الخط الساخن : 01118881009
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
برئاسة السيد القاضي/ محمد ممتاز متولي “نائب رئيس المحكمة”
وعضوية السادة القضاة/ حسين نعمان، محمد رشاد أمين وسمير عبد المنعم أبو العيلة (نواب رئيس المحكمة)
وأحمد برغش
الطعن رقم 5255 لسنة 77 ق
جلسة 27 من ديسمبر سنة 2008م
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ حسين نعمان “نائب رئيس المحكمة” والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائل الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم ثانياً أقاموا الدعوى رقم 170 لسنة 1993 مدني جزئي سيدى جابر الحكم بطرد المعاهد القومية للتربية والتعليم من الأرض المبينة بالصحيفة والتسليم وقالوا بياناً لذلك أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1962 استأجرت تلك المعاهد أرض فضاء من دائرة يوسف سموحة وعائلته لمدة سنة تنتهي في ديسمبر سنة 1962 ولعدم رغبتهم في تجديد العقد فقد أنذروا المستأجرة بذلك ثم أقاموا الدعوى، بتاريخ 26/ 9/ 1994 وجه الحاضر عن الجمعية الطاعنة دعوى فرعية بطلب الحكم بثبوت ملكية الجمعية لأرض النزاع، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية والتي قيدت أمامها برقم 2395 لسنة 1995 وندبت فيها خبيراً وبعد أن أودع تقريره تدخلت المطعون ضدها الأولى في الدعوى للحكم بإلزام المعاهد القومية للتربية والتعليم والمطعون ضدهم. ثانياً: بتسليمها أرض التداعي على سند من ملكيتها لها بالعقد المسجل رقم 1714 لسنة 1997 شهر عقاري الإسكندرية، بتاريخ 27/ 6/ 2001 حكمت المحكمة بقبول تدخل كل من الجمعية الطاعنة وعواطف السيد محمد شكلاً ورفضه موضوعاً وفي موضوع الدعوى الأصلية برفضها. استأنفت الجمعية الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 4023 لسنة 57ق، كما استأنفه المطعون ضدهم أولاً وثانياً أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 4129 لسنة 57ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين ندبت لجنة خبرا ثلاثية، تدخل كل من أحمد محمد سليمان علي حسين البنداق، أحمد محمد علي البنداق، علي هشام محمد سليمان وحسين محمد بسيوني علي سند من أن ملكية أرض التداعي ثابتة لجهة وقف سيدي جابر وبعد أن قدمت اللجنة تقريرها قضت بتاريخ 24/ 1/ 2007 بعدم جواز التدخل وبرفض الاستئناف الأول وفي موضوع الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الإخلاء وتدخل المطعون ضدها أولاً والحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1962 والتسليم وبإلزام المطعون ضدهم ثانياً والجمعية الطاعنة بتسليم العين محل عقد البيع المشهر برقم 1714 لسنة 1997 توثيق إسكندرية للمطعون ضدها الأولى، طعنت الجمعية في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أجاب المطعون ضدهم ثانياً لطلباتهم في الدعوى الأصلية رغم انتفاء شرطي الصفة والمصلحة في جانبهم أثناء نظرها بقيامهم بنقل ملكية أرض النزاع إلى المطعون ضدها الأولى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في بحث شروط قبول الدعوى هي بوقت طرح الطلب على القضاء لأنه الوقت الذي كان يتعين أن يصدر فيه الحكم حتى لا يضار صاحب الحق ببطء إجراءات التقاضي أو مماطلة الخصوم ولذلك فالأصل أن أثر الحكم في الدعوى يرتد إلى وقت رفعها …. وزوال المصلحة الطارئ بعد رفع الدعوى لا يؤدي إلى الحكم بعدم قبولها …. ومن المقرر أيضاً – أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم ثانياً أقاموا دعواهم الماثلة في غضون عام 1993 بصفتهم منفذين لوصية المرحوم جوزيف سموحه ومديرين لملكية أسرة سموحة وذلك قبل قيامهم ببيع أرض التداعي إلى المطعون ضدها أولاً الحاصل خلال عام 1997 ومن ثم تكون قد توافرت لهم الصفة عند رفع الدعوى. وإذ التزم الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه -هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن البين من صحيفة تدخل المطعون ضدها الأولى أنها طلبت إلزام أطراف الخصومة بتسليمها أرض النزاع موضوع عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1962 بما يعد تدخلها على هذا النحو تدخلاً هجومياً منصباً على الأرض محل العقد المشار إليها. إلا أن الحكم المطعون فيه فصل في الدعوى معتنقاً التكييف الذي أسبغته المطعون ضدها المذكورة على تدخلها بأنها تدخل انضمامي وقضى بطرد الطاعنة والمطعون ضدها ثالثاً من الأرض الموضحة بالعقد المسجل رقم 1714 لسنة 1997 في حين أن طلب تسليم الأرض محل العقد الأخير لم يكن مطروحاً على محكمة أول درجة ومن ثم يعد طلباً جديداً لا يجوز طرحه على محكمة الاستئناف خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير صحيح، ذلك أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى قبول تدخل المطعون ضدها الأولى تدخلاً هجومياً في الدعوى، وأن طلباتها أمام محكمة أول درجة قد تضمنت طلب طرد الجمعية الطاعنة من أرض التداعي استناداً إلى شرائها بموجب العقد المسجل رقم 1714 سنة 1997 توثيق اسكندرية ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ لم يعرض لما انتهى إليه الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3988 لسنة 56ق اسكندرية من أن أرض التداعي أعيدت إلى مالكها الأصلي – جهة وقف سيدي جابر الأنصاري – بصدور القانون رقم 43 لسنة 1982 بإنهاء الأحكار وهو ما ينفي ملكية مورث المطعون ضدهم ثانياً لها وبالتالي بطلان عقد البيع الصادر من الأخيرين للمطعون ضدها الأولى والمسجل برقم 1714 لسنة 1997 توثيق الإسكندرية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك في طعنه بدفاع تمسك به خصم آخر لم يطعن في الحكم، وكان ما تثيره الطاعنة بوجه النعي من عدم تصدى المحكمة للحكم الصادر في الاستئناف رقم 3988 لسنة 56ق اسكندرية المقدم صورته الرسمية من طالبي التدخل أحمد محمد سليمان وآخرين إنما يتعلق بهؤلاء والذين ارتضوا الحكم بعدم جواز تدخلهم الهجومي أمام محكمة الاستئناف ولم يطعنوا عليه ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه – أقام قضاءه برفض دعواها الفرعية بطلب الحكم بثبوت ملكيتها لأرض التداعي على أنها خلف عام المدعي عليها في الدعوى والتعليم – وينتقل إليها آثار عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1962 مستدلاً على ذلك بإقرار الحاضر عنها بمحضر جلسة 3/ 11/ 1994 بحلولها محل تلك المعاهد بعد زوال صفة الأخيرة بالقرار الوزراي رقم 266 لسنة 1973، في حين أن ما أثبته الحاضر بالمحضر المشار إليه كان بقصد بيان طبيعة حضورها وتمثيلها في الدعوى، وأنه لا علاقة لها بالقرار الوزاري المبين سلفاً وأنها قد أنشئت في ظل وجود الجمعية التعاونية التعليمية للمعاهد القومية قبل حلها ولها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن تلك الجمعية ومن ثم يحق لها طلب تثبيت ملكيتها لأرض التداعي استناداً إلى وضع اليد المقترن بنية التملك خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان الأصل في الإقرار بوجه عام أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وتحسم النزاع في شأنها، وأن الإقرار القضائي يجوز أن يرد في صحيفة الدعوى التى يرفعها المقر إلا أن ما يسلم به الخصم اضطراراً أو احتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة في إجابة خصمه إلى بعض طلباته لا يُعد إقراراً بالمعنى السابق ذلك أن هذا التسليم لا يعتبر اعترافاً خالصاً بوجود الحق الذي يسلم به تسليماً جدلياً في ذمته.
ومن المقرر أيضاً – أنه يشترط في الإقرار القضائي أن يكون صادراً من الخصم عن قصد الاعتراف بالحق المدعى به لخصمه وفي صيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل اليقين والجزم.
وكان البين من الأوراق أنه بتاريخ 25/ 3/ 1973 تم تأسيس الجمعية الطاعنة ونص في ملخص عقد التأسيس على أن مدة الجمعية غير محدودة وتبدأ من تاريخ النشر، وأن الغرض من تأسيسها هو أداء الخدمات التعليمية والتربوية في حدود قانون التعليم الخاص ولائحته التنفيذية واللائحة الداخلية للمدارس. وبتاريخ 5 نوفمبر سنة 1973 صدر القرار الوزاري رقم 266 لسنة 1973 ونص في مادته الأولى على أن “تحل الجمعية التعاونية التعليمية للمعاهد القومية. وتخصص الأموال الناتجة عن تصفيتها لتدعيم الجميعات التعاونية التعليمية التى حلت محلها في إدارة مدارسة المعاهد القومية”. وبتاريخ 21/ 1/ 1979 تأسست الجمعية التعاونية التعليمية العامة للمعاهد القومية من ممثلي الجمعيات التعاونية التعليمية للمدارس القومية وكان البين من ملخص عقد تأسيس هذه الجمعية المنشور بالوقائع المصرية في 14/ 4/ 1979 أن الجمعية الطاعنة من بين المؤسسين لها.
ومن جماع ما تقدم تخلص المحكمة إلى أن الجمعية الطاعنة هي جمعية مستقلة عن الجمعية التعاونية التعليمية للمعاهد القومية وكانت قائمة أثناء قيام الجمعية الأخيرة وقبل حلها بالقرار الوزاري المشار إليه وأن مفاد نص المادة الأولى من ذلك القرار أن الحلول مقصور علي قيام الجمعيات التعاونية التعليمية بإدارة مدارس المعاهد القومية بدلاً من الجمعية التعاونية للمعاهد القومية ولم يكن خلافة عامة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات. لما كان ذلك، وكانت الجمعية الطاعنة قد وجهت دعوى فرعية للمطعون ضدهم ثانياً للحكم بثبوت ملكيتها لأرض التداعي استناداً إلى وضع اليد المقترن بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية وإذ انتهى الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه – إلى رفض دعواها على ما ذهب إليه من أنها تعد خلفاً عاماً للمعاهد القومية للتربية والتعليم المستأجرة أرض التداعي بالعقد المؤرخ 1/ 1/ 1962 ولا تستطيع كسب الملكية على خلاف سندها، مؤسساً قضاءه على إقرار الحاضر عن الطاعنة بمحضر جلسة 3/ 11/ 1994 بحلول الجمعية الطاعنة محل تلك المعاهد بعد أن زالت صفتها بالقرار الوزاري رقم 266 لسنة 1973 والذي نص على حل الجمعية التعاونية التعليمية للمعاهد القومية وحلول الجمعيات التعاونيات التعليمية محلها وما تضمنه محضر الأحوال المؤرخ 16/ 8/ 1993 من أقوال المسئول المالي والإداري بمدارس السيد محمد كريم من أن الأرض مؤجرة من دائرة يوسف سموحة بعقد الإيجار المشار إليه وكانت هذه الأسباب لا تسوغ قضاءه برفض الدعوى الفرعية ذلك أن ما ثبت بمحضر الجلسة المشار إليه منسوباً للحاضر عن الطاعنة لا يعدو أن يكون مجرد دفاع لبيان طبيعة تمثيلها بالدعوى لا يرتب أثر الإقرار القضائي وأن ما ورد بمحضر الأحوال المشار إليه لا يُعد إقراراً قضائياً يحاج به المقر فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما حجبه عن بحث دفاع الطاعنة من تملكها أرض التداعي بوضع اليد بما يوجب نقضه.
وحيث إنه بالنسبة لما أثارته الطاعنة بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول ببطلان توجيه التنبيه بإلاخلاء إلى المطعون ضدها ثالثاً من أرض التداعي لتوجيهه إلى غير ذي صفة وصولاً إلى أن عقد الإيجار قد تحدد ضمنياً – أياً كان وجه الرأي فيه – يتعين بحثه ما أثارته الطاعنة حول اكتساب ملكية أرض التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. وإذ انتهت المحكمة – على نحو ما سلف بيانه – إلى قصور الحكم في رفض الدعوى الفرعية بطلب ثبوت الملكية، فإنه لا يسوغ – من بعد – القضاء في المنازعة كلياً.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وسوم : احكام نقض