الخط الساخن : 01118881009
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (ج)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وناجي عبد العظيم وسيد الدليل نواب رئيس المحكمة.
الطعن رقم 4277 لسنة 78 قضائية
جلسة 5/ 4/ 2009م
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض، عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه، دون إثبات تاريخ تقديمها للتعرف عما إذا كان قد روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من القانون المشار إليه، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قوبل عرض النيابة العامة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها، وتستبين – من تلقاء نفسها ودون التقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد أم بعد فواته، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً.
وحيث إن طعن المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والضرب وإحراز سلاح أبيض “مطواة قرن غزال” بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه تأسيساً على أن إصابة المجني عليه وقعت في شجار نشب بين الطاعن له وأهلية المجني عليه أثر ما أوقعه به أهلية المجني عليه من اعتداء الأمر الذي تأيد بشهادة زوجته منى حمودة عبد الفتاح عمارة ووالدته عظيمة أبو خليل دشيس ومناظرة النيابة العامة له، إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه والتفتت عن تحقيق سبب إصابات الطاعن، ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في حق الطاعن تدليلاً كافياً وسائغاً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة 27 من يناير سنة 2008 أن المدافع عن الطاعن تمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس، ويبين من مفردات الطاعن أن زوجة الطاعن ووالدته أيدتاه في دفاعه وأن النيابة العامة ناظرته وأثبتت وجود سحجات بظهره على شكل خطوط مستقيمة ومائلة ومتوازية. لما كان ذلك، وكان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره، وتقدير مقتضياته أمر اعتباري يجب أن يتجه وجهة شخصية يراعي فيها مختلف الظروف التي أحاطت بالمدافع وقت رد العدوان مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ البعيد عن تلك الظروف، وكان الحكم المطعون فيه إذ عرض للرد على دفاع الطاعن قد اقتصر في نفي حالة الدفاع الشرعي على قول مقتضب هو “أن المحكمة ترى أن هذه الأقوال قد جاءت مرسلة بقصد الدفاع والإفلات من العقاب عن الجرم الذي ارتكبه وتطرح المحكمة هذا الدفاع ولا تعول عليه، ومن ثم تنتفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس، كما هي معرفة قانوناً، والأوراق لا ترشح للقول بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الصدد غير سديد” دون أن يعرض لإصابات الطاعن والمؤيدة بمناظرة النيابة العامة لها، وأقوال زوجة الطاعن ووالدته، لاستظهار ظروف حدوثها، ومدى صلتها بواقعة الاعتداء على المجني عليه التي دين بها الطاعن، وذلك للتحقق من قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها، فإنه يكون مشوباً بالقصور. لما كان ذلك، وكانت جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه قانونناً بنيه في سائر الجرائم العمدية، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في جرائم القتل والشروع فيه عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول “وحيث إنه عن نية القتل.. فقد توافرت لدى المتهم من نزوله من منزله مسرعاً نحو المجني عليه أثناء جلوسه على سلم بيت عمه ومعه شاهد الإثبات الأول وبيده سلاح أبيض ولم يثبته عن قصده اعتراض الشاهد له بقصد منعه من الوصول إلى المجني عليه فضرب الأول محدثاً إصابته في ظهره والتي أسقطته أرضاً وتوجه إلى المجني عليه وطعنه بقوة وعنف – وهي في مقتل – مما أدى إلى إصابته بجرح طعني نافذ نجم عنه تمزق بعضلة القلب ونزيف دموي جسيم مما ينم عن وحشية لا حد لها وارتكابه لإثم عظيم”، وكان ما استدل به الحكم – فيما تقدم – على توافر نية القتل لدى الطاعن من استعماله سلاحاً أبيضاً، وتصميمه على إصابة المجني عليه بأن طعنه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادي من استعمال السلاح الأبيض وإصابة المجني عليه في مقتل وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل على هذا القصد الخاص وتكشف عنه، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً في هذا الصدد بالقصور أيضاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار واستظهره في حق الطاعن بقوله “وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فالثابت للمحكمة أن المتهم دائم الخلاف مع أقارب المجني عليه وأن شيطانه الرجيم هداه إلى الانتقام من أهلية المجني عليه بقتله وهو الوحيد لأبويه وأخواته الثلاث بنات فأعمل فكره وأعد سلاحه وانتهز يوم الحادث ووجود المجني عليه في ساعة متأخرة من الليل جالساً على سلم بيت عمه فأسرع إليه وتعدى عليه بلا رحمة بعنف وقوة أدت إلى قتل المجني عليه وارتاح المتهم لما ظفر به وهداه إليه تفكيره الآثم، ومن ثم ترى المحكمة أن المتهم ارتكب جريمة القتل العمد وهو في حالة هدوء نفس وبعد روية وتفكير الأمر الذي يوفر في حقه ظرف سبق الإصرار كما هو معرف قانوناً” لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم عن سبق الإصرار فيما تقدم لا يخرج عن كونه عبارات مرسلة يتعين على المحكمة أن تستظهرا بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح الوقت الذي استغرقه الطاعن حتى قارف جريمته وكيفية إعداده وسيلة الجريمة، وقدر تفكيره فيها، وما إذا كان ذلك كله قد تم في هدوء وروية بعيداً عن ثورة الغضب والاضطراب أما وقد خلا الحكم المطعون فيه من كل ذلك فإنه يكون قاصر في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول عرض النيابة العامة وطعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات دمياط لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
وسوم : احكام نقض