استند في التدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين إلى الأشرطة المسجلة بينهم ولم يورد مضمونها أو ما يدل على استماع المحكمة لها، وتناقض في صورة الواقعة بين ما أورده بمدوناته في شأن دور الطاعنة السادسة ومقدار المبالغ التي سلمتها للطاعنين الرابع والخامس وتلك التي خلص إلى ثبوت قبولها منهما، هذا وقد تمسك دفاع الطاعن الرابع ببطلان التحريات لعدم جديتها غير أن المحكمة اطرحت دفعه بما لا يسوغ اطراحه مستندة إلى ضبط الطاعنة الأولى بسيارة المحكوم عليه السادس حال تقاضيها مبلغ الرشوة ومن إقرار المحكوم عليه الثامن تسليمه الطاعنة السادسة مبلغ الرشوة لتسليمها للطاعنين الرابع والخامس دليل على جدية التحري وهي عناصر لاحقة على تلك التحريات، وقضى بمعاقبة الطاعنة الثالثة بجريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء على محضري المعاينة المؤرخين….. ،….. ، وهي تهمة لم ترد بأمر الإحالة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه من المقرر أن جريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بنى عليها وإلا كان باطلً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة، فل يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، ولما كان استناد الحكم على تسجيل المحادثات الهاتفية التي تمت بين الطاعنين في التدليل على اتفاقهم على الرشوة، واقتصاره على إيراد جزء من الحوار المسجل بين الطاعنتين الأولى والسادسة وهو المتعلق بقيام الأخيرة بالمرور عليها والمحكوم عليه السادس لإلقاء نظرة على الأرض ومعاينتها دون أن يعني بذكر حاصل الوقائع التي تضمنتها تلك التسجيلات وفحواها لا يكفي في بيان عناصر الاتفاق لخلوها مما يكشف عن وجه اعتماده على هذه التسجيلات التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ولا يغنى في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد اشتملت على صور متعارضة عن الواقعة، فأورد ضمن بيانه لواقعة الدعوى أن المحكوم عليه الثامن سلم الطاعنة السادسة مبلغ الرشوة لتسليمه للطاعنين الرابع والخامس، ثم حصل أقوال عضو الرقابة الإدارية من أن المحكوم عليه الثامن قام بتسليم الطاعنين الرابع والخامس مبالغ مالية على سبيل الرشوة، ثم أورد إقرار المحكوم عليه الثامن من أنه سلم الطاعنة السادسة مبلغ ….. جنيه لدفعها للمختصين، وخلص إلى أن الطاعن الخامس طلب وأخذ مبلغ ….. جنيه وأن الطاعن الرابع طلب وأخذ مبلغ ….. جنيه على سبيل الرشوة بواسطة الطاعنة السادسة، ولما كان ما أورده الحكم من تلك الصور المتعارضة لوقائع الدعوى وأخذه بها جميعاً يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، الأمر الذي يجعل الحكم متخاذلاً متناقضاً بعضه مع بعض، مما يعيبه بالقصور والتناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو جراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة ـ جناية أو جنحة ـ واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفى للتصدي لحرمة مسكنه أو لحرمته الشخصية، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش وان كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن ترد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط الطاعنة الأولى بسيارة المحكوم عليه السادس حال تقاضيها مبلغ الرشوة وإقرار المحكوم عليه الثامن تسليمه الطاعنة السادسة مبلغ الرشوة لتسليمه للطاعنين الرابع والخامس دليل على جدية تحريات الشرطة وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع، ذلك بأن ضبط الطاعنة الأولى حال تقاضيها مبلغ الرشوة وإقرار المحكوم عليه الثامن تسليمه مبلغ الرشوة للطاعنة السادسة إنما هما عنصران جديدان في الدعوى لاحقان على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش فلا يصح أن يتخذ منهما دليلً على جدية التحريات السابقة عليها، لأن شرط صحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجح معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه، مما كان يقتضى من المحكمة حتى يستقيم ردها على الدفع أن تبدى رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن _ دون غيرها من العناصر _ اللاحقة عليه _ وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن أمر الإحالة قد بين فيه على وجه التحديد الفعل الجنائي المسند إلى الطاعنة الثالثة ارتكابه وهو أنها طلبت وأخذت عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتها، وقد خلصت محكمة الموضوع إلى عدم ثبوت ارتكاب الطاعنة الثالثة لتلك الجريمة في قوله:” 1- أن واقعة الرشوة قبل المتهمين الثانية والثالثة_ الطاعنة الثالثة _ والسابع والعاشر قد جاءت التحريات فيها مرسلة لا دليل عليها، فلم تحدد كيفية الاتفاق الذي دار بين المتهمين ولم يرد بها صراحة الأعمال التي طلب إلى المتهمين القيام بها ولا المقابل النقدي لتنفيذها، 2- اعتصام المتهمين الثانية -والثالثة_ الطاعنة _ بالإنكار لدى سؤالهما بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة وإنكار العاشر لدى محاكمته، 3- أنه لم تضبط أية مبالغ مادية كرشوة مع المتهمين الثانية والثالثة والسابع والعاشر .”لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم وقوع الجريمة الواردة في أمر الإحالة من الطاعنة الثالثة ودانتها بجريمة أخرى هى جريمة تسهيل الاستيلاء على محضري المعاينة سالفي البيان، فإن هذا الذي أجرته المحكمة لا يعد مجرد تعديل في التهمة، مما تملك محكمة الموضوع إجراءه بعد لفت نظر الدفاع إليه، بل هو في حقيقته قضاء بالإدانة في واقعة مختلفة عن واقعة الدعوى المطروحة وتستقل عنها في عناصرها وأركانها، وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ تال على حصولها، وقد سبقت الواقعة المكونة لهذا النشاط كدليل على ارتكاب الطاعنة الثالثة للجريمة التي أقيمت عنها الدعوى الجنائية، ولم تكن واردة في أمر الإحالة وليست متصلة بما ورد فيه اتصالاً لا يقبل التجزئة أو الانقسام، ومن ثم فإن ما كان يجوز للمحكمة بعد أن خلصت إلى ما انتهت إليه أن تتعرض إلى الواقعة الجديدة فتتخذ منها أساساً لإدانة الطاعنة الثالثة بجريمة لم ترفع عنها الدعوى الجنائية، بل غاية ما كانت تملكه في شأنها إن أرادت، هو أن تعمل حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل في موضوع تلك الواقعة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة للطاعنين جميعاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم جميعاً.
وسوم : نقض