الخط الساخن : 01118881009
جلسة 12 من مارس سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كامل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد, هاني حنا, محمد هلالي وحازم بدوي نواب رئيس المحكمة.
(43)
الطعن رقم 6542 لسنة 80 القضائية(1)
نيابة عامة. إعدام. محكمة النقض “سلطتها”.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها أو بميعاد محدد. علة ذلك؟
(2) قتل عمد. إثبات “خبرة”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. دفوع “الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي”. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها”.
تحديد وقت الوفاة. مسألة فنية بحتة. المنازعة فيه. دفاع جوهري. وجوب تحقيقه عن طريق الطبيب الشرعي المختص فنيا والرد عليه بما يفنده ولو سكت الدفاع عن طلب ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور وإخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. جوهري. وجوب مناقشة المحكمة له والرد عليه. إغفالها ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع. علة وأثر ذلك؟
1- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ….. دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حدده شهود الإثبات ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود جثث المجني عليهم في دور التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقارير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليهم جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على منازعة الدفاع بشأن زمان الحادث إلى ما أورده من تقارير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنون في الدعوى المطروحة – على ما سلف بيانه – يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقارير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى الراهنة. هذا فضلاً عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ ….. أن دفاع الطاعن الأول – المحكوم بإعدامه – تمسك أمام المحكمة بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض لهذا الدفع ويرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ من شأن هذا الدفع – لو ثبت – أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً – فوق قصوره – بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم : 1 قتلوا الصغير …… و…… عمداً مع غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق الأول صوبهما عدة أعيرة نارية من بندقية آلية بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين جميعاً قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتهما وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين هما أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر: أ- قتلوا ….. و….. عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق المتهم الأول عليهما عدة أعيرة نارية من السلاح السالف بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين جميعاً قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. ب- شرعوا في قتل ….. و….. عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق المتهم الأول الأعيرة النارية من السلاح السالف صوب كل من ….. و….. بينما وقف المتهمان الثاني والثالث إلى جواره على مسرح الجريمة يحمل كل منهما بندقية آلية للشد من أزره قاصدين قتلهما فانحرفت بعض من الأعيرة النارية عن مسارها وأصابت سالفتي الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركتهما بالعلاج. 2- أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً بندقية آلية حال كونها من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها. 3- أحرز كل منهم ذخائر “عدة طلقات” مما تستعمل على السلاح الناري السالف حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
4- أطلق كل منهم أعيرة نارية داخل قرية.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ….. لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى نجل المجني عليه ….. مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيما أسند إلى المتهم الأول وحددت جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1, 46/ 1, 2, 234/ 1, 3, 377/ 6 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2, 6, 26/ 3, 5, 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978, 101 لسنة 1980, 165 لسنة 1981 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول وإعمالاً للمادتين 17 بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث، 32 بالنسبة للمتهمين جميعاً من قانون العقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من الثاني والثالث بالسجن المؤبد عما أسند إليهما ومصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطين وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ….. إلخ.
المحكمةمن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول ….. دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992, إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد المقترن بجنايتي القتل العمد والشروع فيه وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائرها مما لا يجوز الترخيص بهما وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أغفل دفاعهم القائم على عدم وقوع الحادث في الوقت الذي حدده الشهود بدلالة وجود الجثث في حالة التيبس الرمي عند التشريح ولم يعن بتحقيقه بالطريق الفني، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أشار إلى أن القتل لم يحدث في الوقت الذي حدده شهود الإثبات ووقوعه في وقت سابق بدلالة وجود جثث المجني عليهم في دور التيبس الرمي التام رغم مضي أقل من يوم على الوفاة، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل عن تقارير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليهم جائزة الحدوث وفق تصوير شهود الواقعة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، وأحال في الرد على منازعة الدفاع بشأن زمان الحادث إلى ما أورده من تقارير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الدفاع الذي أبداه الطاعنون في الدعوى المطروحة – على ما سلف بيانه – يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شهود الإثبات ومن تقارير الصفة التشريحية وهو دفاع قد ينبني عليه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فنية بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلا عن الإخلال بحق الدفاع، ولا يقدح في هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ذلك بأن منازعة الطاعنين في تحديد الوقت الذي وقع فيه الحادث وحدثت فيه الوفاة يتضمن في ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه والرد عليه بما يفنده، ولا يرفع هذا العوار ما أورده الحكم من رد قاصر لا يغني في مقام التحديد لأمر يتطلبه ذلك وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقاً لإبداء الرأي فيها كما هو واقع الحال في خصوصية الدعوى الراهنة. هذا فضلاً عن أن الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة المؤرخ ….. أن دفاع الطاعن الأول – المحكوم بإعدامه – تمسك أمام المحكمة بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لديه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض لهذا الدفع ويرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ من شأن هذا الدفع – لو ثبت – أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً – فوق قصوره – بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهم.
وسوم : نقض