الخط الساخن : 01118881009
جلسة الأول من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي عبد العظيم، سعيد فنجري، سيد حامد نواب رئيس المحكمة وعبد القوي حفظي.
(3)
الطعن رقم 4933 لسنة 81 القضائية(1)
حكم “بيانات التسبيب” “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلتها. المادة 310 إجراءات.
(2) دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. تلبس. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. قبض. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. سلاح.
مشاهدة رجل الضبط الطاعن ممسكاً بيده سلاحاً نارياً ظاهراً. يعتبر بذاته تلبساً بجناية حمل سلاح بدون ترخيص. تجيز لرجل الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه. أساس ذلك؟ مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس.
(3) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم تحصيل الحكم في مدوناته أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار. النعي عليه بخلاف ذلك. غير صحيح.
(4) وصف التهمة. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. قصد جنائي. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. محكمة الموضوع “سلطتها في تعديل وصف التهمة”. مواد مخدرة.
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم. لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني الصحيح. علة ذلك؟ اقتصار تعديل المحكمة لوصف التهمة على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة إحراز مواد مخدرة. لا يقضي تنبيه الدفاع. علة ذلك؟
(5) محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع” سلطتها في تقدير أقوال الشهود”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
إمساك الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له. لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(7) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير أقوال الشهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على عدم اطمئنانها إليها واطراحها. مثال.
(8) إثبات “بوجه عام” “أوراق رسمية”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي أدلة الدعوى.
(9) إثبات “بوجه عام”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع. مفاده: اطراحها لها. مثال.
1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلتها – حسبما استخلصتها – كان ذلك محققاً لحكم القانون، كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله: “وحيث إنه في شأن الادعاء ببطلان إجراءات القبض على المتهم وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس فلا ترى المحكمة أنه جدير بالتعويل عليه، وذلك أنه من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً، وأن قيام التلبس يجيز القبض على مرتكب الجريمة ويبيح تفتيشه بغير إذن النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال النقيب ….. معاون مباحث قسم ….. أنه شاهد المتهم ممسكاً بسلاح ناري “فرد خرطوش” يعبث به فقام بالقبض عليه، فإن المتهم بما فعله قد أوجد الضابط المذكور إزاء جريمة إحراز سلاح ناري متلبس بها تجيز القبض عليه وتفتيشه مما يبعد هذا القبض والتفتيش عن قاله البطلان التي وردت على لسان الدفاع ويضحي القبض على المتهم وتفتيشه قد صادف جادة الصواب ومتفقاً مع أحكام القانون”. لما كان ذلك، وكان مشاهدة رجل الضبط – الطاعن ممسكاً بيده سلاحاً نارياً “فرد خرطوش” بصورة ظاهرة يعتبر بذاته تلبساً بجناية حمل سلاح بغير ترخيص تجيز لرجل الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه عملاً بأحكام المادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3- لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار – على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه – فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
4- من المقرر أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة – وهي واقعة إحراز المخدر – هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7- لما كان لا يقدح في ما قاله الطاعن من أنه قدم حافظة مستندات طويت على أقوال لشاهدي نفي التفتت عنها المحكمة – بفرض صحة ذلك – لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها.
8- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
9- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله ما قدمه من شهادة رسمية تفيد سقوط الأمر بالضبط والإحضار الصادر ضده – بفرض صحة ذلك – لأنه لم يكن ذا أثر في قضائه ولم يعول عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه:- أحرز جوهراً مخدراً “ناتج تجفيف نبات الحشيش المخدر (القنب)” بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات … لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم “56” من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه فيما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن الإحراز مجرد من كافة القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض …… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي – بمذكرتي أسباب طعنه – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون جميعاً وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ خلا من بيان الواقعة وظروفها والأدلة التي عول عليها في قضائه ومؤدى تلك الأدلة، ورد على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوغه، وحصل في مدوناته أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم عاد ونفى عنه قصد الاتجار، وعدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إليه من إحراز مخدر بقصد الاتجار إلى الإحراز المجرد من القصود المنصوص عليها في القانون دون تنبيه الدفاع إلى ذلك، وعول على أقوال الضابط رغم عدم معقوليتها وصحة تصويره للواقعة وأن لها صورة أخرى وانفراده بالشهادة دون باقي أفراد القوة المرافقة له والتي حجبهم عنها، ولم تعرض المحكمة لما قدمه من مستندات موثقة متضمنة أقوال شاهدي نفي تفيد حقيقة الواقعة وسقوط أمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة العامة ضده، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستقاة مما قرره شاهد الواقعة، ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلتها – حسبما استخلصتها – كان ذلك محققاً لحكم القانون، كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله: “وحيث إنه في شأن الادعاء ببطلان إجراءات القبض على المتهم وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس فلا ترى المحكمة أنه جدير بالتعويل عليه، وذلك أنه من المقرر أن التلبس حالة تلزم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأي حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً، وأن قيام التلبس يجيز القبض على مرتكب الجريمة ويبيح تفتيشه بغير إذن النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال النقيب ….. معاون مباحث قسم …. أنه شاهد المتهم ممسكاً بسلاح ناري “فرد خرطوش” يعبث به فقام بالقبض عليه، فإن المتهم بما فعله قد أوجد الضابط المذكور إزاء جريمة إحراز سلاح ناري متلبس بها تجيز القبض عليه وتفتيشه مما يبعد هذا القبض والتفتيش عن قالة البطلان التي وردت على لسان الدفاع ويضحى القبض على المتهم وتفتيشه قد صادف جادة الصواب ومتفقاً مع أحكام القانون”. لما كان ذلك، وكان مشاهدة رجل الضبط – الطاعن ممسكاً بيده سلاحاً نارياً “فرد خرطوش” بصورة ظاهرة – يعتبر بذاته تلبساً بجناية حمل سلاح بغير ترخيص تجيز لرجل الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه عملاً بأحكام المادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار – على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه – فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة – وهي واقعة إحراز المخدر – هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ولا يقدح في ذلك ما قاله الطاعن من أنه قدم حافظة مستندات طويت على أقوال لشاهدي نفي التفتت عنها المحكمة – بفرض صحة ذلك – لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت – لم تثق فيما شهدوا به، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، ولما هو مقرر أيضاً من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – . لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله ما قدمه من شهادة رسمية تفيد سقوط الأمر بالضبط والإحضار الصادر ضده – بفرض صحة ذلك – لأنه لم يكن ذا أثر في قضائه ولم يعول عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته – يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.
وسوم : نقض