الخط الساخن : 01118881009
جلسة 21 من يناير سنة 2012
برئاسة المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، محمود خضر، خالد جاد وقدري عبدالله نواب رئيس المحكمة.
(13)
الطعن رقم 5400 لسنة 81 القضائية(1)
حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
بيان الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما يكفي لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها. لا قصور.
(2) آثار. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
اشتمال الحكم على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفه بأنها آثار مملوكة للدولة. النعي عليه بخلاف ذلك. غير مقبول.
(3) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب” “ما لا يعيبه في نطاق التدليل”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم.
(4) دفوع “الدفع بشيوع التهمة”. إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط. موضوعي. كفاية الرد عليه بأدلة الثبوت التي تطمئن إليها المحكمة.
(5) إجراءات “إجراءات التحقيق”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم. النعي على المحكمة عدم قيامها بإجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز.
مثال.
(6) إثبات “بوجه عام”. استدلالات. تفتيش “إذن التفتيش. إصداره”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير جدية التحريات”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
الخطأ في ذكر اسم الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات. لا يقطع في عدم جديتها.
مثال.
(7) أمر بألا وجه. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. دفوع “الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية”.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الأصل فيه أن يكون صريحا مدونا بالكتابة. استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر. شرطه؟
التفات الحكم عن الدفع بصدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا يعيبه. ما دامت الأوراق قد خلت مما يقطع بصدوره. علة ذلك؟
(8) دفوع “الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها”. حكم “تسبيبه . تسبيب غير معيب” “حجيته”. قانون “تفسيره”.
نص المادة 454 إجراءات. مفاده؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(9) استئناف “نظره والحكم فيه”. نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون” “عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه”. محكمة النقض “سلطتها”. آثار.
قضاء المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع من المحكوم عليه وحده بعدم اختصاصها لكون الواقعة جناية إخفاء آثار.
وتغليظ محكمة الجنايات العقاب عليه بعد إحالته إليها. خطأ في تطبيق القانون. علة وأساس ذلك؟
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله.
2- ما كان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفها بأنها آثار مملوكة للدولة على بعضها نقوش بارزة وكتابات يونانية وكتابات باللغة المصرية القديمة وعلى البعض الآخر زخارف بالبارز والغائر على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
3- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بتهمة إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة بقصد التهرب والاتجار فيها وليس عن تهمة حيازة آثار بقصد الاتجار فإن ما ساقه الحكم لدى تدليله على توافر التهمة الأولى من أن الطاعن حاز الآثار بقصد الاتجار غير مقصود به الحيازة بمعناها القانوني إذ من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
4- من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما تفيد اطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم, وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
6- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان الخطأ في ذكر سن الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً.
7- من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية, فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى, لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر, إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وإذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن, ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بصدور أمرٍ من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم …. لسنة …. واستئنافها رقم ….. لسنة … واطرحه في قوله “وحيث إنه وعما ينعاه الدفاع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم ….. لسنة …. واستئنافها رقم ….. لسنة …. فهو نعى في غير محله لأن من شروط قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى الجنائية والمقصود بذلك الشرط هو أن يكون الحكم قد صدر وفصل في موضوع الخصومة الجنائية، فالأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى الجنائية لا تحوز قوة الشيء المقضي به وعلى ذلك فالأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى وعدم الاختصاص لا تعتبر فاصلة في الموضوع ولا تنقضي بها الدعوى العمومية وإنما يجوز إعادة طرحها من جديد بعد استيفاء الشروط اللازمة. لما كان ذلك, وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم …. قدم لمحكمة الجنح بتاريخ …. وقضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة ثم أعيدت لتقدم أمام محكمة جنح ….. تحت رقم …. لسنة …. وقضى فيها بتغريم المتهم 500 جنيه والمصادرة والمصاريف وتم استئناف هذا الحكم تحت رقم ….. لسنة …. جنح مستأنف …. وقدم للمحاكمة بتاريخ …. وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها وأبقت الفصل في المصروفات. ثم أعيدت الجنحة للتدوال أمام محكمة الجنح وقضى فيها بجلسة …. بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم …. لسنة …. جنح مستأنف ….. لما كان ما سلف وكان البين من ظروف الدعوى وتداولها أمام محكمة الجنح أنه لم يصدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية أو الخصومة الجنائية بل الحكم كان بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح نوعياً بنظرها لأسباب هي أن الواقعة تشكل جناية وهي من اختصاص محكمة الجنايات وطلبت إحالتها للنيابة العامة التي اتخذت إجراءاتها واستوفت شروطها اللازمة وأحالت الدعوى لمحكمة الجنايات المختصة وأعادت طرحها من جديد وهذا جائز قانوناً وأصبح الحكم السالف لم يحز قوة الشيء المقضي به. الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في غير محله مما يتعين معه القضاء برفضه”. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه “تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه لصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون” وكان مفاد هذا النص – على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض – أنه يشترط للدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أولاً: أن يكون هناك حكم نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة أو أن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين. ثانياً:- أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها أما إذا صدر حكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع. كالحكم الصادر في الجنحة رقم …… لسنة ….. واستئنافها رقم …… لسنة ….. فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
9- لما كانت المادة 417/3 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه “أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف”. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بحيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون وكانت محكمة الجنح قد قضت بتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة طبقاً للمواد 1، 7، 40، 43، 44 من القانون رقم 117 لسنة 1983 فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده دون النيابة العامة إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية إخفاء آثار تنطبق عليها المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 وهو ما لا يصح في القانون فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتي قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذي نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه بنى على خطأ في تطبيق القانون. ومن جهة أخرى فإنه لما كانت المادة 42/أ من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 قد تضمنت بالنسبة لجريمة إخفاء الآثار أن يقضى بالإضافة للعقوبة المقررة بتلك المادة بمصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس وبجعل عقوبة الغرامة خمسمائة جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه وبإضافة عبارة لصالح المجلس الأعلى للآثار لعقوبة المصادرة المقضي بها عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أخفى قطعاً أثرية وهي المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للدولة بأن قام بوضعها داخل صندوق بمسكنه بقصد التهرب والاتجار فيها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات … لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 6، 8، 40، 42/2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 12 لسنة 1991، 3 لسنة 2010 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات أولاً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم …. لسنة ….. وبجواز نظرها. ثانياً: بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ……. إلخ .
الوقائع
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء آثار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً يتحقق به ركنا الجريمة المادي والمعنوي واقتصر على القول بأن المضبوطات من الآثار بغير أن يبين الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها ودون أن يكشف عن سنده في اعتبارها من الآثار محل التجريم في مفهوم أحكام القانون. هذا إلى أن الحكم في تحصيله لأقوال الرائد …. وتحرياته أثبت أن الطاعن يحوز ويحرز آثاراً بقصد الاتجار ثم انتهى إلى أن الاتهام المسند إليه هو إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة وهو ما لم يرد بأدلة الدعوى مما يصم تدليله بالتناقض. كما أن الحكم خصه بجريمة إخفاء الآثار المضبوطة بمسكنه رغم دفاعه المؤيد بالمستندات بأنه لا سيطرة له على مكان الضبط وأن التهمة شائعة بينه وبين آخرين إلا أن المحكمة رفضت الدفع بما لا يواجهه ولم تعن بتحقيقه، خاصة وأن النيابة العامة لم تجر معاينة لمكان الضبط .هذا وقد تمسك دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات بجلسة المحاكمة ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خطأ من أجراها في سن الطاعن وعمله ومحل إقامته بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفع بما لا يصلح رداً. وأخيراً فإن المدافع عن الطاعن دفع بصدور أمر ضمني من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ودلل على ذلك بأن النيابة العامة قدمته للمحاكمة أمام محكمة الجنح
بتهمة حيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون قضت الأخيرة بتغريم المتهم خمسمائة جنيه والمصادرة ولما استأنف الطاعن وحده هذا الحكم فقضت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها ثم أعيدت مرة أخرى لمحكمة الجنح فقضت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات لمحاكمته عن هذه الجناية وهو الأمر الذي يؤكد دفعه السابق ويؤدي إلى دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة …. لسنة …. جنح …. واستئنافها رقم …. لسنة …. مستأنف …. إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على الشق الأول من الدفع ورد على الشق الثاني بما لا يتفق وصحيح القانون. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفها بأنها آثار مملوكة للدولة على بعضها نقوش بارزه وكتابات يونانية وكتابات باللغة المصرية القديمة وعلى البعض الآخر زخارف بالبارز والغائر على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فل يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بتهمة إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة بقصد التهرب والاتجار فيها وليس عن تهمة حيازة آثار بقصد الاتجار فإن ما ساقه الحكم لدى تدليله على توافر التهمة الأولى من أن الطاعن حاز الآثار بقصد الاتجار غير مقصود به الحيازة بمعناها القانوني إذ من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما تفيد إطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان الخطأ في ذكر سن الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر، إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. واذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بصدور أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم …. لسنة ….. واستئنافها رقم …. لسنة …. واطرحه في قوله: “وحيث إنه وعما ينعاه الدفاع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم ….. لسنة ….. واستئنافها رقم ….. لسنة ….. فهو نعى في غير محله لأن من شروط قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى الجنائية والمقصود بذلك الشرط هو أن يكون الحكم قد صدر وفصل في موضوع الخصومة الجنائية، فالأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى الجنائية لا تحوز قوة الشيء المقضي به وعلى ذلك فالأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى وعدم الاختصاص لا تعتبر فاصلة في الموضوع ولا تنقضي بها الدعوى العمومية وإنما يجوز إعادة طرحها من جديد بعد استيفاء الشروط اللازمة. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم …… قدم لمحكمة الجنح بتاريخ …… وقضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة ثم أعيدت لتقدم أمام محكمة جنح …. تحت رقم …. لسنة …. وقضى فيها بتغريم المتهم 500 جنيه والمصادرة والمصاريف وتم استئناف هذا الحكم تحت رقم …. لسنة ….. جنح مستأنف ….. وقدم للمحاكمة بتاريخ ….. وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها وأبقت الفصل في المصروفات. ثم أعيدت الجنحة للتدوال أمام محكمة الجنح وقضى فيها بجلسة … بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم …. لسنة …… جنح مستأنف ….. لما كان ما سلف وكان البين من ظروف الدعوى وتداولها أمام محكمة الجنح أنه لم يصدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية أو الخصومة الجنائية بل الحكم كان بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح نوعياً بنظرها لأسباب هي أن الواقعة تشكل جناية وهي من اختصاص محكمة الجنايات وطلبت إحالتها للنيابة العامة التي اتخذت إجراءاتها واستوفت شروطها اللازمة وأحالت الدعوى لمحكمة الجنايات المختصة وأعادت طرحها من جديد وهذا جائز قانوناً وأصبح الحكم السالف لم يحز قوة الشيء المقضي به. الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في غير محله مما يتعين معه القضاء برفضه. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه” تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه لصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون”، وكان مفاد هذا النص على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض أنه يشترط للدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أولاً: أن يكون هناك حكم نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة أو أن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين. ثانياً: أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها أما إذا صدر حكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع كالحكم الصادر في الجنحة رقم … لسنة … واستئنافها رقم … لسنة …. فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 417/3 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه” أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف”. ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بحيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون وكانت محكمة الجنح قد قضت بتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة طبقاً للمواد 1، 7، 40، 43، 44 من القانون رقم 117 لسنة 1983 فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده دون النيابة العامة إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية إخفاء آثار تنطبق عليها المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 وهو ما لا يصح في القانون، فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتي قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذي نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه بنى على خطأ في تطبيق القانون .
ومن جهة أخرى فإنه لما كانت المادة 42/أ من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 قد تضمنت بالنسبة لجريمة إخفاء الأثر أن يقضى بالإضافة للعقوبة المقررة بتلك المادة بمصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس وبجعل عقوبة الغرامة خمسمائة جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه وبإضافة عبارة لصالح المجلس الأعلى للآثار لعقوبة المصادرة المقضي بها عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.
وسوم : نقض